أصدر مركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار بمجلس الوزراء تحليلاً جديدًا تناول من خلاله مفهوم التجارة الإلكترونية، وأنواعها، وأهم مزاياها، والتحديات التى تُهدد نموها، مشيرًا إلى أن التجارة الإلكترونية شهدت انتشارًا ملحوظًا فى السنوات الأخيرة؛ وأصبحت أحد أبرز مكونات الاقتصاد الرقمى، خصوصًا بعد جائحة «كوفيد- ١٩»، التى أسهمت فى تسهيل عمليات البيع والشراء على مستوى العالم على مدار الساعة؛ مما أدى إلى زيادة قيمة تعاملات التجارة الإلكترونية لتصل إلى نحو (٢٥) تريليون دولار أمريكى فى عام ٢٠٢٠، وفقًا لإحصاءات مؤتمر الأمم المتحدة للتجارة والتنمية.
وفى إطار هذا النمو اللافت، يختلف مستوى انتشار التجارة الإلكترونية بين الدول المتقدمة والنامية؛ ففى حين شهدت الدول المتقدمة زيادة كبيرة فى التسوق الإلكترونى، لاتزال العديد من الدول النامية تواجه عقبات تحول دون الاستفادة الكاملة من الفرص التى تقدمها التجارة الإلكترونية، ويعود ذلك إلى نقص البنية التحتية التقنية اللازمة لتيسير الاتصال الرقمى، بالإضافة إلى التكاليف المرتفعة للوصول إلى الإنترنت عالى السرعة، الذى يُعد عنصرًا أساسيًّا لزيادة الإنتاجية والتنافسية.
وبالرغم من الأرقام الكبيرة التى تعكس أنشطة التجارة الإلكترونية عالميًّا، لاتزال الدول العربية تمثل نسبة ضئيلة من إجمالى هذا القطاع، وهذا يستدعى ضرورة تكثيف الجهود لاستغلال فرص النمو المتاحة؛ مما يُمكّن المؤسسات العربية من المشاركة الفعّالة فى سلاسل القيمة العالمية وتعزيز دورها فى الاقتصاد الرقمى.
أشار التحليل إلى تعريف منظمة التعاون الاقتصادى والتنمية (OECD) للتجارة الإلكترونية على أنها عمليات بيع وشراء السلع والخدمات التى تتم عبر وسائل الاتصال الرقمية، ويتم تنفيذ هذه العمليات من خلال منصات مصممة خصيصًا لاستقبال وإرسال طلبات البيع والشراء، وتدعمها آليات الدفع الرقمى، كما تشمل التجارة الإلكترونية المعاملات التجارية التى يشارك فيها الأفراد والمؤسسات، وتعتمد على معالجة ونقل البيانات الرقمية عبر الشبكات المفتوحة كالإنترنت أو الشبكات المغلقة.
وتُسهم عمليات البيع والشراء عبر الإنترنت فى تعزيز دخل وأرباح الشركات، وتمثل سوقًا ضخمة تتيح تواصل جميع أطراف السوق بشكل فورى، ومن خلال هذه المنصات الإلكترونية يمكن تقديم المنتجات والخدمات فى بيئة رقمية؛ مما يسهل الوصول إلى العملاء ويعزز من فاعلية العمليات التجارية.
وأشار التحليل إلى تعدد تصنيفات التجارة الإلكترونية؛ حيث يمكن تصنيفها بناءً على طبيعة النشاط التجارى، أو حسب المنتجات والخدمات، أو وفقًا لوسائل الدفع، ومن بين هذه التصنيفات، يُعد التصنيف القائم على الأطراف المشاركة فى المعاملة من الأكثر شيوعًا، ويشمل: المستهلكين، ووحدات الأعمال، والمؤسسات، والشركات، والحكومات، وقد أبرز التحليل أنواع التجارة الإلكترونية، منها: التجارة بين الشركات والمستهلكين (B٢C)، ويركز هذا النوع على عمليات البيع المباشر بين الشركات والمستهلكين؛ حيث تبيع الشركات السلع والخدمات مباشرةً للمستهلكين، ويقوم المستهلكون بتصفح الموقع الإلكترونى واختيار ما يرغبون فى شرائه، مع دفع الرسوم المضافة إلى تكاليف الشحن، ثم تقوم الشركة بشحن الطلب إلى عنوان المستهلك.
