الزوجان الجديدان القويان.. روسيا وإيران في منطقة الشرق الأوسط (دراسة)

وصلت العلاقات بين إيران وروسيا إلى ذروة لم يسبق لها مثيل، ما بين التعاون العسكري في سوريا، ورؤية مشتركة للنظام العالمي، وإنتقادات متبادلة للسياسة الغربية في الشرق الأوسط.

 

فطهران حليف مفيد لموسكو في منطقة غير مستقرة للغاية، ولكنها مجرد واحدة من العلاقات الهامة التي تحتاج إلى توازن دقيق، وتقدم موسكو لطهران وسيلة حاسمة لحماية مصالحها الأمنية الإقليمية. ومع ذلك، فإن القيادة الإيرانية تنقسم حول أفضل السبل للتخلص من الرهانات بين القوى الشرقية والغربية لتحقيق الأهداف الاستراتيجية لطهران. 

 

حول العلاقات الروسية الإيرانية تنشر مصر العربية دراسة بعنوان: " The new power couple : Russia and Iran in the Middle East".. "شركاء القوة الجديدة.. روسيا وإيران في الشرق الأوسط".

 

أعد الدراسة، الباحث حسني عماد حسني العوضي، ماجستير في العلوم السياسية، ومتخصص في الشؤون الروسية والأسيوية.

 

المعلومات الأساسية للدراسة:

عنوان الدراسة:

The new power couple: Russia and Iran in the Middle East " "

الباحثين:

Kadri Liik))( كادري ليك):

الوظيفة: كبير زملاء السياسة، ومديرة المركز الدولي للدراسات الدفاعية في إستونيا، وكاتب في المجلس الأوروبي للعلاقات الخارجية.

اللغات: الإنجليزية، الروسية، الإستونية.

مجالات الخبرة: السياسة المحلية والخارجية الروسية، والعلاقات بين روسيا والغرب، ومنطقة بحر البلطيق، شرق الاتحاد الأوروبي، حصلت على درجة البكالوريوس في الصحافة من جامعة تارتو في إستونيا، وماجستير في العلاقات الدولية، من جامعة لانكستر.

Ellie Geranmayeh))( إيلي جيرانمايه) :

 

الوظيفة: كبير زملاء السياسة، وزميلة في السياسة العليا لبرنامج الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في المجلس الأوروبي للعلاقات الخارجية.

 

اللغات: الإنجليزية، الفارسية.

مجالات الخبرة: العلاقات بين أوروبا وإيران، والاتفاق النووي الإيراني وسياسة العقوبات المرتبطة بها، والسياسة الخارجية والخارجية الإيرانية، والعلاقات الإيرانية السعودية، وحصلت إيلي على شهادة البكالوريوس في القانون وماجستير من جامعة كامبريدج .


 

الناشر: European Council on Foreign Relations


نص الدراسة:

وصلت العلاقات بين إيران وروسيا إلى ذروة لم يسبق لها مثيل، ما بين التعاون العسكري في سوريا، ورؤية مشتركة للنظام العالمي، وإنتقادات متبادلة للسياسة الغربية في الشرق الأوسط. فطهران حليف مفيد لموسكو في منطقة غير مستقرة للغاية، ولكنها مجرد واحدة من العلاقات الهامة التي تحتاج إلى توازن دقيق، وتقدم موسكو لطهران وسيلة حاسمة لحماية مصالحها الأمنية الإقليمية.

 

ومع ذلك، فإن القيادة الإيرانية تنقسم حول أفضل السبل للتخلص من الرهانات بين القوى الشرقية والغربية لتحقيق الأهداف الاستراتيجية لطهران.

 

ومن هذا المنطلق تطرح كل من "كادري ليك" و "إيلي جيرانمايه" دراسة مشتركة لهم بعنوان" "الزوجان الجديدان القويان: روسيا وإيران في منطقة الشرق الأوسط"، إنطلاقاً من وجهة نظر مفاداها أنه علي الرغم من أن العلاقات الروسية- الإيرانية مرت بمنعطفات حادة وكثيرة جداً، إلا أن العلاقات وصلت بينهم إلي ذروة لم يسبق لها مثيل في الفترات الآخيرة .

