السعودية وإسرائيل.. هل انتقل التطبيع إلى العلن؟

السعودية وإسرائيل.. هل انتقل التطبيع إلى العلن؟
السعودية وإسرائيل.. هل انتقل التطبيع إلى العلن؟

"عندما أحبّ شاعرٌ يومًا فتاة يهودية ظهر يطالب بالتطبيع مع إسرائيل، في قصيدته تغنى الشاعر بما رآه جمالًا فيها".. فاق الحديث الآن الأشعار، وباتت تتكشف علاقات التطبيع أكثر فأكثر بين دول عربية وكيان الاحتلال.

 

يقول رئيس الوزراء الإسرائيلي: "عندما تكون لإسرائيل والدول العربية الرئيسية رؤية واحدة، فلابد من الانتباه، فلابد من الانتباه بأنّ شيئًا مهمًا يجري"، وهو حديث كاشف غير ما قاله قبل أيام عن سعادته الغامرة بعلاقات قوية تجمع تل أبيب بدول عربية.
 

هذه العلاقات وإن كانت مرفوضة من قطاعات شعبية كبيرة حسبما كشفت استطلاعات رأي، لكنّها تأخر ضوءًا أكبر في الأيام والأشهر الماضية، آخرها مثلًا حديث رئيس الأركان الإسرائيلي جادي إيزنكوت في مقابلة صحفية نادرة مع وسيلة إعلامية عربية، نشرت أمس الخميس.

 

المقابلة كامت مع موقع "إيلاف" الإخباري الذي يتخذ من لندن مقرًا ومؤسسه "سعودي"، أكّد فيها المسؤول الإسرائيلي استعداد تل أبيب لتبادل المعلومات الاستخبارية مع السعودية لمواجهة إيران، وقال: "نحن مستعدون لتبادل الخبرات مع الدول العربية المعتدلة وتبادل المعلومات الاستخبارية لمواجهة إيران".


 

وردًا على سؤال حول ما إذا حصلت مشاركة معلومات مع السعودية في الفترة الأخيرة، أوضح: "نحن مستعدون للمشاركة في المعلومات إذا اقتضى الأمر.. هناك الكثير من المصالح المشتركة بيننا".
 

كما أكد مسؤول في الجيش الإسرائيلي لوكالة "فرانس برس" مضمون المقابلة، مشيرًا إلى أنّها الأولى من نوعها لرئيس أركان خلال وجوده في سدة المسؤولية لوسيلة إعلامية عربية.
 

ليست هذه هي المرة الأولى التي يظهر فيها "إسرائيلي" في وسيلة إعلام سعودية، لكنّها ما يلفت في هذا الحدث الراهن أنّها لأحد أكبر المسؤولين العسكريين في كيان الاحتلال.
 

في يونيو الماضي، أجرت القناة الإسرائيلية الثانية مقابلة تلفزيونية من مدينة جدة السـُعودية عبر سكايب مع عبد الحميد حكيم، مديرِ معهد أبحاث الشرق الأوسط في جدة، وكانت هذه أول مقابلة تلفزيونية يشارك فيها ضيف سعودي مع قناة إسرائيلية.
 

وتناولت المقابلة، التي أجراها إيهود إيعاري، محرر الشؤون العربية بالقناة الإسرائيلية الثانية، موضوع قطع السعودية والإمارات والبحرين ومصر علاقاتها الدبلوماسية مع دولة قطر.

 

وقال حكيم في المقابلة إن الدول التي قطعت علاقاتها بقطر فعلت ذلك من منطلق انتهاج سياسة جديدة لا مكان فيها لما سماه الاٍرهاب.
 

وأنهى حكيم اللقاء الذي تـُـرجم للعبرية بالقول إن الوقت قد حان لشرق أوسط جديد يقوم على المحبة والسلام والتعايش ونبذ الكراهية والعنف والتشدد.

 

سياسيًّا أيضًا، تحدثت تقارير صحفية، بينها إسرائيلية، عن زيارة سرية في شهر سبتمبر الماضي، لمسؤول سعودي كبير إلى تل أبيب، وكانت المفاجأة ما كشفته وكالة الأنباء الفرنسية إذ نقلت قبل شهر عن مسؤول إسرائيلي، رفض الكشف عن اسمه، قوله إنّ المسؤول السعودي الذي أجرى هذه الزيارة السرية هو ولي العهد الأمير محمد بن سلمان.

