«الجوشية»، مرض وراثي نادر يصيب الأطفال، واكتشفت أول حالة إصابة بالمرض في مصر، عام 1999م وقتها تم تشخيص عدد 13 طفلًا مصابون بالمرض، ولم يكن العلاج متوفرًا حينها نظرًا لصعوبة التشخيص وندرة العلاج بالإضافة لارتفاع تكلفته بشكل كبيرة يفوق قدرة المرضى.
في تلك الفترة تم إطلاق مبادرة تحمل نفس اسم المرض، هدفها كان توفير العلاج للمرضى من خلال شراكة بين مؤسسة الأمل «هوب»، وبرنامج الخدمة المجتمعية والإنساني لدعم لأمراض النادرة بشركة سانوفي الفرنسية. وبمناسبة الشهر العالمي لـ«الجوشية»، وأيضا مرور 25 عامًا على إطلاق المبادرة التي أنقت حياة العديد من الأطفال، تم تنظيم ملتقى توعوي، بمشاركة أساتذة أمراض الدم، وأساتذة طب الأطفال وعدد من الخبراء الأجانب في علاج المرض، وكان الهدف من الملتقى إلقاء الضوء حول ضرورة التوعية بالمرض وأهمية اكتشافه في مراحل مبكرة.
وبعد 25 عامًا من إطلاق المبادرة لعلاج الأطفال، استطاع هؤلاء المرضة بعد مرور ربع قرن من الزمان أن يعيشوا حياة طبيعية وبعضهم تجاوز الثلاثين عامًا والبعض الأخر تزوج وأنجب أطفالًا، وخلال الملتقى تم الحديث عن هؤلاء المرضى وقصص معاناتهم وتجاربهم مع الأطباء المعالجين.
ومنذ إطلاق هذه المبادرة في عام 1999، التزمت الشركة الفرنسية بتوفير العلاج للمرضى، دون النظر عن قدرتهم على تحمل تكاليفه، وخلال الـ 25 عامًا الماضية، لم تقتصر المبادرة على تقديم العلاج لمرضى الأمراض النادرة في مصر، بل ساهمت أيضًا بشكل كبير في تعزيز الفهم وإدارة مرض جوشيه في جميع أنحاء البلاد، وحتى اليوم تواصل المبادرة دعم المرضى المصابين بالأمراض النادرة، حيث يتلقى أكثر من 30% من المرضى العلاج منذ أكثر من 20 عامًا، وخلال هذه الفترة قدمت سانوفي من خلال Foundation S ما يزيد عن 400 ألف جرعة علاج منقذة للحياة، وقد أسهم هذا الالتزام المستمر من جميع الشركاء، بما في ذلك الأطباء المحليين والدوليين في هذه التخصص، في دعم التشخيص المبكر للأطفال حديثي الولادة، وتوفير العلاج المناسب، وتحسين إدارة مرض جوشيه.
وردًا على سؤال لـ«المصري اليوم»، خلال الملتقى حول أهمية رفع الوعي بالمرض وكذا أسباب الإصابة، قالت الدكتورة عزة طنطاوي أستاذة طب الأطفال وأمراض الدم والأورام للأطفال بجامعة عين شمس، ورئيسة المؤسسة العلمية المصرية للأمراض النادرة لدى الأطفال، أن زواج الأقارب من أبرز مسببات الإصابة بالأمراض النادرة، حيث وجد أن 80% من المصابين بمرض «غوشية» هم نتاج زواج الأقارب من الدرجة الثانية، مما يُعد ناقوس خطر يجب الانتباه إليه.
وشددت، على ضرورة رفع الوعي فيما يتعلق بالفحص ليس فقط قبل الزواج، بل في مراحل مبكرة حيث نجد أن المقبلين على الزواج يذهبون للفحص في المرحلة النهائية، وأحيانا لا يستجيبون لنتائج الفحوصات واحتمالية إنجاب أطفال يعانون من أمراض نادرة، كما يجب أن يمتد الوعي أيضا لدى الأطباء، لأن مريض «غوشية» لا يقتصر على تخصص واحد فقط بل يمتد خلال رحلة العلاج لأكثر من تخصص مما يستوجب توعية هؤلاء جميعًا.