 

ثم تنتهي الدراسة بحث أورويا علي عدم إتباع السياسات التي تحاول استغلال الانقسامات بين إيران وروسيا، بل يجب على أوروبا إستخدام نفوذها المحدود للحد من العنف في سوريا، وإذا أمكن، تمهيد الطريق للانتقال السياسي في وقت لاحق على الطريق.

 

وخلال العام الماضى دخل التعاون العسكري بين روسيا وإيران مرحلة جديدة لم يسبق لها مثيل فى علاقاتهما منذ نهاية الحرب العالمية الثانية. وجاء التدخل الروسي في سوريا كدليل كبير علي هذه العلاقات، وكان هذا بمثابة رسالة إلي الدول الغربية بأن روسيا وإيران حريصتان علي حماية مصالحهم في منطقة الشرق الأوسط، وكانت القاذفات الإستراتيجية الروسية إلى سوريا تمر من خلال قاعدة همدان الإيرانية. ويمثل هذا التعاون الاخير عمقاً كبيراً للعلاقات السياسية والدفاعية بين البلدين التى بدأها فلاديمير بوتين لدى عودته الى الرئاسة الروسية .

 

وتشير الدراسة إلي خطورة التقارب الجديد بين موسكو وطهران في سوريا، حيث كان له عواقب وخيمة على أوروبا. فقد عزز يد بشار الأسد، وإزداد العنف، وتدفق المزيد من اللاجئين إلى البلدان الأوروبية، وإزداد تهميش أوروبا على المسار الدبلوماسي .

 

وتتسائل الكاتبة كادري ليك بعد ذلك، هل يعني ذلك تحالفاً استراتيجياً مستداماً يعيد تشكيل الجغرافيا السياسية في الشرق الأوسط؟ أم مجرد نقطة عالية في ملحمة متأرجحة للعلاقات الروسية الإيرانية - ملحمة حيث يكون التعاون محدوداً ومشوهاً بسبب انعدام الثقة المتبادل؟ وتشير الكاتبة إلي أنه علي أوروبا أن تتعامل مع روسيا، فلا يمكن عزل روسيا، لأن أوروبا بحاجه اليها للتعامل مع إيران وسوريا.

 

وتنقسم هذه الدراسة خمسة أقسام:

القسم الأول: حول ما يجمع بين روسيا وإيران معاً.

 

القسم الثاني: النظر تحديداً إلى حالة سوريا.

 

القسم الثالث: العلاقات الروسية الإيرانية، والخطاب بين القيادة الإيرانية فيما يتعلق

بالتواصل مع روسيا.


القسم الرابع: مستقبل العلاقات بين موسكو وطهران.

 

القسم الخامس: بعض التوصيات حول كيفية إدارة الاتحاد الأوروبي والدول الأعضاء فيه لإمكانية زيادة التعاون الروسي الإيراني في الشرق الأوسط.


 

القسم الأول: قراءة في العلاقات بين طهران وموسكو:

يرى كثيرون أن التعاون الروسي الإيراني في سوريا هو إنتهازية محضة، تقوم على مصالح قصيرة الأجل تظلل مؤقتاً الإختلافات البارزة على قدم المساواة. إلا أن التحالف يرتكز على بعض القواسم المشتركة العميقة في رؤيتها الأوسع للعلاقات الدولية.

 

وهنا توضح الكاتبتان أن العلاقة بين موسكو وطهران متأرجحة في بعض الأوقات، وتعاني من إنعدام الثقة بينهما إلي الحد الذي يصل إلي إتهام بعضهم البعض، لكن هناك عدد من القضايا المشتركة بينهم منها التعاون العسكري في سوريا، ورؤية مشتركة للنظام العالمي، وإنتقادات متبادلة للسياسة الغربية في الشرق الأوسط، وهذا النظام يقوده الغرب، ويمارس إما بالوسائل العسكرية أو تحت ستار ما يسمى الثورات الملونة.

