«أرقام فلكية» في حرب اليمن.. هل وضعت السعودية في مأزق؟

«أرقام فلكية» في حرب اليمن.. هل وضعت السعودية في مأزق؟
«أرقام فلكية» في حرب اليمن.. هل وضعت السعودية في مأزق؟

"السعودية المتحفِظة - تاريخيًّا - تشن حربًا، ولا تزال".. تمر الأيام وتتوالى ولم تحسم السعودية حربها في اليمن ضد جماعة أنصار الله "الحوثي"، ومن ورائها إيران.

 

تقود السعودية تحالفًا عربيًّا في اليمن ضد الحوثيين، يقول المشاركون فيه إنّه جاء "استجابة لطلب الرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي بالتدخُّل عسكريًّا لحماية اليمن وشعبه من عدوان المليشيات الحوثية، والقوات الموالية للرئيس السابق علي عبد الله صالح".
 

ليس كل جوانب هذه الحرب عسكريًّا، بل أيضًا اقتصاديًّا، إذ تتحدث تقارير عن خسائر فادحة تلقتها الرياض ومعسكرها "العربي" جرّاء هذه الحرب.


لم تعلن السعودية أو غيرها من دول التحالف الذي يضم أيضًا الإمارات والكويت وقطر وعمان والبحرين والسودان أيّ تكلفة لعملياتها العسكرية في اليمن، إلا أنّ تقارير دولية وخليجية تناولت هذه التكلفة بأرقام متفاوتة.

 

في أبريل 2015، وتحديدًا بعد ثمانية أيام على بدء هذه الحرب، ذكرت فضائية "العربية" السعودية أنّ التكلفة المتوقعة تبلغ 175 مليون دولار شهريًّا على الضربات الجوية ضد مقاتلي "الحوثي" في اليمن، باستخدام 100 طائرة.

 

وأشارت القناة آنذاك، كما نقل عنها "الخليج أون لاين"، إلى أنّ الحملة الجوية التي قد تستمرّ أكثر من خمسة أشهر، ربما تكلّف الرياض أكثر من مليار دولار.

 

بينما قدّرت مجلة "فوربس" الأمريكية، بعد 6 أشهر من اندلاع الحرب، أنّ تكلفة هذه الفترة بلغت نحو 725 مليار دولار، أي أنّ التكلفة الشهرية تصل لـ120 مليار دولار.

 

وفي دراسة نشرتها مؤخرًا جامعة "هارفارد" الأمريكية، تحدّثت عن أنّ تكلفة الحرب تصل إلى 200 مليون دولار في اليوم الواحد.

 

أمّا صحيفة "الرياض" السعودية، فقدّرت أيضاً تكلفة تشغيل الطائرات السعودية المشاركة بالحرب بنحو 230 مليون دولار شهريًّا، متضمّنةً تشغيل الطائرات والذخائر المُستخدمة والاحتياطية، وثمن كافة قطع الغيار والصيانة وغيرها.

 

من جانبه قدّر موقع "دويتشيه فيليه" الألماني تكلفة تشغيل الطائرات السعودية المشاركة بالحرب، ويبلغ عددها 100 طائرة، بمبلغ 175 مليون دولار شهرياً.

 

الثابت من كل هذا أنّ معظم تكلفة الحرب في الحالة اليمنية يستهلكها سلاح الجوّ، فالتحالف العربي لم يتدخّل برّيًّا حتى الآن.

 

وفي مارس الماضي، أعلن المتحدث الرسمي باسم قوات التحالف اللواء أحمد عسيري أنّ عدد الطلعات الجوية التي نفّذها طيران التحالف في سماء اليمن بلغت أكثر من 90 ألفًا.


واعتمادًا على هذا الرقم، وقياسًا بتكلفة الطلعة الجوية الواحدة للطائرات الأمريكية المشاركة بالحرب ضد تنظيم "الدولة" في سوريا والعراق، التي تُقدّر بـ84 ألف دولار إلى 104 آلاف دولار، فإنّ التحالف العربي أنفق على الضربات الجوية في اليمن خلال عامين 7 مليارات و560 مليون دولار، إلى 9 مليارات و360 مليون دولار.

 

اللافت أنّ كل هذه التكلفة التي تتحمل الرياض جانبها الأكبر، تتزامن مع أزمة كبيرة يواجهها الاقتصاد السعودي، الذي يعاني من تبعات تراجع أسعار النفط في السنوات الأخيرة، حيث دخل في دوامة من الركود وعجز في الموازنة، كما تراجع النمو الذي ينتظر أن يكون بحدود 1.33% العام المقبل من 2.33% متوقعة خلال العام الجاري، وفق تقديرات صندوق النقد الدولي.


وأشارت تقارير دولية إلى أن من مظاهر الأزمة أنّ المملكة اتجهت للمرة الأولى منذ عقود إلى الاقتراض من بنوك عالمية، كما لجأت إلى مراجعة أو تجميد مشروعات غير مكتملة في البنية التحتية بمليارات الدولارات بهدف خفض عجز الموازنة، الذي يتوقع أن يبلغ نحو 53 مليار دولار العام الجاري، كما ارتفع الدين العام إلى 316.5 مليار ريال بنهاية 2016، مقارنةً بـ142.2 مليار في 2015.


كما ذكرت مؤسسات اقتصادية دولية وخبراء أنّ الاقتصاد السعودي يعيش صدمة انخفاض أسعار النفط، ويعاني أزمة هيكلية جرّاء الاعتماد بشكل كبير على الريع النفطي وعدم تنويع مصادر الدخل، والافتقار إلى إنفاق استثماري فعال، وزيادة النفقات العسكرية جراء حرب اليمن وصفقات التسليح الضخمة.

