في صمت.. لماذا انسحبت البيشمركة من كركوك؟

لا يزال مسلسل الانسحابات العسكرية من قبل قوات البيشمركة الكردية في كركوك متواصلاً؛ فالمدينة المتنازع عليها بين بغداد وأربيل بين عشية وضحاها باتت في قبضة الجيش العراقي والحشد الشعبي دون مقاومة كردية، وسط اتهامات بـ"الخيانة" تبادلتها قوات البيشمركة التابعة للحزبين الحاكمين في إقليم كردستان (الاتحاد الوطني، الحزب الديمقراطي -يرأسه مسعود بارزاني).

 

الانسحابات بدأت تضرب قوات البيشمركة قبل 5 أيام، حين أعلن رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي نيته السيطرة على كركوك المتنازع عليها ووضعها تحت سيطرة القوات الاتحادية العراقية.

 

وبعد ساعات من إعلان الجيش العراقي بدء العملية العسكرية، انسحبت البيشمركة من مواقع في منطقتي تازة وبشير على بعد نحو 10 كيلومترات جنوب كركوك، لتعود للخطوط الدفاعية..

 

فرض الأمن

 

أيضا وفي اليوم التالي، سيطرت القوات العراقية على مطار كركوك العسكري وقاعدة كي1 العسكرية، وحقول نفطية ومحطة الكهرباء الرئيسية ومناطق أخرى، بعد يوم من بدء العملية العسكرية التي سمتها بغداد "عملية فرض الأمن في كركوك".
 

القوات العراقية وسط كركوك

 

وتمكنت هذه القوات أيضا من استعادة وسط مدينة كركوك والسيطرة على مبنى مجلس المحافظة، بعد تجريدها قوات الأمن في البيشمركة الكردية من أسلحتها، واستعادت أيضاً العديد من مباني المؤسسات المحلية المهمة دون اشتباكات.

 

وفي الساعات الأخيرة، توالت الانسحابات الجماعية من غالبية مناطق النزاع لتصل لانسحاب اليوم من منطقة سنجار، حيث سيطرت قوات من مليشيا الحشد الشعبي على مدينة سنجار، شمالي العراق، دون مقاومة من قوات البيشمركة الكردية التي تفرض سيطرتها على المدينة.

 

وذكرت مصادر من داخل مدينة سنجار، أحد أقضية الموصل، أن الحشد الشعبي سيطر على كامل مدينة سنجار، وجرى إنزال الأعلام الكردية فيها، دون أن تُظهر قوات البيشمركة الكردية أي مقاومة، في حين يسود هدوء حذر محافظة كركوك (شمال) بعد يوم من سيطرة القوات العراقية على المدينة.  

 

الحشد الإيراني

 

إياز بوزان ناشط سياسي كردي قال، إن عشرات ومئات الجنود في قوات البيشمركة التابعين لحزب الاتحاد الوطني الكردستاني انسحبوا من مواجهة الحشد الإيراني والجيش العراقي، مضيفا أن الخيانة كانت سببا رئيسيا في سقوط المدينة.

 

وأوضح لـ"مصر العربية" أن كركوك هي نبض كردستان، ولن يتخلى البيشمركة عنها مهما كان، ولو كانوا أجبروا على الخروج منها، ومن طوز خورماتو (جنوب كركوك)"، اليوم، فمن المؤكد عودتهم بعد استعادة ترتيباتهم وتجهيزاتهم العسكرية.

 

وتابع: "بالفعل هناك ارتباك في بعض المناطق العسكرية التي يسيطر عليها البيشمركة، وهذا أمر طبيعي بعد ماحدث معهم في كركوك، وخانهم شركاء الخندق الواحد، وبالتالي بالفعل هناك مناطق سلمت بصفقات واتفاقيات سرية جرت بين الحشد والجيش العراقي وأعضاء من حزب الاتحاد الوطني الكردستاني.

انسحاب البيشمركة من مدن كركوك

 

بدورها، قالت الدكتورة خالدة خليل مستشارة برلمان كردستان العراق، إن الاتحاد الوطني الكردستاني ( الذي كان يتزعمه جلال طالباني قبل وفاته في مطلع الشهر الجاري ) خان القضية الكردية.
 
وأضافت في تصريحات سابقة لـ "مصر العربية" أن هناك خيانة كبرى حدثت في كردستان تتمثل في انسحاب قوات البيشمركة التابعة للاتحاد الوطني الكردستاني من مواقعهم في كركوك دون قتال لصالح قوات بغداد.
 
وأكدت أن بيشمركة الاتحاد يقومون حاليًا بالقتال في صفوف بغداد، ضد أشقائهم الأكراد.
 
ونفت أن يكون هناك انسحاب في كامل صفوف قوات البيشمركة، مؤكدة أن الانسحاب في جبهة الاتحاد فقط، أما القوى الأخرى فهي في أماكنها تقاتل للدفاع عن كرامة الأكراد، على حد وصفها.

