بعد «الحرب الكلامية».. ما الذي يمكن لتركيا فعله ضد الاحتلال؟

بعد «الحرب الكلامية».. ما الذي يمكن لتركيا فعله ضد الاحتلال؟
بعد «الحرب الكلامية».. ما الذي يمكن لتركيا فعله ضد الاحتلال؟
[real_title] "تصعيد كلامي.. هل يتعبه تحرك سياسي؟".. فرضت تركيا نفسها كأقوى رد فعل على قرار الرئيس الأمريكي دونالد ترامب باعتراف بلاده بمدينة القدس المحتلة عاصمةً لإسرائيل، مقارنةً بالقادة العرب الذين يُفترض أن يكونوا في مقدمة الصفوف المدافعة.

 

يسود "التصعيد" بين الرئيس التركي وحكومة الاحتلال منذ "قرار القدس" الذي تقول أنقرة إنّها لن تقف صامتةً حياله، في حين يرى البعض أنّ أقصى ما يمكن لأنقرة فعله هو قطع علاقاتها الدبلوماسية مع تل أبيب.

 

تمثل الحرب الكلامية المشتعلة بين الجانبين طبيعة العلاقة التي تم تطبيعها، مجددًا قبل عام، في أعقاب اعتذار تل أبيب عن مهاجمة سفينة "مافي مرمرة"، التي كانت ضمن أسطول الحرية الذي توجه أواخر مايو 2010 إلى قطاع غزة، وتقديمها تعويضات لعوائل نشطاء السلام الأتراك الذين قُتلوا في المداهمة.

 

واصل الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، تحذيراته من تداعيات المضي قدمًا في مسألة الاعتراف بمدينة القدس المحتلة عاصمةً للاحتلال، مؤكدًا أنّ بلاده ستفعل كل ما يمكن فعله في سبيل الدفاع عن المدينة، وسبق أن قال أردوغان إنّه لن يقف مكتوف الأيدي تجاه ضياع القدس.

 

وكان الرئيس الأمريكي دونالد ترامب قد أعلن في السادس من ديسمبر الجاري، اعتراف بلاده الرسمي بالقدس عاصمة لـ"إسرائيل"، في خطوة لم يسبقه إليها أي من أسلافه، ما أثار غضبًا عارمًا في العالَمين العربي والإسلامي، فضلًا عن تحذيرات عربية وغربية كبيرة من تداعيات هذا الأمر.

 

لكنّ الموقف التركي كان الأقوى تقريبًا على مستوى العالم كما يرى "الخليج أونلاين"، حيث دعا أردوغان دول العالم للاعتراف بالشطر الشرقي من المدينة عاصمة لدولة فلسطين، واتخاذ خطوات عملية لوقف تنفيذ القرار الأمريكي.

 

وقبل صدور القرار الأمريكي، أكد الرئيس التركي، في خطاب أمام حزب العدالة والتنمية، أنّ بلاده ستتخذ سلسلة من الخطوات في حال أعلنت واشنطن نقل سفارتها إلى القدس أو الاعتراف بها عاصمة لإسرائيل، محذّرًا ترامب من أنّ "القدس خط أحمر بالنسبة إلى المسلمين".

 

وقال أردوغان إنّه سيمضي في مواجهة هذه الخطوة التي قد تصل إلى قطع العلاقات الدبلوماسية مع إسرائيل، مؤكدًا أنّ هذا الاعتراف "طعنة كبيرة للوجدان والإنسانية".

 

واستضافت مدينة إسطنبول، في 13 ديسمبر، "قمة القدس العاجلة" التي دعا لها أردوغان وحضرها 17 زعيمًا، حيث أعلنت الدول المشارِكة الاعتراف بالقدس الشرقية عاصمة لفلسطين.

 

ودعت الدول المشارِكة، في بيانها الختامي، جميع دول العالم إلى الاعتراف بالقدس الشرقية المحتلة عاصمة لفلسطين، مطالِبة جميع الدول بالامتناع عن دعم قرار واشنطن، وعدم نقل بعثاتها الدبلوماسية للقدس.

