بعد «تحجيم» بيونج يانج.. القاهرة تطور علاقاتها مع سول ‎

بعد «تحجيم» بيونج يانج.. القاهرة تطور علاقاتها مع سول ‎
بعد «تحجيم» بيونج يانج.. القاهرة تطور علاقاتها مع سول ‎


بعد تلميحات أمريكية أن وقف مساعدات بـ290 مليون دولار لمصر في أغسطس الماضي، بسبب تعاون مع نظام بيونج يانج، بدا اهتمام واضح من القاهرة بتعزيز العلاقات مع سول، خصوصا العسكرية، مقابل توارى العلاقات الوثيقة التقليدية مع بيونج يانج.

وشهد الشهران الماضيان زيارات مصرية لافتة لوزير الدفاع، صدقي صبحي، ووزير الدولة للإنتاج الحربي، محمد العصار، إلى كوريا الجنوبية تكللت بإهداء سول القاهرة فرقاطة بحرية ذات قدرات قتالية عالية، في ما بدا بحسب محللين أنه لإثناء القاهرة عن التمسك بعلاقاتها التاريخية مع كوريا الشمالية.

ومطلع أكتوبر الماضي، أعلنت مصر أنها دمرت أواخر أغسطس الماضي شحنة مقذوفات مضادة للدبابات، كانت قادمة من كوريا الشمالية، قبل مرورها بقناة السويس، شمال شرقي البلاد، بحضور فريق من خبراء لجنة 1718 االدولية لخاصة بعقوبات كوريا الشمالية في مجلس الأمن.

خبراء مصريون اعتبروا أن القاهرة اتجهت نحو سول لـعدة مصالح أهمها تجنب الضغط الأمريكي بالمساعدات السنوية لمصر، فضلًا عن تنويع مصادر التسليح.

وبدأت العلاقات بين القاهرة وسول في عام 1961، حين اتفق البلدان على إقامة علاقات قنصلية بينهما، ثم اتفقا في عام 1995 على جدارة ترقية العلاقات الدبلوماسية بينهما إلى مستوى سفارة، واحتفلا في عام 2015 بالذكرى الـ20 لتأسيس العلاقات الدبلوماسية.

**زيارات متبادلة


وشهد البلدان زيارات متبادلة منذ تولي السيسي منصبه في يونيو 2014 بدأت بزيارة لرئيس وزراء كوريا الجنوبية، يونج هونج وون، في نوفمبر من العام نفسه، تلاها زيارة وزير الشؤون البحرية والثروات السمكية الكوري الجنوبي، يو جي جون، في احتفالات افتتاح قناة السويس الجديدة (شمال شرق) في أغسطس 2015.

غير أن التطور الأهم برز في مارس الماضي، حين زار وفد عسكري كوري جنوبي برئاسة نائب وزير الدفاع، هوانغ إن، القاهرة بحث خلاله نقل وتبادل الخبرات ودعم القدرات القتالية والفنية للقوات المسلحة لكلا البلدين.

وفي الجانب المصري، زار وزير الخارجية سامح شكري، سول في نوفمبر 2015، تلاها زيارة للسيسي في مارس 2016 الأولى لرئيس مصري منذ 17 عامًا بعد زيارة للرئيس الأسبق حسني مبارك في 1999.

**كوريا الشمالية السبب
المحلل المصري مختار غباشي، نائب رئيس المركز العربي للدراسات السياسية والاستراتيجية (غير حكومي مقره القاهرة) قال، للأناضول، إن الصراع الكوري الشمالي لعب دورًا كبيرًا جدًا في تقريب وجهات النظر بين سول والقاهرة.

وأضاف غباشي: "بعد إلغاء الولايات المتحدة الأمريكية جزءًا من مساعداتها لمصر؛ جراء علاقات بين القاهرة وبيونج يانج، اتجهت مصر نحو كوريا الجنوبية كبديل".

وأشار إلى أن تنامي علاقات القاهرة مع كوريا الجنوبية مكسب كبير؛ كنوع من تنويع مصادر السلاح، ساعدت واشنطن على نجاحه بحكم علاقاتها بالبلدين.

وفي 22 أغسطس الماضي، أعلنت أمريكا حجب 290 مليون دولار من المساعدات السنوية التي تقدمها إلى مصر، وألمحت الخارجية الأمريكية في مؤتمر صحفي آنذاك أنه قد "يكون بسبب تعاون القاهرة مع نظام بيونغ يانغ".

وكان البيت الأبيض تحدث قبلها عن اتصال هاتفي أجراه الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، مع الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، تطرق إلى كوريا الشمالية، دون تفاصيل آنذاك.