 

ولا تزال روسيا ملتزمة بمفهوم النظام الدولي لعام 1945م، الذي أكد على سيادة الدولة على القضايا الداخلية. وبالتالي فإن روسيا ترى أن تغيير النظام الذي أقرته الولايات المتحدة غير قانوني وغير مسؤول، وربما يستهدف روسيا وفي هذا القسم جاءت الإستفاضة فيه بالشكل الكبير، إلي الحد الذي يطبق واقعياً.

 

القسم الثاني: النظر تحديداً إلى حالة سوريا.

إن القواسم المشتركة في نهجها للعلاقات الدولية قد أبلغت النهج الروسي والإيراني تجاه الأزمة السورية. وقد سعت إيران إلى تأمين مصالحها الإقليمية، التي تشعر أنها تقوضت من جراء الأعمال الأمريكية في الشرق الأوسط، وآخرها في سوريا. ولدى طهران أيضاً شعور بالفخر بشأن تعاونها العسكري مع موسكو.

 

أما بالنسبة لروسيا، فقد ساهمت أخطاء الغرب المتصورة في العراق وليبيا والإضطراب الإقليمي الذي طغى على الربيع العربي في ردها العسكري على الأعمال الغربية في سوريا.

 

فقد أوضح بوتين وجهة نظر روسيا بوضوح في خطابه أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة في عام 2015م، بدلا من التعلم من أخطاء الآخرين، يفضل البعض تكرارها والإستمرار في تصدير الثورات، والآن هذه هي الثورات" الديمقراطية "، مجرد إلقاء نظرة على الوضع في الشرق الأوسط، فبدلا من الديمقراطية والتقدم، هناك الآن عنف، وفقر، وكوارث اجتماعية، وتجاهل تام لحقوق الإنسان، بما في ذلك الحق في الحياة".

 

وجاء إنخراط روسيا في سوريا مستوحى أيضاً من رغبتها في منع إنهيار دولة أخرى والمحافظة على مركزها في المنطقة. وإنتهي هذا القسم بالحديث عن الفرصة التي أتاحها الصراع السوري لروسيا وإيران لوضع النظرة العالمية الجديدة إلى الاختبار بهدف الحفاظ على مصالح كل منهما في وقت تكون فيه دمشق في أضعفها.

 

وكانت مجالات التقارب بين روسيا وايران في سوريا كالتالي:

 

إن هدف إيران وروسيا المشترك هو الحفاظ على نظام الأسد، كوسيلة لضمان مصالح كل منهما الأساسية. ويعتبر الأسد نفسه ضامناً لهذه المصالح، والحاجة إلى تعزيز موقفه قبل أي مفاوضات سياسية محتملة تشكل أساساً هاماً للتعاون. بالنسبة لإيران، فإن سوريا لها قيمة مفيدة كقناة لتوريد الطرق السريعة لحزب الله، الحليف الوحيد لإيران في تحقيق عمق الأمن الاستراتيجي وبالنسبة لروسیا، فإن لسوریا أیضاً قیمة مفیدة بإعتبارها موقعها الوحید في الشرق الأوسط.

 

ومع ذلك، تشعر موسكو بقلق خاص إزاء احتمال إنهيار الدولة في سوريا، وآثار ذلك على الفوضى التي ستنتشر بالفعل في أجزاء من الشرق الأوسط، والتداعيات على التطرف. كما أن سوريا تتعلق بعلاقات موسكو مع واشنطن. من خلال الإنخراط عسكرياً في سوريا، ثم تناولت الكاتبتان هنا مسار المفاوضات والمسار العسكري في الأزمة السورية.

