الحريري وحزب الله.. من الفائز في معركة الاستقالة؟

 

بنفس سرعة ومفاجئة إعلان استقالته، تراجع  رئيس وزراء لبنان سعد الحريري أمس الأربعاء عن قراره، معلنا التريث في مسألة استقالته من منصبة.


وفاجأ الحريري الرأي العام المحلي والدولي بقراره "التريث في تقديم الاستقالة"، بعد لقاء عقده مع الرئيس اللبناني ميشال عون، وآخر مع رئيس المجلس النيابي نبيه بري.

 

وقبيل إعلان موقفه، قال الحريري على هامش احتفالات الذكرى الـ 74 للاستقلال، إن لبنان يحتاج في هذه المرحلة الدقيقة من حياتنا الوطنية إلى جهود استثنائية من الجميع لتحصينه فى مواجهة المخاطر والتحديات وفى مقدمة هذه الجهود سياسة النأى بالنفس عن النزاعات الإقليمية وعن كل ما يسئ للاستقرار الداخلى والعلاقات الأخوية مع الأشقاء العرب.

 

وكان الحريري قد أعلن استقالته منذ نحو أسبوعين بشكل مفاجئ من السعودية، ورفض الرئيس ميشال عون قبولها إلى حين عودته شخصيا.

 

وعاد رئيس وزراء لبنان إلى بيروت ليل الثلاثاء، بعد عقده عدة لقاءات مع رؤساء فرنسا ومصر وقبرص.

 

وأثار إعلان الاستقالة والتراجع عنها ضجة كبيرة في الأوساط اللبنانية والدولية، ما دفع البعض لطرح تساؤلا مفاده: من الفائز في هذه المعركة.. الحريري أم حزب الله؟.

 

تراجع الحريري

 

 

وعقب لقاءه مع الرئيس عون قال الحريري: "أتوجه بالشكر والامتنان إلى جميع اللبنانيين الذين غمروني بمحبتهم وصدق عاطفتهم، وأؤكد التزامي التام التعاون مع الرئيس لمواصلة مسيرة النهوض بلبنان وحمايته من الحروب والحرائق وتداعياتها على كل الصعد".

 

وأضاف: "عرضت استقالتي على الرئيس الذي تمنى علي التريث في تقديمها لمزيد من التشاور في أسبابها وخلفياتها فأبديت تجاوبا مع هذا التمني".

 

وأكد الحريري لحشد من المواطنين والأنصار تجمعوا أمام منزله أنه باق معهم ولن يترك لبنان وسيدافع عن عروبته.

 

وجاء احتشاد المئات أمام منزل الحريري في العاصمة اللبنانية بيروت بعد عودته إليها وتعليق استقالته إثر مشاورات مع عون.

 

وقال "لقد أبديت تجاوبي مع هذا التمني وآمل أن يشكل ذلك مدخلا جديا لحوار مسؤول يجدد التمسك باتفاق الطائف ومنطلقات الوفاق الوطني".

 

وشدد الحريري على أن مثل هذا الحوار "يعالج المسائل الخلافية وانعكاساتها على علاقات لبنان مع الأشقاء العرب".

 

استقالة الرئيس

 

 

ومنذ نحو أسبوعين أعلن سعد الحريري، في خطوة مفاجئة استقالته، من رئاسة الحكومة.

 

جاء ذلك في كلمة متلفزة ألقاها الحريري من الرياض، هاجم فيها إيران وحزب الله، معتبرا أن الأجواء الحالية في لبنان تشبه الأجواء التي سبقت اغتيال والده رفيق الحريري.

 

وقال حينها إن "لبنان تعيش لحظات حاسمة من تاريخ الأمة العربية، التي تعيش ظروفا مأسوية أفرزتها التدخلات الخارجية في شؤونها الداخلية".

 

وأضاف: "كنتم منارة العلم والمعرفة والديمقراطية، إلى أن تسلطت عليكم فئات لا تريد لكم الخير، دُعمت من خارج الحدود، وزرعت بين أبناء البلد الواحد الفتن، وتطاولت على سلطة الدولة، وأنشأت دولة داخل الدولة، وانتهى بها الأمر إلى أن سيطرت على مفاصلها وأصبح لها الكلمة العليا والقول الفصل في شؤون لبنان واللبنانيين".

 

وتابع: "أشير وبكل صراحة ودون مواربة إلى إيران، التي ما تحل في مكان إلا وتزرع فيه الفتن والدمار والخراب، يشهد على ذلك تدخلاتها في الشؤون الداخلية للبلدان العربية في لبنان وسوريا والعراق والبحرين واليمن. يدفعها إلى ذلك حقد دفين على الأمة العربية، ورغبة جامحة في تدميرها والسيطرة عليها. وللأسف، وجدت من أبنائنا من يضع يده في يدها، أقصد في ذلك حزب الله الذراع الإيرانية، ليس في لبنان فحسب، بل وفي البلدان العربية".

 

واستطرد: "خلال العقود الماضية، استطاع حزب الله للأسف فرض أمر واقع في لبنان بقوة سلاحه الذي يزعم أنه سلاح مقاومة، وهو الموجه إلى صدور إخواننا السوريين واليمنيين، فضلا عن اللبنانيين، ولست بحاجة إلى سرد هذه التدخلات، وكل يوم يظهر لنا حجمها، والتي أصبحنا نعاني منها، ليس على الصعيد الداخلي اللبناني فحسب، ولكن على صعيد علاقاتنا مع أشقائنا العرب، وما خلية حزب الله في الكويت عنا ببعيد، مما أصبح معه لبنان ومعه أنتم أيها الشعب اللبناني العظيم في عين العاصفة، ومحل الإدانات الدولية والعقوبات الاقتصادية بسبب إيران وذراعها حزب الله".

