بعد الخلاص من داعش.. هل جاء الدور على «كردستان العراق»؟

"الهجوم الكبير في الطريق".. لم تكن تلك فقط رسالة تحذير صادرة عن إقليم كردستان العراق الذي أجرى استفتاءً انتهى بالموافقة على الانفصال عن سلطات بغداد المركزية، بقدر ما حملت معلومات صريحة عن قرب مواجهة حتمية في الإقليم الملتهب.
 
حكومة كردستان أعلنت أن الجيش العراقي يستعد لشن هجوم كبير، بالتعاون مع الحشد الشعبي على "البشمركة" في كركوك والموصل، فيما واصلت بغداد ضغوطها على الإقليم، كما أصدرت محكمة التحقيق أوامر باعتقال أعضاء مفوضية الاستفتاء. 

 

صحيفة "الحياة" اللندنية نقلت عن مصادر - لم تسمها لكنّها وصفتها بـ"الموثوق فيها" - أنّ هناك أوامر أخرى قيد الإعداد لاعتقال كبار المسؤولين الأكراد، في مقدمهم الرئيس مسعود بارزاني.

وقال مسؤول كردي في تغريدة على "تويتر": "نتلقى رسائل خطيرة بأن القوات العراقية، ومعها الحشد الشعبي والشرطة الاتحادية، تعد لهجوم كبير على كردستان، والهجوم سيركز على كركوك والموصل". 

 

هذا التحذير يأتي بعد أيام قليلة من سيطرة القوات الاتحادية على قضاء الحويجة الذي يبعد كيلو مترات عن كركوك وحقول النفط، وكذا على جبال مكحول، فيما تستعد للتوجه إلى محافظة الأنبار لاستعادة مدينتي القائم وراوة عند الحدود السورية.

 

وحسب مصدر أمني، فإن مسلحين مجهولين ألقوا كذلك قنبلةً مساء الثلاثاء الماضي، على أحد مقرات الجبهة التركمانية وسط كركوك من دون وقوع إصابات، في إطار هجمات تتعرض لها مقرات الجبهة منذ إجراء الاستفتاء، وذلك بعد يوم من هجوم مماثل تعرض له مقر لـ"حزب الدعوة" الذي ينتمي إليه رئيس الوزراء حيدر العبادي.

وفي مؤتمر صحفي في أربيل، قال ريناس جانو الناطق باسم "كتلة الحزب الديموقراطي" بزعامة بارزاني: "توصلنا إلى أنّ أي اتفاق مع بغداد يجب أن يكون من دون شروط، خصوصًا فيما يتعلق بمطلب التراجع عن نتائج الاستفتاء، فهذا مستحيل، ومن الضروري إلغاء العقوبات التي تعقّد الموقف، وسنعمل على تعزيز العلاقات مع زملائنا في الكتل الكردستانية لمواجهة الإعصار الذي يستهدف الإقليم".

 

وحذّر المسؤول في وكالة الأمن والمعلومات القيادي في حزب "الاتحاد الوطني الكردستاني" لاهور طالباني، من خسارة شعب الإقليم كل المكتسبات التي حققها في المرحلة السابقة إذا لم يتم فتح حوار مع بغداد، وأوضح أنّ الأكراد يواجهون أخطارًا بسبب القرار غير الناضج، والقيادة السياسية في الإقليم أمام تجربة تاريخية صعبة، ويجب عدم التوجس من أي مبادرة للحوار في كل الملفات العالقة.

 

قضائيًّا، أعلن الناطق باسم مجلس القضاء الأعلى القاضي عبد الستار بيرقدار أنّ "محكمة التحقيق في الرصافة أصدرت أمرًا بالقبض على رئيس المفوضية التي أشرفت على الاستفتاء وأعضائها، في مخالفة لقرار المحكمة الاتحادية العليا بناءً على شكوى قدمها مجلس الأمن الوطني".

 

إلى ذلك، قال سعد الحديثي، وهو الناطق باسم المكتب الإعلامي لرئيس الوزراء حيدر العبادي، إنّ المسؤولين في مفوضية الاستفتاء عرّضوا أنفسهم للمساءلة القانونية وباتوا مطلوبين بعد صدور أوامر القبض عليهم.

وردّ رئيس المفوضية الكردية خندرين محمد بالقول: "القرار سياسي على غرار قرارات مجلس قيادة الثورة في عصر حزب البعث المباد، وليس له أي أهمية بالنسبة إلينا".

 

وأضاف: "المفوضية لا علاقة لها بالأمر فهي بموجب قانونها معنية بإدارة وتنظيم الانتخابات البرلمانية الاتحادية والاستفتاءات وانتخابات مجالس المحافظات غير المنتظمة في إقليم في عموم العراق، وليس هناك أي ارتباط أو تعاون بين الطرفين".

