[real_title] أثارت تصريحات مسئولي غرفة التعدين باستيراد مصر منتجات ملح "كلوريد صوديوم" بـ3.7 مليار دولار خلال 3 أعوام استياء وغضب الأوساط الاقتصادية والسياسية المصرية، فى ظل امتلاك مصر البحر الأحمر والبحر الأبيض المتوسط وعدد من البحيرات. مسئولو غرفة التعدين قالوا إن ما تم استيراده منتجات ومشتقات تدخل فى صناعة الملح وتستخدم فى صناعات كيماوية وطبية وزراعية بسبب عدم توافرها فى مصر، نتيجة عدم تحقيق القيمة المضافة من الملح الخام المصري وتصديره دون استفادة. ويدخل الملح في أكثر من 14 ألف صناعة، 39% منها صناعات كيماوية كالصودا الكاوية والمنظفات والصناعات الجلدية، بخلاف استخدامها في الطب والتغذية والزراعة، واستخدام الملح فى الطعام لا يساوى 3% من صناعة الملح. وتنتج مصر من الملح نحو 3.4 مليون طن سنويا، وبذلك تحتل المرتبة الـ 16 بين 62 دولة منتجة للملح فى العالم، وتسهم شركتا النصر، والمكس للملاحات المملوكتان للدولة واللتان تأسستا فى بداية القرن ال18 ب80% من إجمالى الإنتاج. وتعمل الأولى من خلال ملاحتين فى العريش وبرج العرببالإسكندرية، والثانية فى بورسعيد والمكس فى الإسكندرية، ونسبة الـ 20% المتبقية تنتجها 7 شركات من القطاع الخاص، ويتم تصدير نحو 70% من الإنتاج المحلى. وتنتج مصر 2% من الإنتاج العالمي لملح كلوريد الصوديوم بنحو 4.8 مليون طن، في حين أن الإنتاج العالمي يصل إلى 255 مليون طن، وترتيبنا 13 عالميا وتحتل الصين والولايات المتحدة الصدارة. القيمة المضافة فى هذا الصدد، قال الدكتور تامر أبو بكر، رئيس غرفة التعدين باتحاد الصناعات المصرية، إن صناعة الملح أو الذهب الأبيض إحدى الصناعات الهامة التي من الممكن أن تساهم بدور مهم فى الاقتصاد المصري. وأضاف أبوبكر، لـ"مصر العربية"، أن موقع مصر بين البحرين الأحمر والمتوسط يميزها جدا فى تلك الصناعة، ويجعلها صالحة لأن تكون دولة مصدرة للمنتج، مشيرا إلى أن الملح يدخل في 14 ألف منتج صناعي نهائي ونصف نهائي، الأمر الذي يعكس قيمة المنتج وضرورة تذليل العقبات أمام صناعته وتجارته وتصديره. ولفت إلى أن ملح الطعام "كلوريد الصوديوم" يمثل 3٪ فقط من صناعة الملح ككل. وحول حجم الاستيراد من الخارج، أوضح رئيس غرفة التعدين، "أننا لم نستورد ملح طعام، ولكننا استوردنا منتجات ومشتقات تدخل فى صناعة الملح بـ3.7 مليار دولار خلال 3 سنوات، ونحن نمتلك فائضا فى الملح الخام ونصدره للخارج، ولكننا لا نصنع الملح بنسبة 100% بمكونات مصرية". وتابع: "استخدام الملح فى الطعام لا يساوى 3% من صناعة الملح والباقي يدخل فى صناعات كيماوية مثل البويات واللدائن.. ملح الطعام المصري على أعلى مستوى، ولكن المنتجات الصناعية والنصف مصنعة والتى يدخل الملح كجزء فى تكوينها لا تصنع فى مصر بشكل كامل وهى ما نستوردها مثل الصودا الكاوية، الكلور، كربونات الصوديوم الذى يستخدم فى صناعة الزجاج والصابون، وبتروكيماويات تدخل فى صناعات الحديد والصلب والخزف وتغذية المواشي والمبيدات الحشرية، وتأتى إلينا فى شكل منتج نهائي". وأشار أبوبكر إلى أنه تم وضع خطة لزيادة كميات الملح المنتجة فى مصر من البحيرات والبحار واستغلالها بشكل أفضل للحصول على قيمة مضافة منها تعمل على تخفيض الاستيراد، قائلا "لو خدنا الملح الخام وحصلنا منه على قيمة مضافة من خلال عمليات تصنيع مرحلية يخرج منها فى النهاية منتج تام الصنع أو نصف مصنع هنقدر نخفض الاستيراد، ولكن تطبيق هذا الكلام يحتاج إلى وجود سوق لاستيعاب هذه المنتجات ونحن ندرس ذلك حاليا مع الحكومة لتعظيم الفائدة من المادة الخام". وأكد أن تعظيم الاستفادة من صناعة الملح بدلا من تصديره خام سوف يضاعف سعره عالميا، فبدلا من تصديره حاليا بـ10 دولارات للطن سيكون بـ100 دولار. معوقات وتحديات عبداللطيف الكردي، وكيل غرفة التعدين، قال إن واردات مصر