اخبار السياسه فشلت القمة ونجحت موريتانيا

جاءت القمة العربية السابعة والعشرون التى عقدت فى نواكشوط عاصمة موريتانيا دون شغف، اعتذارات بالجملة من نصف رؤساء الدول دون سبب واضح وغياب زعماء بارزين إلا من اعتذر كمصر بسبب تواتر معلومات استخباراتية عن محاولة اغتيال خطرة تحاك للرئيس عبدالفتاح السيسى فضلاً عن اعتذار الرئيس الفلسطينى محمود عباس حداداً على وفاة شقيقه، ثم انسحاب أمير قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثان قبيل إلقاء كلمته بدقائق دون أسباب واضحة قيل بعدها احتجاجاً على عدم استقبال الرئيس الموريتانى محمد بن ولد عبدالعزيز له، أما كلمات رؤساء الدول السبع الذين حضروا فقد كانت باهتة مكررة لا تحمل جديداً حول القضية المحورية وهى القضية الفلسطينية والصراع الدائر فى المنطقة العربية، سوريا والعراق وليبيا واليمن، كلمات تخلو من حماس اللحظة وخطورة الوضع العربى الذى بات على صفيح ملتهب بالخلافات والاضطرابات، عكست فى مضمونها الهوة السحيقة بين المشاركين.

لكن يظل لغياب الرئيس الفلسطينى محمود عباس أثر واضح، فهى المرة الأولى التى يغيب فيها الممثل الأعلى للقضية الفلسطينية المحورية منذ القمة العربية الأولى التى انعقدت عام 1964، وبغيابه عن هذه القمة فهذا يعنى غياب الزخم والاهتمام بها، فى ظل ظروف حرجة وانقسام عصف بالفلسطينيين وانسداد أفق المفاوضات مع إسرائيل.

قمة موريتانيا التى كانت ليومين واختصرت ليوم واحد تنبأ لها بالفشل لغياب أكبر قوى مؤثرة كمصر والسعودية، بعد أن كان التعويل على روح عربية جديدة تجسر هوة الخلافات التى تعصف بالمنطقة، ربما لم يرق للبعض مكان انعقادها كالرئاسة اللبنانية، فقد آثر رئيسها الشكلى الإقامة فى الرباط عملاً بنصيحة أطبائه! فهذا البلد الفقير الذى يعانى من نضوب الموارد ولا يتمتع بالنفط والذهب لا يليق بالبعض رغم أن موريتانيا الفقيرة بمواردها رفيعة فى كرامتها وكبريائها وعروبتها ووطنيتها وعزة نفسها، ولا يُنسى للشعب الموريتانى أنه طرد السفير الإسرائيلى من بلاده وأغلق سفارته فى وقت بدأ فيه تهافت عربى وسعى نحو التطبيع، ورغم أن القمة السابقة التى عقدت فى القاهرة وضعت خطة تهدف إلى إنشاء قوة عسكرية عربية مشتركة تتصدى للإرهاب وتغلغل النفوذ الإيرانى فى المنطقة، غير أن هذه الخطة لم تأخذ حقها فى النقاش وتعثرت بسبب الانقسامات وتضارب المصالح بين الدول العربية.

موريتانيا ذلك البلد الفقير فى الموارد والإمكانيات بذلت جهداً كبيراً استعداداً لاستضافة مؤتمر القمة، وتحلت بقدر من الجرأة والشجاعة حين قررت تجاوز الاختبار الصعب بعدم التنازل عن حقها فى استضافة أعمالها، فقد أضفى عليها تميزاً سياسياً كانت فى انتظاره كدولة منسية وراهنت على نجاحه بعد اعتذار المغرب عن استضافتها فى نهاية فبراير الماضى لأسباب من أهمها غياب الظروف المواتية للخروج بنتائج تلبى طموحات الشعوب العربية وقادتها ويبدو أن توقعات المسئولين المغاربة قد تحققت.

لقد تغير وجه مدينة نواكشوط التى باتت للمرة الأولى تحتضن أول قمة عربية وأعظم حدث تعيشه العاصمة منذ تأسيسها فى خمسينات القرن الماضى، وكانت نشوة الحماس لاحتضان حدث فى تاريخ البلد هو الأهم، رغم الشعور بصعوبة المهمة التى تقف على تحديات كثيرة فى طريق نجاحها وأهمها الوضع الأمنى والبنية التحتية وغياب التجربة فى تنظيم ملتقيات بهذا المستوى، وهذا العدد من الضيوف كيفاً وكماً، ورغم أن القمة حكم عليها بالفشل حتى قبل أن تبدأ، وخرجت خالية الوفاض من أى قرارات عربية حقيقية وحازمة بخصوص المآسى التى تتخبط فيها الأمة العربية حالياً من فلسطين إلى سوريا والعراق مروراً باليمن وليبيا، إلا أنها نجحت على الأقل فى وضع حد لمشاكل مستعصية كان يعانى منها الموريتانيون منذ إنشاء الدولة الموريتانية، إذ تحولت مدينة نواكشوط خلال الأسابيع الأخيرة التى سبقت القمة إلى خلية نحل، فأغلب الشوارع رصفت من جديد وزينت بأعمدة الإنارة الليلية التى طالما افتقدها المواطن وطالب بتوفيرها، ليكون انعقاد القمة سبباً فى تلبية احتياجات سكان نواكشوط بعد طول انتظار، فضلاً عن تدشين مطار نواكشوط الدولى الجديد وحصول السلطات الموريتانية من بعض الدول العربية الخليجية خاصة على دعم سخى، فسُيرت جسور جوية بين نواكشوط ومختلف العواصم الخليجية بطائرات شحن محملة بالعشرات من السيارات الحديثة تساعد فى عملية تنقل الوفود طيلة أيام القمة، صحيح أن القمة فشلت بسبب غياب الإرادة العربية الحقيقية كالعادة، لكن موريتانيا كسبت معنوياً ولوجستياً ونجحت فى التحدى.

جميع الحقوق محفوظة لمصدر الخبر الوطن وتحت مسؤليتة ونرجوا متابعتنا بأستمرار لمعرفة أخر الأخبار علي مدار الساعة مع تحيات موقع موجز نيوز الأخباري

اشترك فى النشرة البريدية لتحصل على اهم الاخبار بمجرد نشرها

تابعنا على مواقع التواصل الاجتماعى

السابق اخبار السياسه «مدبولي»: دعمنا رواد الأعمال في مجال التكنولوجيا المالية من خلال عدة برامج
التالى اخبار السياسه قلق في واشنطن من صدام دبلوماسي محتمل بين روسيا وأمريكا