 

وعلى الرغم من كل هذا التقارب، ليس من الواضح أن المباراة النهائية في سوريا تفضل بالضرورة التعاون الروسي الإيراني. ومن المرجح أن يكون طول فترة رئاسة الأسد نقطة شائكة. وكان الخط الأحمر الإيراني إلي الآن هو أن الأسد يجب أن يبقى حتى نهاية ولايته الرئاسية في 2021 على الأقل. في حين أن موسكو تعارض بشكل مماثل التغيير الذي فرضته الغرب في دمشق، فقد ألمحت إلى خارطة الطريق السياسية لمغادرة الأسد طالما أنها تحدث بشروطها الخاصة وتحافظ على نظام مناسب للحكم ومستعد لاحترام مصالح روسيا.

 

وثمة مجال آخر للنزاع المحتمل بين روسيا وإيران هو مستقبل الأكراد السوريين. وتراقب إيران عن كثب العلاقات العسكرية الروسية والأمريكية مع حزب الاتحاد الديمقراطي الوطني الكردي السوري ووحدات حماية الشعب الكردية. في حين عملت إيران مع حزب الاتحاد الديمقراطي وروسيا لدعم قوات الأسد، نظراً لمشاكلها المتقلبة بشكل متزايد مع الجماعات الإنفصالية الكردية، رفضت طهران الفيدرالية .

 

أما روسيا، من ناحية أخرى، لديها موقف أكثر دقة على الفيدرالية بإعتبارها الحل النهائي في سوريا. وعلى الرغم من تصعيد هذا مع تركيا، فإن علاقات روسيا مع الأكراد تشكل نفوذاً مفيداً على أنقرة ويمكن أن تكون مفيدة بالمثل في العلاقات المستقبلية مع دمشق.

 

وبالنسبة لروسيا، فإن سياستها تجاه إيران ليست غاية في حد ذاتها، بل هي قطعة واحدة من لغز كبير يضم أطرافاً متعددة. وتعرف سياسة موسكو على إيران بقائمة من العوامل، مثل حالة علاقاتها مع الولايات المتحدة والأمن القومي والوضع الإقليمي في القوقاز وآسيا الوسطى والقضية النووية والمصالح الاقتصادية، والآن أيضا الوضع في الشرق الأوسط. وقد تحول موقف موسكو تجاه طهران دائماً وفقاً لتغير أهمية هذه القضايا.

 

ونقلت الكاتبة هنا علي لسان أحد الخبراء الروس، علي التعاون الأمريكي الروسي بخصوص المف النووي الإيراني: نحن والولايات المتحدة نشعر بالقلق إزاء احتمال وجود إيران النووية - لكننا قلقون بطرق مختلفة"، وأشار إلي مخاوف روسيا الأساسية بشأن البرنامج النووي الإيراني يتعلق بكيفية تغيير ميزان القوى في المنطقة، مما يحتمل أن يؤدي إلى سباق تسلح نووي بين القوى الإقليمية الأخر.


القسم الثالث: العلاقات الروسية الإيرانية، والخطاب بين القيادة الإيرانية فيما يتعلق بالتواصل مع روسيا

تحول2012م:

بعد إعادة انتخاب بوتين في عام 2012م، تم تطوير علاقات روسيا مع إيران. وتري الكاتبة " إيلي جيرانمايه" أن العقوبات الغربية ليست العامل الرئيسي الذي يجمع روسيا وإيران معاً، فالعقوبات الغربية ذات الصلة الأوكرانية ضد روسيا خلقت تقارب جديد بين موسكو وطهران، لقد شعرت موسكو بشكل متزايد بأنها خارج النظام الدولي الذي يهيمن عليه الغربيون على الرغم من محاولتهم الإنخراط في ذلك. ويشير الخبير الروسي "ديميتري ترينين" إلى أن رئاسة ميدفيديف بأكملها كانت بإدرة بوتين من حسن النية تجاه الغرب، وهي محاولة لمعرفة ما يمكن تحقيقه من حيث المبدأ عن طريق زيادة التعاون. وكان الحكم، فيما يتعلق بموسكو، سلبياً.

