اخبار السياسه مرحلة البناء والإنتاج

يعترض البعض على حزمة القرارات الأخيرة، من تعويم للعملة المحلية إلى خفض دعم الوقود، على أساس أن ذلك سوف يضر بالفقراء ويطحن الفئات الضعيفة فى المجتمع. وهى اعتراضات ليست فى محلها لأسباب عديدة، أولها أن الفئات الضعيفة فى المجتمع لن تكون أكثر الفئات تضرراً من مثل هذه القرارات، فشرائح الطبقة الوسطى ستتضرر أكثر، كما أن للدولة بدائل عديدة لتعويض الفئات الضعيفة فى المجتمع من ناحية ومساندة شرائح الطبقة الوسطى من ناحية ثانية، وثانيها أن الدولة المصرية باتت منهكة تماماً نتيجة سياسة الدعم العينى المنتهجة منذ أكثر من ستة عقود، والتى لم تعد تتبعها أى دولة ترغب فى النمو والتطور اليوم. سياسة الدعم العينى خلّفت مجموعة من الظواهر السلبية التى دفعت مصر لتستقر فى قاع قائمة الدول المتقدمة والمتطورة على أى مقياس من مقاييس التطور، والتنمية، والنزاهة والشفافية، فقد أدت سياسة الدعم العينى مع سياسة التوظيف الحكومى إلى حالة من الاتكالية الشعبية على الدولة، وتضخم الجهاز الإدارى للدولة، وزيادة سطوة البيروقراطية وانتشار الفساد فى الجهاز الإدارى للدولة، وعرقلة الاستثمار واستنزاف الدخل القومى. وجاءت ثورة الخامس والعشرين من يناير لتكشف موقف الدولة المصرية تماماً، واستطاعت مصر عبور السنوات الخمس العجاف من ٢٠١١ إلى ٢٠١٥ بفضل المساعدات الخليجية، السعودية والإماراتية، وهو أمر ما كان له أن يستمر لأسباب مزدوجة، فلا دول الخليج لديها من الوفرة المالية اليوم ما يمكّنها من مساعدة دولة بحجم مصر مساعدة تذهب إلى الفم مباشرة، فلا استثمار ولا تنمية، ولا مصر كدولة يمكنها أن تعيش على المساعدات الخارجية، فقد قدمت دول الخليج، وعلى رأسها السعودية والإمارات، لمصر مساعدات ضخمة مكّنتها من الصمود وتلبية الاحتياجات الأساسية لمواطنيها وإعادة دعم مؤسسات الدولة المصرية، ولا يمكن لدولة بحجم ووزن مصر وثقلها التاريخى ومؤهلات شعبها أن تستمر فى الاعتماد على مساعدات الأشقاء فى تلبية الاحتياجات الأساسية، بل لا بد من موقف وطنى من المصريين خلف دولتهم لتبدأ مرحلة من مراحل استنهاض الروح الوطنية المصرية التى سبق استنهاضها فى مواجهة العدوان الثلاثى عام ١٩٥٦ ثم حرب الاستنزاف وأخيراً حرب أكتوبر ١٩٧٣، خلال هذه المراحل تحمّل أباؤنا وأجدادنا الكثير، عملوا بكل جد واجتهاد، أنتجوا وأخلصوا لمصر، فصنعت المستحيل. اليوم تتعرض مصر لموقف مشابه للمواقف التى مرت بها بلدان عظيمة مثل ألمانيا بعد الحرب العالمية الثانية، وكوريا الجنوبية فى بداية ستينيات القرن الماضى والبرازيل فى مطلع الألفية الثالثة، توافر لكل دولة من هذه الدول قائد اتسم بالصدق والشجاعة، اتخذ قرارات مؤلمة، طالب شعبه بالتحمل، وتحمل معه سنوات معدودات، وكانت النتيجة قفزات نوعية ضخمة جعلت من ألمانيا صاحبة أكبر اقتصاد فى أوروبا ورابع أكبر اقتصاد فى العالم، وجعلت من كوريا الجنوبية دولة متقدمة ضمن دول العالم الأول وباتت صاحبة المرتبة الثانية عشرة على مستوى العالم اقتصادياً، أما البرازيل التى رفض صندوق النقد الدولى إقراضها عام ٢٠٠٢ بسبب شكه فى قدرة اقتصادها على السداد، فقد تمكنت فى سنوات لولا دا سيلفا الثمانى من مغادرة العالم الثالث وقفزت من العالم الثانى لتقف على مقربة من العالم الأول وتصبح فى نهاية فترة لولا دا سيلفا الثانية دائنة للصندوق بأربعة عشر مليار دولار.

لا مفر من القرارات المؤلمة، ولا مفر من تحملنا لثمن الإصلاح والتغيير لأننا نريد مصر دولة قوية عفية لا تمد يدها طلباً للمساعدة والمعونة، بل نريدها دولة قوية، مانحة، مساعدة وهو أمر لن يتحقق إلا بدفع ثمن الإصلاح والتغيير الذى أحسب أنه بدأ الأسبوع الماضى فقط.

جميع الحقوق محفوظة لمصدر الخبر الوطن وتحت مسؤليتة ونرجوا متابعتنا بأستمرار لمعرفة أخر الأخبار علي مدار الساعة مع تحيات موقع موجز نيوز الأخباري

اشترك فى النشرة البريدية لتحصل على اهم الاخبار بمجرد نشرها

تابعنا على مواقع التواصل الاجتماعى

التالى اخبار السياسه الساعة كام الآن؟.. تقديم الساعات 60 دقيقة مع تطبيق التوقيت الصيفي