 

كما أكد الصحفي الإسرائيلي أرييل كهانا الذي يعمل في صحيفة "ماكور ريشون" الأسبوعية اليمينية القومية، في تغريدة على موقع التواصل الاجتماعي "تويتر" في سبتمبر الماضي، أنّ محمد بن سلمان زار إسرائيل مع وفد رسمي، والتقى مسؤولين.

 

وكانت الإذاعة الإسرائيلية الرسمية الناطقة باللغة العربية قالت في 7 سبتمبر الماضي إنّ أميرًا من البلاط الملكي السعودي زار إسرائيل سرًا، وبحث مع كبار المسؤولين الإسرائيليين فكرة دفع السلام الإقليمي إلى الأمام.

 

وصرح وزير الاتصالات الإسرائيلي وعضو الكنيست عن "حزب الليكود" أيوب قرا لوكالة الصحافة الفرنسية بأنّ هناك عددًا كبيرًا من الدول العربية تربطها علاقات بإسرائيل بشكل أو بآخر، تبدأ من مصر والأردن، وتشمل السعودية ودول الخليج وشمال إفريقيا وقسمًا من العراق.
 

وأضاف أنّ هذه الدول تشترك مع إسرائيل في الخشية من إيران، ورأى أنّ أغلب دول الخليج مهيأة لعلاقات دبلوماسية مكشوفة مع إسرائيل، لأنها تشعر بأنها مهددة من إيران، لا من إسرائيل.
 

إذًا، بالحديث عن إيران فإنّ الأمين العام لحزب الله اللبناني حسن نصر الله قد قال قبل أيام، بعد أزمة استقالة رئيس الوزراء سعد الحريري الذي أعلن استقالته من العاصمة السعودية الرياض، إنّه من الواضح أنّ السعودية قد أعلنت الحرب على لبنان وعلى حزب الله، وأكد أن السعودية طلبت من إسرائيل ضرب لبنان.
 

حديث نصر الله عن عمل عسكري إسرائيلي ضد حزب الله بتوصية من السعودية تزامن مع ما كشفته تقارير صحفية عن أن إسرائيل بدأت تعد العدة من أجل شن حرب على جنوب لبنان.
 

صحيفة "هآرتس" الإسرائيلية قالت إنّ تل أبيب تلقت إشارات واضحة باقتراب شنها عملية عسكرية في جنوب لبنان ضد "حزب الله"، بعد إعلان الحريري استقالته.

وأضافت أنّ "استقالة الحريري من الرياض كان بمثابة رسالة واضحة إلى أنّ النفوذ الإيراني في لبنان تعاظم، وبات خارج عن نطاق السيطرة".
 

وتابعت: "إعلان الحريري الاستقالة، كان بمثابة رسالة أيضًا أن السعودية تخلت دعمها للنظام السياسي متعدد الطوائف في لبنان، الذي تم الاتفاق عليه أثناء الحرب الأهلية".

ومضت قائلة: "يبدو أنّ الرياض بدأت بصورة جلية من الخوف من تغلغل حزب الله في المجتمع اللبناني بقوة، وأنه باتت تخل بموازين القوى في لبنان".


 

من جانبها، نشرت صحيفة "تايمز أوف إسرائيل" تقريرًا بعنوان "باستقالة الحريري، لبنان أصبحت تعج بوكلاء إيران"، وقالت إنّ قيادات الجيش باتت موقنة حاليًّا أنّ حزب الله أصبحت له السيطرة شبه الكاملة على لبنان، وهو ما دفع شخصية سياسية بارزة مثل سعد الحريري لتقديم استقالته، وإعرابه عن خشيته من تعرضه لعملية اغتيال كالتي تعرض لها والده رئيس الوزراء الأسبق، رفيق الحريري.

وألمحت الصحيفة إلى أن قرار الحريري ربما بناء على معلومات استخباراتية غربية تم تقديمها إلى رئيس الوزراء اللبناني.


 

لكنّ رئيس الأركان الإسرائيلي نفى نية تل أبيب القيام بهجوم على حزب الله في لبنان، وقال: "لا توجد لدينا أي نية للمبادرة بهجوم على حزب الله في لبنان والوصول إلى حرب"، إلا أنّه أضاف: "لن نقبل أن يكون هناك تهديد استراتيجي على إسرائيل".


