اخبار السياسه هل نكمل أى طريق؟

عندما رحل أنور السادات عن عالمنا فى عام 1981 انهار مشروعه فى تحويل مدينة بورسعيد إلى مدينة حرة كان حرياً بها أن تسابق مدناً فى المنطقة بعد تنظيمها وتلافى ما حدث فيها من عيوب فى التخطيط للفكرة والتنفيذ، فتصبح بورسعيد أحد بدائل هونج كونج عام 1999، كما فعلت مدينة دبى وأصبحت البديل الوحيد للجزيرة التى انتقلت تبعيتها من بريطانيا إلى الصين.. ولكنه النفَس القصير والخوف من حملة إعلامية ضخمة (لم يكن التليفزيون هو البطل فى تلك الأيام) من قبل الصحافة وكُتاب سيناريو الأفلام ومؤلفين مسرحيين والتى حولت كل ما ترمز إليه الفكرة (الانفتاح الاقتصادى) خيانة للوطن..

هل نتذكر لفظ «انفتاحى» الذى أصبح نكتة أو سبة يشار بها لمن لا يؤمن بمبادئ الاشتراكية الاقتصادية، مثلما نجحت جماعات الضغط فى تحويل مصطلحات أخرى كالخصخصة والحكومة والذكية وغيرها إلى مواد للسخرية والسخط المجتمعى؟ فانتهت بورسعيد وعادت مدينة مصرية حزينة كمثيلاتها من المدن المصرية، بل أكثر حزناً.. ربما أساء بعض العاملين فى بورسعيد آنذاك للفكرة، ولكن هذا لا يحط من قدر الفكرة العبقرية التى سبقت زمنها.. ويتكرر الأمر فى مشروعات كثيرة لو كانت لدينا الشجاعة فى الاستمرار فيها لأتت ثمارها وسبقنا العالم أو لحقنا به.. ربما كان الأمر قصر نَفَس أو افتقاراً للشجاعة من قبل القائمين على الفكرة رغم أن شجاعة البعض وإصراره على التنفيذ رغم الهجوم الشعبى نجحت فى بعض الأمور الهامة، ولكن أهميتها تتضاءل أمام أفكار فى قلب فلسفة الاقتصاد نفسها..

تذكر الهجوم على مترو الأنفاق عندما بدأناه ودعاوى أنه سيؤدى لسقوط عمارات مصر، فأثبت المترو براءته وأصبح ناقلاً رئيسياً للمواطنين فى أنحاء القاهرة التى يمر بها.. تذكر الهجوم على نفق الأزهر لأن فتحات التهوية ستدمر القيمة الأثرية لمسجدى الحسين والأزهر، فأصبح شرياناً عبقرياً يشق وسط القاهرة.. نفس الأمر تكرر من سكان الزمالك بالنسبة لإنشاء محطة مترو أنفاق فى هذا الحى الراقى، فتراجع المسئولون ورضخوا للضغوط ولن يرى هذا الحى توقفاً للمترو به..

اليوم ومصر تسعى نحو مشروعات عملاقة متهمة بسحب السيولة النقدية من السوق المصرية فى وقت كان من الممكن أن تستخدم تلك السيولة فى أمور أخرى «يحتاجها البيت فتحرم ع الجامع»، كما جاء فى المثل الشعبى.. ولكنها درجة قناعة المسئول، وهنا هو الرئيس عبدالفتاح السيسى فى تنفيذ مشروعات ينتقد العالم تنفيذها فى هذا التوقيت وبهذه السرعة وبكل هذه التكلفة.. هل يكمل الرئيس الطريق حتى نهايته رغم المعارضة الشديدة من فئات كثيرة فى المجتمع وعلى رأسها اقتصاديون متخصصون ورجال أعمال وسياسة وخبراء أجانب؟

لست فى موضع دعم فكرة المشروعات العملاقة ولا تفنيدها، وقد رأيت من قبل كيف أقبل الرئيس الأسبق مبارك على عدد من المشروعات العملاقة فى آن واحد، مثل توشكى والعوينات وشرق بورسعيد وترعة السلام.. ولكن مع الهجوم الشديد تراجع وتوقفت المشروعات، فخسرنا ما استثمرناه وخسرنا الثمار فى نفس الوقت.. واليوم نحن فى نفس مفترق الطرق، حيث أنفقنا الكثير على مشروعات قناة السويس وأنفاقها والعاصمة الجديدة وغيرها.. لو توقفنا رضوخاً لضغوط إعلامية وجماهيرية، فسنخسر ما استثمرناه، ولو أبطأنا من وتيرة العمل، سنفقد الفكرة وفلسفتها والزخم المصاحب لها..

علينا أن نتفق، إما أننا أمام أفكار ستنقلنا نقلة نوعية للأمام، أو نسبح عائدين لشط الأمان ويكتب شخص ما بعد أربعين عاماً أن مصر كانت لديها رغبة فى أن تفعل كذا وكذا، ولكنها تراجعت لأن نَفَسها انقطع ورضخت للرافضين، فأى الطريقين نسلك، وهل يمكننا أن نكمل أى طريق؟

جميع الحقوق محفوظة لمصدر الخبر الوطن وتحت مسؤليتة ونرجوا متابعتنا بأستمرار لمعرفة أخر الأخبار علي مدار الساعة مع تحيات موقع موجز نيوز الأخباري

اشترك فى النشرة البريدية لتحصل على اهم الاخبار بمجرد نشرها

تابعنا على مواقع التواصل الاجتماعى

السابق اخبار السياسه محافظ قنا يعلن الطوارئ وغلق الطرق السريعة لحين استقرار الأحوال الجوية
التالى اخبار السياسه سعر الدرهم الإماراتي اليوم مقابل الجنيه المصري في البنوك