قمة سوتشي واجتماع الرياض.. هل اقتربت التسوية السياسية للأزمة السورية؟

قمة سوتشي واجتماع الرياض.. هل اقتربت التسوية السياسية للأزمة السورية؟
قمة سوتشي واجتماع الرياض.. هل اقتربت التسوية السياسية للأزمة السورية؟

"القضاء على تنظيم الدولة وجبهة النصرة بات وشيكًا، ودعم حوار موسع بمشاركة جميع ممثلي الشعب السوري".. هذا أبرز ما أعلن في ختام "لقاء سوتشي" بين روساء روسيا وتركيا وإيران، إذ تحدّث فلادمير بوتين ورجب طيب أرودغان وحسن روحاني عن تسوية سياسية للأزمة السورية من خلال عملية شاملة وحرة عادلة وشفافة، يجريها السوريون وتفضي إلى اعتماد دستور يحظى بتأييد الشعب وإجراء انتخابات حرة وعادلة، تشرف عليها الأمم المتحدة، ويشارك فيها كل السوريين.

 

كان لهذا السيناريو أن يكون مبشّرًا إذا ما تم الاتفاق عليه في الأشهر الأولى للثورة السورية، حين خرج الشعب هناك في (2011) ضد نظام بشار الأسد، لكنّه أبى أن يتزحزح عن العرش ووجّه مدافعه وبنادقه ضد جناحر الثائرين، حتى تحول المشهد من ثورة في ربيع عربي إلى حرب ضد إرهاب، لا يُعرف هناك "من يقاتل فيه من؟".

 

في منتجع سوتشي، عقدت القمة، بين زعماء أطراف يحدّدون مستقبل السورية، وليس بغريب أن تكون لهم السيطرة على المشهد، إذ أنّهم فاعلون على الأرض أيّما فاعلية، فروسيا ومن ورائها إيران وميليشياتها لهم الدور الأبرز في بقاء الأسد رئيسًا للنظام حتى الآن، فيما تتحرك تركيا عسكريًّا هناك هي الأخرى لصد خطر المقاتلين الأكراد الذي تصنف فصيلهم هناك على أراضيها بأنّه "إرهابي".

 

بحثت القمة ما قيل إنّها تسوية سياسية لإنهاء الأزمة السورية المستمرة منذ ست سنوات، والثابت الوحيد منها هو عداد قتل الشعب الذي لا يتوقف، إذ تنوع بين نار البراميل أو طوفان أمواج البحار التي ابتلعت مياهها كثيرًا من اللاجئين، في مقدمتهم الطفل إيلان، صغير سوريا الممدد الذي لفّت صوره العالم كله، دونما أن يتحرك أحد، على الأقل كما يحلمون.

 

في سوتشي، أكّد الرئيس الروسي فلاديمير بوتين أنّه يرى فرصةً حقيقيةً لإنهاء النزاع الذي تشهده سوريا منذ 2011، وصرح: "ظهرت فرصة حقيقة لإنهاء هذه الحرب الأهلية التي تعود إلى عدة سنوات"، وذلك قبل أيام من جولة محادثات جديدة في جنيف تحت إشراف الامم المتحدة.

 

وأضاف: "بفضل جهود روسيا وإيران وتركيا تمكنا من تفادي انهيار سوريا ومنع وقوعها في أيدي إرهابيين دوليين".

 

بدوره، تحدث الرئيس الإيراني حسن روحاني عن ضرورة انتهاء التدخل الخارجي في الصراع في سوريا، وأكّد أنّ الوجود العسكري الخارجي هناك لا يكون مقبولاً إلا بدعوة من الحكومة السورية.

 

روحاني لم يذكر دولًا بالاسم، وأبلغ نظيريه الروسي والتركي بأنّ هناك ضرورة حاليًّا للقضاء على آخر الخلايا الإرهابية في سوريا، وأن الأجواء ممهدة لتسوية سياسية.

 

أمّا الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، فقال إنّ قرارات حيوية ستتخذ لإيجاد حل للأزمة السورية، وشدّد على أنّه من المهم لجميع الأطراف أن تساهم في حل سياسي للأزمة يكون مقبولًا للشعب السوري.

 

تزامنت قمة سوتشي مع مؤتمر "الرياض 2" للمعارضة السورية وقبل مفاوضات جنيف 5، وبعد تحولات ميدانية مهمة على الأرض السورية، بما يشي بتحريك الملف السياسي نحو فصله الأخير.

 

روسيا وتركيا وإيران هي الأكثر فاعلية في الملف السوري على الصعيد الميداني والسياسي، وقد ارتبطت منذ نحو عام باتفاقات ضمن مسار أستانا لحل الأزمة التي أفرزت الاتفاق على مناطق خمس لخفض التصعيد، بما ساهم في التهدئة الميدانية النسبية التي عرفتها البلاد.

