شاعرة أمازيغية: الثقافة في الجزائر هزيلة.. والكتب سلعة كاسدة

شاعرة أمازيغية: الثقافة في الجزائر هزيلة.. والكتب سلعة كاسدة
شاعرة أمازيغية: الثقافة في الجزائر هزيلة.. والكتب سلعة كاسدة

[real_title]  

عرفت الجزائر مبدعين باللغة الأمازيغية يكتبون وينشرون إبداعاتهم بلغتهم الأم، من بينهم الشاعرة فاطمة بن شعلال، والتي كتبت الشعر الأمازيغي مبكرا، ورافقته بالشعر باللغة العربية.

 

بن شعلال تشجعت مؤخرًا ونشرت أول أعمالها، رغم أن النشر لم يكن من طموحاتها، بل كان رغبة من والدها الذي كان يحلم بقراءة كتاب مزيل باسم ابنته الشاعرة.

 

"مصر العربية" تقابلت مع الشاعرة التي فتحت لنا خزائن أسرارها، كيف بدأت الكتابة، واحترفتها بالعربية والأمازيغية، وكان لنا هذا الحوار:

 

صدر لكِ مؤخرًا مجموعة شعرية وقصة قصيرة.. لماذا طبعتِهم على حسابك؟

 

نعم صدرت لي مجموعة شعرية تحت عنوان "لو...رذاذ" ورواية قصيرة بعنوان " ذات القلبين"، أما لماذا طبعتهما على حسابي، فتلك قصة طويلة أهم عنصر فيها هي رغبتي في التمسك باستقلاليتي، فلا أريد أن أطبع تحت أية قبة فأحسب عليها، والعنصر الثاني هو الوضع المتردي للنشر في البلد، أغلب الناشرين يحتالون على الكتّاب لاسيما المبتدئين في عالم النشر، يستغلون عدم ثقافة الكتّاب قانونيا فلا يوقعون معهم عقودا تحدد حقوق وواجبات كل طرف، رغم أن قانون النشر الجزائري واضح في هذا المضمار، هناك إجحاف كبير بحق الكاتب غير المشهور من طرف الناشرين.


تنحدرين من منطقة القبائل وتكتبين بالعربية والأمازيغية.. هل ثمة تشابه في المتن بين اللغتين؟

 

 الأمازيغية هي الغة الأم بالنسبة لي، رضعتها مع حليب أمي و بها نطقت كلماتي الأولى، العربية تعلمتها لاحقا وأحببتها وكتبت بها شعرا ونثرا، لكني كتبت أيضا الشعر بأمازيغيتي، اللغتان تختلفان شأن كل اللغات، لكنهما تتقاطعان لديّ في الإحساس، بمعنى إحساسي أنا بهما وقت الكتابة، أتقن اللغتين بطلاقة وعمق، وعندما يحضرني مخاض القصيدة، اللغة التي تولد بها هي التي تفرض نفسها عليّ ولست أنا من أختار أو أقرر بأيهما أكتب.

 

عملك الأخير بالأمازيغية لازال قيد الطبع عنوانه بأي حرف كتبت؟

 

إصداري القادم ديوان يحتوي على مجموعة أشعار كتبتها بالأمازيغية تحت عنوان "ثفاث" بمعنى الضوء. كتبتها بالحرف العربي لأني للأسف لا أعرف حرف التيفيناغ وأعتبر ذلك تقصيرا مني. كتابة الأمازيغية بالحرف العربي تجعل قراءتها عسيرةمالم تكن مشكولة، لذا لابد من التشكيل كي يستطيع القارئ فهم ما كُتب إضافة إلى أن هناك حروفا ننطقها بالأمازيغية ولا يوجد لها ما يقابلها في الحروف العربية.

