أظهرت دراسة حديثة منشورة في دورية «Current Biology»، قدرة الأفيال الفريدة على استخدام خراطيم المياه كأدوات معقدة للاستحمام. وتسلط الدراسة الضوء على سلوك مدهش يظهر مدى ذكاء الأفيال وقدرتها على التصرف بطرق غير متوقعة أثناء التفاعل مع بعضها.
أوضح الباحثون أن استخدام الأدوات ليس سلوكًا مقتصرًا على البشر، حيث تستخدم بعض الحيوانات أدوات معينة؛ فالشمبانزي يستعمل العصي، وتستعين الدلافين بالإسفنج، وحتى الغربان تُظهر سلوكيات معقدة. لكن تركز الدراسة على الأفيال التي أثبتت أنها تمتلك قدرات خاصة في استخدام الأدوات. ففي حديقة حيوان برلين بألمانيا، أظهرت الفيلة الآسيوية «ماري» قدرة لافتة على استخدام خرطوم الماء كأداة للاستحمام بشكل منهجي ومنظم.
شاهدت معدّة الدراسة «لينا كوفمان»، من جامعة «هومبولت» الألمانية، الفيلة «ماري» تستحم بخرطوم المياه، فقامت بتسجيل هذا المشهد وعرضته على زملائها في الفريق البحثي. قررت لينا أوربان تحليل سلوك «ماري» بشكل أعمق لمعرفة طريقة استخدامها للخرطوم.
وجد الباحثون أن «ماري» تنظم عملية الاستحمام بنفسها، وتتحكم بخرطوم المياه بتنسيق بين خرطومها وأطرافها. تمسك بالخرطوم عادةً من خلف نهايته، مما يجعله أكثر صلابة ويشبه رأس الدش، وتبدأ برش الماء على جسدها من أعلى لأسفل. وعندما ترغب في الوصول إلى ظهرها، تستخدم ماري «استراتيجية اللاسو»، حيث تمسك الخرطوم من مكان أبعد وتلوح به حول جسدها للوصول إلى المناطق التي يصعب عليها الوصول إليها بالطرق التقليدية.
وعندما تم إعطاؤها خرطومًا أثقل، لاحظ الفريق أن «ماري» تخلت عن فكرة استخدامه، وبدلًا من ذلك استخدمت خرطومها الخاص للرش، إذ وجدت الخرطوم الأكبر ثقيلًا وغير مريح.
لم تكن «ماري» وحدها التي أظهرت سلوكيات مدهشة، فقد أظهرت الفيلة «أنشالي» تفاعلًا غريبًا أثناء استحمام «ماري». لاحظ الباحثون نوعًا من «التصرفات العدائية» بين الفيلتين حول موضوع الاستحمام؛ فقد قامت «أنشالي» بجذب الخرطوم نحوها، وثنت الخرطوم لقطع تدفق الماء عن «ماري»، في ما بدا كنوع من المنافسة.
في موقف آخر، استعملت «أنشالي» خرطومها الشخصي بذكاء لتعطيل استحمام «ماري» بطريقة مختلفة، حيث وقفت بخرطومها على خرطوم الماء وضغطت عليه، مما منع تدفق الماء بالكامل. يرى الباحثون أن تصرفات «أنشالي» ربما كانت مقصودة كنوع من المزاح، ويعتقدون أن هذه التصرفات تظهر مستوىً متقدمًا من الذكاء لدى الأفيال.
تؤكد الدراسة على المهارات الاستثنائية التي تمتلكها الأفيال في استخدام الأدوات، والتي تُعزى إلى قدرة خرطومها على الحركة الدقيقة والتنسيق. ويثير الباحثون سؤالًا مثيرًا حول إمكانية تكرار هذه السلوكيات في البرية، وهل يمكن أن تقوم الأفيال بمداعبة أو منافسة بعضها في مواطنها الطبيعية بنفس هذه الطرق؟
ختامًا، يعتبر هذا الاكتشاف إشارة إلى تعقيد الحياة الاجتماعية للأفيال وذكائها، ويدفع العلماء للتساؤل عما إذا كانت الأفيال تتعمد «المزاح» أو إظهار المنافسة مع أفراد أخرى في البرية.