تشكل زيادة مستوى سطح البحر الناتجة عن تغير المناخ تهديدًا خطيرًا وغير متوقع في كثير من الأحيان للغابات الساحلية، مما يستدعي الحاجة إلى أدوات جديدة للتخفيف من الأضرار وتخصيص الموارد للحفاظ على البيئة.
أجرت جامعة ولاية كارولينا الشمالية بالتعاون مع المسح الجيولوجي الأمريكي (USGS) دراسة توضح كيف يمكن استخدام صور الأقمار الصناعية لتحديد المناطق الغابية التي تتحول إلى مستنقعات ومياه مفتوحة نتيجة لارتفاع مستوى البحر، وهي عملية تُعرف بتغيير النمط (regime change). تم نشر الدراسة في دورية «Ecosystems».
قال مارسيليو أردون، أستاذ مساعد في جامعة ولاية كارولينا الشمالية ومؤلف مشارك في الدراسة،في بيان صحفي حصلت «المصري اليوم» على نسخة منه، إن الأداة الجديدة قد تساعد الحفاظ على البيئة في تخصيص مواردها المحدودة في المناطق التي ستكون فيها أكثر فعالية. وأضاف: «نحن نعلم أن الأنظمة الساحلية تتغير، ومن الصعب التنبؤ بمكان وزمان حدوث التغيير. ما وجدناه هو أنه من خلال الاستشعار عن بعد، يمكنك الحصول على مسار يوضح أين تتجه المنطقة».
في البداية، كان الباحثون يسعون لتحديد ما إذا كان يمكن استخدام صور الأقمار الصناعية للكشف عن تغيير النمط في الأراضي الرطبة الساحلية قبل حدوثه من خلال تحديد إشارات التحذير المبكرة. ومع ذلك، كانت النتائج غير متسقة، حيث لم يكن من الممكن دائمًا الكشف عن تلك الإشارات، مما أدى إلى إيجاد إيجابيات وسلبيات كاذبة.
بدلًا من ذلك، تمكن الباحثون من استخدام نفس أداة بيانات الأقمار الصناعية- مقياس يسمى مؤشر الفرق الطبيعي للنباتات (NDVI)- لتحديد كيفية تغير صحة الغطاء النباتي. يعتمد NDVI على استخدام أطوال موجية متعددة من حساسات الأقمار الصناعية التي تمسح الأرض في أوقات مختلفة، مما يجمع البيانات حول مقدار الضوء الأحمر الذي تمتصه النباتات وكمية الضوء القريب من الأشعة تحت الحمراء التي تعكسها.
باستخدام هذه القيم، يمكن للباحثين تقدير NDVI، الذي يقيس فعليًا اخضرار وصحة النباتات في المنطقة. وقد أظهر NDVI لغابة أعلى من تلك الخاصة بمستنقع أو مياه مفتوحة، مما يجعله أداة فعالة لرصد التغيرات في هذه الأنظمة.
قالت ميليندا مارتينيز، الباحثة الإيكولوجية مع USGS، إن الدراسة كشفت عن اختلافات ملحوظة في تغير النمط بين المناطق القريبة. وأضافت: «في بعض المناطق، كانت التحولات من الغابة إلى المستنقع أو حتى المياه المفتوحة تحدث في غضون خمس إلى ست سنوات، بينما في مناطق أخرى، حتى داخل نفس الموقع، قد تحدث على مدى فترات زمنية أطول بكثير».
تمثل الدراسة خطوة مهمة نحو فهم كيفية تأثير تغييرات المناخ على النظم البيئية الساحلية. من خلال استخدام تقنيات مثل صور الأقمار الصناعية، يمكن للباحثين والمخططين وضع استراتيجيات فعالة للحفاظ على الغابات الساحلية وتوجيه التمويل إلى المناطق الأكثر احتياجًا.