لماذا يبقى الناس في حلب؟ الشرق الاوسط

الأربعاء 9 نوفمبر 2016 08:50 صباحاً كانت الهدنة التي أعلنت عنها روسيا، بوقف القصف على المناطق التي تسيطر عليها المعارضة في شرق حلب، بمثابة متنفس للمدنيين والمقاتلين المحاصرين فيها.

ويعيش 250 ألف شخص على الأقل محاصرين داخل المنطقة منذ أن طوقتها القوات الموالية للحكومة في يوليو/حزيران الماضي. ويُقال إن الظروف شديدة القسوة، إذ يحدث الدمار على نطاق هائل.

ويتساءل القراء عما يجعل السكان متمسكين بالعيش في حلب، ووجهنا بدورنا السؤال إلى سكان المدينة عن طريق موقع فيسبوك وخدمة واتس آب.

من يعيش في حلب؟

كانت حلب من أهم المدن التجارية في سوريا. ويُقدر عدد سكانها قبل الحرب بحوالي مليوني شخص. ويعيش حوالي مليون في الجزء الغربي من المدينة، في أمان نسبي.

أما من يعيشون في الشرق، فيواجهون ظروفا قاسية. وقال مساعد الأمين العام للأمم المتحدة للشؤون الإنسانية، ستيفن أوبراين، إن الظروف في المنطقة "هي الأكثر رعبا".

ينفذ مخزون المدينة من الطعام والوقود، ودُمرت البنية التحتية والخدمات الطبية.

وترد المعارضة المسلحة بالهجوم على غرب المدينة، الأمر الذي تسبب في وفاة الكثير من المدنيين، وإن كان على نطاق أضيق.

 Mohammed in front of some ruined buildings in Aleppo

 

لماذا لم يغادر الناس شرق حلب؟

 

يقول السكان إن السبب الرئيسي لبقائهم في شرق حلب هو أنهم محاصرون.

وبحسب محمد، البالغ من العمر 31 عاما، وهو مدرس صوتيات في جامعة حلب، إن "بعض الناس رحلوا قبل الحصار. الآن، لا يستطيع أحد المغادرة".

في كل ثانية، يمكن أن تكون هدفا للقصف أو القناصة

أسامة, طبيب - شرق حلب

ويحرص الناس على عدم استنزاف بطاريات هواتفهم لأن الكهرباء تتوافر لساعات قليلة في اليوم. إلا أنه ما زال بإمكانهم إرسال رسائل إلى العالم الخارجي.

ويقول أسامة، وهو طبيب يبلغ من العمر 32 عاما، إن المنطقة بها 30 طبيبا لخدمة 250 ألف شخص. ويقول عن الوضع المتردي إن المدينة "تحت حصار تام. لا يوجد طعام، ولا كهرباء، ولا مياه نظيفة، ولا طرق تؤدي إلى خارج حلب. وفي كل ثانية، يمكن أن تكون هدفا للقصف أو القناصة."

 أسامةالطبيب أسامة واحد من بين الأطباء الثلاثين الباقين في حلب

 

أما فاطمة، معلمة تبلغ من العمر 26 عاما، فتقول إنها لم تتوقع أبدا أن يُفرض الحصار ،مضيفة "غادرت عائلتي المدينة منذ ثلاث سنوات، وتوجه افرادها إلى مصر وتركيا. وبقيت أنا هنا لأني أردت استكمال دراستي للقانون في جامعة حلب. لم نتصور أبدا أن نقع تحت الحصار. لم نظن أن الحكومة ستفعل ذلك. قبل الحصار، توفر لدينا الطعام والدواء، واعتدنا القصف. أما الآن، أصبح القصف أكثر قسوة."

وتفتح القوات السورية والروسية "ممرات إنسانية" على فترات، للسماح للمدنيين بمغادرة المنطقة. إلا أن السكان يشككون في سلامة المرور عبر هذه الطرق.

ويقول عبدالكافي، مدرس اللغة الإنجليزية بالجامعة، إن النظام "كذب بشأن توفير ممرات إنسانية".

 الدخان يتصاعد من أحد المباني التي تسيطر عليها الحكومة في شرق حلب

وتابع: "إذا قتل سارق ابنك وابنتك، ثم دعاك للعيش في منزله بعد عشرة أيام، هل تصدقه؟ الأسد والروس قتلوا المدنيين، ثم يدعوننا الآن للنزوح، فكيف يمكن ذلك؟ نفضل أكل أوراق الشجر على الخروج."