 

تكتبين الشعر الأمازيغي بماذا يختلف عن الشعر باللغة العربية ؟ 

 

كما في العربية يوجد الشعر العمودي وشعر التفعيلة وكذا قصيدة النثر، أيضا يوجد هذا في الأمازيغية، نجد أيضا الشعر الكلاسيكي الذي يعتمد على الصدر والعجز، والتفعيلي والنثري الذي يمارسه رواد الحداثة من الشعراء الأمازيغ الذين يشتغلون على تطوير القصيدة الأمازيغية، طبعا مع اختلاف القاعدة في البحور، بمعنى ليست نفسها بحور الفراهيدي، بالنسبة لي في أشعاري بالأمازيغية مازلت محافظة على النمط أو الشكل القديم، بينما في أشعاري بالعربية مررت بمرحلة العمودي ثم التفعيلي وتجاوزتهما إلى قصيدة النثر.


كيف تقيمين تجربتك في الترجمة؟

 

أحب الترجمة، إنها عالم سحري و مغامرة بهيجة رغم تعبها. ولأني أجيد اللغتين، الفرنسية والعربية معا، فقد خضت التجربة فترجمت في البداية مقالات صحفية وأدبية وسياسية وكذا بعض النصوص الأدبية من قصائد وقصص قصيرة، من الفرنسية إلى العربية وأيضا العكس، ثم خضت تجربة أخرى مع دور النشر، فساهمت في الترجمة من الفرنسية نحو العربية لكتاب تاريخي بعنوان "في قلب منظمة الجيش السري" لصاحبه الفرنسي أوليفييه دارد، كما ترجمت لصالح دار نشر أيضا الجزء الثاني من رواية تؤرخ لثورتنا للكاتب الجزائري محمد معارفية وهي رواية كبيرة في جزءين تتضمن حوالي ألف صفحة بعنوان " أسوار القلعة السبعة "، اقتبس منها المخرج السينمائي أحمد راشدي فيلمه الذي يحمل نفس العنوان . الكتابان صدرا و هما متاحان للقارئ.

 

للإعلام الثقافي دور كبير في الترويج للإصدارات الجديدة أو نقدها.. هل هذا ما يحدث في الجزائر؟

 

الإعلام الثقافي عندنا هزيل، فالبرامج الثقافية في السمعي البصري قليلة وإضافة إلى قلتها لا يشرف عليها الأكفاء غالبا، والكلام نفسه ينطبق على الصفحات الثقافية بالصحافة المكتوبة، أضيفي إلى ذلك الاعتماد على المجاملات والولاء والانحياز والصداقة وتبادل الخدمات من جهة ومن جهة ثانية تفشي ظاهرة الإقصاء بدافع الحسد والغيرة والبغض، وكل هذا أدى إلى تهميش أصوات وأقلام جميلة وإلى غياب نقد حقيقي يرافق الكاتب في تجربته الإبداعية والقارئ في قراءاته.


تحدث زملاء أن الصفحة الثقافية هي الفراغ المحتمل لأي طارئ.. لماذا الحل هكذا دائمًا؟

 

أجل، اشتغلت بالقسم الثقافي في الصحافة المكتوبة سابقا قبل التحاقي بالإذاعة، ولاحظت هذا وعايشته للأسف المسؤولون بالصحف لا يعيرون الاهتمام للجانب الثقافي، ويعتبرون المادة الثقافية ثانوية ومجرد ملء فراغ، لهذا يضحون بالصفحة الثقافية لصالح الإشهار الذي يجلب المال، ثم إننا قلما نجد صحفا تستكتب أقلاما ثقافية دسمة في شتى مجالات الثقافة سعيا إلى ترقية ذائقة القارئ وتنميته ثقافيا، وحتى من يكلفون بتأسيس الصفحات الثقافية من الصحفيين أغلبهم ليسوا في المستوى المطلوب من الثقافة والاطلاع والمتابعة.


أنتِ شاعرة من زمن بعيد.. لماذا تأخرت في نشر أعمالك ؟

 

بدأت النشر في الصحف والمشاركة في الملتقيات الأدبية في بداية مشواري الأدبي، لكنني تأخرت عن مسألة الطبع، فالطبع لم يكن يوما من اهتماماتي أو طموحاتي رغم توفر الفرص بدء بعرض صديقي الروائي المرحوم الطاهر وطار في إطار جمعية الجاحظية التي كان يرأسها، مرورا باتحاد الكتاب، وعندما فكرت في الطبع كان تلبية لرغبة والديّ واستجابة لإلحاحهما حيث كانا يتمنيان طول الوقت أن يمسكا كتابا يحمل اسمي، فاخترت أن يكون الطبع على نفقتي حفاظا على استقلاليتي وتجنبا لوجع الرأس الذي يسببه الناشرون .


