سجلت الأسهم الأمريكية أسوأ جلسة تداول لها في نحو عامين، متأثرة بتقرير الوظائف الذي جاء أضعف من المتوقع في يوليو، والذي يعزز مخاوف دخول الاقتصاد الأمريكي في حالة ركود، وسط موجة بيع عالمية للأسهم تضرب بورصات أمريكا وأوروبا وآسيا.
ووفقًا لموقع القناة الاقتصادية الأمريكية سي إن بي سي، انخفض مؤشر s&p 500 بنسبة 2.1%، في أكبر انخفاض له منذ ديسمبر 2022، مؤشر ناسداك المركب المحمل بأسهم التكنولوجيا بنسبة 2.6% تقريبًا، مما أدى إلى انخفاض المؤشر من أعلى مستوياته التاريخية مؤخرًا إلى أكثر من 10%، بينما هبط مؤشر داو جونز الصناعي 712 نقطة أو 1.8%.
هبطت الأسهم بعد تباطؤ نمو الوظائف في الولايات المتحدة في يوليو الماضي أكثر من المتوقع، بينما ارتفع معدل التوظيف إلى أعلى مستوى منذ أكتوبر 2021، بينما ذكرت وزارة العمل أن الوظائف غير الزراعية نمت بنحو 114 ألف وظيفة الشهر الماضي، وهو تباطؤ عن 179 ألف وظيفة أضيفت في يونيو وأقل من 185 ألف وظيفة توقعها خبراء اقتصاديون في حين ارتفع معدل البطالة إلى 4.3%.
وانخفض العائد على سندات الخزانة الأمريكية لأجل 10 سنوات إلى أدنى مستوياته منذ ديسمبر مع تدفق المستثمرين على السندات بحثا عن الأمان وسط مخاوف من أن مجلس الاحتياطي الفيدرالي ارتكب خطأ هذا الأسبوع بالإبقاء على أسعار الفائدة عند مستوياتها الحالية.
ناسداك هو أول المؤشرات الثلاثة الرئيسية التي دخلت منطقة التصحيح، حيث انخفض بأكثر من 10%، وكان مؤشرا S&P 500 وداو جونز منخفضين بنسبة 6% و4% عن أعلى مستوياتهما التاريخية على التوالي.
وقفز مؤشر التقلب VIX الملقب بـ «مؤشر خوف المستثمرين» في بورصة وول ستريت، إلى مستوى 29.66، ويمثل ذلك أعلى مستوى في 17 شهرًا، منذ 15 مارس 2023، عندما قفز إلى 29.91.
وهبطت أسعار النفط الخام الأمريكي أكثر من 3% إلى أدنى مستوياتها منذ أوائل يونيو، وهبط عقد غرب تكساس الوسيط تسليم سبتمبر 2.49 دولار أو 3.26% إلى 73.82 دولار للبرميل، وانخفض عقد برنت لشهر أكتوبر 2.38 دولار، بنسبة 2.99%، إلى 77.22 دولار للبرميل، انخفض خام غرب تكساس الوسيط بنسبة 4.26% هذا الأسبوع بينما انخفض برنت بنسبة 4.8%.
وشهدت أسواق الأسهم في أوروبا وآسيا ونيويورك حالة من الاضطراب بسبب المخاوف من تباطؤ الاقتصاد الأميركي، حيث تضررت أسهم التكنولوجيا بسبب نتائج الأعمال الفصلية.
وشهدت الأسهم اليابانية أسوأ يوم لها منذ أن هزت جائحة كوفيد-19 الأسواق في عام 2020؛ حيث انخفض مؤشر نيكاي 225 للأسهم بنسبة 5.8% إلى أدنى مستوى إغلاق له منذ يناير. وانخفض مؤشر توبكس الياباني الأوسع نطاقًا بنسبة 6.1%، وانخفض مؤشر ASX الأسترالي بنسبة 2.5% وانخفض مؤشر هانغ سنغ في هونج كونج بنسبة 2.1%.
اقرأ اكثر: موجة بيع الأسهم العالمية تضرب آسيا وأوروبا
وقال طاهر المرسي، خبير سوق المال، إن الوضع الاقتصادي لم يتحسن بالولايات المتحدة منذ أزمة 2008، وجاءت أزمة 2020 لتضيف أعباء جديدة على واضع السياسات هناك، ولتضغط أكثر باتجاه فشل محاولات الإنعاش المستمرة منذ بداية العقد الثاني، متمثلة في فقدان أدوات السياسة النقدية التقليدية قدرتها على إحداث فارق واضح في وضع الاقتصاد، مع شيوع حالة من عدم اليقين، أدت لتوسع الشركات في اتباع أسلوب خطير بإعادة شراء أسهمها مما أدى لتضخم أصولها المالية، وصناعة فقاعات متتالية بسوق الأسهم، مدعومة بتوسع الشركات في الاستدانة من خلال بيع سنداتها بشكل مضمون للفيدرالي الأمريكي الذي حصل على امتياز شراء سندات الشركات، بعدما كان لا يستطيع ذلك وفقا لتشريعات 2008 المتعلقة بالتيسير الكمي.
