اخبار السياسه هل كان هناك تنظيم سرى؟!

(١) فى الثمانينات من القرن الماضى تبنت الجماعة شعار «علانية الدعوة وسرية التنظيم»، وهذا يدل بشكل واضح ومحدد على أنه كان هناك فعلاً تنظيم سرى.. ولتقليل الإحساس بهذا الوضع اقترح البعض شعاراً آخر هو «علانية الدعوة ودقة التنظيم»، لكن الحيلة ما كانت لتنطلى، سواء على نظام الحكم أو حتى على الرأى العام، ومن ثم بقى الحال على ما هو عليه، صحيح كانت لقاءات مكتب الإرشاد معروفة زماناً ومكاناً، وكان كل ما يجرى فيها مرصوداً بالصوت والصورة، إلا أن هذا شىء، وما كان يجرى فى بقية مؤسسات الجماعة شىء آخر، فعلى الرغم من أن الدعوة تتم فى العلن، إلا أن الرأى العام لم يكن يعلم شيئاً عن هياكل الجماعة -الإدارية والتنظيمية- ولا عن المسئولين على كافة المستويات، ربما باستثناء أعضاء مكتب الإرشاد، كما لم يكن لديه علم عن الطريقة التى تدار بها الجماعة، ولا تمويلها، ولا الانتخابات التى كانت تجرى داخلها، وقد ساعدت قيادات الجماعة فى ذلك، إذ كانت تعتبره شأناً داخلياً ليس من حق أحد -أياً كان- أن يعلمه أو يطلع عليه(!)، وهذا فى تصورى يمثل أحد أخطاء الجماعة، وهو ما كان يعطى فرصاً لنظام الحكم آنذاك فى اصطيادها والتضييق عليها وتوجيه اتهامات كثيرة لها، خاصة فى تلك الفترات التى كانت تواكب الانتخابات النيابية، ليس بهدف منعها من خوض الانتخابات، ولكن لتقليص عدد مرشحيها لأقل عدد ممكن، كانت الجماعة تُعامل على أنها محظورة قانوناً، وأنها تشكل تنظيماً على خلاف أحكام الدستور والقانون، فلم تكن مسجلة تبعاً لأى وزارة، منذ صدور قرار مجلس قيادة الثورة بحلها عام ١٩٥٤، نعم قام أحد قيادات الجماعة (أظنه عمر التلمسانى) برفع دعوى قضائية عام ١٩٧٧ بعدم قانونية هذا القرار، إلا أن الدعوى لم تراوح مكانها ولم يفصل فيها حتى بعد قيام ثورة ٢٥ يناير.

(٢) فى كثير من الاستدعاءات التى كانت تتم لأفراد الإخوان للقاء ضباط مباحث أمن الدولة، كان الإخوان ينكرون كل شىء، ونفس الشىء كان يحدث مع نيابة أمن الدولة، هذا بالرغم من أن ضباط أمن الدولة كانوا يعرفون الكثير عن الإخوان، كانت لقاءات الأسر ومجالس إدارات الشُعب والمناطق والمكاتب الإدارية، وكل المؤسسات الإخوانية تتم فى سرية، وبطبيعة الحال، كانت أى انتخابات لأى من هذه المؤسسات تجرى بعيداً عن الأعين، مع ما يصاحب ذلك من حذر، وحيطة، وتخفٍ، وسرعة، واستيفاء للشكل دون المضمون، خشية أن يقبض على أفرادها، كان الهدف دائماً وأبداً هو المحافظة على التنظيم، فهو الوعاء الوحيد القادر على حمل الفكرة، والمنهج، والوسائل، فضلاً عن تحقيق الأهداف، وبالتالى لا بأس من المعاريض، والمراوغة، والخداع، والكذب، أو باختصار اعتماد مذهب «التقية»، وقد أدى هذا التضييق الذى مارسه نظام الحكم من ناحية، والمحافظة والحرص على التنظيم من جانب قيادات الجماعة من ناحية أخرى، إلى بروز مجموعة من العوامل يأتى على رأسها: ١) عدم تدفق أو سيولة المعلومات من أعلى إلى أسفل، والاكتفاء بأقل القليل منها، مخافة تسربها أو جزء منها لأمن الدولة، وقد انعكس ذلك على جهل معظم الأفراد بما يجرى على مستوى القيادات، ٢) عدم مساءلة أو محاسبة القيادات على أى تصرف أو تصريح يصدر منها مخالفاً للتوجهات العامة للجماعة، ٣) ترحيل أو تأجيل المشكلات التى تعانيها الجماعة، وهو ما أدى إلى تراكم الكثير منها بدرجة أثرت سلباً على أداء الجماعة، و٤) وجود هوة كبيرة بين القمة والقاعدة، وقد كان من نتيجة هذا كله أن تحولت الجماعة إلى كتلة شبه صماء، تحركها القيادة أنى شاءت، وفى أى اتجاه تريد.

