اخبار السياسه ثقافة النكسة (3)

كيف لشعب قام بثورتَين غيَّر خلالهما رئيسين أن يشعر بالهزيمة واليأس من القدرة على التغيير إلى الحد الذى أصبح ملاحظاً على الكثير من المصريين؟ سر هذا الشعور يرتبط بالسعى - بقصد أو دون قصد - إلى إعادة بناء المشهد الذى عشناه بعد 1967 بحذافيره، سواء من جانب «الإخوان» أو من جانب المسئولين عن الدولة. وإذا كان ذلك هو ديدن «الإخوان» عبر تاريخها، فإن اعتناق مسئولى الدولة لـ«خطاب التيئيس» أمر يستحق المراجعة.

حرصت «الإخوان» بعد ثورة 30 يونيو 2013 على إشاعة مناخ من التيئيس فى الواقع برمته، وانصرف اهتمامها كله إلى تصيّد المشكلات التى يواجهها الشعب، سواء المشكلات الطبيعية الناتجة عن ارتباك المشهد برمته بعد ثورة يناير 2011، أو المشكلات التى يتسبب فيها أداء الحكومة، وتسليط الضوء عليها، ومعايرة الشعب بها، واستغلتها كمنصة انطلاق نحو التيئيس من كل شىء فى الحاضر والمستقبل. منتهى الفرحة تشعر بها «الجماعة» كلما حاقت بهذا الشعب مصيبة أو وقعت فوق رأسه أزمة. الآلة الإعلامية الإخوانية لا تتوقف عن وعيد المصريين بكل ما يكرس لديهم إحساساً باليأس من الذات واليأس من الواقع، الجنيه سيواصل الانهيار، والغلاء سوف يتصاعد، والقمع سوف يشتد، والماء سوف ينضب، والمشروعات لن تكتمل. وهكذا لا تتوقف «الجماعة» عن إشاعة جو من العتامة والسواد، أجد بعضاً من المصريين يتماهون معه ويصدقونه، ولو أن أحداً من هؤلاء تذكر أنه أطاح بـ«الإخوان» من سدة الحكم لما تأثر بهذا الكم من السواد الذى يشيعونه، ولأدرك أن أمره لا يزال فى يده، وأن فى مُكنته أن يغير اليوم، كما غيّر الأمس.

المسئولون أيضاً لا يفتأون يتحدثون عن الواقع المرير الذى نعيشه. كلام كثير سمعناه عن الفقر الذى نعيشه، والحالة المتردية التى وصلنا إليها. هل هذا الكلام واقعى؟. مؤكد أنه كذلك، لكنّ فارقاً كبيراً بين أن تشرح معالم الظرف للمواطن تمهيداً لتحميله أعباء الإصلاح، وبين أن تكاشف الجميع بالحقيقة، كخطوة تعقبها خطوات إصلاحية يتحمل عِبْأها الجميع. «اليأس» وحده لا يصنع إصلاحاً. أفهم أن يعترف المسئول بالواقع المتردى، على أن يشفع ذلك بخطط للتغيير بمواقيت معلومة، خطط تمنح الشعب أملاً فى المستقبل. الشعب الذى وقف فى يوم 25 يناير 2011، وفى يوم 30 يونيو 2013، هو ببساطة شعب قادر على تغيير واقعه وإعادة صياغته. الشعب الذى قام بثورتين فيما يقرب من سنتين، وغيّر حاكمين، أولهما كان مسنوداً بمؤسسات ودعم إقليمى وطول أمد فى الحكم، ورغم ذلك غيّره الشعب عندما أراد، والثانى جاء من قلب جماعة تدعمه، وحظى بدعم من بعض القوى داخل الإقليم، بل وبدعم بعض الدول الكبرى، ورغم هذه المعطيات تمكّن الشعب من الإطاحة به عندما شاء.

ظنى أن المنجى الوحيد لهذا الشعب من ثقافة النكسة التى تعشش فى دروب تفكيره يرتبط بتذكر ماضيه القريب، وأحداث رحلته التى بدأت فى يناير 2011، حين خرج باحثاً عن واقع أفضل، ومجتمع أكثر إيماناً وتفعيلاً لقيم المواطنة، ودولة أكثر متانة وتماسكاً. السلطة الحالية تنشد بناء دولة قوية، وهذا الهدف لن يتحقق إلا بشعب يتمتع بثقة عميقة فى ذاته، وبأمل قوى فى مستقبله.

جميع الحقوق محفوظة لمصدر الخبر الوطن وتحت مسؤليتة ونرجوا متابعتنا بأستمرار لمعرفة أخر الأخبار علي مدار الساعة مع تحيات موقع موجز نيوز الأخباري

اشترك فى النشرة البريدية لتحصل على اهم الاخبار بمجرد نشرها

تابعنا على مواقع التواصل الاجتماعى

السابق اخبار السياسه القادم أصعب.. 5 توقعات صادمة لـ ليلى عبد اللطيف ينتظرها العالم
التالى اخبار السياسه عاجل.. قرار مفاجئ من الأهلي بشأن قضية الشيبي وحسين الشحات