 

ولي العهد الأمير محمد بن سلمان حسم الجدل - قبل أيام - بشأن مستقبل الحرب اليمنية، حين صرّح بأنّ الحرب التي تقودها بلاده لدعم الشرعية هناك ستستمر لمنع تحول الحوثيين لـ"حزب الله".

 

ونقلت قناة "العربية" عن ولي العهد: "حرب اليمن ستستمر لمنع تحول الحوثيين لحزب الله آخر على حدودنا".

 

ويعكس حديث ولي العهد أنّ السعودية ماضية فيما مضت فيه منذ أشهر طويلة، لكنّ التساؤل إلى متى، وكيف سيكون "غد اليمن" حال استمرار "انتهاكات الحرب".

 

استمرار العمليات العسكرية التي تدخل عامها الثالث أثار الجدل هي الأخرى، فعلى جانب تستمر المواجهات دون أن تسفر عن شيء إلى قتلًا وتدميرًا واسعين، وهو ما يفرض ضرورة توفقها رفقةً بالمدنيين وحفظًا لدمائهم، مع ضرورة حل الأزمة سياسيًّا بحوار يوقف سيل الدماء.

 

إلا أنّ محللون اعتبروا أنّ السعودية ليس أمامها إلا مواصلة القتال، وهذا من باب وقف الخطر الذي يحاصرها من الحوثيين ومن ورائهم طهران، ومنعًا للمد الإيراني في المنطقة التي يهدد بكثير من المخاطر كما تقول الرياص.

 

المحلل ميسرة بكور مدير مركز الجمهورية للدراسات وحقوق الإنسان اعتبر أنّ من يقود عمليات التحالف في اليمن هي السعودية والإمارات.

 

وقال في حديثه لـ"مصر العربية": "سواء في عاصفة الحزم أو إعادة الأمل نجد أنّ السعودية والإمارات فقط من يديران العمليات هناك، ومن ورائهما السودان".

 

وأضاف: "قطر لم تخرج من التحالف لكنّها أُخرجت بعد الأزمة مع دول المقاطعة.. نحن أمام ضغوط كبيرة تمارس على السعودية في انتهاكات حقوق الإنسان، وهناك اتهامات من منظمات دولية كبيرة بأن التحالف يرتكب انتهاكات ضد المدنيين في اليمن، وهو ما يشكّل ضغوطًا على المملكة ومن معها في التحالف".

 

هذه الضغوط - كما يرى بكور - قادت بعض الأطراف إلى مغادرة التحالف على الفور، رغم أنّ مشاركتها فيها هي رمزية تضامنية إلى حد بعيد، متحدثًا كذلك عن ضغوط تتعرض لها أمريكا وبريطانيا لدعمهما التحالف، ما يشكل ضغوطًا أكبر.

 

ورغم ذلك، أكّد بكور أنّ السعودية ليس أمام خيار آخر إلا الاستمرار في سياساتها الراهنة (عمليات التحالف)، وقال: "الحوثي وإيران لم يتركوا أمام المملكة أي خيار.. صحيح أن هناك مدنيون يسقطون وأعمال خراب ودمار كبيرة لكن لا توجد خيارات كبيرة أمام السعودية".

 

وتساءل: "هل على السعودية أن تطيع حسن نصر الله بخطابة الأخير عندما قال إنّ المملكة نتيجة سياساتها الخاطئة حدث كل ما حدث.. أين هي السياسات الخاطئة؟.. هل تترك الحوثيون يتمددون ويحتلون اليمن ثم يتقدمون إلى الرياض كما هدّد المسؤولون الإيرانون حين وصفوا الحوثي بأنه ملك الجزيرة العربية؟".

 

وتابع: "السعودية ليس لديها خيار آخر عن الاستمرار في هذه العمليات، مع تحسين بيئة العمل وظروف العمليات العسكرية ودعمها للجيش اليمني.. هذا ربما يحسّن صورتها في المعارك".

 

ومضى يقول: "إذا كان هناك خطأ ارتكبته السعودية فهو عدم اجتثاث حسن نصر الله وميليشيا إيران سواء في سوريا أو العراق أو غيرهما من المناطق".

 

بكور رأى أنّ تدخل السعودية في هذه الحرب كان "إجباريًّا" للدفاع عن نفسها وأمنها القومي.

 

خروج بعض الأطراف من التحالف أكد "المحلل السوري" أنّه لن يؤثر على سير المعارك على الأرض، فاشتراك هذه الدول كان معنويًّا تضامنيًّا، أمّا من يقود العمليات فهي السعودية والإمارات ومن خلفهما السودان".

 

عمليًّا، لا يرى بكور أن هناك حربًا برية، لكن ما يتم هو قصف مدفعي على الحد الجنوبي للسعودية فضلًا عن القصف الجوي، وكذا العمليات في الداخل اليمني يقوم بها فصائل الدولة، سواء الجيش الوطني أو العناصر التابعة للإمارات أو السعودية، وبالتالي فإنّ دور التحالف هو عمليات جوية.


 

جميع الحقوق محفوظة لمصدر الخبر مصر العربية وتحت مسؤليتة ونرجوا متابعتنا بأستمرار لمعرفة أخر الأخبار علي مدار الساعة مع تحيات موقع موجز نيوز الأخباري

اشترك فى النشرة البريدية لتحصل على اهم الاخبار بمجرد نشرها

تابعنا على مواقع التواصل الاجتماعى