التجارة بين الشركات (أصحاب الأعمال) (B٢B)، ويتعلق هذا النوع بالعمليات التجارية التى تتم بين المنتجين وتجار الجملة والتجزئة، دون مشاركة المستهلكين.
ومنها أيضًا، التجارة بين المستهلكين (C٢C)، وتتم هذه الأنشطة عادةً بين المستهلكين؛ حيث يعرض أحدهم منتجاته للبيع عبر الإنترنت، كما يمكن للمشترى التواصل مباشرة مع البائع مثل بيع سيارة أو جهاز حاسوب أو قطع أثاث.
وتتضمن التجارة بين المستهلكين والشركات (C٢B)، تقديم الأفراد خدمات أو منتجات للشركات؛ حيث تستخدم الشركات هذه العروض لإتمام عملياتها التجارية.
أما التجارة بين المستهلكين والحكومة (C٢G)، فتشمل المعاملات التى تتم بين المستهلكين والجهات الحكومية مثل دفع فواتير الماء والكهرباء عبر المواقع الإلكترونية للوزارات.
وتتضمن التجارة بين قطاع الأعمال والحكومة (B٢G) جميع المعاملات التجارية التى تقدمها الشركات للحكومة فيما يتعلق بمشترياتها من السلع والخدمات.
وأضاف التحليل أن التجارة الإلكترونية تتميز بمجموعة من المزايا التى تجعلها خيارًا جذابًا للعديد من الشركات؛ حيث تتيح الدخول إلى الأسواق العالمية؛ مما يعزز فرص تحقيق عائد أعلى مقارنةً بالأنشطة التقليدية، فضلًا عن ذلك، فبفضل الطبيعة العالمية للتجارة الإلكترونية يمكن للمستهلكين الوصول إلى المنتجات والخدمات بغض النظر عن موقعهم الجغرافى؛ مما يفتح أبوابًا جديدة للأعمال دون قيود زمانية أو مكانية، كما أن وجود موقع على الإنترنت يسهل الوصول إلى ملايين العملاء فى مختلف دول العالم؛ مما يعزز من فرص النمو والتوسع.
كما تُسهم التجارة الإلكترونية فى خفض التكاليف بشكل كبير؛ حيث تُعد تكلفة إنشاء موقع إلكترونى أقل بكثير من فتح عدة نقاط بيع أو تنفيذ حملات إعلانية تقليدية، إضافةً إلى ما سبق، تتيح هذه المنصة للزبائن تبادل الخبرات حول المنتجات والخدمات عبر مجتمعات إلكترونية؛ مما يعزز من تجربة التسوق، وبفضل هذه المرونة، يمكن للشركات فهم احتياجات عملائها بشكل أفضل وتلبية خياراتهم بسهولة ويسر؛ مما يزيد من رضا العملاء ويعزز ولاءهم للعلامة التجارية.
وأضاف التحليل أن التجارة الإلكترونية تواجه نموًّا ملحوظًا، إلا أنها تعانى من تحديات كبيرة، خاصةً فى البلدان النامية؛ حيث تواجه هذه الدول صعوبات فى الوصول إلى تقنيات الاتصالات بأسعار معقولة؛ مما يعوق إمكانية دخول العديد من الأفراد إلى عالم التجارة الرقمية، ووفقًا للبنك الدولى، فإن نحو (١٥٪) فقط من سكان العالم كانوا قادرين على تحمل تكلفة الوصول إلى الإنترنت عالى السرعة فى عام ٢٠٢٠، بالإضافة إلى ذلك، يُحرم نحو (١.٧) مليار شخص من الوصول إلى الخدمات المالية؛ مما يمنعهم من الاستفادة من المعاملات التجارية التى تعتمد على بطاقات الدفع الإلكترونية والحسابات المصرفية.