 

وأشارت الكاتبة إلي هنا إلي أن روسيا مستاءة من العقوبات المفروضة عليها. ولكن، نظراً لكونها قوة عالمية، فمن غير المحتمل أن تدخل في تحالف واحد مع طهران، خاصة وأن روسيا كانت من بين الدول التي فرضت عقوبات على إيران، وأن هذه السياسة إستمرت في ظل بوتين. وجاءت جهود موسكو الدبلوماسية في التوصل إلي إتفاق هام بخصوص الملف النووي الإيراني، ويتضح الموقف نفسه في نهج روسيا إزاء عضوية إيران في منظمة شنغهاي للتعاون، حيث تشارك إيران بصفة مراقب. وبينما تريد روسيا رسمياً أن تصبح إيران عضواً كامل العضوية .

 

موازنة الجهات الفاعلة الإقليمية:

على الرغم من أن إيران قد تكون حالياً أبرز شريك لروسيا في الشرق الأوسط، إلا أنها واحدة من العديد من الشركاء المحتملين والفعليين. وتحرص روسيا على الحفاظ على علاقة إيجابية مع منافسيها الإقليميين، مثل إسرائيل والمملكة العربية السعودية ومصر، وبعضهم يتمتع بنفوذ كبير تجاه موسكو. المملكة العربية السعودية لاعباً هاماً عندما يتعلق الأمر بتحديد أسعار النفط، في حين أن إسرائيل يمكن أن تستأنف مبيعات الأسلحة إلى جورجيا، التي توقفت بناء على طلب روسيا بعد الحرب بين روسيا وجورجيا في عام 2008م.

 

وتشير الدراسة إلي أن روسيا تسعى إلى تحقيق التوازن بين إسرائيل وإيران، فإسرائيل تريد أن تضمن أن الأسلحة الروسية التي تباع إلى إيران لا تنتهي بحزب الله وأن الغطاء الجوي الروسي لا يعطي إيران فرص لاستخدام سوريا كقاعدة ضدها.

 

إن موسكو تأخذ مخاوف إسرائيل على محمل الجد، ولذلك فإن هذا الوضع يتطلب إهتماما مستمرا بأن إيران ليس لديها خيار سوى القبول، ثم الوصول إلى المملكة العربية السعودية هو محاولة من جانب روسيا لتعزيز علاقاتها الاقتصادية مع الرياض (خاصة فيما يتعلق بمبيعات الأسلحة) ولتخفيف مخاوف القيادة السعودية الجديدة من التدخل العسكري الروسي في سوريا.

 

تحتاج روسيا أيضا إلى منع دورها في سوريا من أن ينظر إليها على أنها دعم لإيران الشيعية في معركة طائفية مع العالم السني، وهذا يمكن أن يكون له عواقب وخيمة في الداخل. ثم توضح الكاتبة نقطة رئيسية " فإذا كانت روسيا تريد أن تكون طرفاً فاعلاً في الشرق الأوسط، فإنها تحتاج إلى علاقة عمل مع جميع الجهات الفاعلة المحلية الهامة، وليس فقط إيران".

 

الموقف الإيراني من روسيا:

هناك إجماع عام بين القيادة الإيرانية على أن العلاقات مع موسكو ذات قيمة كبيرة للموقف الجيوسياسي الإيراني، وهندسة الدفاع، ومناورة الفضاء خلال المفاوضات مع الغرب. ومع ذلك، ترى طهران بشكل متزايد تلك العلاقات كجزء من إستراتيجية شاملة لتعزيز قوتها الإقتصادية وإطارها الأمني في الشرق الأوسط، ويقدر معهد ستوكهولم الدولي لبحوث السلام أن مبيعات الأسلحة الروسية المسجلة علنا إلى إيران في الفترة من 2005م إلى 2010 م كانت تقريباً ضعف قيمة الصادرات الصينية إلى إيران. وقد أدى تخفيف العقوبات بعد الاتفاق النووي والعمليات العسكرية المكثفة في سوريا إلى زيادة الطلب الإيراني، حتى أصبح لدى طهران الآن قائمة تسوق للسلع الروسية التي يقال إنها تبلغ قيمتها 8 مليارات دولار.