 

كما تملك هذه الدول المفاتيح الرئيسية للحل وسوريا" target="_blank">الحرب في سوريا بحكم وجودها الميداني على الأراضي السورية أو تأثيرها الكبير على الأطراف الرئيسية في الصراع سواء من جانب النظام "إيران وروسيا" أو تركيا "المعارضة"، وهي البلدان الضامنة لعملية التسوية السورية وفق اتفاق أستانا.

 

ركّزت أجندة المحادثات على ملفات إدلب وعفرين واتفاقيات مناطق خفض التصعيد وتنسيق الجهود العسكرية في مكافحة الإرهاب، وصولًا لبحث إمكانية الانتقال للمسار السياسي، كما منحها الرئيس التركي بعدًا أكبر، حيث اعتبرها ستكون مهمة جدًا في مستقبل المنطقة.

 

بعد القمة، حمل أردوغان ما أسماها سوريون متفائلون "بشائر الخير"، إذ قال إنّ قرارات حيوية ستُتخذ لإيجاد حل للأزمة السورية، وأشار إلى أنّه من المهم لجميع الأطراف أن تساهم في حل سياسي للأزمة يكون مقبولاً للشعب السوري.

 

وأضاف: "القمة الثلاثية (في سوتشي) مهمة للغاية من ناحية وقف سفك الدماء بسوريا بشكل تام، وإنهاء المأساة المستمرة فيها منذ سنوات.. نثق بأنّ قرارات حساسة ستُتخذ خلال القمة الثلاثية الخاصة بسوريا في سوتشي"، مشيرًا إلى أنّ "العالم شاهد النتائج الإيجابية لتأسيس كل من تركيا وروسيا وإيران أجواء عمل إيجابية حول الأزمة السورية".

 

اختلفت هذه القمة عن سابقاتها في ظروفها وملابساتها، فتأتي مع انتهاء سيطرة تنظيم "الدولة" في كل معاقله الرئيسية في سوريا كما في العراق، وهو ما يجعل الحديث عن حل سياسي في سوريا وبلورة خطوطه العريضة واقعيًّا وفق ما يقول المحلل السياسي الروسي ألكسي مالاشينكو.

 

ويضيف مالاشينكو أنّ روسيا تريد من خلال القمة إيجاد حلفاء في مؤتمر جنيف المقبل، والاتفاق حول عقد "مؤتمر للحوار الوطني السوري" في سوتشي يجمع الحكومة والمعارضة السوريتين والذي تتحفظ عليه أنقرة، في وقت تتمسك المعارضة بعملية جنيف وترفض هذا المؤتمر.

 

وستدفع تركيا في اتجاه قبول طرفي التفاوض لترتيبات عسكرية تتعلق بوحدات حماية الشعب الكردية "الجناح العسكري لحزب الاتحاد الديمقراطي الكردي السوري" وبخاصةً في عفرين، وهو الآن المطلب الأساسي لها لما يشكله من تهديد للأمن القومي التركي، مقابل التخلي عن بعض الشروط والمطالب.

 

ويرى الباحث في المجلس الروسي للشؤون الخارجية تيمور أحمدوف أنّ هذا الهدف - إضافةً إلى احتفاظ تركيا بدور في المفاوضات السياسية المستقبلية - أهم بالنسبة لها من رحيل الأسد عن السلطة.

 

ورغم أنّ الدول الثلاث تصرح بأنّ مسار أستانا أو اجتماع سوتشي لا يعتبران بديلًا عن مفاوضات جنيف، فإنّ مخرجات هذا المؤتمر سيكون لها دور كبير في إعادة إخراج مفاوضات الحل في سوريا.

 

كما تؤشر المحطات المتقاربة والحراك السياسي الكبير خلال الأيام الماضية على أنّ الحل السياسي في سوريا بدأ يتبلور بناء على المعطيات الميدانية، أهمها هزيمة تنظيم "الدولة" والمواقف التي تبعته، والتفاهمات الأمريكية الروسية التي أعلنت قبل أيام وأكدت أولوية الحل السياسي.

 

أيضًا، منحت القمة أهمية أخرى تمثلت في زيارة سرية غير معلنة، أجراها الأسد إلى قصر الكرملين، استغرقت نحو ثلاث ساعات، وبعدها أجرى بوتين عدة اتصالات مع زعماء دول فاعلة في الأزمة السورية، في إشارة إلى أنّ أمرًا جديدًا يُحضر للأزمة السورية.

 

وفي سياق غير بعيد، أعلنت السلطات الأمريكية أنّها لا تنوي سحب قواتها العسكرية من سوريا، حتى بعد القضاء على تنظيم "الدولة" بالكامل، وذلك بهدف الاستمرار في ممارسة الضغوط على الأسد.

 

صحيفة "واشنطن بوست"، نقلت عن مصادر رسمية، اليوم الخميس، أنّ القوات الأمريكية، في ظل هزيمة التنظيم المتطرف شبه الحتمية، ستفقد ذريعة قانونية لوجودها في الأراضي السورية.

