نجوم خارج القطبين.. عز الدين يعقوب صفقة القرن السكندرية وصاحب معجزة الأولمبي

نجوم خارج القطبين.. عز الدين يعقوب صفقة القرن السكندرية وصاحب معجزة الأولمبي
اخبار بواسطة: اليوم السابع المشاركة في: مارس 11, 2025 مشاهدة: 69

في زحام الأضواء التي تسطع فوق القطبين، حيث يحكم الأهلي والزمالك قبضتهما على المشهد الكروي المصري، هناك نجوم اختاروا دربًا مختلفًا، طريقًا وعرًا لكنه أكثر نقاءً، بعيدًا عن ضجيج الديربي، وصخب الجماهير المنقسمة بين الأحمر والأبيض، هم أولئك الذين تحدّوا القاعدة، ورفضوا أن يكون المجد حكرًا على من ارتدى قميصي القلعتين، فكتبوا أسماءهم بأحرف من ذهب في سجلات الكرة المصرية دون أن يطرقوا أبواب الجزيرة أو ميت عقبة.

من ملاعب الأقاليم إلى المدرجات الصاخبة، من الفرق الطموحة إلى المنتخبات الوطنية، صعد هؤلاء اللاعبون درجات المجد بعرقهم، فجعلوا الجماهير تهتف لهم رغم غيابهم عن معترك القطبين، حملوا شرف التحدي، وواجهوا إرثًا ثقيلًا يربط النجاح بألوان بعينها، فكسروا القواعد وغيّروا المفاهيم، وأثبتوا أن النجومية لا تُصنع فقط في مصانع الأهلي والزمالك، بل قد تولد من شوارع المحلة، أو أسوار الإسماعيلي، أو على شواطئ الإسكندرية وبالقرب من ميناء بورسعيد، في شمال مصر وجنوبها، أو حتى بين جنبات أندية لم تعتد رفع الكؤوس، لكنها عرفت معنى صناعة الأساطير.

عز الدين يعقوب.. صفقة القرن السكندرية وصانع مجد الأولمبي

في تاريخ كرة القدم المصرية، هناك نجومٌ لا تمحوهم الأيام، ولا تغيب أسماؤهم عن ذاكرة الجماهير، ومن بين هؤلاء الأساطير عز الدين يعقوب، ذلك الفتى السكندري الذي لم يكن مجرد لاعب كرة قدم، بل كان ظاهرة رياضية متكاملة، تلاعبت قدماه بالكرة كما تلاعبت قدماه بمضمار ألعاب القوى، فجمع بين السرعة القاتلة والمهارة الفريدة، ليصبح أيقونة النادي الأوليمبي وأحد أعظم من أنجبتهم الكرة المصرية.

 

وُلد عز الدين يعقوب عام 1942، وبدأ مسيرته الكروية في صفوف الاتحاد السكندري في أوائل الستينيات، حيث بزغ نجمه بسرعة خاطفة، لكنه فاجأ الجميع بانتقاله إلى النادي الأوليمبي في صفقة وُصفت حينها بأنها "زلزال كروي" هزّ أوساط كرة القدم السكندرية، إذ انتقل من زعيم الثغر إلى الغريم التقليدي، ليبدأ رحلته الحقيقية نحو المجد مع الفريق الذي صنع منه أسطورة خالدة.

 

لم يكن مجرد مهاجم يجيد هز الشباك، بل كان إعصارًا كرويًا يكتسح الدفاعات، فجاء لقبه الأشهر من الجماهير "السهم الأسود"، حيث امتلك سرعة استثنائية جعلته ليس فقط لاعبًا مميزًا في كرة القدم، بل أيضًا بطلًا في ألعاب القوى، حتى أن الاتحاد المصري رشّحه أكثر من مرة لتمثيل البلاد في الأولمبياد كعدّاء محترف، لكونه أسرع لاعب في تاريخ الكرة المصرية.

 

ورغم المجد الرياضي الذي حققه، فإن رحلة عز الدين يعقوب لم تكن مفروشة بالورود، بل كانت ملحمة إنسانية من التحدي، إذ كان الأطباء قد حذّروه من ممارسة أي نشاط رياضي بسبب مرض في القلب كاد أن يضع حدًا لحياته الرياضية. لكنه، بروح المقاتل، كتب تعهدًا على نفسه بتحمل المسؤولية كاملة، وواصل الركض فوق المستطيل الأخضر، ليؤكد أن العزيمة الصلبة أقوى من أي عائق.

 

كان موسم 1965 – 1966 هو الموسم الذي أضاء فيه نجم عز الدين يعقوب بأقصى سطوع، حين قاد النادي الأوليمبي لتحقيق أكبر إنجاز في تاريخه، حيث أصبح أول فريق من خارج القاهرة يتوج بلقب الدوري المصري الممتاز، وهي البطولة الوحيدة في خزائن الأوليمبي حتى يومنا هذا، والتي جاءت بفضل أهداف يعقوب الحاسمة التي صنعت الفارق ومنحت ناديه المجد الأبدي.

 

برصيد 83 هدفًا، أصبح الهداف التاريخي للنادي الأوليمبي، ورمزًا خالدًا في صفوفه، كما أنه أنهى موسم 1965 – 1966 كـ هداف الفريق برصيد 34 هدفًا، في إنجاز نادر يعكس موهبته التهديفية الفذة.

 

أما على الصعيد الدولي، فقد تألق يعقوب في أول بطولة إفريقية عام 1967، حيث كان أول لاعب يسجل في البطولة، ونجح في التتويج بلقب هداف المنتخب المصري خلالها، ليضيف إلى رصيده إنجازًا قاريًا جديدًا.

 

لم يكن عز الدين يعقوب نجمًا في كرة القدم فقط، بل كان ذهبيًا في ألعاب القوى أيضًا، حيث حصد لمصر ثلاث ميداليات ذهبية في بطولة إفريقيا لألعاب القوى، بالإضافة إلى ثلاث ذهبيات أخرى في البطولة العربية 1963 وبطولة بلغاريا 1969.

 

وفي إنجاز نادر، أصبح أول لاعب كرة قدم مصري يتوج بميدالية ذهبية عربية في ألعاب القوى، ليجمع بين عشق الكرة والركض السريع في مشهد لم يتكرر في تاريخ الرياضة المصرية.

 

لم يكن نجاح يعقوب مقتصرًا على الملعب، بل امتد ليشمل روحه الرياضية وأخلاقه الرفيعة، حيث نال في عام 1966 جائزة أفضل لاعب مصري، إلى جانب كأس الروح الرياضية، في تكريم مستحق لنجم لطالما جسّد المعنى الحقيقي للرياضي المثالي.

 

عندما يتحدث عشاق كرة القدم عن العظماء، لا بد أن يتوقفوا عند اسم عز الدين يعقوب، ذلك النجم الذي لم يكن مجرد لاعب، بل كان أيقونة رياضية خالدة، ترك بصمة لا تُنسى في تاريخ الأوليمبي والكرة المصرية، لتظل ذكراه حيّة في قلوب الجماهير التي هتفت له يومًا:

اقرأ هذا على اليوم السابع
  تواصل معنا
 تابعنا علي
خريطة الموقع
عرض خريطة الموقع
  من نحن

موقع موجز نيوز يعرض جميع الأخبار من المواقع العربية الموثوقة لكي تكون متابع لجميع الأخبار علي مدار الساعة