اخبار السياسه الإرهاب نزلة برد وليس سرطاناً

الصدفة وحدها هى التى جمعت فى ذهنى نهايات رواية «أن تبقى» للجزائرية الرائعة «د.خولة حمدى» مع أحداث اقتحام جبل الحلال فى شمال سيناء، ونتائج ما بعد الاقتحام، شعرت فى تلك اللحظة أن أبطال هذه الرواية التى تقص آلام الشباب فى المنطقة العربية وتفتق عيون الأنظمة الفاسدة، وتحتقر العنصرية الأوروبية ضد كل من ليس أوروبياً، تقف وحدها أمام مرآة تعكس جراحاً نزفت وما تزال، فى غيبة وعى كاملة لأنظمة وقوانين رسخت لنمو الإرهاب داخل بلداننا العربية.

وقفت فى هذه الرواية أمام رأى لأحد الأبطال بها وكان طبيباً، نحتت طرقات الغربة فى جوفه قلب زعيم من عتاة السياسة، وعقل حكيم يضاهى فلاسفة القرون الوسطى.. طبيب ليس جرّاحاً، لكن عقله جُرح بعد أن لفظه وطنه وتلقفته طرقات الغربة الأوروبية الباردة، الخالية من الروح، «د.مالك» فى رواية «د.خولة حمدى» يرى أن الإرهاب ليس سرطاناً أو ورماً؛ لأنه مُتَخَفٍّ غير بارز للعيان بحيث لا يمكن استئصاله، كما أن انتشاره محدود ولا يمكن له أن يغزو الجسم كله. ولهذا السبب ذاته الإرهاب أبسط بكثير، إنه مثل نزلة البرد الصغيرة، هل رأيتم مرة شعباً كاملاً يتحول إلى الإرهاب؟ هل ينقلب السواد الأعظم من المجتمع إلى عنف وعدوان؟ إنها حالات قليلة إذن، محدودة الانتشار، لكن أعراضها كبيرة ومبهرة تماماً مثل نزلة البرد، فيروس صغير يتسبب بحمى وإنهاك عام، وربما صعوبة فى التنفس، واحتقان فى الغدد.. ماذا يحدث لو حاولت علاج الزكام أو الرشح بالكيمياء، أو حتى بالمضادات الحيوية؟ إنك تستعرض آليات ضخمة أمام فيروس صغير، ولكنه سيتعلم من التجربة، وتصبح السيطرة عليه أصعب فى المرة المقبلة، ودفاعات الجسد ستنهار بسبب الأدوية القوية.

هذا ما يحدث حين نحارب الإرهاب بقذف أفغانستان والعراق والسودان، مدارس ومستشفيات ومنشآت، بل مدن كاملة تدمر بحجة القضاء على الإرهابيين، هل تقضى على الإرهاب حقاً أم تصنع إرهابيين جدداً؟

تماماً كما تعالج نزلات البرد بالمقويات الطبيعية، عسل وليمون وزيت زيتون وثوم، ولكن الأهم هو الوقاية والتغذية الصحية؛ إذن «عدالة اجتماعية، ووعى، وتعليم، وحرية، واحتواء»، لو وجد أصحاب السوابق رعاية كافية، وإعادة تأهيل غير مشروطة، هل كان الإخوان ليجدوا فيهم فريسة سهله لمآربهم الدنيئة؟ لو تعلم كل سجين حرفة أو نال شهادة فى مجال ما، واستطاع المجتمع استيعابه واحتواءه بعد نيله حريته، هل كان ليمتلئ حقداً ويحتقن عنفاً ويبحث عن مساحة تنفس مهما كان نوعها؟ لو كانت الفرص أمام الشباب متكافئة مهما كان أصله أو مستواه الاجتماعى ودينه، هل كان ليبحث عن الإنصاف فى عقيدة محرفة تضمن له جنة فورية؟ لو أحس كل فرد فى المجتمع بأن حقوقه مكفولة وحريته الفكرية والدينية محل احترام وتقدير.. هل كان لينمو الحقد والإرهاب ويملأ ربوع البلاد؟

ربما كان رأى الطبيب وتوصيفه لحالة الإرهاب فى رواية «د.خولة» حالة صادمة للكثيرين، لكنه يستحق أن نضعه على طاولة الرئيس، وأقول الرئيس لأنه وحده يستطيع أن يفعل، أكرر (الرئيس) لأنه وحده يحمل الأمانة فى عنقه، أعاود (الرئيس) لأننى أعلم حقاً أنه يريد.. كما أعلم أنه لو أراد فهو يستطيع أن يفعل.

ما يحدث فى جبل الحلال معركة تأخرت كثيراً، ودفع المصريون، وأهل سيناء بشكل خاص، فاتورة هذا التأخير، من أمنهم، واستقرارهم، وأرزاقهم، معركة سيسجلها التاريخ، ويفخر أبطالها بما قدموا فيها من تضحيات.. ولكنه ليس كافياً، القضاء على الإرهاب معركة لن تنتهى بنجاحها وعودة المهجرين إلى بيوتهم، العدالة الاجتماعية، الوعى والحرية والاحتواء، مبادئ لا بد من ترسيخها فعلاً وقانوناً مطبقاً على الجميع.

ادعموا مناعة الجسم ليقاوم الفيروسات الصغيرة المتطفلة.. لن يُقنع الإرهابيون أحداً بالانضمام إليهم إلا لو توافرت لديه أسباب ذاتية للانتقام وإلحاق الأذى.. ولدينا الوقت لنحمى الأجيال المقبلة من بذور إرهابية ترافقهم فى مسيرتهم، وتشوه أيامهم، وتغتال الأخضر واليابس من الأحلام البكر اليانعة.

جميع الحقوق محفوظة لمصدر الخبر الوطن وتحت مسؤليتة ونرجوا متابعتنا بأستمرار لمعرفة أخر الأخبار علي مدار الساعة مع تحيات موقع موجز نيوز الأخباري

اشترك فى النشرة البريدية لتحصل على اهم الاخبار بمجرد نشرها

تابعنا على مواقع التواصل الاجتماعى

السابق اخبار السياسه «رشيد» مشروع تخرج لطلاب في «آداب كفر الشيخ»: مدينة السحر والجمال
التالى اخبار السياسه «القاهرة الإخبارية»: اعتراض مسيرة قادمة من لبنان فوق مستوطنة المطلة الإسرائيلية