حزم القيادة والنضج الأمني كسّرا مخالب الإرهاب

تحث المملكة العربية السعودية الخطى لمقارعة الإرهاب بمختلف مستوياته وصنوفه، وتشهر بذلك سلاح الحق أمام أعين الأشهاد، وترجو في ذلك العون من الله أولاً، وتراهن على وعي مواطنيها لتصل لحفظ أمنها ثانياً. ويعمل قادة هذه الدولة -حفظهم الله- على خلق الوحدة الوطنية عبر مجتمع ذي نسيج واحد تجمعهم كل أسباب الوحدة والتلاحم والمحبة في ظل دولة وارفة الظلال رغيدة العيش.

وفي سياقٍ منسجم ومتناغم مع جهد الدولة، جاء تنظيم ملتقى (التعايش ضرورة شرعية ومصلحة وطنية)، الذي أقامته في الأحساء مؤسسة الأمير محمد بن فهد بن جلوي (قبس) للقرآن والسنة والخطابة، ودشنه صاحب السمو الملكي الأمير سعود بن نايف أمير المنطقة الشرقية، بحضور سمو محافظ الأحساء الأمير بدر بن جلوي، ولفيف كبير من المشايخ والعلماء من مناطق المملكة، الذي جاء في وقت مهم ليعضد الجهد الكبير الذي تقوم به الدولة رعاها الله.

(الرياض) استطلعت آراء عدد من المهتمين بهذا الشأن..

نهج رصين

الأمير عبدالعزيز بن محمد بن فهد بن جلوي آل سعود رئيس مجلس أمناء مؤسسة الأمير محمد بن فهد بن جلوي أكد لـ(الرياض) جملة من الأمور بقوله: نهج وسياسة المملكة يعمها السلام، ولا شك أن التعدد والاختلاف سنة من سنن الله جل وعلا، ونهج ولاة أمرنا وحكومتنا الرشيدة في المملكة بقيادة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز، وسمو ولي عهده الأمين، وسمو ولي ولي عهده -حفظهم الله جميعاً- يؤكد دوماً على ضرورة التعايش والاعتدال والتسامح والوسطية ونبذ العنف والإرهاب، وشدد الأمير عبدالعزيز على أن التطور والرخاء لا يمكن أن يحصل في أي بلد دون أن يصاحبه تعايش وأمن وسلام والمملكة أنموذج لهذا منذ عهد المؤسس -طيب الله ثراه- الذي حول بفضل الله الفرقة والتنازع إلى الوحدة والتآلف بين جميع أبناء الوطن بجميع طوائفه ومذاهبه وقبائله، فأغدق الله سبحانه وتعالى على هذه البلاد الخير الوفير.

استراتيجية أمنية

د. يوسف بن عبداللطيف الجبر -مستشار قانوني رئيس لجنة المحاماة في غرفة الاحساء- قال: تصنف المملكة ضمن الدول التي سارعت إلى التصدي لظاهرة الإرهاب، ولم يكن موقفها تجاه هذه الجريمة ردة فعل لموقف راهن، بل اتخذت استراتيجية أمنية دائمة لتجفيف منابعه، وقامت بخطوات جادة في مكافحة هذه الظاهرة محلياً وإقليمياً ودولياً. وقد سجلت دولتنا موقفها الواضح برفض الإرهاب وذلك بتوقيعها على معاهدة مكافحة الإرهاب الدولي، كما أنه وفي خط موازٍ اهتمت الدولة بجانب العلاج النفسي وإعادة التأهيل لمن انحرفت نفسيته وتشبعت شخصيته بمبادئ التوحش والفكر الضال، فتم إنشاء مركز الأمير محمد بن نايف للمناصحة والرعاية عام 1427هـ، والذي نجح في إعادة الكثير من أبناء الوطن المغرر بهم إلى طريق الجادة، وبذلك فتكون الدولة حققت أكثر من مصلحة فمن جانب أنقذت بعضاً من أبنائها من فكر الإرهاب، وتمنع خسارة المزيد من الشباب الذين هم عماد البلاد وثروة الوطن.