 

وتابع: "أنا سعيد جدًا للهدوء على جانبي الحدود، الأمر الذي استمر طيلة 11 سنة، ونرى من الجانب الآخر محاولات إيرانية قد تؤدي للتصعيد ولكنني استبعد ذلك في هذه المرحلة".


 

في سياق ليس ببعيد، نشر موقع "ويكيليكس" مراسلات لوزارة الخارجية السعودية ممهورة بعبارة "سرّي للغاية" تؤكّد أنّ ثمة علاقات تاريخية مهمة بين إسرائيل والمملكة، وأنّها تجاوزت السياسة إلى الاقتصاد ومنه إلى زيارات رجال المخابرات أبرزهم اللواء السابق أنور عشقي في زيارته الأخيرة عام 2016.

 

وحسبما ترجمت مواقع أنباء، كشفت الوثائق كثيرًا من المستور والمسكوت عنه عن علاقات سعودية مع إسرائيل في مجالات عدّة منها تبادُل المعلومات والتنسيق ضدّ حركات المقاومة وضدّ إيران وتفاصيل مهمة عن زيارات لطلاب وأكاديميين لتقوية العلاقات وتحويلها من المستوى الرسمي إلى المستوى الشعبي.

 

كما شارك يشارك الرئيس الأسبق للاستخبارات السعودية الأمير تركي الفيصل والكاتب السعودي نواف العبيد في منتدى السياسة الإسرائيلية في نيويورك وذلك نهاية شهر أكتوبر الماضي، بحضور جانب جنرالات إسرائيليين متقاعدين، وفي مقدمتهم رئيس الموساد الأسبق إفراييم هاليفي.

 

وفي يناير الماضي، نشرت وزيرة خارجية إسرائيل السابقة تسيبي ليفني، عبر حسابها الرسمي على موقع "تويتر"، صورة تجمعها مع الأمير تركي الفيصل، خلال تواجدهما معا في المنتدى الاقتصادي العالمي المنعقد في مدينة دافوس بسويسرا.

 

الصورة التي شاركت فيها ليفني والفيصل الابتسامة، جاءت في ملمح جديد من ملامح التطبيع غير الرسمي بين السعودية والاحتلال، والتي لم تكن تمر مرور الكرام في سنوات ماضية؛ عندما كانت لجان مقاومة التطبيع ناشطة في المنطقة العربية.

 

وقالت ليفني معلقة على الصورة: "في دافوس مع الأمير السعودي تركي الفيصل بعد مناقشة عملية السلام وقضايا المنطقة مع وزير الخارجية الأردني، ورئيس صندوق الاستثمار الفلسطيني".

 

وفي يونيو من العام الماضي، أجرى الأمير تركي الفيصل مناظره مع الجنرال الإسرائيلي "احتياط" يعقوب أميدرور مستشار الأمن القومي السابق لحكومة بنيامين نتنياهو، نظمها معهد واشنطن للسياسات الشرق الأدنى، حسب شبكة "cnn" الإخبارية الأمريكية.
 

وآنذاك، قال الأمير السعودي: "إسرائيل لديها سلام مع العالم العربي، وأعتقد أن بإمكاننا مجابهة أي تحدٍ، ومبادرة السلام العربية المقدمة من السعودية عام 2002 من وجهة نظري تقدم أفضل معادلة لتأسيس السلام بين إسرائيل والعالم العربي». وأضاف: «التعاون بين الدول العربية وإسرائيل لمواجهة التحديات مهما كان مصدرها سواء كانت إيران أو أي مصدر آخر ستكون مدعمة بصورة أقوى في ظرف يكون فيه سلام بين الدول العربية وإسرائيل، ولا أستطيع أن أرى أي صعوبات بالأخذ بذلك".

جميع الحقوق محفوظة لمصدر الخبر مصر العربية وتحت مسؤليتة ونرجوا متابعتنا بأستمرار لمعرفة أخر الأخبار علي مدار الساعة مع تحيات موقع موجز نيوز الأخباري

اشترك فى النشرة البريدية لتحصل على اهم الاخبار بمجرد نشرها

تابعنا على مواقع التواصل الاجتماعى