اخبار السياسه حكومة «السجاير الفرط»

لم يعد فى مصر بيت إلا ويعانى أشد المعاناة من وطأة الارتفاع الجنونى فى أسعار السلع والخدمات، مع استثناء فئة قليلة جداً تعيش بالأساس من امتصاص رحيق الحياة من شرايين البلد، وقد تحولت قضية توحش الأسعار إلى لغز كارثى يستعصى على أى تفسير، فلا توجد سلعة واحدة أو خدمة تافهة إلا وتضاعفت أسعارها مرات عديدة خلال عام أو عامين، دون أن يكون هناك أدنى مبرر لزيادة السعر، حتى «حجة» ارتفاع قيمة الدولار وانخفاض الجنيه لا تصلح مبرراً لارتفاع أسعار سلع وخدمات لا علاقة لها إطلاقاً بلعبة الدولار. وبدءاً من منتصف شهر يونيو الماضى انفجرت أسعار كل أصناف السجائر، المحلية منها والمستوردة، وتمكن عدد من التجار الكبار، معروفين بالاسم للأجهزة الرقابية، من حصد المزيد من المليارات خلال أقل من شهر، تحت سمع وبصر الأجهزة الرقابية، التى لا أشك لحظة واحدة أن بداخلها من له مصلحة فى هذا الإجرام الكارثى.

وحتى نقف على حجم الكارثة، نذكّر الجميع أن السجائر تحديداً من السلع المسعّرة رسمياً وأن البلد به أجهزة رقابية عديدة مهمتها الوحيدة مراقبة بيع السلع المسعرة مثل البنزين والسولار والسجائر، على رأسها الإدارة العامة لشرطة التموين التى يعرف كل ضابط فيها أن كل أصناف السجائر تباع فى أرجاء مصر بزيادة تتراوح بين 5 و7 جنيهات للعلبة الواحدة، فإذا علمنا أن عدد علب السجائر المبيعة فى مصر تصل إلى 25 مليون علبة فى اليوم الواحد، فنحن أمام 150 مليون جنيه يسرقها التجار يومياً من جيوب المواطنين، بمعنى أننا أمام مليار ونصف المليار جنيه ينهبها دون وجه حق أقل من 20 ديناصوراً كل عشرة أيام، والمعروف لكل من له صلة بالعوالم السفلية لهذا النشاط الذى يضم تجاراً وضباطاً ومسئولين، أن هؤلاء كانوا من أكثر اللاعبين أيضاً فى سوق العملة.

ما الذى فعلته الحكومة ممثلة فى أجهزتها الرقابية لمواجهة هؤلاء اللصوص؟

المضحك المبكى فى آن واحد، أن رد الفعل الأول جاء من رئيس مجلس إدارة الشركة الشرقية للدخان، الذى اقترح على الدولة زيادة أسعار السجائر رسمياً، والاستفادة بهذه الأموال الضخمة بدلاً من أن يسرقها التجار، رد الفعل الثانى تم الإعلان عنه أمس، فى تصريح مضحك أيضاً لمدير الإدارة العامة لشرطة التموين، الذى بشرنا بأنه شن حملة مكبرة بالتنسيق مع إدارة مكافحة التهرب الضريبى بوزارة المالية، وجهاز حماية المستهلك، لملاحقة محتكرى السجائر، وتمكنت قواته من ضبط نصف مليون «سيجارة» قبل طرحها فى الأسواق بالقاهرة الكبرى وعدد من المحافظات، واللافت فى هذا الإعلان الجبار أن اللواء حسن زكى مدير شرطة التموين تعمد تضخيم نتائج حملته بتحويل الـ 25 ألف علبة التى تم ضبطها، إلى نصف مليون «سيجارة فرط»، وكأن الأصل فى عالم السجائر أن تباع بالفرط من الشركة إلى التجار وصولاً إلى المستهلك!.

أما جهاز حماية المستهلك فقد ظل طيلة 6 سنوات ونصف يتابع باستمتاع بالغ جرائم النهب المنظم لأموال المواطنين فى تجارة السجائر، ثم جرائم رفع أسعار كل السلع والخدمات دون أدنى مبرر، ثم جرائم بيع سلع رديئة وضارة جداً بالصحة بأسعار فاحشة، مثل لعب الأطفال الرديئة المستوردة من الصين التى تباع فى أفخم مولات مصر.

إن المسئول الذى يتصور أن حكومته «أولى بسرقة الأموال من المواطنين» بدلاً من التجار، هو بالأساس شريك متضامن فى هذه الجريمة الفاحشة، كما أنه يشير على الدولة بأسوأ سيناريو للتصدى لمافيا الأسواق، لأن أعتى الدول الرأسمالية التى تطبق مبدأ حرية الأسواق كاملاً، لديها أجهزة رقابية وجمعيات حقوق مستهلك فى منتهى القوة، بإمكانها أن تدفع مئات التجار إلى الإفلاس والانتحار، إذا تغولوا فى رفع الأسعار دون مبرر، ولم يحدث أبداً فى بلد فيه قانون وحكومة، أن خرج مسئول ليقترح على الدولة زيادة الأسعار رسمياً حتى تحرم التجار من السطو على الأرباح غير المشروعة، وكأننا فى ماراثون بين فريقين من اللصوص أحدهما يضم المسئولين الكبار فى الحكومة، والثانى يضم تجار العوالم السفلية.. وكلاهما يركض بوحشية ليدهس المواطنين ويحطم كل آمالهم فى الستر والكرامة.

جميع الحقوق محفوظة لمصدر الخبر الوطن وتحت مسؤليتة ونرجوا متابعتنا بأستمرار لمعرفة أخر الأخبار علي مدار الساعة مع تحيات موقع موجز نيوز الأخباري

اشترك فى النشرة البريدية لتحصل على اهم الاخبار بمجرد نشرها

تابعنا على مواقع التواصل الاجتماعى

السابق اخبار السياسه مراكز الإصلاح والتأهيل تستقبل عددا من رجال الدين المسيحي
التالى اخبار السياسه عاجل.. قرار مفاجئ من الأهلي بشأن قضية الشيبي وحسين الشحات