بعد تصريحات الوزير.. تحرير سوق الكهرباء في مصر لصالح من؟

صرح وزير الكهرباء والطاقة المتجددة المهندس محمد شاكر، بأن قطاع الكهرباء يعمل في اتجاه تحرير سوق الكهرباء وتعزيز المنافسة في مجال الإنتاج.

 

ولم يوضح شاكر في بيان صادر عن الوزارة الخميس 23 نوفمبر، موعد تحرير سوق الكهرباء، ليكون وفق آليات العرض والطلب والتنافسية.

 

ومطلع العام المالي الجاري، قررت الحكومة المصرية رفع أسعار الكهرباء المنزلي، للمرة الثانية، في غضون نحو عام، بنسب متفاوتة وفق شرائح الاستهلاك، تراوح بين 18 - 42.1 بالمائة.

 

ويبدأ العام المالي في مصر مطلع يوليو حتى نهاية يوني من العام التالي، بحسب قانون الموازنة.

 

وأضاف شاكر وفقا للبيان، أن قطاع الكهرباء المصري تمكن خلال عامين من إضافة قدرات كهربائية تزيد عن 14 ألف ميجاوات، لتأمين التغذية الكهربائية اللازمة لمجابهة الزيادة المطردة في الطلب على الطاقة.

 

ويقدر مشروع الموازنة العامة خلال العام المالي الجاري، قيمة دعم الكهرباء بنحو 30 مليار جنيه (1.70 مليار دولار) مقابل نحو 35 مليار جنيه (1.98 مليار دولار)، في العام المالي السابق.

كانت الحكومة قد أعلنت سابقًا عن خطة لرفع الدعم بحلول عام 2019 لكنها لجأت إلى تأجيلها ثلاث سنوات، حتى عام 2022، بسبب ارتفاع تكلفة استيراد الغاز المسال بعد تعويم الجنيه.

 


واقع الكهرباء في مصر:

على الرغم من أن مشكلة الكهرباء في مصر لم تكن وليدة اللحظة، إلا أن حدتها بدأت تتزايد بشكل كبير في السنوات الأخيرة التالية لثورة 25 يناير لعام 2011، حيث أصبح هناك انقطاع مُتكرر للكهرباء على كافة أنحاء الجمهورية وسط ارتفاع غير مسبوق في معدلات استهلاك الكهرباء في ضوء زيادة المؤسسات والأنشطة غير الرسمية التي تحصل على الكهرباء بطرق غير شرعية الأمر الذي يُزيد من عبء الاستهلاك دون أن يكون هناك زيادة مماثلة في معدلات الإنتاج المحلية لمواجهة تلك الزيادة.

 

ويوضح الرسم البيانى التالى كميات الكهرباء المولدة والمستخدمة خلال شهر مارس 2017، وأيضًا أسعار الشرائح، وفقا لما ورد بالنشرة المعلوماتية لشهر يوليو 2017، والصادرة عن الجهاز المركزى للتعبئة العامة والإحصاء.





الضبعة وإنتاج الطاقة:

تستعد مصر لبناء 4 مفاعلات نووية بمنطقة الضبعة، حيث من المقرر أن تكون قوة كل مفاعل 1200 ميجاوات من الطاقة، أى أن القيمة الكلية للطاقة تبلغ 4800 ميجاوات.

 

ومن المقرر تسليم المفاعل الأول لمصر من الجانب الروسى فى منطقة الضبعة بالقرب من البحر المتوسط بحلول عام 2022.

 

ويكلف بناء المفاعل الواحد 5 مليارات دولار، وتبلغ القيمة الكلية للمشروع من 20 إلى 25 مليار دولار، وتبنى روسيا لمصر المفاعل النووى من الجيل الثالث الذى يقاوم خطأ المشغل "العامل البشرى"، كما أنها تنتمى إلى نوعية المفاعلات "فى فى إيه آر 1200".

 

وستحقق هذه المفاعلات النووية لمصر عائدا اقتصاديا يتخطى 200 مليار دولار، بالإضافة إلى وجود محطة تحلية لمياه البحر الأبيض المتوسط، للتغلب على أزمة المياه.

هل مصر مستعدة لتحرير سعر الكهرباء:

فور تصريحات الوزير طرحت أسئلة عديدة على الساحة الاقتصادية حول المستفيد من تحرير قطاع الكهرباء في مصر، فمن سيدير القطاع؟ من سيشرف عليه؟ من سيقدم الخدمة؟ الحكومة أم الشركات الخاصة، وذلك وسط ارتفاع متزايد في فواتير الكهرباء في ظل تواضع إمكانيات مصر من مصادر الطاقة في الفترة الحالية.

