تحليل| الإرهاب في القارة الأوروبية نتاج 4 صراعات داخلية

تحليل| الإرهاب في القارة الأوروبية نتاج 4 صراعات داخلية
تحليل| الإرهاب في القارة الأوروبية نتاج 4 صراعات داخلية

قال بلال التليدي، الخبير المغربي في الحركات الإسلامية وقضايا الإرهاب، إن معظم منفذي الهجمات الإرهابية في أوروبا من مواليد دول أوروبية، وانزلقوا إلى الإرهاب جراء معاناتهم من صراعات على مستوى التدين والجريمة والهوية والتعليم والعنصرية.

وشدد على أن الإسلام هو مفتاح تفكيك التطرف والإرهاب في القارة العجوز.

التليدي أضاف، في مقابلة مع وكالة الأناضول، أن "تجنيد الإرهابيين لا يتم على أساس الدين فقط، ولم تعد الظاهرة الإرهابية ترتكز على ترويج تأويل ديني متطرف لنصوص الجهاد وغيره، لكن صارت الجريمة والسوابق العدلية (الجنائية) المكون الأساسي لهذه الظاهرة".

وتابع: "كما صار الاستقطاب يتم على أساس مغريات مالية ومناصب قيادية في تنظيم داعش بالعراق وسوريا، وأصبح المجندون في الإرهاب، تبعا لتلك التحولات، من كل الجنسيات، ولا سيما الأوروبية".

** مسببات الإرهاب

الخبير المغربي قال إن "السمة الغالبة بخصوص المتورطين في الإرهاب، هو التوتر (الصراع) الذي يأخد أربعة أبعاد".

البعد الأول، وفق التليدي، هو "توتر بين التدين والجريمة، إذ تفيد التحريات بأن صلاح عبد السلام، الرأس المدبر لهجات باريس وبروكسيل (في 2015)، كانت له سوابق إجرامية (بيع أقراص مخدرة في بار كان يسيره)، فيما كشفت تقارير إعلامية أن منفذ هجوم نيس لم يكن متدينا وكان يشرب الخمر ويأكل لحم الخنزير، وله سوابق في العنف الزوجي".

وتابع أن "البعد الثاني هو التوتر الهوياتي (من أصول شمال إفريقية وجنسية أوروبية)، وظهر ذلك في جنسيات منفذي هجمات مدريد (من تونس والمغرب)، ومنفذي هجمات شارل إيبدو (فرنسيون من أصول جزائرية)، إضافة إلى منفذي هجمات بروكسيل (بلجيكيين من أصول مغربية).

وبشأن البعد الثالث قال التليدي إنه "ثقافي (خريجو تعليم أوروبي/ أتباع داعش في سوريا) فمعظم منفذي هجمات أوروبا هم من مواليد القارة، وتلقوا تعليمهم فيها بسياسات تربوية وثقافية أوروبية، أي لم يعانوا كما عانى الجيل الأول من المهاجرين من إشكالية الهوية والاندماج الثقافي، لكن مع ذلك، سقطوا في فخ التجنيد الداعشي".

أما البعد الرابع فهو "اجتماعي، (الانتماء للطبقات الوسطى/ التمرد على البيئة الأوربية)، فعادة الانتماء إلى الطبقة الوسطى يحصن من التهميش والشعور باليأس والإحباط ويساعد في بناء منسوب رضا عن الوضع الاجتماعي والسياسي".

وتابع مستدركا: "لكن حالة منفذي هجمات أوروبا معاكسة، ما يعني وجود عوامل أخرى ساعدت على التمرد على البيئة الأوروبية، وأوجدت شعورا بالرغبة في الانتقام منها؛ بسبب الإقصاء الاجتماعي والتمييز في الفرص الاقتصادية على أساس عنصري".

** دعم الاستبداد العربي

واعتبر الخبير المغربي أن "ظاهرة الإرهاب هي ثمرة السياسات الدولية، فعدد من القوى الدولية كانت لا ترى أي طريق لتحقيق مصالحها الاستراتيجية إلا بدعم أنظمة الاستبداد في العالم العربي".

وأردف أن ذلك "نتج عنه تضييق مساحات الحرية والديمقراطية، وإقصاء عدد من النخب وتهميشها ورميها أحيانا خراج النسق السياسي.. وكانت النتيجة الطبيعية لهذه السياسة هي تنامي الإرهاب والتطرف".

واعتبر أنه "كان يمكن أن تطوى هذه الصفحة مع الربيع العربي (انطلق أواخر عام 2010)، ومع حصول تحولات عميقة في توجهات السياسة الخارجية الأمريكية والأوروبية، وحصول الانعطاف نحو دعم الديمقراطية والإقرار بأدوار للحركات الإسلامية المعتدلة في مشهد السياسة في العالم العربي".