 

الاتحاد الوطني الكردستاني

 

 النائب الكردي في مجلس النواب العراقي، شاخوان عبد الله: "الانسحاب الذي نفذته قوات الاتحاد الوطني الكردستاني من كركوك أمس جاء بعد الاجتماع الذي عقده قائد (فيلق القدس) قاسم سليماني الليلة قبل الماضية في كركوك مع بافل طالباني (النجل الأكبر للرئيس العراقي السابق جلال طالباني) ولاهور شيخ جنكي (نجل شقيق الرئيس العراقي الراحل جلال طالباني) مسؤول قوات مكافحة الإرهاب التابعة للاتحاد الوطني وضباط من الحرس الثوري والعديد من قادة الحشد الشعبي والقوات العراقية، ووقعوا اتفاقية تنص على فتح الطريق أمام الحشد الشعبي لدخول كركوك دون أن تلحق بهم أي خسائر..


وأضاف: بالنتيجة طعنوا قوات البيشمركة عندما أصدروا الأوامر لبيشمركة الاتحاد الوطني بإخلاء مواقعها لـ(الحشد) والقوات العراقية التي دخلت المدينة بسهولة، لافتاً إلى أن اجتماع سليماني مع لاهور وبافل هو الثاني الذي يعقد في كركوك، حيث عقد الجانبان اجتماعاً آخر في ناحية الرشاد التابعة لقضاء الحويجة جنوب شرقي كركوك خلال اليومين الماضيين أيضاً.وفقا للشرق الأوسط.

الرئيس الكردي مسعود بارازاني يتوسط قيادات البيشمركة

 

في حين، أكد عضو المكتب السياسي للاتحاد الوطني الكوردستاني، قائد قوات 70 التابعة لوزارة البيشمركة شيخ جعفر شيخ مصطفى، بأن قرار انسحاب قوات البيشمركة من مواقعها في كركوك لم يكن قراراً خاطئاً.

 

وأضاف شيخ مصطفى، في تصريحات متلفزة على قناة رووداو، الكردية "أن قرار انسحاب قوات البيشمركة لم يكن قراراً خاطئاً"، مشيراً إلى أن "الإيرانيون هم الذين قادوا العمليات في الهجوم على محافظة كركوك".

 

وبين قائد قوات 70 التابعة لوزارة البيشمركة، بأنه مستعد لتحمل كامل المسؤولية.

من جهته اتهم محافظ كركوك المقال، نجم الدين كريم، حزب الاتحاد الوطني الحاكم في السليمانية، إحدى مدن الإقليم الكردي، بالخضوع لتهديدات قائد فيلق القدس في الحرس الثوري الإيراني، قاسم سليماني، والتنازل عن محافظة كركوك التي يرغب الكرد بضمها للإقليم.

 

وقال كريم في تصريح صحفي له: إن "المشاورات التي أجراها سليماني مؤخراً في السليمانية أسفرت عن تنازل السليمانية عن كركوك، وإصدار أوامر لقوات البيشمركة التابعة لحزب الاتحاد الوطني الكردستاني بالانسحاب تدريجياً من المحافظة، وتسليمها للقوات العراقية".

 

عمليات عسكرية

 

في سياق آخر، تأتي هذه التطورات في وقت تحدثت مصادر عن أن تنظيم الدولة سيطر على قريتي طويليعة والملحة التابعتين لقضاء الدبس غربي كركوك، وذلك بعد انسحاب قوات البيشمركة من القريتين على إثر العمليات العسكرية التي شهدتها كركوك.


وذكر شهود عيان، أن عناصر "داعش" واستولوا على قضاء الدبس "نحو 25 كلم شمال قضاء الحويجة، غربي كركوك، بعد انسحاب البيشمركة أمام القوات الاتحادية في المحافظة.

 

وأضاف شهود عيان بحسب "سبوتنك" أن عناصر "داعش" الإرهابي، تسللوا إلى قضاء الدبس والقرى الواقع في أطراف الحويجة، واستولوا عليها بالكامل.


وذكروا أيضًا، أن "الدواعش" استغلوا غياب الأهالي ونزوحهم إلى مدينتي السليمانية وأربيل في إقليم كردستان.


وحسب مصدر أمني، أكد، أن عناصر "داعش" الإرهابي، تسللوا من القرى الواقعة تحت سيطرتهم في أطراف الحويجة، نحو المناطق المحررة منهم في محيط القضاء، والدبس.

الرئيس الأمريكي دونالد ترامب

 

الأزمة في كركوك كانت مدعاة لدعوات دولية لتجنب التصعيد بين طرفي الأزمة في المدينة، واعتماد الحوار، فقال الرئيس الأميركي دونالد ترمب إن بلاده تقف على الحياد في المواجهة بين بغداد وأربيل.

