عائلات سعودية تتطلع إلى فتح نافذة للحياة

بجرأة لافتة بدأت بعض الأسر السعودية تقتحم العمل على الرصيف في مجتمع ظلّ حتى وقت قريب متبعاً لتقاليد صارمة تمنع رب الأسرة أو الشاب العمل في مهن بسيطة، كالطبخ أو بيع الشاي والقهوة للمارة.. ففي وقت مضى كانت الزوجة تتفرّغ لتربية أبنائها وفق التقاليد، وممارسة أعمال منزلية كالطبخ، أما اليوم فأصبح رب الأسرة يحمل زوجته وأطفاله للعمل معه على الرصيف لتوفير لقمة العيش.

هذه الصورة الجديدة أثارت في البداية الكثير من الانتقادات في وسط اجتماعي، ومع مرور الأيام صارت مقبولة ومعتادة. ولعلّ هذا ما شجّع الكثيرات على المضي قدماً في اقتحام العمل على الرصيف.

اعترافات مغلفة

يقول عبدالله القحطاني (59 عاماً) والذي يرافق زوجته وأطفاله للعمل بالشارع: "دفعتني ظروفي الصحية بعد أن أصبت بإعاقة وأصبح تقاعدي لا يكفي الحاجة للعمل في بيع الأكلات الشعبية أنا وزوجتي بعد إعدادها في البيت مشيرا أن كفاح زوجته ووقفتها البطولية معه للعمل على توفير لقمة العيش له ولأبنائه الـ 16 شخصاً؛ كان سبباً في استمراره في العمل على الرصيف، رغم مضايقات الفضوليين من المارة.

واعترف القحطاني أنه لا يعرف عن مشاريع الأسر المنتجة أو الدورات التي تعطيها وزارة العمل والشؤون الاجتماعية لدعم الأسر المنتجة أو تشجيعها على العمل مشيرا أن البلدية دوما ما تضايقهم في لقمة العيش بمصادرة البضاعة والطرد من المكان. ولم يوفروا لنا أماكن مناسبة.

وتمنى القحطاني من الجهات المعنية مثل البلدية تشجيعهم ومنحهم تصاريح للعمل وعدم مضايقتهم.

لايعرفون مبادرات دعم الأسر المنتجة.. والبلدية والعمالة الوافدة يضايقونهم

مهنة شاقة لكنها الظروف

المواطن طلال عبدالله القعود (56) عاماً فلا تختلف معاناته عن من يعملوا على الطرقات والأرصفة من أجل توفير لقمة العيش.. ويعترف بأن العمل على الرصيف مهنة شاقة خاصة في ظل عدم التنظيم وعدم منح التصاريح، مؤكداً أنه لم يسمع عن مشاريع دعم الأسر المنتجة، وأن أكثر ما يضايقه هو مشاهدة سيارات البلدية أو الحملات الأمنية.. ويضيف القعود أن العمالة الوافدة تضايق الأسر في لقمة عيشها دون رقيب مشيرا أنه أنشأ خيمة بسيارته للعمل مع زوجته وأطفاله في الأكلات الشعبية، مطالباً بدعم المسؤولين، وإعطائهم تصاريح ودورات للاستمرار في مساعدتهم على توفير لقمة العيش بكرامة.

الراتب لا يسد الحاجة

ويؤكد المواطن زيد الشمري عدم وضوح مشاريع دعم الأسر المنتجة.. زيد يعمل معه زوجته وأطفاله بأحد شوارع ضاحية الثمامة في بيع الشاي والقهوة وبعض المأكولات الشعبية، ويكشف عن حاجته الماسة لدعم الجهات ذات العلاقة وخاصة أمانه مدينة الرياض وأعطائه تصريحا. وقال إنه مستعد لتوفير جميع الشروط الصحية أو أي متطلبات تطلب منه.. وأشار أنه لم يجد سوى الملاحقة وعدم التشجيع.

ويوافقه الرأي المواطن عبدالله الغيلان، وهو متقاعد: أن عدد أفراد أسرته 13، وراتبه التقاعدي لا يتجاوز 2500 ريال، ويتساءل: كيف سيغطي راتبه ومتطلبات الحياة اليوم صعبة.. وذكر أن زوجته وبعض أطفاله يساعدونه للعمل في بيع المأكولات والمشروبات. وقال إذا لم تقف معنا الجهات المختصة وتساعدنا بمنح التصاريح فإن معاناتنا ستزيد ومشاريعنا ستتوقف.