 

ورغم العلاقات الجيدة على المستوى الاقتصادي، فقد هاجم أردوغان إسرائيل ووصفها بـ"الدولة الإرهابية" التي تقتل الأطفال، وهو ما ردَّ عليه رئيس وزراء الاحتلال بنيامين نتنياهو، بعد ساعات، باتهام أنقرة بقصف الأكراد.

 

وحتى الآن، تبدو الخطوات التي يمكن للرئيس التركي اتخاذها ضد إسرائيل، بعيدة عن قطع العلاقات، وبخاصةً أن أي خطوات تصعيدية تحتاج إلى مشاركة من دول أخرى مهمة بالمنطقة.

 

وزير الاستخبارات والمواصلات الإسرائيلي يسرائيل كاتس، قال يوم الأربعاء الماضي: "أردوغان يهاجمنا كثيرًا، ونحن نعي ذلك ونردُّ عليه كما حصل مؤخرًا".

 

وأضاف في حديث مع موقع "إيلاف" السعودي: "هجوم أردوغان علينا لا يمنعه من جعل حجم التجارة من تركيا إلى الخليج من خلال حيفا نحو 25%".

 

وردَّ النائب عن حزب العدالة والتنمية الحاكم أركان كاندمير، على تصريحات كاتس، بقوله إنّها "غير لائقة"، مؤكدًا أنّ الاحتلال "سيتأثر سلبًا" من قرار الرئيس الأمريكي بشأن القدس.

 

وصرح كاندمير، وهو عضو لجنة الشؤون الخارجية في البرلمان التركي، لوكالة "سبوتنيك" الروسية: "العلاقات الاقتصادية والتجارية بين تركيا وإسرائيل ذات بُعدين؛ أولهما استثمارات رجال الأعمال الأتراك في إسرائيل؛ إذ لا يمكن للدولة التدخل في هذه الاستثمارات، وهي مستمرة بطبيعة الحال حتى الآن، وثانيهما العلاقات الثنائية بين البلدين".

 

وعن احتمال فرض عقوبات سياسية وتجارية واقتصادية على إسرائيل، أوضح كاندمير: "هذا سيحدده موقف إسرائيل، سنرى كيف ستتناول إسرائيل هذه المسألة وكيف ستتعامل معها وكيف ستدير العملية".

 

وفي السياق، قال رئيس لجنة الصناعة والتجارة والطاقة والموارد الطبيعية والتكنولوجيا البرلمانية التركية علي أرجوشكون: "أنقرة لم تتخذ أي قرار بفرض عقوبات سياسية واقتصادية على إسرائيل حتى الآن، والرئيس أردوغان هو من يقرر ذلك".

 

وأوضح في حديث لـ"سبوتنيك": "التصريحات التي يدلي بها الرئيس أردوغان تعبِّر عن رأي الدولة التركية؛ لأنّ آليات القرار المتعلقة بالسياسة والاقتصاد والتجارة تتشكل وفق آراء الرئيس أردوغان".

 

ولفت أرجوشكون إلى أنّ أنقرة لم تتخذ حتى الآن أي قرار بفرض عقوبات اقتصادية أو سياسية ضد إسرائيل أو قطع العلاقات معها، متابعًا: "لكن المبادرات التي تقوم بها تركيا تصبُّ في تحديد موقفها".

 

وأكد: "نحن مضطرون، في نهاية المطاف، إلى التصرف وفق التقييم الذي سيجريه الرئيس أردوغان بعد هذه المبادرات والاستشارات".

 

قناة "الميادين" نقلت عن خبراء لم تسمِّهم في إسرائيل، أنّ أردوغان لن يقطع العلاقات الدبلوماسية مع تل أبيب؛ لأنّه سيخسر أي إمكانية لمساعدة الفلسطينيين في غزة، أنّ هناك فهْمًا عامًا بأنّ العلاقات ستبقى على نيران خفيفة، ويمكن أن تتطور أساسًا في البُعد الاقتصادي والسياحي والثقافي.

 

وأمس الأول الجمعة، حذّر الرئيس التركي من أنّ خسارة القدس المحتلة تعني خسارة مكة المكرمة، مؤكدًا أنّ قرار الولايات المتحدة بشأن المدينة المحتلة هو بداية هجوم جديد يستهدف الشرق الأوسط خصوصًا، والمسلمين عمومًا.

