الأزمة السورية تفرّق بين مصر والسعودية.. لماذا اختلف الحليفان؟

الأزمة السورية تفرّق بين مصر والسعودية.. لماذا اختلف الحليفان؟
الأزمة السورية تفرّق بين مصر والسعودية.. لماذا اختلف الحليفان؟

"الحليفان يفترقان من جديد".. ليست المرة الأولى التي يدب ما يسيميه البعض "خلافًا" بين القاهرة والرياض، بشأن سوريا.

 

هذه المرة، امتنعت مصر عن التصويت على مشروع قرار في مجلس الأمن يتعلق بحقوق الإنسان في سوريا، فصوّتت لصالحه 108 دول وعارضته 17 دولة فيما امتنعت عن التصويت 58 دولة، منها مصر.

 

مشروع القرار حمّل المسؤولية لنظام الرئيس السوري بشار الأسد والميليشيات الداعمة له وتنظيم "الدولة" وجبهة تحرير الشام "النصرة سابقًا"، كما طالب بتدمير السلاح الكيميائي، وأدان عمليات التهجير القسري للسوريين.

 

كان لافتًا للأنظار الخلاف بين حليفين في المنطقة، تجمعهما العديد من القضايا، لكنّ دبلوماسيًّا مصريًّا برر عدم التصويت بأنّ "القرار مسيس ومفتقد للتوازن إزاء تحديد المسؤولين عن انتهاكات حقوق الإنسان وتضمينه أكثر من إشارة للمحكمة الجنائية الدولية والتي لدى موقف معروف حيالها".

 

هذا الخلاف ليس الأول من نوعه، فلعل أكثر ما بدى ساخنًا على الساحة منذ انضمام مصر عضوًا غير دائم بمجلس الأمن ما جرى في "أكتوبر 2016"، حينما طرح في مجلس الأمن بشأن سوريا مشروعا قرار أحدهما روسي وآخر فرنسي، إلا أنّ القاهرة صوّتت للقرارين معًا، واستدعت الموافقة المصرية على القرار الروسي موقفًا سعوديًّا حازمًا، إذ اعتبرت القاهرة شقّت ما وصفته حينها بـ"الشق العربي"، كما اتهمتها بإضاعة فرصة إدانة نظام الأسد.

 

تقود هذه المواقف إلى مفهوم ملتبس لمعنى الشراكة بين القاهرة والرياض، فكلاهما مشترك مع الإمارات والبحرين في مقاطعة قطر "التي تسمي ما يحدث لها حصارًا" عقابًا لها على سياساتها التي تعتبرها الدول الأربع داعمة للإرهاب ومحرضة على نشر التطرف في المنطقة، وهو اتهامٌ كثيرًا ما نفته الدوحة عن نفسها.

 

كما أنّ القاهرة عضو في التحالف العربي، الذي يقاتل مارس 2015، في اليمن ضد جماعة أنصار الله "الحوثيين" وأتباع الرئيس المخلوع علي عبد الله صالح، في محاولة لاستعادة شرعية الرئيس المعترف به دوليًّا عبد ربه منصور هادي، ولصد خطر الميليشيات التي تقول الرياض إنّ طهران تزوّدهم بالأسلحة والصواريخ.

 

اللافت أيضًا في الخلاف المصري السعودي الأخير أنّه يأتي في توقيت ملتهب تمر به المنطقة العربية، لا سيّما بين الرياض وطهران وهي أحد أهم وأبرز داعمي نظام الأسد، وهو ما طرح تساؤلًا عن قبول الرياض بهذا الموقف المصري.

 

فالسعودية التي يقال عنها إنّها أجبرت رئيس الوزراء اللبناني سعد الحريري على الاستقالة من الرياض، باتت أقرب ما تكون - حسب محللين - إلى مواجهة عسكرية ما قريبًا لا سيّما بعدما وصلت الحرب الباردة مع إيران إلى مرحلة خطيرة.

