اخبار السياسه هرى واشمئناط وبينهما شعب

على الرغم من مخزون الهرى الهائل واحتياطى الهرس الطائل الذى رسخه المصريون على مدى سنوات ما بعد الهبوب الربيعى، إلا أن الهرى والهرس اللذين دارت رحاهما على مدى الأيام القليلة الماضية على وقع مؤتمر الشباب فى شرم الشيخ، كانا غير مسبوقين. كاد «فيسبوك» أن ينفجر، وأوشك «تويتر» أن يفيض بتغريداته ليغرق الجميع فى طوفان من الاتهامات والتلسينات والتخوينات التى تنافس الحرب الضارية التى كانت مشتعلة بين المتأسلمين والمصريين فى أعقاب انقلاب الإرادة الشعبية على حكم الجماعة فى عام 2013. الفرق المتناحرة والأفراد الغارقون فى مشاعر تتأرجح بين الفرحة الغامرة والشماتة القاتلة والشعور بالاضطهاد بعد عقود من الإحساس بالفوقية والعنجهية، أغرقت الشبكة العنبكوتية فى حروب كلامية ضارية. فهناك جموع المشمأنطين دائماً وأبداً من كل ما حدث ويحدث وسيحدث فى مصر من منطلق أن الحلم الثورى لم يتحقق، وسلطة الميدان لم تتسيد، وإغراق مرضى فى حلم التغيير ولو كان على حساب معيشة الناس وبقائهم على قيد الحياة وشعور عارم بالقرف والسأم من معاناة سنوات ربيعية حولت حلم التغيير إلى كابوس فوضى وعشوائية. وهناك مجموعات نخبوية بين مثقفين ومحللين ومنظرين وخبراء لم يألوا جهداً فى تقديم أنفسهم للرأى العام باعتبارهم جهابذة العصر والزمان فى شئون الدولة من سياسة واقتصاد وحقوق إنسان وملفات إسكان وصرف صحى ومواد غذائية ورى وزراعة وصناعة وسياحة، وما تيسر من تخصصات أملاً فى أن يتم الدفع بهم إلى سلم المجد وتقلد مناصب عليا أو وظائف حيوية طالما حلموا بها، لكن وجدوا أنفسهم غير مدعوين إلى المؤتمر. وهناك كذلك من كانوا يظنون أن ثورة 30 يونيو ستعيدهم إلى سدة الأحداث وقمة الأضواء، لكنهم كجحافل الخبراء لم يجدوا أنفسهم ضمن قوائم المدعوين. وبالطبع تظل بقايا جماعات التأسلم يجولون أرجاء الشبكة العنكبوتية يوجهون اتهامات الكفر هنا ووصمات الخروج على الملة هناك. كل من أولئك أهدر ساعات طويلة يقدح زناد فكره ليشوه المؤتمر، بدءاً بالشباب المشاركين، مروراً بالمنظمين، وانتهاء بالرئيس وأعضاء الحكومة من الحاضرين. فالشباب الذى حضر «ليس شباب مصر الحقيقى». والحجة فى ذلك أنهم لا يرتدون ملابس مقطوعة، أو يرفعون شعارات ثورية أو إخوانية، أو يهتفون بسقوط النظام. آخرون يرون أن الشباب المشارك لا يمثل عموم شباب المصريين لأنهم لا يعانون البطالة أو الفقر. وهناك من أخذ على عاتقه مهمة صب اللعنات على رؤوس أولئك الشباب لأن «خريج التوك توك» أفضل منهم كلهم، والشباب المسجون أطهر منهم، وليسوا عبيداً للحكم وكومبارس للسطلة. وتتوالى الاتهامات التى لا يرتكز أغلبها إلا على ميول سياسية معارضة، أو انتماءات متأسلمة متعارضة، أو رفض للمؤتمر برمته لأنه لم يُدعَ إليه. وعلى الرغم من تحفظ شخصى من كاتبة هذه الكلمات على تحول لفظ «شباب الإعلاميين» إلى كيان قائم بذاته مغلق على نفسه يلازم الرئيس