معاناة الأمهات تتفاقم

تؤكد عدد من الأمهات ومنهن أم محمد وأم سامي وأم خالد وأم سعد اللاتي يتراوح عدد أطفالهن ما بين السبعة والعشرة أطفال ممن يمتهن بيع المأكولات الشعبية والشاي والقهوة على الرصيف لسد جوع أطفالهن على حد تعبيرهن، أنهن لا يعرفن شيئا عن مشاريع الأسر المنتجة، مطالبات بإيجاد مواقع وتصاريح تساعدهن على العمل والبعد عن سؤال الناس.

رب أسرة: الظروف الصحية دفعتني وتقاعدي لا يكفي

العمل دون خجل

طرد العيب أصبح سمة يتصف بها الشباب، هذا ما يؤكده الشاب عبدالله المطيري الذي يعمل في بيع البهارات والمعاميل بعد أن تعدها له الأسرة في البيت. قائلا أعمل في البيع لتوفير متطلبات الحياة ولا يوجد عيب في ذلك، لكن ينقصنا التشجيع والدعم من الجهات، خاصة أمانه مدينة الرياض. ويوافقة الرأي الشاب أحمد المرواني، ويقوم ببيع الشاي على الرصيف. مشيرا أن عدم دفع الشركة لرواتبه دفعه للعمل الحر مطالبا بالمزيد من الدعم والتنظيم.

واقع مرير.. وقصة إنسانية

مع تلك المحاولات الشجاعة من هذه الأسر لمواكبة التغيرات الاجتماعية والاقتصادية التي تحيط بنا ووضع هذه الأسر لبصمات مميزة في الساحة الاجتماعية وفرض أنفسهم بقوة إلا أن هذه الفئة لم تصل بعدُ للمكانة التي تستحق لأسباب كشفتها جولة "الرياض"، نذكر منها:

أن هذه الفئة تعيش بعفوية لتوفير لقمة العيش فأكد الكثير ممن التقيناهم أنهم لا يعرفون أي معلومات عن مبادرات دعم الأسر المنتجة، التي تتبناها وزارة العمل والشؤون الاجتماعية ولم تصلهم خدمات البسطات للعمل حتى ولو بأسعار رمزية أو مجانية وأن أصعب ما يعيقهم لتوفير لقمة العيش هو ملاحقة البلدية لهم وملاحقة الحملات الأمنية وهدم مباسطهم ومصادرة بضائعهم وتسليمها للجمعيات الخيرية فيما أعترف البعض منهم أنه يذهب للجمعيات للاستفادة من بضاعته المصادرة دون علمهم أنه كان يمتلكها سواء كانت من المأكل أو من الملابس!

  • هذه الفئة التي أصبحت تبحث عن تحقيق الذات وتغيير الصورة النمطية التي تحتفظ بها الذاكرة عن فكرة العيب أو الفضيحة في العمل المهني، أصبحت الأن تبحث عن تحقيق المزيد من التميز وأصبحت هذه الأسر تحقق ذاتها وتسجل نقاط جديدة في مواجهة التقاليد والأعراف وأصبحت تحتاج منا المزيد من التشجيع والوقوف معهم ومنحهم فرصة العمل الحر وأن نفتح لهم نافذة للحياة، والعيش الكريم.

  • أمانات المناطق مطالبة بمنح هذه الفئات تصاريح للبيع والعمل وعدم التضييق عليهم وتوفير الأماكن المناسبة لهم، وخلق فرص تسويقية.

  • الجمعيات الخيرية والتطوعية والمؤسسات الأهلية والمسؤولين عن برامج دعم الأسر المنتجة مطالبين أيضا بالوصول إليهم ودعمهم وتثقيفهم بحقوقهم ودراسة ما يواجه هذه الفئة من عقبات والعمل على حلها ورجال الأمن في الميدان ممثلة بالحملات الأمنية مطالبة ببذل المزيد من الجهود للحد من مخالفي نظام الإقامة والعمل، ممن يعطلون مشاريع الأسر المنتجة.

image 0

أطفال يمتهنون البيع مع أسرهم على الرصيف

image 0

القحطاني: الإعاقة لم تمنعني من توفير لقمة العيش الكريمة

image 0

القعود: ينقصنا التنظيم ومنح التصاريح

image 0

الغيلاني كيف سيغطي تقاعدي متطلبات الحياة

image 0

المرواني نتمنى المزيد من الدعم

image 0

المطيري لا خجل من طلب المعيشة

image 0

الشمري يتحدث للزميل مناحي الشيباني (عدسة/ نايف الحربي)

جميع الحقوق محفوظة لمصدر الخبر جريدة الرياض وتحت مسؤليتة ونرجوا متابعتنا بأستمرار لمعرفة أخر الأخبار علي مدار الساعة مع تحيات موقع موجز نيوز الأخباري

اشترك فى النشرة البريدية لتحصل على اهم الاخبار بمجرد نشرها

تابعنا على مواقع التواصل الاجتماعى