وأضاف المرسي لـ المصري اليوم، أنه ترتب على ذلك، ارتفاعات غير مبررة بالأسواق، واستمرت بشكل غير منطقي على الرغم من ارتفاع الفائدة على الدولار، وتشديد السياسة النقدية، ليكتشف الجميع أن البنوك الأمريكية تعاني أزمة كبيرة بدأت تطفو على السطح فيتدخل الفيدرالي بضخ مزيد من الأموال الرخيصة لإنقاذها فتتجه الأموال لأسواق المال لتصنع مزيدا من الارتفاعات.
واعتبر المرسي أن ذلك عملية معقدة من دورة رأس المال غير المسئول، وغير المضمون، ظهرت بشكل جلي مع توجه الرؤساء التنفيذيين لشركات التكنولوجيا العملاقة لبيع حصص كبيرة من أسهمهم عندما كانت المؤشرات عند أعلى نقطة في تاريخها، لتبدأ نتيجة للبيع في السقوط تباعا.
وأشار إلى ان هناك حقيقة واضحة حاليًا تقول أن الركود يضرب جنبات الاقتصاد الأمريكي بقوة، مع تراجع الإنفاق الشخصي، وارتفاع نسبة تسريح العمالة، وطلبات إعانة البطالة، وتراجع مؤشرات التصنيع، وارتفاع الفجوة بين الناتج المحلي الإجمالي والديون، والتي وصلت لأعلى مستوى في تاريخ الولايات المتحدة، مع تضخم مستمر منذ 4 أعوام تقريبا، لم يهبط لمستهدفات الفيدرالي عند 2% بالرغم من رفع الفائدة لأعلى مستوى منذ عقود.
وبحسب المرسي، فإنه مع موجة تسريح عمالة غير مسبوقة، تؤشر للركود بوضوح، انتهجتها شركات التكنولوجيا العملاقة، والسيارات، مثل إنتل، وتسلا، وجوجل، وميتا وميكروسوفت وغيرها الكثير، بالإضافة إلى الوضع الهش غير المسبوق لسوق السندات الأمريكية، والتي تعاني من أكبر موجة شح سيولة في تاريخها، مع تخارج مستمر من الدول، والمستثمرين الأجانب، إذ خفض الجميع من حيازاتهم في سوق الديون الأمريكية، من الصين إلى اليابان، أصبح المنافسين والحلفاء ينتابهم شعور بعدم الثقة، والتخوف، خاصة بعدما أخطأت الولايات المتحدة باستخدام الأصول المالية في معاقبة الخصوم والمنافسين، وأوضح مثال على ذلك استخدام أصول روسيا، بينما السندات هي السوق الأولي الذي يغذي بقية الأسواق ويصنع الانتعاش، لافتًا إلى أن كل هذه المعطيات لن يكون لها أي مردود سوى إعادة تقييم للأسهم، وتصحيح موسع بالأسواق، قد يصل في وقت من الأوقات لموجة بيع تشبه موجات التسونامي تخفض قيمة الأسهم بحدة في النهاية.
واستطرد: أسعار النفط المستمرة في الارتفاع، تأتي مغايرة لرغبات صانع السياسات في الولايات المتحدة، لأنه من بديهيات الاقتصاد المالي المهيمن بالولايات المتحدة أن وول ستريت لا يمكن أن تستمر في الارتفاع مع أسعار نفط مرتفعة.
وتابع: المسألة مرتبطة بالفوائض المالية لدول النفط، ودورة الأموال في النظام الدولي، والتي تعرضت لخروقات كبيرة، نتيجة التوترات الجيوسياسية، والصراع مع معارضي الدولار، والتكتلات الاقتصادية التي تشكلت على مبدأ التخلي عن الدولار، وهو ما أثر بالسلب على سوق السندات الأمريكية، وأدى لتراجع نسبة الدولار في الاحتياطيات المركزية الدولية، والتجارة الدولية مما يزيد عن 75% إلى حوالي 54% بنهاية 2023، متوقعًا أن تكون أرقام 2024 أكثر إيلاما للدولار.