ومضى قائلا: "رأينا ثمرة ذلك في اندماج جزء كبير من الجسم السلفي في النسق السياسي، ونتج عن ذلك حالة هدوء غير مسبوق على مستوى العمليات الإرهابية بين عامي 2010 و2011، لكن ما أن عادت الولايات المتحدة وأوروبا إلى المقاربة التقليدية فيما يسمى خريف الديمقراطية، حتى أخذت الظاهرة الإرهابية أبعادا معقدة جدا".

** 4 مراحل للإرهاب

ووفق التليدي، فإن "ظاهرة الإرهاب في أوروبا عرفت أربع مراحل، الأولى تمثلت في هجمات نًسبت إلى مجندين من أصول عربية تشربوا أفكارهم من الجماعات الجهادية في مصر وغيرها، والمرحلة الثانية مثلها تنظيم القاعدة، الذي استقطب مجندين في أوروبا".

وأضاف أن "تنظيم داعش جسد المرحلة الثالثة، حيث توجه هو الآخر إلى التجنيد داخل أوروبا مع تغيير شبه كامل لمعايير التجنيد، إذ أصبح التدين أمرا ثانويا، وصار التركيز أكثر على أصحاب السوابق (الجنائية)، والذين لهم قابلية سلسة للانخراط في شبكات للتهريب".

أما المرحلة الرابعة من الإرهاب في أوروبا، حسب التليدي، فـ"تمثلت في هجمات باريس وبروكسيل وبرشلونة.. في هذه المرحلة الإرهابيون هم أشخاص ولدوا في أوروبا ويحملون جنسيات دولها وتشربوا النموذج التربوي والتعليمي والثقافي الأوروبي داخل المدارس".

وشدد على أنه "كلما تنامت ظاهرة الإقصاء والتمييز على أساس عنصري داخل أوروبا، كلما أنتج ردة فعل معاكسة تظهر في صورة الاحتماء بالهوية الضامرة، والتمرد على الهوية الظاهرة".

وتابع موضحا أنه "يبدأ اكتشاف الإسلام والعالم العربي، لكن بصورة تأويلية تبحث عن الانتقام، ومما يزكي هذه الصورة هي مشاهد الكراهية والعنصرية الدينية والإسلاموفوبيا (العداء للإسلام)، فضلا عن الوعي بغياب عدالة السياسات الدولية تجاه القضايا العربية والإسلامية".

** تفكيك التطرف والإرهاب

وفي ظل المرحلة الرابعة الراهنة انتقد الخبير المغربي "تهرب الأوروبيين من السؤال المرتبط بأسباب ضلوع مواطنين أوروبيين في الإرهاب، وفشل الحمولة التربوية والثقافية الأوربية، التي تشربوها من النظام التعليمي الأوروبي، في تحصينهم من هذا الاختراق".

وشدد على "ضرورة أن تعتبر الدول الأوروبية الإسلام في أوروبا مفتاحا أساسيا لحل مشكلة التطرف والإرهاب، فهو جزء من الحل وليس سببا في المشكلة".

وأضاف أن "المسلمين في أوروبا يمكن أن يقوموا بدور محوري ومركزي في قلب هذه السياسة.. وشرط ذلك هو مراجعة السياسات التي تضعف دور المسلمين في تقديم مساهمتهم لحل هذه المعضلة".

ودعا التليدي إلى "الاعتراف بالإسلام كجزء أساسي من مكونات الهوية الأوروبية، وتدريس اللغة العربية في مؤسسات التعليم الأوروبية كلغة اختيارية، بما يساعد في تحصين الأوروبيين المسلمين، الذين يزداد عددهم، من الوقوع في أحضان التطرف".

وحث على "إنتاج سياسة مندمجة لمحاربة الإسلاموفوبيا ونزعات الكراهية والعنصرية الدينية ضد المسلمين، بما يساعد على تقليص المشاعر المغذية للتطرف الإسلامي".

وأضاف أن "الاهتمام بحل مشكلة الفشل أو التعثر المدرسي لأبناء المسلمين في أوروبا من شأنه أن يساعد على تقليص الشعور بالإقصاء أو التمييز في الفرص الاقتصادية".

وختم التليدي بالتشديد على أن "الاعتراف بالحقوق اللغوية والثقافية للمسلمين سيساعد على إشاعة ثقافة التعايش والانفتاح وتعزيز روح المواطنة والتكيف مع البيئة الأوروبية".

جميع الحقوق محفوظة لمصدر الخبر مصر العربية وتحت مسؤليتة ونرجوا متابعتنا بأستمرار لمعرفة أخر الأخبار علي مدار الساعة مع تحيات موقع موجز نيوز الأخباري

اشترك فى النشرة البريدية لتحصل على اهم الاخبار بمجرد نشرها

تابعنا على مواقع التواصل الاجتماعى