اخبار السياسه دراسة لنائب رئيس مجلس الدولة تشمل رؤى جديدة لحل أزمة سد النهضة

اخبار السياسه دراسة لنائب رئيس مجلس الدولة تشمل رؤى جديدة لحل أزمة سد النهضة
اخبار السياسه دراسة لنائب رئيس مجلس الدولة تشمل رؤى جديدة لحل أزمة سد النهضة

أعد الفقيه المستشار الدكتور محمد عبدالوهاب خفاجي نائب رئيس مجلس الدولة، أحدث دراسة موسوعية عن الحقوق المائية والبيئية بين دول حوض النيل لتحقيق الأمن المائي بمفهومه الواسع، وضع الفقيه القانوني خلالها، استراتيجية فقهية، ومواجهة أي طوارئ لشح المياه أو الندرة أو الانتقاص من الحصص العادلة، وتحقيق خطة لمشروعات تنموية تستهدف رفع كفاءة هذا المجرى النهري، وتأكيد شراكة مستدامة، وتحالف مؤسسي تنموي بين دول الحوض، مؤكدًا أن الحقوق التاريخية لتلك الدول في إطار قانوني ينبع من الفكر الإفريقي الحديث، ويتفق مع حركة علم القانون الدولي، وتكون بداية لتأسيس مدرسة فكرية فقهية إفريقية جديدة.

وتناولت الدراسة نقاطًا مستجدة، تضمن تنمية شاملة للاستثمار المائي، بكل نواحيه، من خلال معايير موضوعية، يأتي هذا البحث القيم، الذي تم إعداده قُبيل مُشاركة الرئيس «عبدالفتاح السيسي»، في القمة الإفريقية بأوغندا؛ لتعزيز سُبل التقارب بين دول حوض النيل عن الحقوق المشتركة لهم.

ويقول «خفاجي»: «تعلمنا أن نهر النيل ليس مجرد نهر عطاء؛ لكنه رسالة في الفكر الإنساني والقانوني، فعلى ضفافه، قامت أعظم حضارات التاريخ؛ لذا فهو مُتجدد وتتجسد عظمته، أنه يمنح لأبنائه السلام والأمان، فـ«النيل» ليس مجرد الأب الشرعي للحضارة المصرية والإفريقية، بل هو المُعلم الأول للقانون».

وأشار «الفقيه القانوني»، إلى أن الدراسة تتلخص في 16 بندًا؛ على النحو التالي:

أولًا: مدى مشروعية استقلال كل دولة في تنظيم سيادتها على نهر النيل، دون رضاء الدول الأخرى، وفقًا لأحكام القانون الدولي.

وفي هذا البند، يقول «خفاجي»: «نهر النيل هبة من الله لحياة مصر، والنهر العظيم منذ فجر التاريخ، سيد مجراه، وسفير فوق العادة للحضارة الإنسانية عبر الأجيال، كما أن مياه الأنهار على عكس طبيعة إقليم الدولة، ليست ثابتة، وإنما تنتقل بطبيعتها، شديدة السيل والتدفق والفيض».

وتابع: «إقليم بعض الدول أمر داخلي، كمنبع لبعض الأنهار، تجدها تصب في إقليم دولة أو دول أخرى، وتصبح جزءًا من إقليمها أيضًا، فلكل دولة منها تتمتع بسيادة إقليمية على الجزء الواقع في أراضيها، لكنها لا تستطيع أن تمارس تلك السيادة كاملة، دون موافقة، ورضاء الدول الأخرى الشاطئية للنهر، وإلا عُد ذلك، طبقًا لقواعد القانون الدولي، انتهاكًا للتوقعات المُشروعة للدول المشتركة في النهر ذاته».

ثانيًا: مدى اعتبار نهر النيل، النهر الدولي أم الوطني لكل دولة مطلة عليه، في ضوء أحكام القضاء الدولي.