وفي هذا الصدد، قال عاطف السعداوي، الخبير السياسي في مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية (حكومي)، إن ملف حقوق الإنسان في مصر لم يكن سببًا رئيسيًا لتعليق بعض المساعدات، كما أشاع البعض، وإنما العلاقات العسكرية مع كوريا الشمالية.

وأضاف السعداوي للأناضول، أنه على الرغم من العلاقات القوية مع بيونغ يانغ لكن ضغطًا أمريكيًا قد يحول على استمرارها مستقبلًا، والتوجه نحو جارتها الجنوبية.

**زيادة التعاون العسكري
من جانبه، قال محمد حجازي، مساعد وزير الخارجية المصري الأسبق للشؤون الآسيوية، إن مصر تمتلك علاقة قوية مع كوريا الجنوبية تمتد من الستينيات، وهناك حرص على دعم العلاقات الثنائية بين البلدين.

ويؤكد على ذلك، والحديث لحجازي، زيارة الرئيس السيسي لسول العام الماضي ومن ثم زيارة وزير الدفاع، صدقي صبحي، التي تسهم في دعم التعاون العسكري والأمني مع الجانب الكوري، لما تمتلكه كوريا الجنوبية من خبرات واسعة في المجال العسكري.

ومنذ وصول الرئيس عبد الفتاح السيسي، في يونيو 2014، إلى سدة الحكم، تشهد مصر اهتمامًا غير مسبوق بالتسليح؛ حيث عقدت القوات المسلحة عددًا من الصفقات العسكرية مع عدة دول، بينها روسيا وفرنسا وألمانيا.

في المقابل، اعتبر الخبير الاقتصادي، أحمد العادلي، أن اتجاه مصر نحو كوريا الجنوبية بضغط أمريكي، المقصود منه الصين وليس كوريا الشمالية.

وقال العادلي للأناضول، إن توسيع الصين مساحة نفوذها الاقتصادية لتمتد إلى القارة الإفريقية، وزيادة صادراتها إلى مصر، يدعم المخاوف الأمريكية حيال الامتداد الصيني ما دفعها نحو العمل على تنامي العلاقات بين القاهرة وسول كبديل تجاري عن بكين.

ومنذ عام 2007، أخذ الاستثمار الخارجي المباشر للصين يتصاعد بشكل كبير، حيث لم يكن له وجود يذكر قبل ذلك مقارنة باستثمارات القوى الأخرى، بل إنه فاق عام 2008 استثمارات الولايات المتحدة الأمريكية، فقد استثمرت الصين قرابة 5.7 تريليون دولار، بينما لم تتجاوز الاستثمارات الأمريكية حاجز 4 تريليون دولار، حسب مجلة "إيكونوميست" البريطانية.

وأشار الخبير الاقتصادي، إلى أن سول تمتلك شركات ومصانع متخصصة في الصناعات الإلكترونية، والسيارات والأجهزة الكهربائية، يمكنها أن تسد حاجة القاهرة الاستيرادية، وهو ما تؤكده زيارة وزير الإنتاج الحربي المصري محمد العصار، الأخيرة إلى كوريا الجنوبية.

والتقى العصار خلال زيارته إلى سول منتصف شهر أكتوبر الماضي، مسؤولين في الحكومة الكورية الجنوبية؛ منهم سونغ غونغ، وزير الدفاع الوطني الكوري، وغيون غي غوك" وزير إدارة برنامج مشتريات الدفاع الكورية، ورؤساء شركات كورية متخصصة.

وقالت وزارة الإنتاج الحربي، في بيان عقب الزيارة، إن الزيارة تستهدف "سبل التعاون المشترك في مجالات التصنيع الدفاعية والمدنية، وإمكانية تبادل الخبرات التكنولوجية بين البلدين، من أجل إدخال أحدث أساليب التصنيع الحديثة بما يتواكب مع متطلبات المرحلة الراهنة، وتعزيز فرص التصنيع المشترك المتطورة لدى هذه الشركات لمصانع الإنتاج الحربي المصري".

وبلغ حجم التبادل التجاري بين القاهرة وسول 2.28 مليار دولار خلال العام الماضي، فيما ارتفع حجم التبادل التجاري بين مصر والصين في العام ذاته إلى 10.5 مليار دولار تميل غالبيتها لصالح بكين، بحسب إحصاءات رسمية مصرية. 

جميع الحقوق محفوظة لمصدر الخبر مصر العربية وتحت مسؤليتة ونرجوا متابعتنا بأستمرار لمعرفة أخر الأخبار علي مدار الساعة مع تحيات موقع موجز نيوز الأخباري

اشترك فى النشرة البريدية لتحصل على اهم الاخبار بمجرد نشرها

تابعنا على مواقع التواصل الاجتماعى