نجوم خارج القطبين.. سعد سليط "قيثارة" المنصورة وصوتها الخالد في سماء الكرة المصرية

نجوم خارج القطبين.. سعد سليط
اخبار بواسطة: اليوم السابع المشاركة في: مارس 15, 2025 مشاهدة: 72

في زحام الأضواء التي تسطع فوق القطبين، حيث يحكم الأهلي والزمالك قبضتهما على المشهد الكروي المصري، هناك نجوم اختاروا دربًا مختلفًا، طريقًا وعرًا لكنه أكثر نقاءً، بعيدًا عن ضجيج الديربي، وصخب الجماهير المنقسمة بين الأحمر والأبيض، هم أولئك الذين تحدّوا القاعدة، ورفضوا أن يكون المجد حكرًا على من ارتدى قميصي القلعتين، فكتبوا أسماءهم بأحرف من ذهب في سجلات الكرة المصرية دون أن يطرقوا أبواب الجزيرة أو ميت عقبة.

من ملاعب الأقاليم إلى المدرجات الصاخبة، من الفرق الطموحة إلى المنتخبات الوطنية، صعد هؤلاء اللاعبون درجات المجد بعرقهم، فجعلوا الجماهير تهتف لهم رغم غيابهم عن معترك القطبين، حملوا شرف التحدي، وواجهوا إرثًا ثقيلًا يربط النجاح بألوان بعينها، فكسروا القواعد وغيّروا المفاهيم، وأثبتوا أن النجومية لا تُصنع فقط في مصانع الأهلي والزمالك، بل قد تولد من شوارع المحلة، أو أسوار الإسماعيلي، أو على شواطئ الإسكندرية وبالقرب من ميناء بورسعيد، في شمال مصر وجنوبها، أو حتى بين جنبات أندية لم تعتد رفع الكؤوس، لكنها عرفت معنى صناعة الأساطير.

سعد سليط.. قيثارة المنصورة وصوتها الخالد في سماء الكرة المصرية

هناك نجومٌ تمرُّ في سماء الكرة المصرية فتضيء للحظاتٍ ثم تنطفئ، وهناك آخرون يتركون أثرًا خالدًا لا يمحوه الزمن، في شوارع الدقهلية، حيث تنبت المواهب في الأزقة والحواري، سطع نجمٌ لا يشبه غيره، فارسٌ حمل على عاتقه حلم المنصورة، وكتب اسمه بأحرف من نور في تاريخ الكرة المصرية.. إنه سعد سليط، النجم الذي صنع مجدًا لا يبهت، وحكايةً لا تُنسى.

لم يكن صعود المنصورة إلى دوري الأضواء مجرد صدفة، بل كان هناك اسمٌ واحدٌ نقش البداية، وفتح الباب أمام جيلٍ من العظماء.. سعد سليط.

بدأ مسيرته في موسم 1972-1973 في دوري الدرجة الثانية، وعندما جاء اليوم الحاسم أمام كفر الزيات، لم يكن هناك غيره ليحمل مسؤولية الحلم، فسجل هدف الصعود التاريخي، وأعلن للعالم أن المنصورة قد جاءت لتبقى بين الكبار، ومنذ تلك اللحظة، لم يكن مجرد لاعب في الفريق، بل كان قلبه النابض، وروحه التي تأبى الخضوع.

في منتصف السبعينيات، كان اسم سعد سليط يتردد في كل ملعب، لم يكن نجمًا فرديًا، بل كان جزءًا من جيلٍ صنع هيبة المنصورة، إلى جانب رفاقه: أسامة السطوحي، ثروت فرج، محمد الهادي، ميمي بدير، بدي حمودة، أحمد شاكر، ومحمد البابلي.

مع هذا الجيل الذهبي، لم يكن المنصورة مجرد فريق في الدوري، بل كان كابوسًا للعمالقة، وشبحًا يطارد الأهلي والزمالك، فحصد المركز الثالث موسم 1975/76، ثم المركز الرابع موسم 1976/77، ليؤكد أن الكرة ليست حكراً على الكبار.

لكن، كما هي الحياة، يكتب المجد بيد، ويكتب الفراق بيد أخرى. فقد بدأ الفريق في التراجع مع اعتزال هؤلاء النجوم، حتى سقط مرة أخرى إلى ظلمات الدرجة الثانية في منتصف الثمانينات، حينما رحل الجيل الذي لن يتكرر.

لم يكن تألقه حكرًا على المنصورة، بل امتد اسمه ليحمل راية منتخب مصر، وبدأ مسيرته الدولية عام 1975 عندما خاض أولى مبارياته مع الفراعنة أمام زامبيا في تصفيات كأس الأمم الإفريقية، وانتهت المباراة بفوز مصر بهدف نظيف، وكان شاهدًا على تألقه وسط الكبار.

لم تكن هذه سوى البداية، ففي عام 1980، كان ضمن كتيبة الفراعنة التي خاضت بطولة أمم إفريقيا، ليضع بصمته في واحدة من أعرق البطولات القارية.

ثم عاد ليكتب سطورًا جديدة عندما شارك في التصفيات المؤهلة لكأس العالم، ليظهر في 15 يوليو 1977 أمام زامبيا، في مباراة انتهت بفوز مصر (2-0)، وشهدت واحدة من أجمل لحظاته بقميص الوطن.

في 20 سبتمبر 1974، انطلق نجمه رسميًا في الدوري الممتاز، عندما واجه القناة وسجل هدفًا ضمن ثلاثية أبناء الدقهلية، ليعلن عن ميلاد نجم لا يعرف التراجع.

لكن كما لكل قصة بداية، فإن لكل نجم وداعًا، وكان المشهد الأخير في 8 نوفمبر 1985، عندما تعادل المنصورة مع المنيا (1-1)، ليكتب سليط النهاية بشموخ، مثلما بدأها بعزيمة وإصرار.

لم يكن سعد سليط مجرد لاعب كرة، بل كان رمزًا لحقبة، ورايةً للفخر في المنصورة والدقهلية. كان اسمه يُنطق بحب، وتتغنى به الجماهير، لأنه لم يكن يرتدي القميص فقط، بل كان يحمل روح المدينة في قلبه، ونبضها في قدميه.

رحل سليط عن الملاعب، لكن ذكراه بقيت، شاهدة على أيامٍ كانت فيها المنصورة قلعةً تُرهِب الكبار، وأسطورةً تُكتب بحروف ذهبية في سجلات الكرة المصرية، ولأنه ليس كل النجوم يُنسَون.. بعضهم يُخلَّد إلى الأبد.

اقرأ هذا على اليوم السابع
  تواصل معنا
 تابعنا علي
خريطة الموقع
عرض خريطة الموقع
  من نحن

موقع موجز نيوز يعرض جميع الأخبار من المواقع العربية الموثوقة لكي تكون متابع لجميع الأخبار علي مدار الساعة