تبدأ صناعة الكتاب من مخطوط المؤلف ثم الناشر ثم التوزيع.. في أي مرحلة تكمن العوائق لنشر الكتاب في الجزائر؟
 

الناشرون يعزفون عن طبع الأدب على اعتبار أن الكتب الأدبية سلعة كاسدة لاسيما إذا تعلق الأمر باسم غير معروف، فلا يريدون المجازفة، مما يضطر الكاتب إلى الطبع على نفقته لمن استطاع إلى ذلك سبيلا، حتى صندوق وزارة الثقافة لدعم الكتاب لم يحل المشكلة، فالكثير من الناشرين الذين استفادوا من هذا الدعم لم يمنحوا الكاتب حقوقه ولم يضمنوا التوزيع على اعتبار أنهم تحصلوا على المال، فبقيت الإصدارات في المخازن تنتظر موعد صالون الكتاب الدولي السنوي لتباع بأسعار خيالية فيضمن الناشر بذلك ربحا مزدوجا..

دعم الدولة من جهة وهامش ربح كبير حين البيع ليخرج منها الكاتب صفر اليدين، والمسؤولية هنا تقع ليس فقط على الناشر وإنما أيضا على الكاتب الذي لا يعرف حقه كطرف في العملية وبالتالي لا يطالب به، وتقع كذلك على الوزارة الوصية التي تمنح المال ولا تقوم بالمتابعة والتحري.

 

عند الاتفاق مع ناشر على طبع كتاب.. كيف يوزع العائد؟

 

 

العلاقة عموما بين الكاتب والناشر عندنا سيئة جدا، فلا الكاتب يجتهد لمعرفة حقوقه التي يكفلها له قانون النشر ولا الناشر يتعامل بنزاهة مع الكاتب ، وبالتالي يطبع الكتاب دون توقيع عقد يحدد الشروط والحقوق والواجبات لكل طرف، بل وكثيرا ما تمت إعادة طبع كتاب دون علم صاحبه ودون إذنه، الأمر الذي يعاقب عليه القانون.

 

بالنسبة لتوزيع عائد الكتاب كما أسميته، هذا يتوقف على طبيعة العقد. وهنا أحدثك عما يجب أن يكون وفقا لقانون النشر، لأن الواقع غير ذلك، قانون النشر عموما ينص على نسبة لا تقل عن 10% من ثمن البيع وطبعا الأمر يختلف باختلاف أنواع العقد.

 

كم كتاب صدر لك إلى الآن؟

 

صدر لي إلى الآن أربعة كتب، اثنان في الترجمة، ومجموعة شعرية ضمنتها نصوصا من مختلف مراحل تجربتي الشعرية لتكون نافذة على تجربتي المتواضعة للنقاد والقراء المفترضين، فيها قصائد عن الوطن وعن المرأة وعن الحب وهموم وجدانية أخرى، وخلال سنة 2017، صدرت لي رواية قصيرة بعنوان " ذات القلبين"، تروي قصة امرأة خانها زوجها فالتجأت إلى الحب الافتراضي عبر المواقع الاجتماعية كبديل وكنوع من الانتقام لكرامتها، فكرة النص أن الرجل هو من وراء انحراف المرأة غالبا ، وقد يكون زوجا أو أخا أو حبيبا أو أبا.

جميع الحقوق محفوظة لمصدر الخبر مصر العربية وتحت مسؤليتة ونرجوا متابعتنا بأستمرار لمعرفة أخر الأخبار علي مدار الساعة مع تحيات موقع موجز نيوز الأخباري

اشترك فى النشرة البريدية لتحصل على اهم الاخبار بمجرد نشرها

تابعنا على مواقع التواصل الاجتماعى