بالرغم من أن الدستور المغربي يمنح للمغاربة المقيمين بالخارج حق التصويت من بلدان إقامتهم، إلا أنهم لن يتمكنوا من ذلك في الانتخابات البرلمانية الحالية. فكيف ينظر مغاربة ألمانيا للأمر؟ وماذا ينتظرون من الحكومة المقبلة؟في الوقت الذي يعيش فيه المغرب هذه الأيام أجواء سياسية ساخنة تسبق الانتخابات البرلمانية التي تنطلق الجمعة (السابع من أكتوبر 2016)، لا يوجد هنا في مدينة دوسلدورف الألمانية، التي تقطنها جالية مغربية كبيرة، ما يوحي بوجود هذا الاستحقاق الانتخابي الثاني بعد دستور 2011.وشأنهم شأن باقي المغاربة المقيمين في الخارج، حُرم مغاربة ألمانيا من المشاركة في الانتخابات البرلمانية التي تشهدها بلادهم بحجة العراقيل التنظيمية وصعوبة توفير مكاتب اقتراع لأكثر من خمسة ملايين مغربي مقيم في الخارج.انتقلنا إلى ما يطلق عليه "الحي المغربي" بمدينة دوسلدورف، حيث تتوزع الكثير من المحال والمقاهي مغربية، لرصد أراء المغاربة في الانتخابات البرلمانية التي تشهدها بلادهم.يستغرب حميد "حرمان مغاربة العالم من المشاركة في الانتخابات الحالية، بالرغم من أن الدستور المغربي يمنح المغاربة المقيمين بالخارج حق التصويت والترشح في الانتخابات".ويقول حميد في حوار مع DW عربية: "عدم إتاحة الفرصة للمغاربة في الخارج للتصويت، فيه انتقاص لمواطنتهم وتكريس للصورة النمطية التي لا ترى في المهاجر المغربي سوى مصدر للمال ولا حاجة للدولة لرأيه أو مساهمته السياسية".وبخلاف ما يُروج عن الجالية المغربية بالخارج من عدم اكتراثها بالواقع السياسي بالمغرب وبعدها عنه، يؤكد طارق، وهو شاب استقر به المقام في ألمانيا منذ أكثر من عشرة أعوام، عكس ذلك ويقول: "أتابع الوضع السياسي في المغرب وأعرف الأحزاب هناك. وكنت أتمنى أن تتاح لي الفرصة للمشاركة في الانتخابات البرلمانية والمساهمة في مسلسل التغيير الذي يشهده المغرب"."السبب سياسي وليس تنظيمي"وزير الداخلية المغربي محمد حصاد أرجع عدم تصويت الجالية المغربية في الانتخابات البرلمانية الحالية إلى "إشكاليات مرتبطة أساسًا بمكاتب التصويت في بلدان الإقامة"، وشدد حصاد على "استحالة" وضع آلاف الصناديق لآلاف الدوائر في التمثيليات القنصلية المغربية بالخارج.تصريحات الوزير المغربي أو "العذر" الذي ساقه أثار استغراب الكثير من المغاربة المقيمين في ألمانيا. وفي هذا السياق يتساءل الناشط والإعلامي المغربي المقيم في ألمانيا محمد بونوار: "كيف تنجح دول جارة للمغرب في تنظيم عملية الاقتراع لمواطنيها في الخارج كتونس والجزائر في حين يعجز المغرب عن ذلك؟".وحول التصويت بالوكالة الذي تم اقتراحه لتمكين المغاربة من المشاركة في الانتخابات البرلمانية الحالية، يرى بونوار في حواره مع DW عربية أنه أمر صعب التطبيق من الناحية العملية "فالحماس الانتخابي للمغاربة المقيمين بالخارج قليل نسبيًا بسبب بعد المسافة عن المغرب وغياب التواصل المستمر".