 

وسيسمح خروج القوات الأمريكية لجيش النظام باستعادة السيطرة على المناطق التي لا تزال خاضعة لتنظيم "الدولة"، وهو ما سيكون ضمانًا لبقاء الأسد سياسيًّا وسيكون انتصارًا لإيران أيضًا، ولتفادي ذلك، تعتزم واشنطن إبقاء قواتها العسكرية في سوريا، وتحديدًا في المناطقة الخاضعة لـ"قوات سوريا الديمقراطية" في شمال سوريا وإنشاء إدارة غير مرتبطة بدمشق في تلك المناطق.

 

وفي شأن غير بعيد، كشف تقريرٌ لصحيفة "هآرتس" الإسرائيلية، عن تنسيق سعودي روسي من أجل إعادة هيكلة المعارضة السورية، بما في ذلك إيجاد بديل للهيئة العليا للمفاوضات، لتتأقلم مع الوضع الجديد، وهو بقاء الأسد في السلطة.

 

وبعد يومين من لقاء الأسد وبوتين في منتجع سوتشي، التقت المعارضة السورية المعروفة بتشرذمها في العاصمة السعودية الرياض أمس الأربعاء، من أجل اجتماعٍ يهدف إلى رصّ الصفوف والتوصُّل إلى رؤيةٍ موحدة، قبيل جولةٍ جديدة من المحادثات في جنيف.

 

وقبل ساعاتٍ من اجتماع الرياض، قدَّم قرابة 10 من رموز المعارضة، من بينهم مُنسِّق الهيئة العليا للمفاوضات، رياض حجاب، استقالاتٍ احتجاجية، مُتَّهمين الآخرين بأنَّهم على استعدادٍ كبير لقبول استمرار حكم الرجل الواحد الذي يعتبرونه طاغيةً غير موثوق.

 

وتعاني المعارضة السورية منذ فترةٍ طويلة لإثبات ترابطها تحت قيادة مختلطة تتألَّف من أكاديميين، وسياسيين في المنفى، ورجال دين مسلمين، وجهاديين متشددين.

 

وعلى الرغم من وجود مجموعة واسعة من الحلفاء الدوليين (الدول الغربية، ودول الخليج الثرية، وتركيا المجاورة) فلطالما عانت المعارضة من ضعف تسليحها بالمقارنة مع خصومها، وأضعفها كثرة حلفائها، الذين تنازعوا في كثيرٍ من الأحيان على النفوذ.

 

وقال وزير الخارجية السعودي عادل الجبير، أمس، إنَّ بلاده ستدعم المعارضة السورية للخروج مُوحَّدةً من المباحثات الجارية في العاصمة السعودية، الرياض، وقبيل محادثات السلام في جنيف.

 

وصرَّح للصحفيين في الرياض بعد حضوره الجلسة الافتتاحية لمؤتمر المعارضة السورية، الذي يهدف لتوحيد صفوفها قبيل محادثات السلام في جنيف: "نحن سنكون عونًا ودعمًا لهم (المعارضة) في كل ما يحتاجونه، وإن شاء الله نأمل أن يستطيعوا أن يخرجوا من هذا المؤتمر بصفٍّ واحد".

 

جاء اجتماع الرياض في الوقت الذي جمَّدت فيه الجهود التي تقودها روسيا إلى حدٍّ كبير خطوط الصراع في سوريا، عن طريق مفاوضاتٍ مكثفة مع تركيا وإيران والأردن والولايات المتحدة على مدار العام.

 

وقال سوري يتوسَّط بين الأطراف والقوى الخارجية في العاصمة السعودية، إنَّ الأمر يؤول الآن إلى السعودية كي تُقدِّم كتلة معارضة شاملة من أجل المحادثات المقبلة مع الحكومة في جنيف وسوتشي، وترجمة الجمود في المفاوضات السورية إلى تقدُّمٍ دبلوماسي، ولا يمكن تحديد هوية الشخص السوري لأنَّه ليس مُخوَّلاً بالحديث للصحفيين.

 

وأُحبِطت المحادثات السابقة برفض الهيئة العليا للمفاوضات القبول بمجموعات المعارضة الناتِجة عن القاهرة وموسكو، والتي يُنظَر إليها سلبيًّا باعتبارها قريبة من الأسد، وقد سمح ذلك للأسد وروسيا بالمماطلة في المسار الدبلوماسي، على أساس أنَّهما لم يكونا يتفاوضان مع ائتلاف مُمثِّل لأطياف المعارضة، في حين خطيا خطواتٍ كبيرة لسحق المعارضة المسلحة في سوريا.

جميع الحقوق محفوظة لمصدر الخبر مصر العربية وتحت مسؤليتة ونرجوا متابعتنا بأستمرار لمعرفة أخر الأخبار علي مدار الساعة مع تحيات موقع موجز نيوز الأخباري

اشترك فى النشرة البريدية لتحصل على اهم الاخبار بمجرد نشرها

تابعنا على مواقع التواصل الاجتماعى