فى سفره واجتماعاته دوناً عن غيره، لأسباب لا يعلمها إلا متخذو القرارات المتعلقة بالإعلام فى داخل الرئاسة، إلا أن عدم توجيه الدعوة لكل ممن كانوا يتمنون المشاركة فى إدارة الجلسات والجلوس على المنصة أو على الأقل الظهور فى الصورة لا يعنى أن المؤتمر موتور أو مشكوك فى أغراضه أو مشوه فى مكوناته. والمتابع للنشاط «الفيسبوكى» على سبيل المثال لا يسعه إلا أن يضرب كفاً بكف وهو يقرأ ما يكتبه بثقة ويسطره بيقين الأصدقاء والمعارف عن المؤتمر والمشاركين فيه. هرى وإعجاب وهرس وغضب وثناء وشتم وغزل منه العفيف ومنه الصريح، وكم هائل من التنظيرات والتصنيفات التى تسبب لقارئها قدراً غير قليل من الدوار والغثيان. مقدار غير مسبوق من العك وكميات لا أول لها أو آخر من الإفتاء والدلو بدلو أقرب ما يكون إلى الخيال العلمى، بينما الجميع مثبت أمام شاشاته. هذه تسب وتشتم فى المؤتمر والمشروعات القومية الكبرى. وهذا يكتب شعراً متغزلاً فى الرئيس ورجاحة عقله وخفة دمه. وهؤلاء يكونون مجموعة للسخرية من كل همزة ولمزة حيث هاشتاجات ساخرة وتدوينات مستهزئة وتغريدات يظن أصحابها أنها هزلية أو ظريفة أو خفيفة أو لطيفة. ولكل من هؤلاء أصدقاء ومتابعون يدعمونه بالـ«لايك» ويجاملونه بالـ«شير». ولكل منهم كذلك أعداء وكارهون يردون بالانتقاد وقد يصلون إلى درحة توجيه الشتم والسباب، ما يستدعى ردوداً دفاعية ويحتم قدراً أكبر من الشتائم ودرجة أدنى من القبائح. وعلى الرغم مما تمر به البلاد من أزمات، وما تتعرض له من ويلات، وما قد يكون مخبأً لها من مفاجآت وجميعها يدعو إلى القلق، إلا أن القدر الأكبر من الوجل والخوف ينبعان من هذه الحالة المزرية والتربص اللاإرادى والشتم والسب غير المبررين، والتخوين والتشكيك القبيحين والتفرغ شبه التام لتخريب أية خطوة أو فكرة أو فعالية بغض النظر عن محتواها، وذلك لمجرد أنها تنسب للدولة أو الرئيس أو الحكومة أو لأشخاص يراهم البعض غير جديرين بالمشاركة. وهنا أستحضر ما دونته قبل عامين لكنه ما زال سارى المفعول: «أقترح عمل هيئة رئاسية تتولى إدارة شئون البلاد يتم اختيارها من أنشط الموجودين على فيسبوك وتويتر عرضاً للحلول وانتقاداً للأوضاع ودفاعاً عن الحريات وتعضيداً للحقوق المسلوبة، وأعمقهم امتلاكاً للحلول لعلاج المشكلات -وهم كثيرون جداً- على أن يتم توقيع أقصى وأقسى عقوبة عن التضليل والنصب والاحتيال عليهم فى حال أخفقوا». إنه هرى واشمئناط وبينهما شعب صابر.

جميع الحقوق محفوظة لمصدر الخبر الوطن وتحت مسؤليتة ونرجوا متابعتنا بأستمرار لمعرفة أخر الأخبار علي مدار الساعة مع تحيات موقع موجز نيوز الأخباري

اشترك فى النشرة البريدية لتحصل على اهم الاخبار بمجرد نشرها

تابعنا على مواقع التواصل الاجتماعى

السابق اخبار السياسه ‎سعر الدولار مقابل الجنيه المصري في البنوك اليوم الخميس 2-5-2024
التالى اخبار السياسه عاجل.. قرار مفاجئ من الأهلي بشأن قضية الشيبي وحسين الشحات