من منتجات ومشتقات الملح وصلت إلى 3.7 مليار دولار خلال أعوام 2014 و2015 و2016، مشيرا إلى أن مصر بوسعها تصدير الملح بدلا من استيراده في ظل امتلاكها لثروات كبيرة منه. وأضاف الكردي، لـ"مصر العربية"، أن الملح يدخل في أكثر من 14 ألف صناعة، 39% منها صناعات كيماوية كالصودا الكاوية والمنظفات والصناعات الجلدية، بخلاف استخدامها في الطب والتغذية والزراعة، مشيرا إلى أن ثروة مصر من الملح أكبر من ثرواتها البترولية، لكن سوء التعامل مع الصناعة يهدرها. ولفت وكيل غرفة التعدين، إلى أن مصر تنتج 2% من الإنتاج العالمي لملح كلوريد الصوديوم بنحو 4.8 مليون طن، في حين أن الإنتاج العالمي يصل إلى 255 مليون طن، موضحا أن ترتيبنا وصل للمستوى 13 بالقائمة التي تعتليها الصين والولايات المتحدة، وينتجان حوالي ثلث إنتاج العالم، موضحا أنه يمكن لمصر أن تتصدر المنطقة العربية والشرق الأوسط، وتحتل المركز الرابع أو الخامس على مستوى العالم في إنتاج الملح. وأضاف الكردي، أن الملح ينتج بـ3 طرق حول العالم، تستخدم مصر منها اثنتان فقط، أولهما التبخير الشمسي عن طريق إقامة ملاحات على الشواطئ كملاحات المكس وغيرها، وثانيهما الفاكيوم تحت الضغط المخلخل، وأخيرا طريقة الإنتاج غير المستخدمة في مصر وهي المناجم عن طريق استخراجه من بعض الطبقات الجيولوجية. ويرى نائب غرفة التعدين باتحاد الصناعات، أن المعوقات والتحديات التي تواجه صناعة الملح بمصر تتمثل في تأخر إصدار موافقة وزارة الصحة للإفراج عن شحنات الملح المصدرة للخارج ما يتسبب في تعطيل التصدير، وانتشار المنتجات الرديئة والمقلدة، وفرض الضرائب العقارية على أراضي الملاحات. وتتمثل مواقع إنتاج كلوريد الصوديوم بمصر في البحر الأبيض المتوسط، والبحر الأحمر، والبحيرات الداخلية، بالإضافة إلى منخفض القطارة وسيوة، مشيرا إلى أن الأخيرتان بهما كميات تقدر بمليارات الأطنان. كارثة قومية من جانبها، تقدمت النائبة أنيسة حسونة، عضو مجلس النواب، ببيان عاجل عقب إعلان استيراد مصر منتجات ملح بـ3.7 مليار دولار. وقالت حسونة، إن هذه كارثة قومية نتاج إهمال تحديث وصيانة لشركات الملاحة، فشركة الملاحات وهي كبري الشركات في الشرق الأوسط تحتاج إلي تحديث، ومصر تمتلك كبري شركات الملاحات بالشرق الأوسط مثل ملاحة المكس بالإسكندرية وملاحة بورسعيد وملاحة سبيكة بشمال سيناء. وأوضحت عضو مجلس النواب، أن ملاحة المكس من أكبر الملاحات بالعالم العربي، ويستحيل عمل أي مشروع توسعي بها للامتداد العمراني الذي أحاط بها من كل جانب، أما ملاحة سبيكة بشمال سيناء فتنتج نوعية ملح ممتازة جدا تقدر بحوالي مليون طن سنويا ولكن يعيبها بُعد المسافة وتكلفة النقل من شمال سيناء للدلتا والاسكندرية. كما أن شركات قطاع الأعمال العام تستحوذ على 75% من إنتاج الملح بمصر، وإقبال القطاع الخاص للاستثمار في صناعة الملح ضعيف للغاية فمن يغامر بدفع حوالي 300 مليون جنيه تكلفة إنشاء ملاحة يبدأ انتاجها بعد خمس أو ست سنوات. وأكملت حسونة، مصر كانت قبل سنتين تصدر أكثر من 800 ألف طن تقريبا في حدود 10 دولارات للطن وهذه مهزلة شديدة، وإذا أنشأت الدولة الملاحات الشمسية ستبيع الطن بمائة دولار.، مشيرة إلى أن أمريكا وأوروبا تعتمد بشكل كبير علي الملح المصري في إزالة الثلوج، وهذا يستلزم إنتاج ملح تتم معالجته صناعيا إلي درجة النقاء المطلوبة غذائيا وصناعيا فمازالت مصانع الألبان تستورد ملحا من الخارج من أجل درجة جودته العالية، والمصانع بدمياط تستخدم الملح السييء في إنتاج الجبن الأبيض. وحذرت من أنه إذا لم يتم البدء في إنشاء مصانع ملح جديدة، وتحديث شركات الملاحة الحالية فسنكون علي أبواب أزمة للصناعات الكيميائية والغذائية لأن فتح باب الاستيراد للملح أكثر من ذلك يعد كارثة قومية، الأمر الذي له انعكاسات خطيرة علي الاقتصاد القومي.