يقين

وعبر د. يوسف الجبر عن يقينه التام بقوله: لولا الإرادة الحازمة في القيادة الرشيدة بإيقاف مد الإرهاب على أرضنا، والنضج الأمني في مواجهة خلاياه، وخطة التوعية الشاملة التي حصنت العقول الشابة، لكنا قد خسرنا الكثير، خاصة أن الإرهابيين اتجهوا مؤخراً إلى محاولة الفتنة بين مكونات المجتمع، فكانت عملياتهم الأخيرة مصوبة لإشعال نار الخلاف بين المذاهب، واستعداء بعضها على بعض ومحاولة إحراج مملكتنا أمام دول العالم، ولكن كانت العقول الذكية والنفوس الزكية حصناً منيعاً وسد أمان، واستطاع المجتمع تجاوز الأحداث الإرهابية بصبر جميل وقوة وصدق انتماء.

حقوق الإنسان

وأشار الجبر إلى أن النظام الأساسي للحكم في المملكة تضمّن مبادئ وأحكاماً أساسية، تهدف إلى حماية وتعزيز حقوق الإنسان، وهي في مجملها الإطار النظامي لحقوق الإنسان، وقد نصت المادة (26) من النظام الأساسي للحكم على أن: "تحمي الدولة حقوق الإنسان وفق الشريعة الإسلامية"، وقد صادقت المملكة على عشر اتفاقيات مهمة لحماية حقوق الإنسان ومناهضة التعذيب وغيره من ضروب المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة، ولم تكتف بهذه المعاهدات بل أنشأت منظمات محلية لمراقبة وضع حقوق الإنسان ومنها هيئة حقوق الإنسان وهي جهة حكومية ترتبط مباشرة برئيس مجلس الوزراء تُعنى بحماية وتعزيز حقوق الإنسان وفقاً للمعايير الدولية في ضوء أحكام الشريعة الإسلامية، ومن أقوى مواد القانون السعودي في فرض التعايش ومواجهة التفرقة ما جاء في تعريف الجريمة الإرهابية في نظام جرائم الإرهاب وتمويله حيث عرفت بأنها (كل فعل يقوم به الجاني تنفيذاً لمشروع إجرامي فردي أو جماعي بشكل مباشر أو غير مباشر يقصد به الإخلال بالنظام العام، أو زعزعة أمن المجتمع واستقرار الدولة، أو تعريض وحدتها الوطنية للخطر).

المملكة والإرث الحضاري

محمد الحرز -كاتب- قال: يمكن التحدث عن تجربة المملكة في مكافحة الارهاب وفكرة التعايش من مبدأين أولاهما يرتبط أساساً بتجربة المملكة العربية السعودية مع فكرة التعايش فهي فكرة لم تأتِ للمجتمع السعودي من برج عاجي، لكنها تجربة تطورت مع تاريخها خصوصاً إذا ما تحدثنا عن هذه الفكرة ليس في الاحساء وحسب وإنما مناطق كحائل وجازان وغيرها، فالأحساء تمثل حالة تكثف الحالة لجميع المذاهب، حيث تواجدت وتعايشت فيه، وبالنسبة للمملكة فالتعايش يمثل إرث حضاري اتكأت عليه الدولة السعودية في اللحظة الراهنة، ففي هذه اللحظة نجد أن سياق الفكر الإرهابي حاول أن يخترق هذا الجدار لكن المملكة برجالاتها وحكمتها الذين يتكئون على ذلك الإرث استطاعوا أن يسدّوا أمام هذا الفكر الإرهابي قبل أن يكون فكر قاتل وهذا جهد واضح للمملكة على المستويين الدولي والإقليمي ميزها أنها استطاعت أن تصد هذه الموجة القاتلة بسبب امتلاكها هذا الإرث.

الأحساء كحالة

وتابع الحرز: بالنسبة للأحساء يوجد انصهار قوي على المستوى القبلي والعقائدي والفئوي، فهناك تماسك اجتماعي وحتى مستوى المؤسسات فهذا الكلام يمثل مثالياً، مضيفا ان الدولة حريصة أيما حرص على سيادة الإرث والثقافة التي تحفظ فكر التعايش وسيادة الأمن، فالتعايش ليست فكرة تطرح في الإعلام أو في المنتديات أو غيرها، لكنها تجربة لها تاريخها المتجذر وانعكاساتها في المجالات الاقتصادية والاجتماعية والثقافية، فلا يمكن أن تبقى فكرة التعايش وتستمر دون أن تكون هناك عناية ورعاية من الدولة.

