الأزمة الخليجية تنسف أحلامًا شعبية.. كيف؟

الأزمة الخليجية تنسف أحلامًا شعبية.. كيف؟
الأزمة الخليجية تنسف أحلامًا شعبية.. كيف؟

"اتفقوا على ألا يتفقوا".. الشعار الساخر الذي لطالما لزم العرب في مختلف قضاياهم جسّد الأزمة الخليجية حالة واضحة من إحدى معانيه، في واقع عربي مريب.

 

يرى خليجيون، أقصوا بأنفسهم بعيدًا عن دهاليز السياسة، وحافظوا على شعاراتهم القومية، أن "الأزمة الحالية" قضت على آمالهم شعوب دول مجلس التعاون.

 

بعد أن حاولت دول مجلس التعاون الستّ تحقيق مراد شعوبها، التي أملوا أن يكون لهم عملة موحدة، وأن يتم فك الارتباط الخليجي بالدولار، وتنشئ قوى مشتركة، ويمنحوا حرية التنقل بين الدول الخليجية، جاءت الأحداث متسارعة لتشتت الشعوب وتؤرق الأحلام وتبددها، حسب "الخليج أون لاين".

 

تساءل خليجيون كُثر عن حُلم الوحدة، بعد أن أعلنت السعودية والإمارات والبحرين ومعهم مصر، قطع علاقاتها الدبلوماسية مع قطر، وإغلاق حدودها المشتركة برًا وبحرًا وجوًا  مع الدوحة، التي يقولون إنّها تموّل الجماعات والتنظيمات الإرهابية، وهو ما نفته قطر جملة وتفصيلاً.

 

طامّة وارتباك

 

لُحمة الشعوب، وعمق الأواصر شتتها هذه القرارات، التي كانت صاعقة لهم، ووصف البعض أول يوم من الأزمة بـ"يوم الطامّة".

 

حالة من الارتباك اجتاحت الشعوب الخليجية، وبدت المطالبات بحلّ الأزمة التي نشبت بين الإخوة جليّة، لتسارع الدول العربية والغربية لحلّ النزاع والمطالبة بالحوار لإنهاء الشقاق.

 

وأبدى ناشطون على موقع التواصل الاجتماعي "تويتر" خوفهم وانزعاجهم من الحال الذي وصلت إليه العلاقات، ومن إقحام الشعوب في الخلافات السياسية، فضلاً عن الاستغراب لوصول الحال إلى هذا الحد.

 

وبات حلم الاتحاد الخليجي في مهبّ الريح، وحلّ الخلاف محض أمنيات، والوحدة درب من المستحيل، وذلك على الرغم من كل المحاولات القطرية للحوار، والدعوات الشعبية للمّ الشمل.

 

فقدان للاستقرار

 

ولم تكُفَّ الكويت عن أداء دور الوساطة بين الدوحة التي أبدت مرارًا استعداها للحوار، ودول الحصار التي امتنعت عن إظهار حسن نية تمنح أملًا لمنطقة فقدت استقرارًا استمر قرابة عقدين.

 

الأزمة شهدت منذ بدايتها جهودًا كويتية لرأب الصدع على مدار أشهر الخلاف، إلى أن سجَّلت الأسابيع القليلة الماضية غيابًا للمحاولات الخليجية والدولية، لكن مواقف الدوحة واستعدادها للحوار لم يتوقف بالمطلق طوال فترة الخلاف المستمر.

 

كما عملت العديد من الدول على لمّ الشمل الخليجي، وآخرها ما يجريه وزير الخارجية الأمريكي ريكس تيلرسون، من زيارة إلى الرياض، أمس السبت، في مستهل جولة تستمر ستة أيام ستشمل قطر، وثلاث دول عربية أخرى.

 

تفرق رغم التهديدات

 

وبالعودة إلى دعوات الوحدة، والتي بدأت منذ عهد طويل، سجَّل التاريخ دعوة العاهل السعودي الراحل الملك عبد الله بن عبد العزيز، للانتقال من مرحلة التعاون إلى مرحلة الاتحاد، والتي لاقت تقبُّلًا خليجيًّا، واعتبرته الدول الست قوة لها.

 

العديد من الأسباب دعّمت موقف الوحدة الخليجية، على مرّ الزمان، وكان أبرزها التهديدات الأمنية بعد زيادة تدخلات إيران في المنطقة، والتي بدأت في الثمانينيات، حتى تغلغلت في العراق وسوريا واليمن.

 

السعودية تبنّت هذه الدعوات منذ العام 2011، تحت وطأة التمدد الإيراني، وسعت منذ اللحظة الأولى، إلى ترسيخ معانٍ واضحة لتعزيز فكرة "الاتحاد الخليجي"؛ أهمها يتمثل في تكوين صورة واضحة للمنطقة الخليجية تحمل هوية وقيادة مركزية واحدة.