 

وقال أردوغان، الذي كان يتحدث في برنامج ثقافي بمدينة إسطنبول: "إذا فقدنا القدس فلن نتمكّن من حماية المدينة المنورة، وإذا فقدنا المدينة فلن نستطيع حماية مكة، وإذا سقطت مكة فسنفقد الكعبة".

 

ووفقًا للرئيس التركي، فإنّ هجومًا جديدًا يستهدف الشرق الأوسط وجميع المسلمين؛ من خلال الاعتراف الأمريكي بالقدس المحتلة عاصمة لـ"إسرائيل".

 

وجدَّد أردوغان تأكيد أنّ بلاده "ستواصل اتخاذ خطوات أخرى للتصدّي لقرار الإدارة الأمريكية"، مشيراً إلى أن "القدس هي كرامة جميع المسلمين في العالم".

 

وتابع: "سنفْعل كل ما يلزم من أجل الحفاظ على ما أمرنا الله به وأمانة الأجداد (القدس)".

 

وأمس السبت، صرح أردوغان، خلال حفل بإسطنبول، بأنّ نتائج قمة منظمة التعاون الإسلامي الأخيرة لن تبقى حبرًا على ورق، وأنّ بلاده بصفتها رئيس الدورة الحالية ستعمل على الدفاع عن قضية القدس في المحافل الدولية كافة، وفق موقع "ترك برس".

 

وكان المتحدث باسم الرئاسة التركية إبراهيم كالن، قد ردَّ على هجوم مسؤولين إسرائيليين على أردوغان، قائلًا: "على إسرائيل أن تقدّم الحساب على الخروقات التي ترتكبها ضد القانون الدولي.. إسرائيل، التي تتجاهل القانون الدولي، تحتل أراضٍ كانت فلسطينية على مدى مئات السنين، وتخرق بمنهجيةٍ قرارات مجلس الأمن، عليها أولاً أن تدفع ثمن ما ترتكبه".

 

وأوضح كالن، الأسبوع الماضي: "على إسرائيل أن تضع حدًا لاحتلال الأراضي الفلسطينية بدل مهاجمة تركيا وقائدها، مثلما أنّ تركيا موجودة في أنحاء العالم كافة، فسوف تبقى في فلسطين إلى جانب أصحاب الحق والقانون والمضطهدين".

 

ولم يقف الرفض التركي للمساس بالقدس على أردوغان وحده، لكنّه امتد أيضًا للمعارَضة، حيث طالب زعيم حزب الحركة القومية التركي دولت باهتشلي، حكومة بلاده بتخفيض العلاقات الدبلوماسية مع إسرائيل إلى أدنى مستوى، وقطعها بالكامل فترة معينة.

 

وأوضح باهتشلي، الأسبوع الماضي، أنّ على الحكومة التركية وقف أشكال الاتصالات الدبلوماسية كافة مع إسرائيل إلى حين تراجُع الولايات المتحدة عن قرارها المتعلق بالقدس، ودعا الدول العربية والإسلامية إلى إعادة النظر في علاقاتها السياسية والاقتصادية والدبلوماسية، وكذلك تعليق الارتباط والحوار ما عدا الحالات الضرورية.

 

لكن ومع كل ما تقدّم، فإنّه لا يوجد ما يدلّ على أن كلًا من تركيا وإسرائيل تتجهان لتحطيم قواعد اللعبة وصولًا إلى قطع العلاقات الدبلوماسية، فتركيا تعي أنّ قطع العلاقات مع إسرائيل سيجعلها غير قادرة على التأثير في الساحة الفلسطينية، سواء في القدس أو قطاع غزة، وفق مراقبين.

جميع الحقوق محفوظة لمصدر الخبر مصر العربية وتحت مسؤليتة ونرجوا متابعتنا بأستمرار لمعرفة أخر الأخبار علي مدار الساعة مع تحيات موقع موجز نيوز الأخباري

اشترك فى النشرة البريدية لتحصل على اهم الاخبار بمجرد نشرها

تابعنا على مواقع التواصل الاجتماعى