(٣) وللحرص على التنظيم وسلامة وصحة المعلومات التى تصله من القيادة، كان هناك ما يعرف بـ«وحدة المصدر»، بمعنى أن يتلقى رؤساء المؤسسات الإخوانية (خاصة المكاتب الإدارية) معلوماتهم من مصدر واحد فقط، صحيح كان يحدث أن تتعدد المصادر بين الأمانة من جانب، وأعضاء مكتب الإرشاد المشرفين على القطاعات والأقسام من جانب آخر، وهو ما سبب فى بعض الأحيان بلبلة واضطراباً لدى القواعد، لذلك، تم الاتفاق فى نهاية الأمر على أن تكون الأمانة هى المصدر المعتمد للمعلومات، وبالتالى، انفرد الأمين العام للجماعة بمخاطبة الإخوان على مستوى كل المؤسسات، وكان من الممكن أن تسير الأمور فى إطارها الطبيعى لو أن الأمين العام التزم بنقل المعلومات فقط، ودون إضافة أو حذف، لكن الذى حدث مع الدكتور محمود عزت الذى تولى منصب الأمين العام، خاصة فى الفترة (٢٠٠٤ - ٢٠١٠) التى كان فيها «عاكف» مرشداً، شىء مختلف تماماً عما كان مفروضاً، وقد لوحظ عليه ما يلى: ا) تدخله الشديد فى كل صغيرة وكبيرة تخص عمل مؤسسات الجماعة، وهو ما أدى إلى حدوث مشكلات كثيرة نتيجة إرباكها، ب) استلاب سلطة مكتب الإرشاد فى إصدار تكليفات، حتى لبعض أعضاء المكتب، وذلك من وراء ظهر مكتب الإرشاد ذاته، ج) نقل معلومات إلى مؤسسات الجماعة لم يتم الاتفاق عليها بين أعضاء المكتب، ود) بعث رسائل إلى إخوان مصر فى الخارج دون علم مكتب الإرشاد، وقد واجهت محمود عزت بكل هذه المخالفات، فاعترف بالبعض وأنكر البعض الآخر، ولما تكرر الأمر، اضطررت إلى إبلاغ المرشد العام «عاكف» بما يرتكبه الرجل من مخالفات، والتحذير منها ومن آثارها الخطيرة على الجماعة، لكن المرشد -للأسف- تصور أن المسألة شخصية، بل إنه صرح للبعض بأنى واضع الدكتور محمود عزت فى «راسى»! والحقيقة أن الأمور مضت على مدار ٦ سنوات من مصيبة إلى كارثة، وعندما بدأ الكل يشكو، ساعتها قال الرجل: وماذا أفعل؟! لقد تحولت الجماعة من خلال محمود عزت إلى تنظيم سرى، تأتمر كل عناصره بأوامره؛ خاصة المكاتب الإدارية وأعضاء مجلس الشورى العام، وللأسف، وجد هذا الوضع الكارثى صدى كبيراً لدى البعض من أعضاء مكتب الإرشاد، على اعتبار أن هذا يحقق لهم أغراضهم، سواء فى تولى المناصب، أو الهيمنة على التنظيم، أو ضمان الولوج فى سهولة ويسر إلى صفوف الجماعة(!) والسؤال المهم هو: هل كانت هناك تدريبات عسكرية يقوم بها هذا التنظيم، أو خلايا منه؟ لا أعتقد، هل كان هناك أفراد داخل مؤسستى الجيش أو الشرطة على صلة بالجماعة؟ لا أعلم، هل كان هناك أفراد داخل مؤسسة القضاء ينتمون للجماعة؟ لا أتصور، ربما كان هناك متعاطفون أو محبون -وهذا أمر طبيعى وعادى- لكن كأفراد تابعين للتنظيم، لا أظن.

 

جميع الحقوق محفوظة لمصدر الخبر الوطن وتحت مسؤليتة ونرجوا متابعتنا بأستمرار لمعرفة أخر الأخبار علي مدار الساعة مع تحيات موقع موجز نيوز الأخباري

اشترك فى النشرة البريدية لتحصل على اهم الاخبار بمجرد نشرها

تابعنا على مواقع التواصل الاجتماعى

السابق اخبار السياسه ضوابط تقدم طلاب المدارس لبرنامجي المنح الجامعية ورواد وعلماء مصر
التالى اخبار السياسه الساعة كام الآن؟.. تقديم الساعات 60 دقيقة مع تطبيق التوقيت الصيفي