وهنا أضاف «الفقيه الدستوري»: «النهر الدولي هو الذي يكون له طبيعة مزدوجة داخلية وخارجية، ويخضع لاختصاص أكثر من دولة في روافده وفروعه، ويضيف أن التعريف الذي وضعته المحكمة الدائمة للعدل الدولي، عام 1929، بمناسبة مُنازعة اللجنة الدولية للأودر، يقوم على فكرة الملاحة النهرية، بأن المجرى الصالح للملاحة الذي يصل عدة دول بالبحر».

وأضاف: «هذه الفكرة اعتمدت عليها الكثير من المعاهدات الدولية، لأنهار ذات أهمية كبرى، مثل أنهار «الراين» و«الدانوب» و«المسيسبي»، و«الكونغو»، ولكن التقدم العلمي في العصر الحديث، كشف النقاب عن استخدامات جديدة للمياه، تتعلق بالجانب الاقتصادي، في غير الملاحة، تتمثل في أنها أصبحت مصدرًا للطاقة الكهربائية، واستصلاح ملايين الأفدنة التي تروى بالطرق الصناعية، وقد تناولت معاهدات باريس «1914-1918» مسائل الاستثمار الصناعي والزراعي للأنهار، وهو ما دعا الأمم المتحدة إلى إنشاء مركز لتطوير أبحاث المياه»

واستطرد: «نهر النيل بهذه المثابة يُعد نهرًا دوليًا، وفقًا لمعيارين: الأول معيار الملاحة النهرية الذي استقر عليه القضاء الدولي، باعتباره صالحًا للملاحة في عدة أجزاء من مجراه، ولا يلزم لاكتسابه الصفة الدولية، استنادًا إلى صالحية الملاحة في كل مجراه»، كما أنه يُعد دوليًا، وفقًا لمعيار الاستحداث العلمي، في مصادر الطاقة الكهربائية، واستصلاح المساحات الشاسعة صناعيًا.

ثالثًا: الأثر المترتب على أن نهر النيل يُعد نهرًا دوليًا على دول المنبع ودول المصب.

يشرح «خفاجي»، هذا البند، قائلًا: «قواعد القانون الدولي لا تعرف التفرقة بين دول المنبع ودول المصب، فلا تملك دول المنبع ملكية مُطلقة احتكارية، بل الملكية على المَشاع بين الفريقين، تتساوى فيه دول المنبع مع دول المصب، في الانتفاع المشترك الآمن للمياه، وأن الأثر المُترتب على اعتبار نهر النيل، نهرًا دوليًّا؛ أن أي دولة من دول المنبع أو دول المصب لا تستطيع أن تمارس سيادتها كاملة بإرادتها المنفردة على النهر، دون تنظيم مع الدول الشاطئية لأنها يجب أن تتوافق مع الرضاء المشروع للدول المشتركة في النهر ذاته، وهذا الأثر غاية في الدقة، وهو المحور الذي تدور حوله مشاكل الأنهار في القانون الدولي.

رابعًا: المراحل التي مرت بها حقوق الدول الشاطئية في ظل المجتمع الدولي، ومفهوم مبدأ التوزيع العادل للدول الشاطئية لنهر النيل.

فسر «الفقيه القانوني»، هذا البند، قائلًا: «الوضع الدولي مر بمراحل مُتدرجة، فثمة نظرية للسيادة المُطلقة، قد ذهبت إلى غير رجعة، فالدول الشاطئية، لا تستطيع أن تستخدم مياه النيل، استخدامًا حرًا انفراديًا؛ لأنها من الممكن أن تستهلك مياه النهر، بما يضر بالدول الأخرى المُطلة على النهر، والقول بغير ذلك، يؤدي إلى فوضى على المستوى الدولي، ثم سادت نظرية التكامل الإقليمي المُطلق، التي تنظر للنهر على أنه وحدة إقليمية مُتكاملة لا تجزئها الحقوق السياسية، وفيها لا تتحكم دولة واحدة من الدول الشاطئية، في مجرى النهر، ويعيبها أنها تُحابي دول النهر السفلي، ولا تُحقق المساواة بين الجميع، ثم سادت نظرية الملكية المشتركة».