بالإضافة إلى ذلك، يواجه مستخدمو التجارة الإلكترونية تحديات إضافية تتعلق بالأمان وجودة المنتجات؛ حيث توجد مخاوف متزايدة من التعرض لعمليات الغش التجارى؛ إذ قد تكون العديد من السلع المبيعة عبر الإنترنت مقلدة أو غير أصلية، كما أن هذا الوضع يتفاقم بسبب ضعف الرقابة على أنشطة التجارة الإلكترونية فى بعض الدول؛ مما يجعل المستهلكين عُرضة للخداع وفقدان الثقة فى السوق الرقمية.
فى سياق متصل، تواجه دول العالم تحديات متزايدة فى قياس حجم التجارة الإلكترونية؛ وذلك نتيجة النمو المستمر فى القطاعات التى تعتمد على الإنترنت فى معاملاتها التجارية، ومع تنوع السلع والخدمات التى تدخل فى مجال التجارة الإلكترونية، يُصبح من الضرورى توحيد المعايير الدولية لقياس إحصاءات تقنيات المعلومات والاتصالات، وفى هذا السياق، أكدت منظمة الأمم المتحدة أهمية اعتماد منهجية موحدة لقياس التجارة الإلكترونية؛ وذلك لضمان تحقيق فهم دقيق وشامل لهذا القطاع المتنامى.
وأوضح التحليل أنه لكى تستفيد الشركات من الفرص التى يوفرها النمو السريع فى أنشطة التجارة الإلكترونية، يتعين عليها أن تواصل تحسين قدراتها التنافسية فى هذا المجال، وتنفيذ استراتيجيات فعالة لزيادة المبيعات الإلكترونية، والتى تشمل: تحديد المنتج المناسب؛ حيث تواجه الشركات الصغيرة تحديًا فى المنافسة مع الكيانات الكبرى مثل أمازون، التى تستحوذ على حصة كبيرة من السوق، لذا يجب على الشركات البحث عن منتجات عالية الجودة أو تقديم خدمات مُميزة تُلبى احتياجات العملاء.
كما تشمل أيضًا، جذب العملاء المستهدفين، حيث يفتقر العديد من الشركات إلى الخبرة فى التسوق عبر الإنترنت؛ لذلك ينبغى لتجار التجزئة فهم احتياجات وتفضيلات عملائهم المستهدفين بشكل جيد، بالإضافة لتعزيز القدرات التسويقية؛ حيث يتطلب الوصول إلى العملاء استخدام استراتيجيات تسويقية فعالة عبر الإنترنت، بما فى ذلك: البريد الإلكترونى، والمواد الدعائية، ومحركات البحث؛ لتوجيه الحملات الإعلانية بشكل دقيق.
كذلك اختيار التطبيقات المناسبة؛ حيث يجب على الشركات تبنى الحلول التكنولوجية الملائمة مثل: تطبيقات التسويق، وإدارة المخزون، وأنظمة إدارة علاقات العملاء لتحقيق الكفاءة، وتوظيف الكفاءات المناسبة؛ ويأتى ذلك من خلال جذب المواهب المناسبة؛ إذ يُعد ذلك عاملًا أساسيًّا لتحقيق النمو المستدام فى التجارة الإلكترونية، مع المشاركة فى الفعاليات المتخصصة؛ وذلك من خلال حضور الندوات والمؤتمرات المتعلقة بالتجارة الإلكترونية؛ حيث يمكن أن يوفر ذلك حلولًا للتحديات التى تواجهها الشركات فى هذا المجال.
من هذه الاستراتيجيات أيضًا: استغلال نمو التسوق عبر الأجهزة المحمولة؛ حيث يجب على الشركات تطوير تطبيقاتها وتحسين مواقعها الإلكترونية؛ لتلبية احتياجات المتسوقين الذين يفضلون استخدام الأجهزة المحمولة.