اخبار السياسه الحب في زمن الكراش

اخبار السياسه الحب في زمن الكراش
اخبار السياسه الحب في زمن الكراش

عندما أتذكّر أنهم قديمًا كانوا يربطون الرسالة في قدم حمامة زاجلة ستسافر لتوصل الرسالة، ثم تعود لتأتيهم بالرد في مدة تستغرق أيامًا أو شهورًا، أندهش! حيث أن الشباب الآن، لا يكاد الواحد منهم يرتبط بفتاة حتى ينفصلا ويرتبط بأخرى فورًا! الزمن يجري، والبحث عن الحُب المنشود لا بُد وأن يكون سريعًا ليلاحق سرعة عقرب الثواني.

الحب الآن لا يأخذ فترته الكافية في النضوج لكي يثمر. يستعجلون الحصاد في موسم رمي البذور.

وصار كل شيء مُستهلَكًا لا يتمكن الإنسان العاقل من استطعامه. الجُمَل مُكررة، والعبارات مستهلكة، والتعبيرات "أكلاشيهات" قاتلة.. يستعجل الكائن المُحِب فيقول "أحبك" مئة مرة في المقابلة الثانية أو الثالثة، والطرف الآخر يستقبل هذه الكمية من الـ " أحبك" بشكّ.. أترى هذه الكلمات من القلب؟ أم أنها زيف؟

وفي الحقيقة، طالما تساءل الطرف الآخر، فهي زيف لا محالة؛ لأن الكلام الذي لا يُحَسّ، هو الزيف ذاته.

ويعرف النشطاء على وسائل التواصل الاجتماعي كيف يكون الإعجاب مُستهلكًا. فعبارات مثل "ممكن نتعرف؟" و "مساء الخير" لا تعني إلا أن الاسطوانة المعهودة ستبدأ في العزف.. وأذكر مرّة أن خانني ذكائي، وظننت أنني على خطأ، وأن أصابعك ليست مثل بعضها كما يقولون، حيث راسلني كاتب، يُعتَبر معروفًا إلى حد ما، على موقع الفيس بوك، وقد كنت أتابعه كما أتابع مئات الكُتّاب، راسلني الكاتب وقال "لا أحب التعارف، ولكن سأكسر القاعدة وأقول:ممكن نتعرف؟" فقلتُ لنفسي هذا الرجل يبدو مُحترمًا، ولا يمكن أن يقصد ذلك المعنى الساذج بــ " نتعرف"، وأحسنت الظن فقلت هو بالطبع يريد أن يحاورني عن شيء ما في الأدب، أو يناقشني في كتبه أو كتبي، بالطبع هو يريد أن نتبادل الثقافات، فهو كاتب له آرائه التي أحترمها! وله متابعون يحترمونه أيضًا، هكذا يبدو.. وأتبع: أنا فلان، وعمري كذا، وأعزب.

صدمتني الجملة ثم ضحكت على سوء ظني، قلت لنفسي " الرجل بالتأكيد يهزأ بهؤلاء الذين يقولون ذلك، فهو كاتب معروف إلى حد ما وله قدره، كيف بالله يقول لي أنا أعزب؟ فما شأني بحالته الاجتماعية طالما أننا لسنا في صالون المنزل نتفق على شروط "القايمة" ونشرب القهوة؟ بالتأكيد هو يمزح" ولكن في الحقيقة، الرجل كان جادًّا جدًّا فيما يقول. وكيف لي أن أتخيل للحظة أن ثمة كاتب يفكر بهذه الطريقة العقيمة؟! فالكتابة لا تعني عندي إلا الإبداع، وجملة مثل "نتعرف، وأعزب" لا تعني عندي إلا الركاكة وسوء المحتوى. قلت له، وقد نويت أن أستكشف ما نيّته الحقيقية: حسنًا. أنا أكبرك في العمر، ومتزوجة ولدي ابنة. فولّى هاربًا.. هذا الكاتب الذي يحترمونه، اكتشفت أنه، ربما، يبحث عن عروس مناسبة في قائمة أصدقاءه، ولا يريد أن يتبادل الخبرات الأدبية مع أحد، بل يريد أن "يتعرّف"!

ولا أعرف الآن مصدر كلمة "كراش" التي تُطلَق على اثنين معجبين ببعضهما البعض، ولكن في صمت كما يقولون! ولكنني أعرف أن "الكراش" صار مطلب أساسي لكل فرد يستخدم مواقع التواصل الاجتماعي.

فإذا كان لديك "كراش" إذن أنت موجود، وإذا لم يكن لديك "كراش" فأنت الآن صاحب عيب خلقي كبير يجب أن تعالج منه على وجه السرعة وتبحث في قائمة أصدقاءك عن "الكراش" المناسب! إذا لم يكن لديك "كراش" فأنت والعدم تسبحان في الفراغ اللامتناهي. أهذا هو الحُب الآن؟ نعم.. هذا هو الحُب، كما يظنّون.

جميع الحقوق محفوظة لمصدر الخبر الوطن وتحت مسؤليتة ونرجوا متابعتنا بأستمرار لمعرفة أخر الأخبار علي مدار الساعة مع تحيات موقع موجز نيوز الأخباري

اشترك فى النشرة البريدية لتحصل على اهم الاخبار بمجرد نشرها

تابعنا على مواقع التواصل الاجتماعى