تعميم الفكرة

وتمنى الكاتب الحرز أن تعمم فكرة التعايش في الاحساء على بقية مناطق المملكة، وعلى جميع مؤسسات الدولة التعليمية والثقافية والاجتماعية، واعتبر أن تعميم مثل هذه الفكرة يحقق الأمن الكامل للمملكة اجتماعياً وسياسياً واقتصادياً. مبينا أن الأهم أن تدخل فكرة التعايش في استراتيجية الأمن الاجتماعي والسياسي والثقافي، وهذا يتطلب وعياً مختلفاً لمجمل اتباع الوطن خصوصاً إذا أدركنا أن الجيل الحالي من شباب المملكة يفتقرون (نوعا ما) للوعي بتاريخهم القريب، الذي هو في الأساس المؤثر الأكبر على تشكيلاتهم المعرفية والثقافية.

شبابنا وانفتاح مطلوب

واستطرد الحرز: التركيز على موضوع الشباب مهمة في إطار الفكر الاستراتيجي الذي يعتني بالمستقبل وما يمكن أن نحققه مستقبلاً على المستوى الفكري والتعليمي والتربوي، وهذه من مهمات الجهات التعليمية بدءاً من المرحلة الابتدائية وحتى التعليم الجامعي، فالتعليم يلعب دورا كبيرا في تحقيق مسار ثقافة الشباب، فلابد من توجيه للثقافة المنفتحة على الآخر بكل ما تحمله هذه الكلمة من معنى على المستوى العقائدي والفئوي والقبلي داخل المجتمع ،وحتى الآخر الذي يختلف معه في الدين في الخارج، فثقافة الانفتاح لا يمكن لجيل يعيش في القرن الـ 21 أن يبتعد عنها أو لا يمتلك مفاهيمها، فهذه استراتيجية يجب أن تعمم على مستوى التعليم، فالشراكة هي الوعي بأهمية التعاون مع الآخرين من كل أطياف وأبناء الوطن.

عمل استثنائي

وأكد الشيخ د. أحمد بن حمد البوعلي -رئيس مجلس إدارة قبس وعضو المجلس البلدي- أن لبلادنا جهود واضحة في تجذير فكر التعايش، ويؤكد ذلك نظام الحكم الأساسي، أن التعايش مصلحة وطنية كبرى في بناء المجتمع، والمحافظة على مكتسباته، والكل يشهد بتجربة المملكة في دعم وتعضيد فكر التعايش، وقد توجهت جهود المملكة لنشر ثقافة الحوار في الداخل والخارج من خلال مركز الملك عبدالعزيز للحوار الوطني وحواراً بين أتباع الحضارات والثقافات لتعزيز التعايش والتفاهم وإشاعة القيم الإنسانية، والمملكة لديها مناعة قوية، ولها أثر واضح في العالم، وتكونت بأبناء هذا الوطن ورجاله الذين ساهموا مع الملك عبدالعزيز -رحمه الله- في توحيد البلاد.

متماسكون ضد الإرهاب

ودعا البوعلي للتأمل في رؤية ٢٠٣٠ واعتبرها نقلة نوعية في التاريخ الحديث للمملكة، حيث إنها أخذت في الحسبان الكثير من الأمور، ومن ضمنها استيعاب المجتمع للكثير من المتغيرات والقدرة على التفاعل معها، لذل فإن المطلوب من المؤسسات الاجتماعية أن تقوم بأدوارها لتعزيز فرص نجاح رؤية المملكة 2030، الذي تدعم وترعى التعايش بشكل واسع وذلك من خلال تهيئة المجتمع لاستيعاب معطيات هذه الرؤية الطموحة، ونشر الوعي بمضامينها وأهدافها. ولفت د. البوعلي إلى أن المملكة تعد من أوائل الدول التي أولت التصدي لظاهرة الإرهاب اهتماماً بالغاً على مختلف المستويات، والأحساء تعرضت لأعمال إرهابية، إلا أن الله مكن الدولة من الإمساك بالمجرمين، والاحساء كبقية مناطق المملكة واعية بأهلها، وقد أثبتت الاحداث ان أهالي الاحساء متماسكون بل ويزداد قربهم وقوتهم وولائهم لقيادتهم ووطنهم. ويخطئ كل من تسول له نفسه حين اختار الأحساء ‏مكاناً للفتنة أو لتفريق الصف.