وتابع: «بمقتضاها، يصبح النهر الذي يجري في أقاليم عدة دول، ملكًا مشتركًا بين تلك الدول، ويصبح مجرى النهر حقًا مشتركًا لا يمكن لإحدى الدول المُطلة عليه التصرف فيه وحدها، في استعمال المياه، وتلك النظرية تحتاج إلى اتفاق بين الدول الشاطئية، ويُقابله صُعوبة في التطبيق على مسرح الحياة الدولية، تتمثل في أن الظروف الدولية، ونتيجة للإرهاب الدولي، فقد لا تتقيد الدولة في اتخاذ الإجراءات الضرورية؛ للحفاظ على أمنها القومي».

ويضيف «خفاجي»، أن النيل نهر ديناميكي، بالمعيار القانوني، صنع القوانين مع فجر التاريخ، وليس استاتيكيًا، يخضع لنظام الحصحصة «الحصص»، كما أن العصر الحديث، كشف عن معيار جديد، هو مبدأ التوزيع العادل، ومضمونه أن الدول الواقعة على النهر، يحق لها أن استخدام النهر على أساس عادل ومعقول، ويدخل في تقديرها الحقوق الناشئة عن الاتفاقيات الدولية، والاستخدام المُستقر، الذي تواترت عليه تلك الدول، في الزمن والتطورات المحتملة للمستقبل.

خامسًا: مبدأ التوزيع العادل بين الدول الشاطئية لنهر النيل تُزكّيه أحكام في القضاء الدولي.

وقال عن هذا البند: «نعم هناك أمثلة من القضاء الدولي، تُفيد الأخذ بمبدأ التوزيع العادل، ومثاله اعتراف شيلي بأن بوليفيا، وهي دولة المصب – بمناسبة النزاع بينهما على نهر لوكا - لها حقوق في النهر، ومثال ذلك أيضًا الحكم الصادر في قضية بحيرة «لانو»، وخلاصته أنه من غير الجائز لدولة ما، أن تُغير من أوضاع مياه حوض نهر دولي، بما ينال دولة المصب بضرر بالغ».

سادسًا: مدى خضوع نهر النيل للقواعد والاتفاقية، وهل يجوز لإحدى الدول المساس بالحقوق المشروعة لمصر؟.

وفسر ذلك، قائلًا: «نهر النيل يخضع للقواعد والاتفاقية التي تم الاتفاق عليها بين الدول المطلة على منابعه ومجراه ومصبه على نحو ما سلف بيانه من اتفاقات، وثمة قاعدة في ظل أحكام القانون الدولي تقتضي احترام مبدأ (حسن النية)؛ ومعناه أنه لا يجوز لدولة من الدول المشتركة في النهر أن تتخذ ثمة تصرف يُعد تعسفًا في استعمال الحق أو سوء النية، وفي كل الأحوال، ثمة قاعدة استقرت في تاريخ المجتمع الإفريقي وسجلتها الاتفاقات الخاصة بنهر النيل، وتتمثل في التزام كافة الدول المُطلة على نهر النيل باحترام الحقوق المشروعة لمصر.

سابعًا: هل هناك اتفاقيات دولية على نهر النيل، غير اتفاقية 1959، الموقعة بين مصر والسودان؟، وماذا تضمنت جميعها من حق لمصر في حصص مياه النيل؟ وما هي حكاية الـ13 اتفاقية؟.

وهنا قال: «هناك اتفاقات خاصة بالنيل غير اتفاقية 1959، الموقعة بين مصر والسودان، ويمكن للمتخصص في علم تاريخ القانون الدولي تعدادها بـ13 اتفاقية.

1- البروتوكول الموقع عليه في روما في 15 أبريل، عام 1891 بين بريطانيا وإيطاليا، في شأن تعيين الحدود بين إريتريا والسودان.

2- الاتفاق الموقع عليه في أديس أبابا، في 15 مايو، عام 1902، بين بريطانيا وإثيوبيا، ومقتضاه تتعهد إثيوبيا ألا تقيم أية أعمال على النيل الأزرق أو على بحيرة تانا أو على السوباط، يكون من شأنها التأثير على مياه النيل إلا باتفاق مع بريطانيا والسودان.

