في خطوة واعدة في مجال أبحاث الأمراض المناعية وهشاشة العظام، كشف علماء من مستشفى «دا-تشيان» وجامعتي «الصين الطبية» و«تشانج غونج»، في تايوان، عن جينين رئيسيين يرتبطان بشكل مباشر بين مرض التهاب المفاصل الروماتويدي وهشاشة العظام. وتأتي النتائج لتسليط الضوء على فرص جديدة للتشخيص المبكر وتطوير علاجات تستهدف هذه الجينات، مما يمهد الطريق لتحسين إدارة وعلاج المرضين.
في دراسة حديثة نشرتها دورية «APL Bioengineering» عن معهد الفيزياء الأمريكي (AIP Publishing)، استخدم الباحثون أدوات تحليلية وخوارزميات للبحث عن الجينات المشتركة بين التهاب المفاصل الروماتويدي وهشاشة العظام. وتمكن الفريق من تحديد جينين رئيسيين، هما «ATXN2L» و«MMP14»، كأهداف محتملة لتطوير علاجات فعالة لكلا المرضين.
يعتبر التهاب المفاصل الروماتويدي مرض شائع يؤثر على نحو 17 مليون شخص حول العالم، ويُعزى إلى هجوم الخلايا المناعية على المفاصل، مما يؤدي إلى ألم وتورم وتدمير الغضاريف والعظام، ومن المعلوم أن مرضى التهاب المفاصل الروماتويدي يصابون في كثير من الأحيان بهشاشة العظام كنتيجة للأضرار التي تتعرض لها العظام بسبب الخلايا المناعية وأحيانًا كأثر جانبي لبعض الأدوية، وذلك وفقًا للدراسة.
ركز الباحثون في دراستهم على عملية «الاستماتة» (آلية يستخدمها الجهاز المناعي للتخلص من الخلايا التالفة أو غير الضرورية). ويؤدي الخلل في هذه العملية إلى مهاجمة الخلايا المناعية لخلايا الجسم بشكل عشوائي، مما يؤدي إلى آثار كارثية. وكما أوضح مؤلف الدراسة «هاوجو لو»، في بيان صحفي حصلت «المصري اليوم» على نسخة منه، فإن الاستماتة المفرطة لخلايا بناء العظام تُساهم في تدمير المفاصل وضعف العظام، مشددًا على أهمية التعامل مع كلا المرضين في آن واحد.
اعتمد الفريق على تحليل مجموعات ضخمة من البيانات الجينية لتحديد الجينات النشطة في كلا المرضين. وخلصت التحليلات إلى أن جيني «ATXN2L» و«MMP14» لهما أدوار رئيسية في تنظيم الاستماتة والبنية خارج الخلوية، حيث يرتبط «ATXN2L» بعملية الاستماتة، ويؤدي خلله إلى تحفيز الإصابة بالتهاب المفاصل الروماتويدي وهشاشة العظام. في المقابل، يساهم «MMP14» في بناء الأنسجة خارج الخلوية، مثل الغضاريف، ويمكن أن يكون مسؤولًا عن تدهور الأنسجة المفصلية المسبب لالتهاب المفاصل الروماتويدي.
وفقًأ للباحثين، فإن هذه الجينات يمكن أن تكون مؤشرات بيولوجية هامة للتشخيص أو حتى علاج كلا المرضين. وبالإضافة إلى الخطط لتأكيد النتائج عبر دراسات تجريبية، يسعى الفريق أيضًا لتطوير علاجات جديدة تستهدف هذه الجينات. وأكد «لو» أن الأبحاث المستقبلية قد تشمل تطوير علاجات مخصصة تعتمد على الذكاء الاصطناعي للتنبؤ بالمرضى الأكثر عرضة لهشاشة العظام.
تمثل النتائج تقدمًا ملحوظًا في مجال فهم العلاقة بين التهاب المفاصل الروماتويدي وهشاشة العظام، وتعزز الآمال بتطوير علاجات أكثر فعالية لهؤلاء المرضى.