في خطوة واعدة لتحسين صحة ملايين الأشخاص الذين يعانون من آلام الظهر، أعلنت جامعة «أولو» الفنلندية عن اكتشاف علمي جديد قد يسهم في تطوير علاجات أفضل لفتق الديسك القطني، أحد أكثر مشكلات الظهر شيوعًا وأحد الأسباب الرئيسية لألم «عرق النسا» الممتد إلى الساق.
فتق الديسك القطني، تمزق أو بروز يحدث في القرص الفاصل بين فقرات العمود الفقري أسفل الظهر. يؤدي إلى الضغط على الأعصاب المجاورة، مما يسبب ألمًا شديدًا يمتد إلى الساق، ويُعرف ذلك الألم بعرق النسا، الذي يحدث نتيجة لتهيج الأعصاب بفعل الضغط، وزيادة العوامل الالتهابية حول المنطقة المصابة، وفقًا للدراسة المنشورة في دورية «نيتشر».
قاد فريق بحثي من جامعة «أولو» دراسة دولية استخدموا فيها بيانات جينية وصحية لحوالي 829،699 شخصًا من ثلاثة بنوك، وتُعد الدراسة من أضخم الدراسات التي استخدمت بيانات جينية بهذا الحجم، مما ساعد العلماء على الوصول إلى اكتشافات دقيقة حول الجينات المؤثرة على فتق الديسك.
توصلت الدراسة إلى 41 موقعًا جينيًا جديدًا في الجينوم البشري يمكن أن يزيد من احتمالية الإصابة بفتق الديسك، إضافةً إلى 23 موقعًا حددهم العلماء سابقًا. تشمل المواقع الجديدة جينات تؤثر على تركيب الأقراص الفقرية، كما تؤثر على العمليات الالتهابية في الجسم. بالإضافة إلى ذلك، كشفت الدراسة عن جينات ترتبط بوظائف الجهاز العصبي، مما يزيد من فهم العلماء حول آلية حدوث الألم الناتج عن فتق الديسك.
يقول «فيلي سالو»، مؤلف الدراسة، في بيان صحفي، حصلت «المصري اليوم» على نسخة منه: «اكتشفنا جينات يمكن أن تساعد في تفسير سبب استمرار الألم واختلاف شدته بين المرضى، وهذا قد يفتح الباب أمام تطوير علاجات موجهة لتخفيف الألم وتحسين نوعية حياة المرضى».
بالإضافة إلى اكتشاف الجينات المرتبطة بالحالات العادية من فتق الديسك، حدد الباحثون خمسة مواقع جينية إضافية ترتبط بالفتق القطني الذي يحتاج إلى تدخل جراحي، مما يساعد الأطباء في معرفة مسببات تطور الحالة إلى درجة تتطلب جراحة، مما يساهم في تحديد العلاجات الوقائية التي يمكن اتباعها لتجنب الجراحة قدر الإمكان.
يسعى الباحثون إلى استخدام هذه البيانات لتطوير علاجات تركز على تخفيف الألم المزمن الناتج عن فتق الديسك، وذلك من خلال تطوير أدوية أو أساليب علاجية تستهدف الجينات المكتشفة حديثًا.
يمكن أن يكون لهذه الاكتشافات آثار واسعة، حيث إنها لن تساعد الأفراد فقط في تحسين حياتهم اليومية، بل قد تساهم أيضًا في تقليل تكاليف الرعاية الصحية على المجتمع ككل، من خلال تقليل الاحتياج للتدخلات الجراحية وتقليل أوقات التعافي للمرضى.
يعني هذا الاكتشاف أن العلماء بدأوا يفهمون بصورة أفضل أسباب الإصابة بفتق الديسك وألم عرق النسا، مما يمكن أن يساعد في المستقبل على تطوير علاجات تمنع الإصابة أو تخفف من الأعراض بشكل كبير. وقد يكون لهذا تأثير مباشر على تحسين جودة الحياة للعديد من الأشخاص الذين يعانون من آلام مستمرة أسفل الظهر، والتي تؤثر بشكل كبير على قدرتهم على القيام بالأنشطة اليومية والعمل.