التكاتف مطلب

وشدد الشيخ أحمد البوعلي على أن التحديات التي تواجهها المملكة تدعو لضرورة التكاتف لتوحيد الرأي لصنع أجيال جديدة تتحلى بالفهم الصحيح للتعايش ودوره ليكون طريقاً وآلية لنشر الوسطية والاعتدال والتسامح والتعايش بين جميع الأطياف الفكرية، للحفاظ على وحدة المجتمع بمختلف مكوناته. وأثبتت المملكة بقيادتها الحكيمة للعالم أجمع جدّية مطلقة في مواجهة العمليات الإرهابية من خلال النجاحات الأمنية المتلاحقة للقضاء على الإرهاب، إلى جانب تجنيدها جميع أجهزتها لحماية المجتمع من خطر الإرهابيين والقضاء على أعداد كبيرة منهم في مختلف مناطق المملكة.

الروابط الوطنية

فيما عد حجي بن طاهر النجيدي -عضو مجلس المنطقة الشرقية- ملتقى (التعايش ضرورة شرعية ومصلحة وطنية)، الذي أقامته في الأحساء مؤسسة الامير محمد بن فهد بن جلوي (قبس) للقرآن والسنة والخطابة حدث نوعي يمثل حالة من الوعي المتقدم في مجال تعزيز وتطبيق مفهوم التعايش ببعده الإسلامي والإنساني والوطني.

وأشار أن حضور عدد كبير من العلماء والمفكرين من مختلف أطياف وأنحاء المملكة اجتماعاً مشتركاً همه وهدفه وطني بامتياز، ويسعى هذا الجمع الكريم لتعزيز روابط الوحدة الوطنية، وتقوية الجبهة الداخلية، وتحصين شبابنا من الانجراف نحو الغلو والتطرف، وليوجّهوا رسالة عملية وقوية إلى كل من يحاول المساس والنيل من أمن وسمعة المملكة، كما أن الملتقى حذر من خطر ما نشاهده من صور مؤلمة للصراعات الطائفية في الدول الإقليمية المجاورة من خراب ودمار وفقدانهم لنعمة الأمن والاستقرار، فتلك الصور تجعلنا في خط مواجهة مع الفكر المتطرف وفى حالة استنفار في مواجهة الإعلام المأجور المغرض الذي يسعى إلى إثارة الفتن ونشر الفوضى في أوساط مجتمعاتنا والتغرير بشبابنا من أجل الزج بهم في أتون الفتن بغطاء كاذب وهو الدفاع عن الإسلام، والإسلام براء من أعمالهم.

ترجمة عملية

النجيدي اعتبر حضور صاحب السمو الملكي الأمير سعود بن نايف بن عبدالعزيز أمير المنطقة الشرقية شاهد على تبني الدولة وحرصها واهتمامها بالتعايش بين جميع أبناء الوطن الواحد، فسمو الأمير سعود وبتوجيه من القيادة -حفظها الله- أخذ على عاتقه مسؤولية نشر ثقافة التسامح والوسطية في مجتمعاتنا بالترجمة العملية وبالوسائل المختلفة، وأعرب النجيدي عن ثقته في أن مخرجات الملتقى وتوصياته ستساهم في تجسير حالة التعايش بين ما كان عليه الآباء والأجداد من حب ووئام وتسامح إلى أبناء اليوم وحثهم على تطبيقها في حياتهم العملية.

image 0

أمير الشرقية وهو يمسح آلام مصاب أهالي الدالوة

image 0

الأمير عبدالعزيز بن جلوي

image 0

د. أحمد البوعلي

image 0

محمد الحرز

image 0

ملتقى التعايش تعضيد لجهد الدولة في أهمية أن يكون أبناء الوطن نسيج واحد

image 0

د. يوسف الجبر

image 0

حجي النجيدي

image 0

الجريمة الفظيعة في الدالوة بالأحساء كانت مسماراً انكسر على جدار اللحمة الوطنية

جميع الحقوق محفوظة لمصدر الخبر جريدة الرياض وتحت مسؤليتة ونرجوا متابعتنا بأستمرار لمعرفة أخر الأخبار علي مدار الساعة مع تحيات موقع موجز نيوز الأخباري

اشترك فى النشرة البريدية لتحصل على اهم الاخبار بمجرد نشرها

تابعنا على مواقع التواصل الاجتماعى