 

 لقاء رولا

 

 

وكان قد أعلن رئيس الحكومة اللبنانية سعد الحريري، الأسبوع الماضي أثناء تواجده في منزله بالرياض أنه "حر" في تنقلاته في المملكة.

 

وقال الحريري في مقابلة مع تلفزيون المستقبل التابع لتياره السياسي: "أنا حر هنا وإذا رغبت بالسفر غدا سأسافر"، مضيفا: "أنا كتبت بيان الاستقالة بيدي وأردت إحداث صدمة إيجابية".

 

وأكد حينها أن التراجع عن استقالته وارد في حال تم احترام سياسة النأي بالنفس، "سأقوم بكل الخطوات الدستورية في ما يخص استقالتي، وبعدها ندخل في مفاوضات مع كل الفرقاء السياسيين، التراجع عن استقالتي يبقى مرتبطا باحترام النأي بالنفس والابتعاد عن التدخلات التي تحدث في المنطقة".

 

فرنسا ومصر

 

 

وتوقف الحريري في عدة محطات منذ مغادرته السعودية ، كانت العاصمة الفرنسية باريس أولها حيث التقى بالرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، ثم القاهرة، حيث التقى الرئيس عبد الفتاح السيسي، والعاصمة القبرصية نيقوسيا التي التقى فيها الرئيس نيكوس أناستاسياديس.

 

تصرف مسئول

 

رياض عيسى، سياسي لبناني قال إن رئيس الوزراء سعد الحريري لم يتراجع عن استقالته، بل تصرف بشكل مسئول وحكيم، وبطريقة تدل على التزامة الوطني الكبير.

 

وأضاف لـ "مصر العربية" أن الحريري لو كان أعلن استقالته من القصر الجمهوري، لانهار الوضع الاقتصادي والأمني في البلاد، مؤكدا أن العواقب كانت وخيمة وغير محسوبة، مؤكدا أنه من انتصر في هذه المعركة.

 

وأكد أن بعد تصرف الحريري بات لازما على رئيس الجمهورية، ورئيس المجلس النيابي الدعوة للجلوس على طاولة المفاوضات لمناقشة الأوضاع، والأحداث الخلافية.

 

وأشار أنه لابد من مناقشة طرق النأي بالنفس عما يجري في المنطقة من صراعات، ووضع سلاح حزب الله على طاولة البحث، والاتفاق على استراتيجية دفاعية تضع حدا لهذا التسيب والانفلات الأمني واستخدام السلاح بعيدا عن إطار الشرعية.

 

هيمنة حزب الله

 

 

بدوره قال طارق سكرية، عميد ركن متقاعد بالجيش اللبناني، إن استقالة سعد الحريري من رئاسة الوزارء تسببت في ضربة كبيرة وموجعة للوضع السياسي والاقتصادي في لبنان، وكانت تعبر عن الضيق الذي يعانيه أهل السنة في لبنان جراء سيطرة حزب الله وسلاحه على مجريات الأمور.

 

وأضاف لـ "مصر العربية" أن الرئيس سعد الحريري أرغمته السعودية على تقديم استقالته لأنه لم يتخذ المواقف المناسبة تجاه دور حزب الله في لبنا  ،واليمن خاصة.

 

وتابع: "التدخلات الدولية، عربية وغير عربية، هي التي جعلت السعودية تفرج عنه، ولكن ضمن شروط سرية لم تتضح حتى الآن".


ومضى قائلا: "سيستمر حزب الله بنهجه القاضي بالسيطرة التامة على كل مفاصل الحكم في لبنان، ولن يثنيه عن ذلك استقالة الحريري أو عودته عنها، فالحزب يعمل كأداة من أدوات مشروع الهيمنة الإيرانية على منطقتنا".

 

وأكد أن الموقف برمته زاد "مؤقتًا" من شعبية الرئيس الحريري، لكن سلاح حزب الله هو الرابح في النهاية، مشيرا إلى أن الحل لوقف حزب الله عن تدخلاته، تسوية سياسية كبرى في سوريا تزيل حكم بيت الأسد، وتنهي دور إيران فيها.

 

وتولى الحريري مهام منصبه في ديسمبر 2016، في إطار تسوية بين مختلف التيارات لإخراج البلاد من أزمتها السياسية التي استمرت سنوات.

 

وجاء تعيين الحريري، عقب انتخاب عون رئيسا للبلاد، نهاية أكتوبر 2016، بعد نحو عامين ونصف العام من شغور منصب الرئيس جراء انقسامات سياسية حادة حول ملفات عدة داخلية وخارجية، على رأسها الحرب في سوريا المجاورة التي يشارك فيها حزب الله إلى جيش النظام السوري.

 

وكان الحريري قد شغل منصب رئيس الوزراء سابقًا بين عامي 2009 و2011، ويقود حزب تيار المستقبل منذ عام 2005، خلفًا لوالده الراحل رفيق الحريري، الذي اغتيل في تفجير بالعاصمة اللبنانية.

 

جميع الحقوق محفوظة لمصدر الخبر مصر العربية وتحت مسؤليتة ونرجوا متابعتنا بأستمرار لمعرفة أخر الأخبار علي مدار الساعة مع تحيات موقع موجز نيوز الأخباري

اشترك فى النشرة البريدية لتحصل على اهم الاخبار بمجرد نشرها

تابعنا على مواقع التواصل الاجتماعى