هل خلقت سياسات البنك المركزي النقدية ركودًا اقتصاديًا؟

هل خلقت سياسات البنك المركزي النقدية ركودًا اقتصاديًا؟
هل خلقت سياسات البنك المركزي النقدية ركودًا اقتصاديًا؟

اعتبر خبراء اقتصاديون أن سياسات البنك المركزي النقدية منذ تحرير سعر صرف الجنيه أمام العملات الأجنبية في نوفمبر الماضي وخصوصا رفع سعر الفائدة 7% خلال 8 شهور، وارتفاع معدل التضخم إلى مستويات تاريخية بلغت 35%،  أدت إلى ضعف الاستثمارات وبالتالي الإنتاج ومن ثم ارتفاع الأسعار والركود الاقتصادي.

 

وجاءت سياسات البنك المركزي السابقة نتيجة طبيعية لبرنامج الإصلاح الاقتصادي الذى تطبقه مصر ووافقت عليه من أجل الحصول على قرض من صندوق النقد الدولي بقيمة 12 مليار دولار على 3 سنوات.

 

برنامج الإصلاح الاقتصادي

بدأت مصر تطبيق البرنامج الاقتصادي المتفق عليه مع الصندوق، العام الماضي، على أن يستمر ثلاث سنوات، تحصل مصر خلالها على قرض بقيمة 12 مليار دولار، يتم تقديمه على دفعات مشروطة بالتزامها بتطبيق الخطوات المتفق عليها في هذا البرنامج.

 

ويستهدف البرنامج، إعادة استقرار الاقتصاد الكلي وتشجيع النمو الشامل، وتهدف السياسات المدعومة من البرنامج تصحيح الاختلالات الخارجية واستعادة التنافسية مع خفض العجز في الموازنة العامة ووضع الدين العام في مسار متراجع، وتعزيز النمو وخلق فرص العمل مع حماية الفئات الضعيفة في المجتمع.

 

وكانت الأولوية التي ركز صندوق النقد عليها في برنامجه الاقتصادي مع الحكومة المصرية، السيطرة على المعدلات المرتفعة للتضخم، حيث أشار الصندوق في تقريره الأخير عن أداء الحكومة المصرية في تطبيق البرنامج الاقتصادي، إلى معدلات التضخم التي تعدت 30%، مؤكدًا أن البنك المركزي اتخذ إجراءات للسيطرة عليه، من خلال رفع معدلات الفائدة لسحب السيولة من السوق، علمًا أن التضخّم وصل لمعدلات قياسية في الشهور السابقة، متجاوزًا نسبة 34% في يوليو الماضي على مستوى البلاد.

 

ووفقا لشروط الصندوق خفضت الحكومة دعم الوقود بنسب تراوحت بين 100% و5.6% في شهير يوليو الماضي مستهدفة تحقيق وفر مقدر بنحو 30 مليار جنيه في الموازنة كما زادت أسعار الكهرباء بنسب في حدود 40% في نفس الشهر.

 

وحدد الاتفاق بين مصر وصندوق النقد سقف الإنفاق على الطاقة بنهاية السنة المالية 2016/2017 بـ62.2 مليار جنيه، وألا يتخطى العجز الأولي في الموازنة 29 مليار جنيه، وحسب مشروع الموازنة العامة للعام المالي 2017 / 2018، تتوقّع الحكومة أن تكون قد أنفقت نحو 100 مليار جنيه دعمًا للطاقة، وأن يكون العجز الأولي نحو 65 مليار جنيه.

 

سياسات البنك المركزي

قام البنك المركزي بتحرير سعر صرف الجنيه، ليرتفع سعر الصرف من 8 جنيهات للدولار إلى نحو 18 جنيهًا، فاقدًا بهذا نحو نصف قيمته منذ نوفمبر الماضي

 

واتبع البنك الاعتماد على السياسة النقدية لمواجهة معدلات التضخم العالية والدين العام والعجز في الموازنة، عبر رفع أسعار الفائدة بهدف معالجة ذاك الخلل، وحسب هذه السياسة أقدم المركزي المصري على رفع أسعار الفائدة بمقدار  7% منذ نوفمبر الماضي، ليصبح سعر فائدة الإيداع لليلة واحدة 18.75%، وسعر فائدة الإقراض لليلة واحدة 19.75%.

 

ويحاول البنك المركزي السيطرة على التضخم السنوي والوصول به إلى مستوى في حدود 13% في الربع الأخير من 2018، بعد وصول التضخم إلى 34% بسبب ارتفاع الأسعار ومدخلات الإنتاج المستوردة جراء تعويم الجنيه، وخفض الدعم على الوقود والكهرباء حيث أدى لارتفاع تكاليف الإنتاج. 

 

برنامج إصلاح نقدي وليس اقتصادي

وفى هذا الصدد، قال أحمد خزيم، الخبير الاقتصادي، إن سياسات البنك المركزي منذ بدء الحكومة في تنفيذ برنامج الإصلاح الاقتصادي العام الماضي أدت إلى ما نحن فيه الآن من ركود تضخمي في الأسواق.

 

وأضاف خزيم، في تصريحات لـ"مصر العربية"، أن ما يسمى ببرنامج الإصلاح الاقتصادي هو برنامج للإصلاح النقدي وليس اقتصاديا، وأبرز دليل على ذلك قرارات البنك المركزي المتتالية برفع سعر الفائدة حتى بلغت الزيادة 7% منذ تحرير سعر صرف الجنية في نوفمبر الماضى.

