اخبار السياسه فلسفة الديمقراطية (1 - 2)

الديمقراطية فلسفة وقيمة إنسانية راقية، فهى من ناحية شكل من أشكال الحكم مقابل أشكال أخرى، منها الثيوقراطية أو الدينية التى تعنى حكم رجال الدين، ومنها العسكرية التى تعنى حكم جنرالات الجيش، وهناك أشكال أخرى أفرزتها تجارب الشعوب على مر التاريخ. تنفرد الديمقراطية من بين الأشكال المختلفة للحكم بأنها النظام الذى يقوم على المواطن، حقوقه وحرياته، لذلك فإن التعريف الشائع للديمقراطية هى أنها «حكم الشعب نفسه بنفسه ولنفسه»، هذا التعريف المبسط لشكل الحكم الديمقراطى يقول إن الشعب هو مصدر السلطات، هو مصدر السيادة، هو الذى يحكم (عبر التفويض، أى اختيار الحكام)، وهو وحده صاحب الحق فى التجديد لهم (لحدود معينة، عادة دورتا حكم) وله وحده سحب التفويض أو استرداد التكليف. تنفرد الديمقراطية عن غيرها من أشكال الحكم بكونها شكلاً من أشكال الحكم لا يقف بمفرده، بل يستند إلى منظومة من القيم الإنسانية، مثل المساواة، الحرية والعدل، فالديمقراطية فى ذاتها شكل من أشكال الحكم، وهى عبارة عن مجموعة إجراءات (تعدد الأحزاب، صوت واحد لكل مواطن، الانتخابات الحرة النزيهة، دورية الانتخابات، تداول السلطة) لا تستقيم دون مصاحبة القيم الإنسانية، ولا يمكن اختزال الديمقراطية فى مجموعة إجراءات، كالانتخابات الحرة مثلاً، فقد تجرى نظم حكم انتخابات دورية، وقد تكون نزيهة دون أن يعنى ذلك أن نظام الحكم ديمقراطى، كما أن هذه الانتخابات الحرة لا تفرز بالضرورة حكاماً ديمقراطيين أو يحترمون الديمقراطية، بالعكس هناك تجارب فى التاريخ أفرزت الانتخابات الحرة فيها حكاماً مستبدين سرعان ما ألغوا الديمقراطية، وانتهكوا حقوق المواطن، ومنهم من جاء بالديمقراطية وأشعل حرباً كونية (هتلر جاء بالديمقراطية، وأشعل الحرب العالمية الثانية التى راح ضحيتها أكثر من خمسين مليون إنسان، و«مرسى» جاء بانتخابات مثيرة للجدل وكان فى طريقه لإلغاء التجربة) من هنا نؤكد أن الانتخابات الحرة النزيهة شرط لازم لاكتمال الديمقراطية، لكنها ليست شرطاً كافياً، فوجودها ضرورى لاكتمال الديمقراطية، ولكن وجودها فى ذاته لا يعنى بالضرورة أن النظام ديمقراطى، فلا بد من توافر القيم الإنسانية الأخرى المصاحبة للديمقراطية كالحرية والمساواة والعدل.

أفرزت خبرات البشر أشكالاً مختلفة من الديمقراطية، ووضع كل مجتمع بصمته على النسخة المشتركة، فالإنجليز أنتجوا الملكية البرلمانية، والأمريكان أنتجوا النظام الرئاسى، والفرنسيون اختاروا النظام المختلط. اتفقوا فى الجوهر (جوهر الديمقراطية) ونوّعوا فى الشكل حسب ظروف وطبيعة كل مجتمع من المجتمعات. على سبيل المثال تحددت دورات رئيس الجمهورية فى النظم الرئاسية بدورتين، بمتوسط ما بين أربع إلى خمس سنوات للدورة، لكن المكسيك اختارت أن يبقى الرئيس لدورة واحدة فقط، ولمدة ست سنوات.

الديمقراطية هى إذن شكل من أشكال الحكم فرضته تطورات الحياة، توصل إليها العقل البشرى من أجل تنظيم العلاقة بين السلطات فى الدولة، هى شكل من أشكال الحكم ابتدعه الفلاسفة وعلماء السياسة وتحديداً المتخصص منهم فى نظم الحكم من أجل ضمان حقوق المواطن وتحصينه فى مواجهة سلطات الدولة التى تنفرد بامتلاك واستخدام أدوات القهر. فى البداية كانت ديمقراطية مباشرة، فى زمان دولة المدنية اليونانية كان عدد المواطنين الرجال الأحرار محدوداً للغاية، ومن ثم كانوا يجتمعون فى الساحة للتداول فى شئونهم الخاصة وشئون بلدهم، يتفقون على ما يريدون من قواعد الحياة فى المجتمع، يتداولون فى شئون أمن مدينتهم وعلاقاتها الخارجية، باختصار كان اجتماعهم فى الساحة عبارة عن مجلس نواب أو برلمان يشرع ويقرر ويصدر القوانين. زاد عدد الرجال الأحرار الذين يتمتعون بصفة المواطن، ولم يعد ممكناً عقد الاجتماعات التى يحضرها كل المواطنين الأحرار، ليقرروا شئون مدينتهم أو بلدهم، هنا ابتدع العقل البشرى الديمقراطية النيابية أو التمثيلية، وهى باختصار تعنى اختيار عدد من المواطنين، لتمثيل كافة المواطنين، أى يتم اختيار عدد مناسب من بين المواطنين، وتنوعت هنا السبل والطرق التى اتبعت لتحديد طريقة الاختيار، والمشترك بينها جميعاً هو اختيار نائب واحد عن عدد معين حسب عدد السكان الذين لهم حق الاختيار، لا سيما بعد أن اتسعت القاعدة بتزايد عدد السكان من ناحية واتساع شرائح المجتمع التى بات لها حق التصويت (المرأة، والشرائح الاجتماعية الأدنى) فمثلاً كان هناك نائب واحد لكل ألف مواطن، ثم تزايد العدد ليصل فى بعض البلاد إلى نائب واحد عن مليون مواطن، وفى مصر اليوم يمثل نائب مجلس الشعب حوالى مائة ألف ناخب.

جميع الحقوق محفوظة لمصدر الخبر الوطن وتحت مسؤليتة ونرجوا متابعتنا بأستمرار لمعرفة أخر الأخبار علي مدار الساعة مع تحيات موقع موجز نيوز الأخباري

اشترك فى النشرة البريدية لتحصل على اهم الاخبار بمجرد نشرها

تابعنا على مواقع التواصل الاجتماعى