 

أما بالنسبة للمخاطر التي قد تحدث في العلاقة بين موسكو وطهران، فتري الكاتبة أنه بالنسبة للإتفاق النووي، فإنه يتيح لإيران فرصة لإقامة علاقة أكثر توازناً مع القوى العالمية بدلاً من المخاطرة بالإفراط في الإعتماد على روسيا، خصوصاً بعد موافقة روسيا على عقوبات الأمم المتحدة ضد إيران، وتأخير تسليم طائرات سوخوي، وصواريخ إس 300، وهذا ما تحذر منه طهران، وينطبق هذا بشكل خاص على قطاع الطاقة، حيث إيران وروسيا منافسين إقتصاديين، وبعد نشر الإتفاق النووي الإيراني، هناك عدم ارتياح بشأن السماح بدور كبير للشركات الروسية مثل غازبروم، الذي عطل إمدادات الغاز الإيراني إلى أرمينيا مؤخراً من خلال شراء ومراقبة الجزء الأرمني من التوزيع بعد أن أمضت إيران سنوات تمويل وبناء المشروع.

 

ومنذ تخفيف العقوبات ضد إيران بدأت شركة غازبروم مفاوضات جديدة لزيادة وجودها كمستثمر في قطاع الطاقة الايراني إلا أن التجربة في أرمينيا جعلت العديد من الخبراء الإيرانيين يقيمون التحركات الروسية في محاولة للحد من توزيع الغاز الايراني في المستقبل إلى اوروبا.


 

القسم الرابع: مستقبل العلاقات بين موسكو وطهران:

تشير الكاتبة كادري ليك إلي أنه ومن المحتمل أن توفر الأزمات المتعددة فى الشرق الاوسط والرغبة المتبادلة فى رد الوجود الامريكى فى المنطقة منبراً لزيادة التعاون المكثف بين موسكو وطهران، وعلى المدى القريب، ستبقى سوريا بوتقة لعلاقاتها.

 

حتى لو تباينت المخاوف على المدى الطويل في سوريا، فإن أهدافها المشتركة المباشرة عندما يتعلق الأمر بالمكاسب الإقليمية الإستراتيجية من المرجح أن تطيل عمر العمليات العسكرية المشتركة حتى يتم تحديد التوازن النهائي للسلطة في سوريا، فهناك تحالف إستراتيجى اقليمى بين ايران وروسيا مشكوك فيه بسبب القيود المفروضة على علاقاتهما. والأكثر احتمالاً هو أنه في بعض المجالات، حيث يتقدمون نحو أهداف مماثلة، يجدون أنه من المفيد العمل ضمن إطار الصداقة الاستراتيجية، ولكن هذا لن يكون أقرب إلى الشراكة الاستراتيجية.

 

بالنسبة لإيران بيد أنها ستواصل إستغلال علاقاتها مع روسيا للمساعدة فى تعزيز هيكل الدفاع العسكرى وتنفيذ سياساتها الإقليمية بشكل أفضل وحماية مصالحها على الساحة الدولية. وستظل سلطة الفيتو التابعة لمجلس الامن الدولى هامة لحماية إيران من العقوبات الدولية التى يقودها الغرب. وستسعى طهران أيضا للتأثير على موقف موسكو كعضو في اللجنة المشتركة المنشأة بموجب خطة العمل المشتركة لمعالجة الخلافات مع الغرب بشأن البرنامج النووي.

 

وبالنسبة لروسيا، فإن التقارب في المستقبل مع إيران سيعتمد على مجموعة متنوعة من العوامل التي تشير أحياناً إلى سياسات متناقضة. لكن مخاوف طهران من أن تقوم روسيا مرة أخرى بإعادة توجيه علاقاتها مع الغرب على حساب إيران من المرجح أن تظل بلا أساس. وإنحراف روسيا عن الغرب لم يكن نتيجة لأي قضية واحدة، أو حتى مجموع عدد من القضايا.