ويعيش عبدالكافي في حلب منذ ثلاث سنوات. وكان يُدرس في مدينة أخرى قبل الثورة السورية. وشارك في المظاهرات ضد نظام الأسد.

أحد أهم أسباب بقاء الناس هنا هو أنهم شديدو الفقر

فاطمة, شرق حلب

وأضاف عبدالكافي: "اتُهمت بالفرار إلى حلب. نظام الأسد يعتبرنا جميعا إرهابيين. سنموت دفاعا عن أنفسنا. لست مقاتلا، لكنني سأقاتل حتى الموت."

ويشير بعض سكان شرق حلب إلى أن ترك منازلهم بحيث يصبحوا لاجئين بمثابة موت جماعي، حتى إن لم يكونوا محاصرين.

وتقول فاطمة: "أحد أهم أسباب بقاء الناس هنا هو أنهم شديدو الفقر. ليس لديهم ما يكفي من المال لتأجير منزل في مكان آخر، أو شراء الطعام، أو حتى ما يكفي نفقات السفر إلى سوريا وتركيا أو غيرها من البلاد."

 أصحاب الخوذات البيضاء في حلب

"هذه أرضي"

وقال كل من تحدثنا إليهم إنهم يرفضون مغادرة حلب لأنها بلدهم.

وبحسب فاطمة، حلب "هي حياتي وبلدي، كيف يمكن أن أغادرها؟! الناس هنا مدنيون، وليسوا مقاتلين. هم فقط يسعون للحرية من النظام (الأسد)."

زوجتي حامل في الشهر السابع، والأمر شديد الخطورة بالنسبة لها، خاصة أننا تحت الحصار

محمد, شرق حلب

وأضاف محمد: "هذه أرضنا نحن. الأسد يريد طردنا من منازلنا، ويحاول دفعنا للنزوح. الأمر بمنتهى البساطة هو أن الناس يريدون الاحتفاظ بمنازلهم."

وتابع: "زوجتي حامل في الشهر السابع، والأمر شديد الخطورة بالنسبة لها، خاصة أننا تحت الحصار. هي خائفة بشدة، وتخشى أن كل يوم هو اليوم الأخير في حياتنا. وكل أمنيتها أن تعيش لترى طفلنا الوليد."

 إسماعيليقول إسماعيل إن الكثيرين يفضلون الموت في حلب على الرحيل

 

أما إسماعيل، فهو متطوع مع "أصحاب الخوذ البيضاء"، وهي مجموعة تعمل على إنقاذ الناس في المناطق التي تتعرض للقصف. ويقول إنه لن يرحل أبدا، "وسأبقى لأنها أرضي ومدينتي. هذا هو بيتي."

وتابع: "لا يوجد ما نأكله. سينفذ الخبز والوقود لدينا خلال شهر. أملنا الوحيد هو كسر الحصار. لكننا لا نطلب الخبز أو الطعام، وإنما الحرية والعدالة الاجتماعية."

كما يقول أسامة: "يفضل الكثيرون الموت في حلب على الرحيل عنها. وإذا تركنا حلب سنخسر منازلنا وحياتنا. وسيفوز نظام الأسد وروسيا."

 عبدالكافي
عبدالكافي مع تلاميذه

وجاء حوارنا مع عبدالكافي أثناء تدريسه اللغة الانجليزية لمجموعة من الأطفال. وسأل أحد الأطفال إن كان يرغب في الرحيل، فقال الطفل: "بالطبع لا، لن أغادر. عشت هنا وسأبقى هنا، هذه أرضي."

وأكد عبدالكافي، وهو أب لابنة تبلغ ثمانية أشهر، إنه سيبقى في حلب مهما حدث، "فالخطر في كل مكان، لكن الحرية ليست في كل مكان."

وتابع: "بقي الناس هنا لأننا طالبنا بالحرية في البداية. ولا يمكننا الرحيل. دم الأطفال الذين ماتوا لن يسامحنا. ومن يعانون الآن لن يسامحوننا. الحرية أثمن من أي شيء على الأرض."

جميع الحقوق محفوظة لمصدر الخبر بوابة الشروق وتحت مسؤليتة ونرجوا متابعتنا بأستمرار لمعرفة أخر الأخبار علي مدار الساعة مع تحيات موقع موجز نيوز الأخباري

اشترك فى النشرة البريدية لتحصل على اهم الاخبار بمجرد نشرها

تابعنا على مواقع التواصل الاجتماعى