نجوم خارج القطبين.. هشام عبد الرسول أضاء سماء تصفيات المونديال وانطفأ مبكرًا

نجوم خارج القطبين.. هشام عبد الرسول أضاء سماء تصفيات المونديال وانطفأ مبكرًا
اخبار بواسطة: اليوم السابع المشاركة في: مارس 18, 2025 مشاهدة: 79

في زحام الأضواء التى تسطع فوق القطبين، حيث يحكم الأهلي والزمالك قبضتهما على المشهد الكروي المصري، هناك نجوم اختاروا دربًا مختلفًا، طريقًا وعرًا لكنه أكثر نقاءً، بعيدًا عن ضجيج الديربي، وصخب الجماهير المنقسمة بين الأحمر والأبيض، هم أولئك الذين تحدّوا القاعدة، ورفضوا أن يكون المجد حكرًا على من ارتدى قميصي القلعتين، فكتبوا أسماءهم بأحرف من ذهب في سجلات الكرة المصرية دون أن يطرقوا أبواب الجزيرة أو ميت عقبة.

من ملاعب الأقاليم إلى المدرجات الصاخبة، من الفرق الطموحة إلى المنتخبات الوطنية، صعد هؤلاء اللاعبون درجات المجد بعرقهم، فجعلوا الجماهير تهتف لهم رغم غيابهم عن معترك القطبين، حملوا شرف التحدي، وواجهوا إرثًا ثقيلًا يربط النجاح بألوان بعينها، فكسروا القواعد وغيّروا المفاهيم، وأثبتوا أن النجومية لا تُصنع فقط في مصانع الأهلي والزمالك، بل قد تولد من شوارع المحلة، أو أسوار الإسماعيلي، أو على شواطئ الإسكندرية وبالقرب من ميناء بورسعيد، في شمال مصر وجنوبها، أو حتى بين جنبات أندية لم تعتد رفع الكؤوس، لكنها عرفت معنى صناعة الأساطير.

هشام عبد الرسول.. النجم الذي أضاء سماء تصفيات المونديال وانطفأ مبكرًا

في قلب الصعيد، حيث الشمس تحرق الأرض، لكنها تصنع رجالًا من ذهب، وُلد نجم من طراز فريد، عاشق للكرة، موهوب بالفطرة، لم يكن ابنًا للأهلي أو الزمالك، لكنه خطف الأضواء من نجومهما، وأصبح أيقونة للكرة المصرية في الثمانينيات،  إنه هشام عبد الرسول، ابن سمالوط الذي سطّر اسمه بحروف من نور في تاريخ منتخب مصر، قبل أن تسرقه الأقدار في لحظة قاتلة من المجد.

ولد هشام عبد الرسول في ديسمبر 1964، في مدينة سمالوط بالمنيا، حيث لا صخب إعلامي ولا أضواء براقة، بل ملاعب ترابية وشغف كرة القدم الذي يسري في عروقه. لم يكن يلعب لأحد أندية القمة، بل برز في صفوف المنيا، ذلك الفريق الصعيدي الذي طالما كان شبحًا مرعبًا لكبار الدوري.

لكن موهبة عبد الرسول لم تكن لتظل طي الكتمان، فقد التقطه محمود الجوهري، الرجل الذي آمن دومًا بأن العظمة لا تُولد فقط في أندية الكبار، فضم هشام إلى منتخب مصر عام 1988، ليضعه وسط كوكبة النجوم، وليبدأ فصلاً جديدًا في مسيرته الكروية.

كان منتخب مصر يحلم بالعودة إلى كأس العالم بعد 56 عامًا من الغياب، وكان عبد الرسول أحد فرسان هذا الحلم، لاعبًا لا يعرف الخوف، هدّافًا بالفطرة، فكان أبرز نجوم التصفيات الإفريقية، حيث قاد الفراعنة للتأهل إلى مونديال 1990 بإيطاليا، وسجل أهدافًا لا تُنسى، جعلته هداف المنتخب في التصفيات، ليُصبح أمل مصر في المحفل العالمي.

لكن الحياة، كما تمنحنا المجد، قادرة على انتزاعه في لحظة غدر.. كانت كل الطرق ممهدة لعبد الرسول ليقود مصر في المونديال، لكنه لم يكن يعلم أن القدر أعد له سيناريو آخر.. سيناريو لا يرحم الأحلام.

في طريقه من المنيا إلى القاهرة، وقع الحادث الذي أطفأ نجمًا كان يلمع في سماء الكرة المصرية. أصيب إصابة بالغة جعلته يفقد فرصة العمر في المشاركة بكأس العالم، ليس هذا فحسب، بل انتهى مشواره الكروي وهو في أوج تألقه، الطريق الذي كان يقوده إلى المجد، أصبح الطريق الذي خطف منه كل شيء.

رغم قصر مسيرته، إلا أن عبد الرسول صنع ما لم يصنعه كثيرون، حيث سجل 55 هدفًا في الدوري خلال 6 مواسم فقط مع فريق المنيا، وكان أحد الأسباب في صعود الفريق إلى القمة، وسط عروض مغرية من الأهلي والزمالك، لكنه لم يرتدِ أيًا منهما، فقد سبقته الإصابة إلى اعتزال الملاعب مبكرًا.

لم يستسلم هشام عبد الرسول لليأس، فبعد أن ودّع الملاعب، لم يودّع شغفه بالكرة، فاتجه إلى التدريب، وحصل على دورات تدريبية متقدمة، وقاد فرقًا في دوري القسم الثاني مثل المنيا والفيوم والمدينة المنورة، ليظل اسم عبد الرسول حاضرًا في ملاعب الصعيد، حتى بعد أن غابت عنه الأضواء.

ربما لم يحظَ هشام عبد الرسول بنهاية كروية كتلك التي كان يستحقها، لكنه سيظل رمزًا للتحدي والإصرار، اللاعب الذي قاد مصر لكأس العالم، لكنه لم يطأ أرضه، الموهبة التي لم تكن بحاجة إلى قميص الأهلي أو الزمالك لتصبح نجمًا، والقلب الذي ظل يخفق بحب الكرة حتى بعد أن تخلّت عنه الأقدار.

رحل حلم المونديال، لكن اسم عبد الرسول سيظل خالدًا في ذاكرة كل مصري عشق اللعبة.. لأنه كان من الأبطال الذين صنعوا المجد.. ثم رحلوا قبل أن يلمسوه.

اقرأ هذا على اليوم السابع
  تواصل معنا
 تابعنا علي
خريطة الموقع
عرض خريطة الموقع
  من نحن

موقع موجز نيوز يعرض جميع الأخبار من المواقع العربية الموثوقة لكي تكون متابع لجميع الأخبار علي مدار الساعة