3- المعاهدة الموقع عليها في لندن في 9 مايو، عام 1906، بين بريطانيا والكونغو، وفيها تتعهد الكونغو بألا تقيم أو تسمح بأن تقام أعمال على أو بالقرب من سميليكي، يكون من شأنها، إنقاص حجم المياه التي تدخل بحيرة البرت، دون موافقة السودان.

4- الاتفاق الموقع في 13 ديسمبر، عام 1906 بين بريطانيا وفرنسا وإيطاليا، للمحافظة على مصالح بريطانيا ومصر في حوض النيل.

5- الاتفاق في 29 يناير عام 1934، بين بريطانيا وبلجيكا، وينص على أن يتبع الحدود في نهر كاجيرا كمجرى الملاحة.

6- الاتفاق المبرم بين بريطانيا والولايات المتحدة الأمريكية، في 10 فبراير، عام 1925، بتحديد التخوم في الانتداب البريطاني، على إفريقيا بمجرى الملاحة في كاجيرا.

7- المذكرات المتبادلة بين بريطانيا وإيطاليا، خلال الفترة من 14- 30 ديسمبر، عام 1925، التي تثبت اعتراف إيطاليا، بحقوق الأولوية المائية لمصر والسودان على النيلين الأزرق والأبيض، وروافدهما، وفيها تتعهد إيطاليا، بالامتناع عن أي عمل من شأنه، أن يعدل من حجم المياه، في تلك الأنهار، بدرجة محسوسة.

8- الخطابات المتبادلة بين بريطانيا ومصر، بمناسبة مقتل السير «لي ستاك»، في شأن اتجاه بريطانيا إلى زيادة مساحة الأطيان التي تزرع في الجزيرة.

9- الاتفاق بين بريطانيا وبلجيكا، الذي جرى توقيعه بلندن في 22 نوفمبر، عام 1932، بشأن تنظيم الانتفاع بالمياه على الحدود بين تنجانيفا، ورواندا، أورندي.

10- المذكرات المتبادلة بين مصر وبريطانيا، في ديسمبر عام 1946، وفبراير عام 1950، ويناير عام 1953، في شأن المشروعات التي تقوم على النيل، والأرصاد الجوية، والمائية، في حوضه.

11- الاتفاقان المبرمان في يونيو عام 1952، و27 يونيو عام 1953، بين الولايات المتحدة وإثيوبيا؛ لتحديد الطبيعة الجغرافية لحوض النيل.

12- الاتفاق المبرم بين مصر والاتحاد السوفيتي، في 27 ديسمبر عام 1958 بشأن إنشاء السد العالي، وجميعها لا تنتقص من حقوق مصر المشروعة على مياه النهر.

13- الاتفاق بين مصر والسودان، عام 1932، بشأن إقامة خزان جبل الأولياء.

ثامنًا: مدى التزام دول المنبع باتفاقية عام 1929 عن الحقوق المشروعة لمصر؟

يقول «خفاجي»: «اتفاقية عام 1929، الموقعة بين مصر وبريطانيا، نيابة عن السودان وكينيا وتنجانيقا وتنزانيا وأوغندا تنص في صراحة ووضوح، على حظر إقامة أي مشروع من أي نوع على نهر النيل أو روافده أو البحيرات التي تغذيها كلها إلا بموافقة مصر، وإذا كانت هذه المشروعات، ستؤثر على كمية المياه التي كانت تحصل عليها مصر أو على تواريخ وصول تلك المياه إليها، كما تضمنت تلك الاتفاقية، كذلك النص على حق مصر في مراقبة مجرى نهر النيل من المنبع إلى المصب، وتوفير كل التسهيلات اللازمة للحكومة المصرية؛ للقيام بدراسة ورصد الأبحاث المائية لنهر النيل في السودان، ومؤدي ذلك ولازمه في مفهوم القانون الدولي، الاعتراف من تلك الدول بالحقوق التاريخية لمصر في مياه النيل.

تاسعًا: مدى جواز اعتراض إثيوبيا على اتفاقية 1929 له سند في ظل أحكام القانون الدولي باعتبارها لم توقع على تلك الاتفاقية؟.