 

وفيما يبدو حراكًا للرد على أنباء الهجوم، نشرت السلطات الكردية الآلاف من قوات البشمركة قرب كركوك أمس لصد أي هجوم، حسبما نقلت شبكة "روداو" الإعلامية الكردية عن كسرت رسول نائب رئيس إقليم كردستان العراق.
 
وأوضح رسول: "عشرات الآلاف من قوات البشمركة متواجدون الآن حول كركوك، وتم إرسال قوات إضافية قوامها 6 آلاف من عناصر البيشمركة مساء الخميس إلى كركوك لصد أي تهديد من الجيش العراقي". 

 

إلا أن الحكومة العراقية نفت وجود أي استعدادات أو حشد للقوات للهجوم على كركوك.

وبين هذا وذاك، فإنّ الكثير من التحذيرات تتحدث عن انفجار إقليمي محتمل، فعلى رغم التحذيرات التي سبقت موعد الاستفتاء، فإنّ مسعود بارزاني بقي مصرًا على تنفيذ وعده، متسلّحًا بعدة أمثلة بينها استقلال جنوب السودان عبر استفتاء شعبي، فيما رفض العبادي الاعتراف بشرعيتها، وهدّد برفض مبدأ التفاوض، معلنًا عبر وسائل الإعلام عن نيته استرجاع المطارات والمعابر الحدودية.

 

الرئيس التركي رجب طيب أردوغان بدوره أمر بإجراء مناورة اشتركت فيها فرق الدبابات والمشاة بهدف ممارسة ضغط عسكري على بارزاني، وخلق جبهة رفض داخل كردستان يمكن أن تمنع الانفصال، وكذلك منعت إيران شاحنات النفط من العبور، ووعدت بغداد بممارسة أقسى العقوبات في حال استمرت كردستان في تركيز دعائم الانفصال.

 

صحيفة "الحياة" نقلت عن مصادر الأمم المتحدة أن ردود فعل كل من العراق وتركيا وإيران وسوريا مبنية على حسابات داخلية ليس لها أي علاقة بكردستان، وبحسب تقديرات المطلعين على أوضاع الأكراد في المنطقة، فإنّ نجاح هذه التجربة سيشجع كل الجاليات الكردية في الدول الأربع المتاخمة، على التمرُّد وطلب الاستقلال.. 

كما أن الجالية الكردية في تركيا يزيد عددها على 15 مليون نسمة، وقد يضطر أردوغان إلى تسديد صفعة عسكرية إلى كردستان، تنتهي بغزو الإقليم حفاظًا على الوحدة الوطنية، ولكن هذا الخيار قد يشجّع أكراد الدول الأربع على التمرُّد والعصيان.

 

وما يضاعف إمكانية شن عمل عسكري أنَّ العراق حقَّق انتصارات كبيرة على تنظيم الدولة "داعش"، وأفقده مناطق سيطرته لنحو أقل من 5%، ما قد يشجّع بغداد على تحرك سريع لوأد ما يسميه العراق بـ"الفتنة الكردية".

المحلل السياسي العراقي محمد أرسلان استبعد أي هجوم، وقال لـ"مصر العربية": "لا أعتقد شن عمل عسكري ضد الإقليم، لأنَّ العراق وكذا إيران وتركيا تدرك جيدًا التوزانات بالمنطقة في الوقت الراهن، والكل يدرك أنَّ هناك لعبة خطيرة من قبل الغرب تمارس ضد الدول العربية في السنوات الأخيرة".
 
وأضاف: "أي حديث عن عمل عسكري من أي جانب ربما يكون في محاولة لإحداث بلبلة، وتركيا قد تستخدم التركمان في كركوك أو الموصل من أجل إشعال أعمال عنف هناك، بما يغيِّب الاستقرار عن هذه المنطقة".
 
المحلل العراقي أكد أنّ الطرح العسكري مستعبد في خضم هذه الأزمة، معتبرًا ما يجري في هذه الآونة حربًا إعلامية وليست عسكرية بمعناها التقليدي. 
 
ووضع سببًا آخرًا لاستبعاد إمكانية التدخل العسكري، وهو أنَّ المواجهة ستكون بمثابة حرب استنزاف وتخسر فيها كل الأطراف أكثر ما تربح.
 
وأشار إلى أنَّ خطوات ما بعد الاستفتاء ستطول كثيرًا، لا سيّما الحاجة إلى التوافق الدولي، في ظل الاعتراضات الكبيرة التي توجه للاستفتاء من قبل المجتمع الدولي، كما أنَّ الداخل الكردي ليس على توافق حيث تسود بعض الاختلافات هناك. 

 

جميع الحقوق محفوظة لمصدر الخبر مصر العربية وتحت مسؤليتة ونرجوا متابعتنا بأستمرار لمعرفة أخر الأخبار علي مدار الساعة مع تحيات موقع موجز نيوز الأخباري

اشترك فى النشرة البريدية لتحصل على اهم الاخبار بمجرد نشرها

تابعنا على مواقع التواصل الاجتماعى