 

لعل العلاقات الباردة مع الغرب ستبقى هنا ما لم يقم الغرب نفسه بتغيير سياسته الخارجية بشكل عميق. وعلى الرغم من تكثيف التعاون العسكري في سوريا، فإن علاقة روسيا مع إيران من المرجح أن تظل شراكة دقيقة، وهو مصطلح صاغه مراقب روسيا "فلاديمير سازين" وغالبا ما يستخدم في موسكو لوصف العلاقة مع إيران.

 

وقد تتقلص التقلبات التي استلهمتها الولايات المتحدة في الماضي، غير أن هناك عوامل محتملة أخرى ستبقى: قضايا إقليمية مثل مسألة بحر قزوين، وتجارة الأسلحة، وسياسات الطاقة.

 

وفي حين تعترف روسيا بضرورة جعل إيران شريكة في الشرق الأوسط، حتى تكون طرفا فاعلاً في المنطقة، فإنها تحتاج أيضا إلى إقامة علاقات مع لاعبين آخرين مهمين.

 

وهذا سيحد بشكل طبيعي من مدى قرب روسيا وإيران من أن يصبحا شريكين. وعلاوة على ذلك، وبالنظر إلى سكانها المسلمين السنة، فإن روسيا لا ترغب في أن ينظر إليها على أنها وثيقة جداً للتحالف مع إيران الشيعية. وهناك عائق آخر أمام العلاقات الروسية الإيرانية هو شعور موسكو بالتفوق وحساسية طهران تجاهها. وكقوة رئيسية، تتوقع روسيا بشكل غريزي من القوى الصغيرة إحترام مصالحها وإفساح المجال أمامها.

 

القسم الخامس: ماذا يجب أن تفعل أوروبا؟

وفي الوقت الذي يدخل فيه الإتحاد الأوروبي والدول الأعضاء فيه فصلاً جديداً من المشاركة السياسية والإقتصادية مع إيران، فإن علاقاتها مع روسيا من المرجح أن تكون غائمة لبعض الوقت بسبب الأزمة الأوكرانية والخلافات المتأصلة بعمق في وجهات نظرها العالمية، ويحتاج الاتحاد الأوروبي والدول الأعضاء فيه إلى إيجاد أفضل طريقة لإدارة علاقاته مع روسيا وإيران، وتضع كلاً من كادري وإيلي بعض التوصيات لهذه العلاقات:

 

إشراك روسيا وإيران معاً لإنهاء العنف في سوريا:

البدء بقراءة أكثر واقعية لما هو ممكن نظراً لأن لروسيا وإيران وجود ملتزم على الأرض. وإدراكاً لحقيقة الوضع، يجب على الأعضاء الأوروبيين تكثيف الجهود الدبلوماسية لإقناع طهران وموسكو بكبح جماح العنف ووضع مسار سياسي متوسط إلى الأمام، وتوضح الدراسة أن التركيز فقط على الجهود المبذولة لإزالة الأسد. من المحتمل أن يؤدي الانهيار المفاجئ والسريع لنظامه الآن وبالتالي إنهيار الدولة وسيطرة أكبر على الفصائل المتطرفة في سوريا وعلى النقيض من ذلك، فإن الاستمرار في الدفع من أجل الانتقال الفوري أو تكثيف المعركة على الأرض لن يؤدي إلا إلى إجبار روسيا وإيران على التقريب معاً، وتوليد المزيد من العنف، وزيادة التكلفة إلى أوروبا بقدر ما يحصل على السوريين.