 

يؤكد الرئيس عبد الفتاح السيسي على أن سياسة تحرير قطاع الكهرباء لتشجيع استثمارات القطاع الخاص في كل من الطاقة التقليدية والمتجددة، تأتي في قمة الأولويات الاقتصادية للحكومة.
 

وتحرير قطاع الكهرباء في مصر يُعني تحول الحكومة إلى دور المُشرف والمُنظم فقط دون أن تُصبح مُقدم للخدمة أو منتج لها كما كان يحدث في السابق، بينما مسؤولية توليد الطاقة وتوزيعها سيتحول إلى القطاع الخاص.

 

وبالفعل أصدر الرئيس قرارا بقانون رقم 87 لسنة 2015 بشأن تنظيم خدمات ومرفق الكهرباء على مستوى الجمهورية، والذي يسمح بمشاركة القطاع الخاص في إنتاج الكهرباء ورفع كفاءة الأداء ومستوى الخدمة المقدمة من الشركات العاملة في مجال إنتاج وبيع الكهرباء من خلال المنافسة الحرة المشروعة، وتهيئة المناخ الملائم لجذب الاستثمارات إلى قطاع الكهرباء لمواكبة معدلات النمو في الطلب على الطاقة الكهربائية، والالتزام بمفاهيم الشفافية ومنع الاحتكار وعدم التمييز.

 

ورغم أهمية تحرير قطاع الكهرباء في مصر الذي من شأنه أن يُتيح للمستثمرين من القطاع الخاص المحلي والأجنبي فُرصة المشاركة في إنتاج وتوليد وتوزيع الكهرباء الأمر الذي ينتج عنه كفاءة أكبر في خدمات الكهرباء المُقدمة للجمهور مع تعدد مُقدمي الخدمة. ومن المعروف اقتصاديا، أنه كلما سادت المنافسة الكاملة، دونما احتكار، في سوق سلعة أو خدمة مُعينة كلما أدى ذلك إلى انخفاض أسعار السلعة أو الخدمة المُقدمة.

 

لكن في مصر يختلف الأمر كثيرا، فقبل أن تلجأ الحكومة لإصدار قانون تحرير الكهرباء قامت برفع الأسعار مُعلنة أن القطاع يخسر كثيرا بل وسينهار إذا لم يتم رفع الأسعار، وبالطبع ارتفعت الأسعار بصورة أصبح يُعاني منها المواطن محدود ومتوسط الدخل.

 

ولجوء مصر إلى تحرير قطاع الكهرباء، أمر جيد في حال سادت المنافسة الكاملة مع إحكام الرقابة من جانب الدولة، لكن ما اعتادت عليه الأسواق هو غياب الرقابة والإشراف والشفافية داخل الأسواق وبالتالي يكون هناك احتكار شبه ضمني بين مُقدمي الخدمة أو مُنتجي السلعة وبالتالي لا تسود الأسعار التنافسية في الأسواق بل يتم الاتفاق على أسعار عادةً ما تكون مرتفعة كثيرا عن الأسعار الحقيقية، وبالتالي يقع الغلاء على عاتق المواطن المصري.

 

وفي الوقت الذي ترتفع فيه أسعار الكهرباء على المواطن، توجد شريحة بعينها تستفيد مجانا من «سرقة الكهرباء»، وبالتالي يتم تحميل الفاقد من الكهرباء على فواتير المواطنين ليدفعوا ثمن استهلاكهم بالإضافة إلى استهلاك الغير، وإذا امتنعوا عن الدفع أو تأخر السداد يتم قطع التيار عنهم، فضلا عن القطع العمومي لتخفيف الأحمال. وبالتالي في الوقت الحالي هناك زيادة غير مبررة للرسوم والدمغات التي يدفعها المواطن، فحتى نهاية عام 2014 كانت الرسوم المُقدرة نحو 6 قروش فقط، والآن ارتفعت الرسوم لتتجاوز الـ 25 جنيها.

 

لذلك فسياسة تحرير الكهرباء في حد ذاتها هي من السياسات المُهمة لأي اقتصاد يسعى إلى العالمية، لكن مع توافر الضمانات الأساسية لأن يكون السوق تنافسيا بشكل يضمن تقديم الخدمة بأعلى كفاءة ممكنة وأقل تكلفة والتي تنعكس بدورها على تقديم الخدمة بأسعارها الحقيقة التي تُصبح في متناول الجميع.

جميع الحقوق محفوظة لمصدر الخبر مصر العربية وتحت مسؤليتة ونرجوا متابعتنا بأستمرار لمعرفة أخر الأخبار علي مدار الساعة مع تحيات موقع موجز نيوز الأخباري

اشترك فى النشرة البريدية لتحصل على اهم الاخبار بمجرد نشرها

تابعنا على مواقع التواصل الاجتماعى