ويضيف الناشط المغربي: "هناك تناقض في التعامل مع قضية الجالية المغربية بالخارج. إذ نلمس إطنابًا في الحديث في وسائل الإعلام وفي الندوات حول الحفاظ على الهوية واللغة والثقافة، لكن عندما يتعلق الأمر بحقوق قانونية يمنحها الدستور كحق التصويت تبقى الأمور غائبة عن التطبيق".ورغم عدم توفير الحكومة المغربية فرصة المشاركة في الانتخابات الحالية لمغاربة العالم إلا أن بعضهم أبى إلا أن يشارك في الانتخابات ويدلي بصوته لاختيار من يمثله في البرلمان وإن اضطر للسفر إلى المغرب للقيام بهذا "الحق الدستوري" وهو ما ينطبق أيضا على الشاب محمد اسكريح الذي انتقل من ألمانيا للمغرب خصيصًا للإدلاء بصوته في الانتخابات البرلمانية.وعن الدافع وراء قيامه بذلك، يقول اسكريح في حوار مع DW عربية: "إيماني بالإصلاح وبأهمية المشاركة السياسية في الدفع بعجلة الديمقراطية نحو الأمام بالمغرب هو الذي جعلني أسافر إلى هناك للمشاركة في اختيار البرلمان المقبل".ويرى اسكريح أن السبب الحقيقي في عدم فتح المجال أمام مغاربة العالم للتصويت في الانتخابات الحالية "ليس تنظيمي بالدرجة الأولى وإنما هو قرار سياسي، لأنه يصعب رصد وجس نبض الميول الانتخابية للجالية المغربية لغياب آلية الرقابة المعمول بها في المغرب من طرف وزارة الداخلية"، فالمغربي المقيم في الخارج، في نظر اسكريح، يصعب الضغط عليه أو التأثير فيه للتصويت لصالح حزب على حساب حزب آخر، نظرًا لتشبعه بالقيم الديمقراطية في البلد الذي يعيش فيه، خصوصًا في أوروبا، وأيضًا لأنه مستقر ماديًا ولا يقبل المزايدات.وعن توقعات بعض أبناء الجالية المغربية في الخارج من الحكومة المقبلة، يتمنى توفيق حرتوكا المقيم في دوسلدورف بأن تستمع الحكومة أكثر لمشكلات المهاجرين وأن تمنحهم فرصة لاختيار من يمثلهم في البرلمان وفي الهيئات الأخرى التي تعنى بشئون المهاجرين أيضًا بالمهاجرين، مثل "مجلس الجالية"، وهو ما يؤكده أيضًا صديقه طارق المجدوبي الذي يتمنى أن تكون للجالية المغربية ممثلين في البرلمان يتكلمون باسمهم وينقلون مشكلاتها إلى المسؤولين بالمغرب.أما حميد المجدلاي فيطالب بـ"التفاتة مستمرة للجالية المغربية بالخارج وألا يقتصر الترحيب بالمغاربة المقيمين بالخارج على عطلة الصيف فقط ويصبح طيب النسيان في باقي الأوقات".يذكر أن الدستور المغربي لسنة 2011، الذي جاء إبان الربيع العربي، ساوى بين مغاربة الداخل والخارج في المواطنة الكاملة، حيث ينص الفصل 17 من دستور المملكة المغربية "المغاربة المقيمون في الخارج يتمتعون بحقوق المواطنة كاملة، بما فيها حق التصويت والترشيح في الانتخابات، ويمكنهم تقديم ترشيحاتهم للانتخابات على مستوى اللوائح والدوائر الانتخابية، المحلية والجهوية والوطنية، ويحدد القانون المعايير الخاصة بالأهلية للانتخاب وحالات التنافي، كما يحدد شروط وكيفيات الممارسة الفعلية لحق التصويت وحق الترشيح، انطلاقًا من بلدان الإقامة".هذا المحتوى من موقع دوتش فيل اضغط هنا لعرض الموضوع بالكامل