 

فهم نهج روسيا في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا:

سيتطلب العمل مع روسيا حول سوريا ومنطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا فهم أفضل لما يدفع سياسة روسيا هناك، وبالتالي، سياسة أوروبية أكثر دقة، فقد ترى روسيا أن النظام السوري في المستقبل، إذا لم تقبله شرائح واسعة من المجتمع، بما في ذلك جماعات المعارضة، لن يكون مستداماً. لذلك قد تستفيد أوروبا من هذا الأمر للتأثير على موقف روسيا من أجل وضع ترتيبات لتقاسم السلطة يمكن أن تمهد الطريق أمام عملية انتقال ديمقراطي في المستقبل، فأوروبا قادرة على إرساء أسس عملية تؤدي إلى حكومة أكثر قبولاً عالمياً في المستقبل. كما يجب على الاتحاد الأوروبي أن يقسم علاقاته مع روسيا.

 

بمعني أنه يجب أن تمتنع عن ربط سوريا وأوكرانيا، على سبيل المثال، من خلال إفتراض أن تعاون روسيا في سوريا سيكون له ثمن في أوكرانيا، أو أن التحدث إلى روسيا سيضفي بطريقة أو بأخرى إضفاء الشرعية على ضم القرم. وعلاوة على ذلك، إذا كان رأي أوروبا حول سوريا غير واقعي، يمكن القول إن وجهة نظر روسيا بشأن أوكرانيا كانت على الأقل غير واقعية على حد سواء: هذا النوع من النفوذ التي تريد روسيا كسبها على أوكرانيا أمر مستحيل من حيث المبدأ. لذلك ليس هناك ما يدعو أوروبا لتغيير نهجها تجاه الصراع الأوكراني. ويحق لها أن تعمل مع روسيا على سوريا، حسب الاقتضاء، بل يجب عليها أن تلتزم بمبادئها وخطوطها الحمراء على أوكرانيا.

 

3-إستخدام سياسة العقوبات بحكمة:

وعند تقييم الدور البارز للعقوبات كجزء من مجموعة أدوات السياسة الخارجية للاتحاد الأوروبي، يجب على الدول الأعضاء أن تنظر بعناية في كيفية تأثير ذلك على محور موسكو وطهران. ومع ذلك، يجب على الاتحاد الأوروبي عند القيام بذلك، أن يتجنب التعميمات المفرطة بأن العقوبات ستدفع روسيا تلقائياً إلى إحتضان إيران بسبب تجربة موسكو الأخيرة مع العقوبات الغربية. فمن الناحية النفسية، روسيا لا تعتبر نفسها معادلة لإيران.

فروسيا تعتبر نفسها كقوة عظمى، ولكن حساسية روسيا للعقوبات التي تقودها الغرب ضد إيران سوف تعتمد في نهاية المطاف على النية التي تقود هذه التدابير.

 

إيجاد فرصة في المحور الروسي الإيراني:

ومن المرجح أن تتشكل الديناميكية الجديدة بين موسكو وطهران في الشرق الأوسط لبعض الوقت وفي حين أنه من السابق لأوانه الحديث عن تحالف أو إئتلاف بينهما في جميع أنحاء المنطقة، فمن الممكن أن تكون لعلاقاتهم العسكرية نتائج أوسع خارج المسرح السوري، وأثر مضاعف على المصالح الأمنية الأوروبية. وعند هذه النقطة، هناك القليل لأوروبا للقيام به عن طريق منع هذه التطورات أو محاولة تقسيم العلاقات بين إيران وروسيا. وبدلا من ذلك، ينبغي لأوروبا أن تستغل الفرص المتاحة لديها في إطار البيئة الحالية لكي تصبح جهة فاعلة ذات صلة بالسياسة الخارجية، وينبغي أن تسعى أيضاً إلى تعزيز مصالحها الخاصة في المنطقة من خلال إشراك موسكو وطهران بشكل فعال بطرق بناءة ومواتية لإنهاء الصراع في سوريا.

 

جميع الحقوق محفوظة لمصدر الخبر مصر العربية وتحت مسؤليتة ونرجوا متابعتنا بأستمرار لمعرفة أخر الأخبار علي مدار الساعة مع تحيات موقع موجز نيوز الأخباري

اشترك فى النشرة البريدية لتحصل على اهم الاخبار بمجرد نشرها

تابعنا على مواقع التواصل الاجتماعى