 

وناشد الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش الحكومة العراقية الاتحادية وحكومة إقليم كردستان "اتخاذ خطوات منسقة لمنع وتجنب المزيد من المصادمات أو التصعيد أو انهيار القانون والنظام".

 

كما دعا إلى تخفيف حدة التوتر ومعالجة الوضع بشكل مشترك وحل جميع القضايا العالقة من خلال الحوار بطريقة تتسق مع دستور العراق.

 

وفي سياق متصل، قال مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية في العراق إن التحركات العسكرية في شمال العراق أدت إلى نزوح آلاف العائلات من كركوك منذ مساء أمس الأول.

 

الاتحاد الأوربي

 

ودعت وزيرة خارجية الاتحاد الأوروبي فيديريكا موغيريني كل أطراف الأزمة في كركوك "إلى الحوار".
     
وجاء في بيان صادر عن موغيريني عقب محادثات هاتفية أجرتها أمس مع رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي "نتوقع من كل الأطراف الجلوس إلى طاولة المفاوضات والدخول في حوار".
     
كما أعربت الوزيرة الأوروبية عن "قلقها إزاء العمليات العسكرية للقوات الفدرالية والمواجهات التي أفيد بوقوعها".
     
وفي واشنطن، أعربت الخارجية الأميركية عن قلقها "الشديد" بشأن تقارير عن أعمال عنف في محيط كركوك، التي سيطرت عليها القوات العراقية،  لكنها لم تذكر ماهية أعمال العنف التي تحدثت عنها، ولا الجهات التي ارتكبتها.

 

ومن جانبه، قال متحدث باسم وزارة الدفاع الأميركية (البنتاجون) خلال مؤتمر صحفي إن استعادة السيطرة على كركوك من قبل القوات العراقية كان ضمن "حركات منسقة وليست هجمات".
     
وقال الكولونيل روب مانينغ إن "العسكريين ومستشاري التحالف لا يؤيدون الحكومة العراقية أو حكومة إقليم كردستان قرب كركوك ونواصل دعمنا لعراق موحد".
     
واعتبر مانينغ أن إجراء استفتاء حول استقلال كردستان العراق "أمر مؤسف"، مشيرا إلى أن "الحوار يبقى الخيار الأفضل لنزع فتيل التوتر وحل المشاكل القديمة، وفقا للدستور العراقي".
    
ورفض المتحدث العسكري الأميركي الكشف عن عدد الجنود الأميركيين المنتشرين في المنطقة، إلا أنه أكد وجودهم لدى الجانبين في منطقة كركوك.

الجيش العراقي يزيل لافتات للرئيس الكوردي مسعود بارازاني

 

وتشهد محافظة كركوك حاليا تطورات متسارعة بعد تصاعد التوتر بين بغداد وأربيل.
 
وتقع مدينة كركوك على بعد 255 كيلو مترا إلى الشمال من العاصمة العراقية بغداد وهي عاصمة محافظة كركوك.
 
أما عن سكان المدينة فيتنوع بين عرب وأكراد وتركمان كما يوجد أشوريون وصابئة، ولا يعرف بدقة عددهم، وان ترجح بعض التقديرات أنه يصل إلى نحو 900 ألف نسمة.
 
أيضا، يوجد بالمدينة العديد من المعالم الدينية والمواقع التاريخية المهمة مثل مرقد الإمام زين العابدين وقلعة كركوك وقيصرية كركوك وقلعة جيرمو ومبنى القشلة ومرقد النبي دانيال."
 
وتعتبر كركوك من أهم المدن النفطية في العراق وتشير بعض التقديرات إلى أنها تحوي نحو 40 بالمئة من احتياطي النفط العراقي ونحو 70 بالمئة من احتياطي الغاز.
 
أما عن الوضع السياسي فيسعى الأكراد إلى ضم كركوك إلى إقليم كردستان المتمتع بحكم ذاتي، رغم أن المدينة تعد خارج الحدود الإدارية لإقليم كردستان، غير أن قوات البيشمركة الكردية كانت قد سيطرت على معظم أراضيها منذ انسحاب القوات المركزية العراقية، إثر هجوم تنظيم الدولة عليها عام 2014.
 
وسيطرت البيشمركة على كركوك في أعقاب انسحاب الجيش العراقي منها أمام اجتياح تنظيم الدولة شمالي وغربي البلاد في صيف 2014.

 

جميع الحقوق محفوظة لمصدر الخبر مصر العربية وتحت مسؤليتة ونرجوا متابعتنا بأستمرار لمعرفة أخر الأخبار علي مدار الساعة مع تحيات موقع موجز نيوز الأخباري

اشترك فى النشرة البريدية لتحصل على اهم الاخبار بمجرد نشرها

تابعنا على مواقع التواصل الاجتماعى