يشرح الفقيه القانوني، قائلًا: «رفض إثيوبيا الاعتراف باتفاقية عام 1929، المشار إليها على سند من القول إنها أبرمت تحت ظروف الاحتلال آنذاك، وقد جرت بطريقة إذعانية، دون تشاور أو تفاوض معها، عندما كانت محتلة، وليس هناك ما يلزمها بتلك الاتفاقية، بعد استقلالها، فإن ذلك مردود عليه، بأن المادتين »11 و12»، من اتفاقية فيينا، بشأن التوارث الدولي في مجال المعاهدات لعام 1978، فقد نصت المادة «11»، على أنه لا تؤثر خلافات الدول في حد ذاتها»، على الآتي:

أ‌- الحدود المقررة بمعاهدة.

ب- الالتزامات والحقوق المقررة بمعاهدة والمتعلقة بنظام الحدود، ويؤكد ذلك الفقرة الثانية من المادة «62»، من اتفاقية فيينا لقانون المعاهدات لعام 1969، والتي نصت على أنه لا يجوز الاستناد إلى التغير الجوهري في الظروف، كسبب لإنهاء المعاهدة أو الانسحاب منها، إذا كانت المعاهدة من المعاهدات المنشئة للحدود، وبهذه المثابة فإنه لا يجوز للدولة الحاصلة على الاستقلال أن تحتج بأن شكلها الجديد يمثل تغيرًا جوهريًا في الظروف، يبرر لها إنهاء العمل بالمعاهدات المتعلقة بالحدود أو المرتبطة بها، والتي سـبق أن أبرمتها الدولة السلف، والقول بغير ذلك فيه مُخالفة لأحكام القانون الدولي.

وبموجب المادة «12»، فإن خلافة الدول لا يكون لها تأثير على انتقال الالتزامات والحقوق المتصلة والمقررة باستخدام الإقليم لصالح دولة أو دول أخرى، باستثناء الاتفاقات الخاصة بإقامة قواعد عسكرية أجنبية في الإقليم فتلك لا تلتزم بها الدولة الخلف، وبهذه المثابة، فإن اتفاقية سنة 1929 تعد من المعاهدات الخاصة بتحديد ورسم الحدود أو بالوضع الإقليمي والجغرافي التي لا ينال منها التوارث الدولي، وتظل مخاطبة قانونًا بها، كالتزام على عاتق الدولة الوارثة، كما لا يجوز تعديلها أو إلغاؤها إلا باتفاق الدول الموقعة عليها أو باتباع الإجراءات المقررة في اتفاقية فيينا لقانون المعاهدات لعام 1969.

عاشرًا: هل لمحكمة العدل الدولية سوابق قضائية فيما يتعلق بالتوارث الدولي؟.

يشير «خفاجي»، إلى أن محكمة العدل الدولية لها سوابق قضائية، فيما يتعلق بالتوارث الدولي، ويقول فقد ذهبت محكمة العدل الدولية ذلك في أحدث أحكامها بشأن الأنهار الدولية في النزاع بين المجر وسلوفاكيا وفي النزاع بين أوروجواي والأرجنتين، بشأن نهر أوروجواي عام 2010، ووضعت قاعدة دولية مقتضاها أن الاتفاقات المتعلقة بالأنهار الدولية، سواء فيما يتعلق بالملاحة فيها، أو استخدام مياهها في غير أغراض الملاحة، من المعاهدات التي لا يجوز المساس بها نتيجة للتوارث الدولي.

واعتبرتها من قبيل المعاهدات الدولية، التي ترثها الدولة الخلف عن الدولة السلف، ولا يجوز لها التحلل منها لأى سبب من الأسباب، تأكيدًا على أن المادة «12» من اتفاقية فيينا لعام 1978، بشأن التوارث في المعاهدات باتت قاعدة من قواعد العرف الدولي الملزمة لكافة الدول، والتي لا يجوز التحلل من ربقة الالتزام بها أو الخروج عليها.

الـ11: مدى جواز الاستناد إلى الحكمين الصادرين من محكمة العدل الدولية على اتفاقية 1929.