رئيس اللجنة الدولية لخبراء مبادرة الجوشية: أعداد المصابين في مصر 700 وتوقعات بوجود 7 آلاف آخرين
وفي هذا السياق، صرّح الدكتور برامود كي ميستري أستاذ طب الأطفال والطب الباطني في كلية الطب بجامعة ييل، ورئيس اللجنة الدولية لخبراء مبادرة جوشيه، على التأثير العالمي لهذه المبادرة قائلًا: «تستند مهمة مبادرة جوشيه إلى قيم إنسانية تتمثل في الرعاية والشفاء، مع دفع حدود العلم الحديث إلى الأمام. هذا البرنامج الإنساني يجسد ما يمكن تحقيقه عند الجمع بين حكمة التقاليد القديمة في مصر ورؤية المستقبل لبناء نظام رعاية متكامل للأطفال المصابين بمرض جوشيه. إنها منارة للتعاون والرحمة والرعاية المتطورة.»
وأشار رئيس اللجنة الدولية لخبراء مبادرة جوشيه، لـ«المصري اليوم»، أن أعداد المصابون بالمرض في مصر يقدر بـ 700 مريضا، وهذا هو العدد الذي يتلقى العلاج، متوقعًا أن يتجاوز العدد الفعلي للمصابين هذا الرقم بكثير ليصل لقرابة 7 آلاف شخص لكنهم غير مشخصون بالمرض، مما يتطلب تكثيف جهود التوعية والكشف المبكر.
وفيما يخص الجانب الإنساني، قالت الدكتورة رضا منصور، مدير مشروع HOPE في مصر، إنه على مدى 25 عامًا، كانت هذه الشراكة تدور حول أكثر من مجرد علاج؛ فقد تمحورت حول جلب الأمل للمرضى وعائلاتهم، لقد مكنت مبادرة جوشيه النظام الصحي في مصر من تشخيص وإدارة هذا المرض النادر، لضمان عدم ترك أي مريض دون علاج.«
ومن جانبه، شدد الدكتور علاء حامد الرئيس الدولي للخدمات الطبية للأمراض النادرة في سانوفي، على أهمية التعاون المستمر قائلاً: «تشكل هذه المحطة تذكيرًا قويًا بما يمكن تحقيقه عندما نعمل معًا لتحقيق هدف مشترك. تظل سانوفي ملتزمة بشكل عميق بدعم مرضى الأمراض النادرة من خلال برامج مثل مبادرة جوشيه، التي غيرت حياة الكثيرين وعززت خبرة الأطباء المحليين.»
وكشف حامد، عن قرب إطلاق علاج جديد يؤخذ عن طريق الفم وليس من خلال الحقن الوريدي، وهذا العلاج مازال قيد البحث وسيعالج المشاكل العصبية التي تصيب المرضى، مؤكدًا التزامهم بالبحث والتطوير في هذا السياق لصالح المرضى.
وتابع: خلال السنوات الماضية لم يقتصر نجاحات البرنامج على مرض جوشيه فقط، فقد قدم برنامج سانوفي الإنساني للأمراض النادرة من خلال Foundation S مساعدات لعدد إضافي من المرضى في مصر المصابين بأمراض نادرة أخرى مثل مرض بومبي، ومرض فابري، ونقص إنزيم حمض (ASMD)، مما ساهم في اتساع نطاق الرعاية الإنسانية ليشمل أكثر من 67،685 جرعة.
فيما أكدت الدكتورة آمال البشلاوي أستاذة طب الأطفال بجامعة القاهرة ورئيسة الجمعية المصرية للثلاسيميا: “لقد البرنامج الإنساني الفريد وغير مسبوقة من سانوفي، مكرسة لدعم ومتابعة مرضانا، من خلال توفير الأدوية وتلبية جميع الاحتياجات غير المتوفرة لإجراء الفحوصات والمتابعة على مدار 25 عامًا.«
كما سلطت الدكتورة عزة طنطاوي أستاذة طب الأطفال وأمراض الدم والأورام للأطفال بجامعة عين شمس، ورئيسة المؤسسة العلمية المصرية للأمراض النادرة لدى الأطفال، الضوء على قصص نجاح البرنامج:
وأضافت، خلال مسيرتي المهنية، شهدت أطفالًا تم تشخيصهم بمرض جوشيه يكبرون ليعيشوا حياة طبيعية وصحية بفضل الوعي والدعم الذي وفره هذا البرنامج لم ينقذ هذا البرنامج حياتهم فحسب، بل منحهم أيضًا الأمل الفرصة للنمو وتحقيق إمكاناتهم وأحلامهم.«