رغم التغيرات السياسية المتوقعة في الولايات المتحدة، إلا أن وظائف الاستدامة ستشهد إقبالًا متزايدًا في جميع أنحاء العالم، وفقًا لأحدث تقرير نشرته منصة لينكد إن، إحدى منصات السوشيال ميديا الشهيرة والتي تركز بشكل أساسي على بناء العلاقات المهنية والبحث عن فرص العمل، وتوقعت المنصة ارتفاع ملحوظ في وظائف الاستدامة في الولايات المتحدة بعد فوز المرشح الجمهوري دونالد ترامب في الانتخابات الأمريكية 2024.
ومع اتجاه وظائف الاستدامة، يبحث رجال الأعمال وأصحاب المؤسسات والشركات عن موظفين يمتلكون مهارات في مجالات مثل الطاقة المتجددة، وإدارة النفايات، والاستدامة البيئية. وهذا الطلب المتزايد يؤكد أهمية هذه الكفاءات في سوق العمل الحالي والمستقبلي.
المهارات الخضراء في وظائف 2024 على لينكد إن
سلط تقرير 'المهارات الخضراء العالمية' الصادر حديثًا عن لينكد إن، الضوء على الوضع الحالي لسوق العمل المستدام. قام التقرير بتحليل المهارات الخضراء، والوظائف الخضراء، والمهارات الخضراء Green skills (وهي المهارات التي تُميز الموظفين العاملين في الاستدامة)، محددًا كل منها بدقة لتقديم صورة شاملة عن هذا القطاع المتنامي.
تقرير سابق أصدره المنتدى الاقتصادي العالمي في فبراير الماضي تحت عنوان: «الوظائف الخضراء الشاغرة في تزايد – لكن الموظفين ذوي المهارات الخضراء غير متوفرين»، أوضح أن واحد من كل ثمانية أشخاص حاليا يمتلك المهارات ذات الصلة بتخفيف أزمة المناخ ووظائف الاستدامة، وكانت هذه هي النتائج الرئيسية لتقرير المهارات الخضراء العالمي لعام 2023 الذي أعدته شركة لينكد إن، والذي حلل قاعدة بيانات الموظفين على موقعه في 48 دولة. (للاطلاع على التقرير.. اضغط هنــــا).
في ذات السياق، يكشف تقرير لينكد إن الحديث، عن نفس الفجوة المتزايدة في سوق العمل بين الطلب المتزايد على المهارات الخضراء والعرض المحدود من الموظفين المؤهلين، تضاعف الطلب على المهارات الخضراء خلال عام واحد فقط. ويشير هذا إلى أن الطلب على الخبراء في مجال الاستدامة سيشهد نموًا متزايدًا في السنوات القادمة. وبحسب التوقعات، قد تعاني واحدة من كل خمس وظائف مستدامة من نقص في المرشحين المؤهلين بحلول عام 2030، وقد يصل هذا النقص إلى نصف الوظائف المستدامة بحلول عام 2050.
ورغم ارتفاع الطلب على مهارات الاستدامة بنسبة 80% في الولايات المتحدة، إلا أن الشباب، وخاصة الجيل زد، يواجهون صعوبات في العثور على فرص عمل في هذا المجال. ويعكس هذا التناقض بين الطلب المرتفع والحواجز التي يواجهها الشباب الحاجة إلى بذل المزيد من الجهود لتوفير فرص عمل مستدامة للشباب.
وكل هذا يثير تناقضًا واضحًا: كيف يمكن أن يكون هناك الكثير من الوظائف المتاحة للمرشحين المؤهلين، وفي الوقت نفسه لا توجد فرص عمل كافية من منظور الجيل زد؟
يقول إفريم بايسر، رئيس شراكات الاستدامة وسياسة القوى العاملة في لينكد إن: «غالبًا ما يبحث أصحاب العمل عن أشخاص قاموا بالفعل بالوظيفة أو لديهم خبرة في وظائف الاستدامة سابقًا. وهذا يعني أن الأشخاص الذين هم في بداية حياتهم المهنية، والذين قد لا يتمتعون بهذه الخبرة، يكافحون من أجل اقتحام هذا المجال».
وأوضح: «قد يكون من المغري- وخاصة بالنسبة للعاملين الأصغر سنًا الذين يتطلعون إلى العمل في مجال الاستدامة- التفكير في المهارات الخضراء باعتبارها شيئًا يجب اكتسابه في المدرسة».
في حين أن هذا قد يكون صحيحًا بالنسبة لبعض الأفراد البارزين في مجال الاستدامة، إلا أن ليزا جاكسون، نائبة رئيس شركة أبل لشؤون البيئة والسياسة والمبادرات الاجتماعية، نصحت الموظفين الأصغر سنًا في سبتمبر خلال ندوة في أسبوع المناخ في نيويورك بالتفكير بشكل مختلف في حياتهم المهنية.
وقالت جاكسون أن اكتساب المهارات في العمل والتوجيه في مكان العمل يمكن أن يكون أيضًا طرقًا قيمة للعمل في مجال الاستدامة.