أوضح الفقيه القانوني، أنه يمكن الاستناد إلى الحكمين الصادرين من محكمة العدل الدولية على اتفاقية 1929، ذلك لأن اتفاقية عام 1929، تتعلق بالتزامات ذات طبيعة إقليمية وجغرافية، ومن ثم فهي لا تتأثر بانتقال السيادة على الإقليم المحمل بالالتزامات الإقليمية من الدول السلف، التي كانت مستعمرة، فيما مضى إلى الخلف أي الدول الجديدة بعد انتهاء الاحتلال وحصولها على الاستقلال، والنتيجة المترتبة على ذلك أن الآثار المترتبة على المعاهدة التي أبرمتها الدولة السلف، تنتقل كما هي محملة بالالتزامات الدولية إلى الدولة الخلف.

وبهذه المثابة لا يجوز لأية دولة مطلة على النيل أن تحرم مصر من حقوقها التاريخية في مياه النيل، وحصتها التاريخية في تلك المياه.

الـ12: وماذا عن اتفاقية عام 19599 بين مصر والسودان بشأن إنشاء السد العالي؟، وهل تضمنت أي افتئات على الحصص المائية لدول حوض النيل؟.

يستطرد الفقيه القانوني، أن اتفاقية عام 1959، كانت بين مصر والسودان، بشأن إنشاء السد العالي؛ لتوزيع المنافع الناجمة عنه بينهما، وقد احتجت أثيوبيا بأن تلك الاتفاقية لا تلتزم بها إذ لم تكن طرفًا فيها، وطبقًا لقواعد القانون الدولي، فإن الغاية التي سعت إليها تلك الاتفاقية، من حيث توزيع المنافع بينهما على نحو تحافظ الدولتان على الحقوق التاريخية والمكتسبة لكل منهما؛ لتنظيم الاستفادة من حصتهما في ماء النيل ودونما إلحاق ثمة أضرار بحقوق سائر الدول المطلة على نهر النيل.

الـ13: ألا يوجد أي اتفاق بين مصر وإثيوبيا بشأن نهر النيل في العصر الحديث؟.

 يقول «خفاجي»، إنه يوجد اتفاق بين مصر وإثيوبيا، في 1 يوليو 1993، حمل اسم «اتفاق القاهرة بشأن وضع إطار عام للتعاون بينها لتنمية موارد مياه النيل وتعزيز المصالح المشتركة»، وتضمن الاتفاق على تعهد الطرفين بالامتناع عن إجراء أي نشاط، يلحق ضررًا بمصالح الطرف الثاني في الاستفادة بمياه النيل، مع التأكيد على التعهد بالتشاور والتعاون في المشروعات ذات الفائدة المتبادلة، والعمل سويًا علي زيادة حجم التدفق، وكذلك تقليل الفاقد من مياه النيل، في إطار خطط تنمية شاملة ومتكاملة، متضمنًا ذلك الاتفاق إنشاء آلية للتشاور بينهما بالنسبة للموضوعات محل الاهتمام المشترك بمياه النيل، وتعهد كل طرف منهما بالتعاون بين دول حوض النيل لتحقيق الاستفادة من مياه نهر النيل.

الـ14: مدى القوة الملزمة لاتفاقية «عنتيبي» الموقعة 2010، بين الدول المطلة على نهر النيل، دون مصر والسودان والكونغو الديمقراطية؟.

يذكر الفقيه القانوني، أنه فيما يتعلق باتفاقية «عنتيبي» الموقعة في مايو 2010، التي وقعت عليها الدول المطلة على نهر النيل، فلم توقع عليها مصر والسودان والكونغو الديمقراطية، ولما كان المبدأ السائد دوليًا أن الاتفاقيات الأحادية التي تخل بالعدل بالمائي، تتعارض التوزيع المتكافئ لمياه النيل، فقد تحفظت مصر على 3 بنود طلبت تعديل الاتفاقية، بالإضافة يتمثل أولها في وجوب الاعتراف بحقوق مصر التاريخية في مياه النيل، وعدم المساس بحصتها البالغة 55 مليار متر مكعب، ويتمثل ثانيها في وجوب اتباع قاعدة دولية للأنهار المشتركة، بالإخطار المسبق من كافة الدول الـ10 المطلة على نهر النيل، حال قيام إحداها في اتخاذ أي إجراء بشأن مياه نهر النيل.