 

إذ كانت تقارير قد تحدثت عن الرياض طالبت إسرائيل بعمل عسكري ضد حزب الله "ذراع إيران في لبنان"، وهو طلب غير متأكد منه حيث لم تعلنه السعودية أو تنفه، لكنّها كانت قد طالبت رعاياها بمغادرة لبنان فورًا ما منح إشارة إلى أنّ شيئًا ما كبيرًا يتم الإعداد له.

 

كل هذا التطور قوبل بموقف مصري لافت، إذ أعلن الرئيس عبد الفتاح السيسي صراحةً خلال مقابلة مع قناة "cnbc" الأمريكية أنّ مصر ليست بصدد القيام بخطوات ضد حزب الله، كما رفض مبدأ الحرب من الأساس.

 

أمر آخر، تمثل إيران الهاجس الأكبر وربما الأوحد للسعودية، إذ لا تخلو أزمةً وإلا وتفوح رائحة طهران من ورائها، سواء في سوريا أو اليمن أو العراق وبالقطع في لبنان، كما أنّ أزمة مقاطعة أو حصار قطر كان السبب الرئيسي ورائها هي العلاقات مع إيران"، كما أنّ القاهرة تمثل حالةً من الشراكة مع الرياض في أغلب هذه القضايا لكنّ على قدر مختلف، فمشاركة رئيسية في أزمة قطر، وقليلة عسكريًّا في ملف اليمن وما وأبعد نسبيًّا في الموقف من حزب الله.

 

هنا يطرح تساؤل نفسه، اختارت مصر في القرار كما غيره في بعض الأحيان، أن تبعد عن السعودية، وهنا بدا لكثيرين أن يشكّكوا في مستقبل تحالف القاهرة - الرياض، والإجراءات التي قد تشعل العلاقات في المستقبل القريب، ففي العام الماضي عندما صوتت القاهرة لصالح روسيا وضد السعودية في "قرار أكتوبر"، لم تكتفِ الرياض باللهجة العنيفة ضد القاهرة، بل وصل الأمر إلى وقف إمدادات نفطية، اعتبره البعض "رد فعل". 

 

الكاتب والمحلل مجدي شندي وضع تفسيرًا لذلك الخلاف، إذ قال إنّ السياسة الخارجية السعودية تختلف عن سياسات القاهرة التي تقوم على محاولة تصحيح النزاعات بطرق سلمية ومفاوضات، مع الحرص على عدم التدخل في الشؤون الداخلية للدول.

 

شندي اتفق على أنّ القرار كان مسيسًا ويفتقد للتوازن، وقال: "لقد كنا أمام حرب ارتكب فيها الطرفان بنفس القدر جرائم ضد المدنيين وجرائم ضد الإنسانية وليس عادلًا أن ندين طرف ونبرئ الآخر لمجرد أنّه حليف أو داعم".

 

وأضاف: "ارتكاب داعش أو جبهة النصرة وجند الشام لجرائم حرب ليس خافيًّا على أحد.. يمكن أن نراجع تصريحات للأمين العام السابق للأمم المتحدة بان كي مون في هذا الصدد، وأيضًا تقارير منظمة هيومان رايتس ووتش".

 

مصر لا يمكن أن تصوّت لقرار - يوضح شندي - كانت إسرائيل العرّاب الرئيسي له، وأشار إلى أنّ صحف إسرائيلية احتفت بالقرار وتحدثت عن تحالف مع السعودية، مشددًا على أنّه يجب أيضًا المطالبة بمحاسبة قيادات داعش وجبهة النصرة ومن زوّد بالمال والسلاح واشترى البترول من هناك.

جميع الحقوق محفوظة لمصدر الخبر مصر العربية وتحت مسؤليتة ونرجوا متابعتنا بأستمرار لمعرفة أخر الأخبار علي مدار الساعة مع تحيات موقع موجز نيوز الأخباري

اشترك فى النشرة البريدية لتحصل على اهم الاخبار بمجرد نشرها

تابعنا على مواقع التواصل الاجتماعى