تتطلب قطاعات عديدة، مثل سلسلة التوريد والمشتريات، والمرافق، والبناء، والتصنيع، مهارات خضراء متخصصة. ويشير تقرير لينكد إن إلى أن المشتريات المستدامة هي أسرع مهارة خضراء نموًا. كما تؤكد وكالة حماية البيئة على أهمية تقليل الانبعاثات في سلسلة التوريد، حيث تمثل هذه الانبعاثات الجزء الأكبر من الانبعاثات الكلية للشركات والمؤسسات.
كيف سيؤثر فوز ترامب بنمو الوظائف الخضراء عالميًا؟
إن فوز الرئيس المنتخب ترامب في الانتخابات الأمريكية 2024 يثير الاهتمام بالوظائف في مجالات الاستدامة. ففي حملته الانتخابية، وعد بـ «الحفر، يا صغير، الحفر» drill، baby، drill، أي توسيع إنتاج النفط والغاز المحلي لخفض الأسعار، حسبما ذكرت EE News. كما أعرب عن نيته- مرة أخرى- سحب الولايات المتحدة من اتفاقية باريس الدولية، حسبما ذكرت بوليتيكو، والتي تعمل كوسيلة للدول لمحاسبة نفسها وبعضها البعض على أهداف المناخ.
وفي ذات السياق، يقول رئيس شراكات الاستدامة وسياسة القوى العاملة في لينكد إن، أن انتقال الطاقة المتجددة سيستمر، بغض النظر عن السياسة الأمريكية. وبما أن العديد من الشركات التي تعمل في الولايات المتحدة تعمل أيضًا على مستوى العالم، فسوف يستفيدون من الاستمرار في المشاركة في الاقتصاد النظيف الصاعد.
يرى بايسر أن العالم يتجه نحو الاقتصاد الأخضر، مما يمثل فرصة كبيرة للشركات الأمريكية، خاصة تلك العاملة في الصناعة. ويؤكد بايسر أن الولايات المتحدة يجب أن تكون جزءًا من هذا التحول ليس فقط لحماية البيئة، بل أيضًا لتعزيز اقتصادها وخلق المزيد من فرص العمل.
ما هي الوظائف المستدامة ومجالاتها؟
ازداد الطلب على الخبراء في مجال الاستدامة بشكل ملحوظ مع تنامي وعي الجمهور بأهمية الحفاظ على البيئة. يتطلب هذا المجال المثير للعمل تطبيق مجموعة متنوعة من العلوم والمهارات الهندسية لتطوير حلول مبتكرة تحد من الأثر البيئي للمؤسسات والشركات، حسب تصريح إفريم بايسر، رئيس شراكات الاستدامة وسياسة القوى العاملة في لينكد إن، مؤكدًا أن «تغيُر المناخ يُغير اتجاهات الوظائف».
في احصائية حديثة نشرها موقع «Indeed.com» توضح أبرز مجالات وظائف الاستدامة:، تصدرت وظائف الطاقة المتجددة الوظائف المستدامة لعام 2024، مثل وظائف مهندسي الطاقة المتجددة ومهندسي البيئة الذين يركزوا على تصميم وتنفيذ الحلول الهندسية لحماية البيئة وتحسين جودتها. وفي مجالات الاقتصاد الأخضر تظهر وظائف محللي الاستدامة الاقتصادية الذين يقومون بتقييم الأداء الاقتصادي للشركات من منظور الاستدامة، ومساعدة المستثمرين في اختيار الاستثمارات التي تتوافق مع أهداف الاستدامة.
تأتي أيضًا ضمن وظائف الاستدامة وظائف المتخصصين في التنمية المستدامة، الذين يعملون على تحسين الظروف المعيشية للمجتمعات المحلية. بجانب مجالات التصميم المستدام مثل المهندس المعماري المستدام الذي يركز على تصميم المباني والمنشآت التي تستهلك طاقة أقل وابتكار منتجات صديقة للبيئة وقابلة لإعادة التدوير.
ما هي المهارات الخضراء؟
صرحت الهيئة الحكومية الدولية المعنية بتغير المناخ التابعة للأمم المتحدة بمفاهيم المهارات الخضراء الواجب توافرها للحفاظ على المناخ، وأوضحت المهارات الخضراءالأساسية مثل الكيمياء لتصنيع البطاريات أو تصميم العبوات، في حين أن البعض الآخر يتعلق بإدارة الشركات لخفض انبعاثات الكربون.
وبحسب تقرير لينكد إن، فإن إحصاءات أسرع المهارات الخضراء نموًا في الاتحاد الأوروبي.. هي كالتالي:
تخطيط العمل المناخي: 152.7 %
التعليم المستدام: 140.4 %
انبعاثات الكربون: 131.4%
محاسبة الكربون: 130.1%
الاستدامة المؤسسية: 127.6%
تخزين الهيدروجين: 113.6 %
خلايا وقود الهيدروجين: 107.5 %
احتجاز الكربون: 93.2%
تكنولوجيا المعلومات الخضراء: 91.4%
إعداد التقارير عن الاستدامة: 87.9 %
تصميم النظام الشمسي: 81.7 %
إدارة النظام البيئي: 79.4%
النقل المستدام: 73.3 %
صناعة الطاقة الشمسية: 70.6 %
الغاز الحيوي: 68.9 %
المشتريات المستدامة: 61.1 %
التحليل البيولوجي: 60.0 %
الزراعة الدائمة: 58.7 %