 

وأوضح الخبير الاقتصادي، أن قرارات المركزي برفع سعر الفائدة أدت إلى زيادة الإدخار وقلة الاستثمار نتيجة خفض طلب المستثمرين على الاقتراض من البنوك بفائدة تصل إلى 19.75%، قائلا "أنا لو مستثمر هحط الفلوس في البنك وآخد الفائدة العالية وأنا قاعد في البيت".

 

وأشار إلى أن خفض الاستثمار يعنى قلة الإنتاج وبالتالي ارتفاع الأسعار ما يؤدى إلى ركود في الأسواق، ولذلك فإن سياسات البنك المركزي النقدية التابعة لبرنامج الإصلاح النقدي وليس الاقتصادي هي السبب فيما نشهده حاليا من ركود في الأسواق وارتفاع في الأسعار.

 

رفع سعر الفائدة

الدكتور على الإدريسي، الخبير الاقتصادي، قال إن سياسات البنك المركزي خلال الفترة الأخيرة وخاصة منذ تعويم الجنيه في نوفمبر الماضى وأهمها رفع أسعار الفائدة، أدت إلى انخفاض الإنتاج بشكل كبير نتيجة تراجع الطلب والقدرة الشرائية للمواطنين.

 

وأضاف الإدريسي، في تصريحات لـ"مصر العربية"، أن هذا التراجع في الطلب على السلع نتيجة ارتفاع معدلات التضخم لمستويات تاريخية أدى إلى ركود اقتصادي، وخاصة بعد مراجعة المستهلكين أولوياتهم قبل شراء أى سلعة فى الوقت الحالي واستغنائهم عن السلع التكميلية .

 

وأوضح الخبير الاقتصادي، أن الدولة يجب أن تكسر حالة الركود الحالية من خلال إتاحة السلع في الأسواق بأسعار مناسبة حتى يستطيع المواطن شرائها، فضلا عن الاهتمام بالصناعة المحلية وإعادة تشغيل المصانع المتوقفة وتشجيع المشروعات الصغيرة والمتوسطة، إضافة إلى زيادة الاستثمارات ووضع المزيد من الحوافز الاستثمارية لجذب الاستثمارات الخارجية لإنشاء المصانع وزيادة الإنتاج والتصدير للخارج ما يؤدي لزيادة العملة الأجنبية وخفض الأسعار المحلية.

 

وقال الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء، إن معدل التضخم السنوي بلغ 33.2% لشهر أغسطس مقارنة بنفس الشهر العام الماضي، وبذلك تراجع معدل التضخم السنوي مقارنة بشهر يوليو الماضي الذي سجل 34.2%.

 

تخفيض الفائدة مستقبلا

فيما قال أشرف إبراهيم، الباحث الاقتصادي، إن رفع أسعار الفائدة من قبل البنك المركزي كان هدفه تشجيع المستثمرين الأجانب على إقراض الحكومة المصرية أو شراء السندات الدولارية، ولكن هذه السياسة أدت إلى "ركود تضخمي" سببه امتناع المستثمرين عن الاستثمار ووضع أموالهم في البنوك لأخذ فائدة عالية عليها.

 

وأضاف إبراهيم، في تصريحات صحفية، أن هذا سيؤدي إلى عدم خلق فرص عمل جديدة وانخفاض في معدل النمو الاقتصادي وتدهور مستمر في الاقتصاد، على حساب تأمين مستلزمات الحكومة من تغطية العجز والدين العام واللحاق بالتضخم العام.

 

وتوقع الباحث الاقتصادي، أن يخفض البنك المركزي سعر الفائدة في اجتماع السياسة النقدية القادم في 16 نوفمبر بواقع 0.5% حتى يعالج مسألة انكماش الاستثمارات والخروج من فخ الركود التضخمي الموجود حاليًا، عقب تثبيته لسعر الفائدة مرتين متتاليتين.

 

و"الرُّكود التضخُّميّ" هو حالة نمو اقتصادي ضعيف وبطالة عالية، أي ركود اقتصادي، يرافقه تضخم، تحدث هذه الحالة عندما لا يكون هناك نمو في الاقتصاد، ولكن يكون هناك ارتفاع في الأسعار.

 

وأوضح إبراهيم، أن تثبيت المركزي أسعار الفائدة في المرة الأخيرة للمرة الثانية على التوالي بعد التثبيت الأخير في أغسطس الماضي، يأتي كنتيجة منطقية بعد أن رفعها في يوليو الماضي بنسبة 2% لكبح جماح معدل التضخم حتى وصلت أسعار الفائدة إلى معدلات قياسية اقتربت من 20% للإقراض.

 

ولفت إلى أن حسابات المركزي كانت غير دقيقة، إذ إن معدلات التضخم استمرت في الارتفاع رغم الرفع المتكرر لسعر الفائدة، لاعتقاده أن معدل التضخم ناجم عن زيادة الطلب بينما هناك محددات أخرى أكثر تأثيرًا من ضغوط ارتفاع الطلب مثل تحرير سعر الصرف وارتفاع أسعار الوقود والكهرباء وضريبة القيمة المضافة، والتي أدت في نهاية المطاف إلى زيادة تكلفة السلع ونقص في العرض.

جميع الحقوق محفوظة لمصدر الخبر مصر العربية وتحت مسؤليتة ونرجوا متابعتنا بأستمرار لمعرفة أخر الأخبار علي مدار الساعة مع تحيات موقع موجز نيوز الأخباري

اشترك فى النشرة البريدية لتحصل على اهم الاخبار بمجرد نشرها

تابعنا على مواقع التواصل الاجتماعى