بينما يتمثل ثالثها في وجوب إعمال قاعدة دولية مستقرة هي التصويت الموزون أو النسبي في اتخاذ أية قرارات تتعلق بشأن نهر النيل.

وبناءً على ما تقدم لا تتمتع اتفاقية «عنتيبي» بثمة قوة ملزمة في مواجهة مصر والسودان والكونغو الديمقراطية؛ لإخلالها الجسيم، بمبدأ التوزيع العادل على نحو لا يجوز معه، حرمانها من استخدام النهر، والاستفادة به على أساس عادل ومعقول، والتي يدخل فيها الاستخدام المستقر لمصر منذ آلاف السنين والأحكام القضائية الدولية المماثلة، والتطورات التي استحدثها العلم لأهمية استخدام النهر لجميع تلك الدول دون أحقية افتئات إحداهما على الأخرى.

الـ15: كيف تحل مشكلة السدود ومنها سد النهضة؟، وهل يكفى فيها الحلول الدبلوماسية أو الفنية؟.

يقول «خفاجي»، إن فتنة الاحتلال انتقلت من بذرة الصراع على الحدود إلى صراع حول السدود، فمشكلة السدود على نهر النيل ومنها سد النهضة أحادي الجانب من إحدى الدول المطلقة على نهر تشترك فيه الدول الشاطئية، ويسبب عدة أضرار ومخاطر جمة تصيب مصر والسودان وهناك عدة وسائل قانونية دولية لمنع تلك الدولة من مغبة حرمان مصر من حقوقها وحصصها التاريخية في مياه النيل، فلا يوجد ملف شائك على الساحة الدولية والعبرة بالصياغة والفهم الصحيح.

ويضيف أن الفقه هو عقل القانون، والدبلوماسية آلية من آلياته، وتلك الحلول القانونية عديدة ومستنيرة ورشيدة، ومثل تلك الأمور تذكر في مجالاتها وساحتها، وعمل القانون في هذا الشأن يختلف عن عمل الدبلوماسي، وذلك أن القانون المجرد من الثوابت التي تتواكب مع قوانين الطبيعة التي تحكم حركة الشمس والقمر والزلازل بينما النظريات السياسية متغيرة وغير ثابتة، كما أن عمل الدبلوماسي يقتصر على النوايا بينما العمل الفقهي يتعلق ببحث أصل الحق من مختلف الزوايا، فكل شيء قابل للحوار القانوني المجرد إلا الافتئات على حقوق الأوطان، والواقع أننا تأخرنا في تأسيس أكاديمية علمية إفريقية لإعداد مدرسة للكوادر التي تحافظ على النهر الخالد.

الـ16: مبادرة القيادة السياسية في المشاركة في القمة الإفريقية لدول حوض النيل؟.

يرى الفقيه القانوني، أن في مبادرة القيادة السياسية في المشاركة في القمة الإفريقية لدول حوض النيل، خطوة شجاعة من أجل الحفاظ على أمن مصر المائي من ناحية، وتعميق فكرة الحفاظ على وحدة المنافع المشتركة لدول حوض النيل، والتي ترسخت عبر حقب تاريخية متباينة، انبثاقًا من صلاحية معظم مجراه للملاحة، ولمنح الدول المطلة عليه حق استخداماتها الاقتصادية، دون أضرار بسائر الدول، سواء كانت من المنبع أو المصب، وفي ذات الوقت إدراك القيادة السياسية أن نهر النيل هو الذي وهب الحياة لمصر عبر التاريخ مع الاحترام الكامل من جميع الدول لمبدأ الجوار، أخذًا بقاعدة لا ضرر ولا ضرار

جميع الحقوق محفوظة لمصدر الخبر الوطن وتحت مسؤليتة ونرجوا متابعتنا بأستمرار لمعرفة أخر الأخبار علي مدار الساعة مع تحيات موقع موجز نيوز الأخباري

اشترك فى النشرة البريدية لتحصل على اهم الاخبار بمجرد نشرها

تابعنا على مواقع التواصل الاجتماعى