 

وتَعزّزت فكرة الاتحاد بعدها بفعل عوامل عديدة؛ كالعامل الاقتصادي والتعليمي والصحي والتنموي، وبخاصةً أنّ الخليجيين يتربعون على أحد أكبر التكتلات الاقتصادية العالمية، بما يتجاوز 1.6 تريليون دولار.

 

نزاع مفاجئ

 

الحديث عن ذلك بدأ بتصريح لرئيس الوزراء البحريني، الشيخ خليفة بن سلمان آل خليفة، في تصريح مقتضب عقب الاجتماع الوزاري التحضيري لمجلس التعاون لدول الخليج في دورته الـ141، في المنامة، العام الماضي، وقال: "علينا كمنظومة خليجية، أن نحافظ دائمًا على مصالحنا، وأول ما يحقق هذه المصالح هو الاتحاد الخليجي"، قبل أن تتحول بلاده لأحد أطراف النزاع المفاجئ بالخليج.

 

في حين قال وزير الخارجية البحريني، الشيخ خالد بن أحمد بن محمد آل خليفة، إنّ ملف الاتحاد الخليجي سيكون حاضرًا على جدول أعمال قمة مجلس التعاون الخليجي الـ38 بالبحرين، وهو الأمر الذي لم تحسمه القمة بعد.

 

حرمان من بسط النفوذ

 

نشأة الاتحاد كانت ستحمل في طيّاتها رؤىً واستراتيجيات تزيد من قدرة وقوة دوله، ما يدفع نحو بسط النفوذ بالشرق الأوسط والعالم.

 

كما كان الاتحاد الخليجي سيمدّ الدول بميزات أهمها، مواجهة الأطماع الخارجية، والحد من الأخطار الداخلية، وتعزيز الاستقرار، وخلق كيان سياسي واقتصادي يتناسب مع متطلبات وإمكانات المنطقة، والتغلب على مشكلة العمالة الوافدة التي باتت تشكل تهديداً ديموغرافيًّا حقيقيًّا.

 

وحتى القمة الخليجية الماضية التي احتضنتها المنامة في ديسمبر 2016، كان بعض سكان الخليج يتطلعون إلى إقرار عملة موحدة، ثم الانتقال إلى خطوة أبعد تتمثّل بفك الارتباط الخليجي بالدولار؛ للتأثير في إدارة الرئيس الأمريكي المنتخب، دونالد ترامب، الذي طالب الخليجيين مؤخرًا بدفع الأموال مقابل "الحماية".

 

الخليجيون رهائن

 

قطر، أكدت مرارًا وتكرارًا أهمية وحدة الصف الخليجي، وقال رئيس اللجنة الوطنية لحقوق الإنسان في قطر علي المري إنّ "الحصار الذي فُرض رافقه انتهاكات حقوقية خطيرة تمثلت في تشتيت شمل الأسر وانتهاك حق الكثيرين في التنقل والتعليم"، وهو ما أكدته منظمات حقوق الإنسان الدولية بعدها.

 

المري أكد في جلسة استماع بالبرلمان الأوروبي ببروكسل، في 20 يونيو الماضي، أنّ "الحصار استعمل المدنيين كرهائن، وطبق عليهم عقوبات جماعية لأسباب لا علاقة لهم بها، ما يعكس بعدًا عن آمال الشعوب الخليجية، وغياب لمصالحهم.

 

الدبلوماسي السابق السفير معصوم مرزوق الخبير في الشؤون السياسية اعتبر أنَّ الأنظمة العربية الحالية تفتقد ما أسماها "البوصلة السياسية".

 

وقال - في حديث لـ"مصر العربية" - إنَّه لا توجد أولويات ولا تحديد للمخاطر الحقيقية التي تتعرض لها.

 

الأزمة الخليجية في خضم هذا الطرح يراها مرزوق وسيلة لـ"تلهية الشعوب" عن مشكلاتها الحقيقية، ومجرد إطلاق ذخيرة في الهواء دون جدوى.

 

وأضاف: "الدول العربية هي التي وضعت نفسها في هذا الموقع، فأصبح العرب ضحايا لخطط يتم رسمها في عواصم خارج المنطقة".

 

ورأى أيضًا: "هناك شكلة في النظام العربي الرسمي أشبه بفيروسات في الجينات الوراثية العربية بأنها تصدِّر مشكلاتها الداخلية وتحوِّلها إلى صراعات لصالح قوى إقليمية أو دولية، بحيث تجذب الانتباه بأنها تخوض معارك ولديها أمور هامة تسير وراءها، وتلقي بمشكلاتها وأحيانًا فشلها الداخلي إلى معركة وهمية مع أي طرف".

 

جميع الحقوق محفوظة لمصدر الخبر مصر العربية وتحت مسؤليتة ونرجوا متابعتنا بأستمرار لمعرفة أخر الأخبار علي مدار الساعة مع تحيات موقع موجز نيوز الأخباري

اشترك فى النشرة البريدية لتحصل على اهم الاخبار بمجرد نشرها

تابعنا على مواقع التواصل الاجتماعى