في ظل زيادة الاعتماد على الإضاءة الصناعية والتقنية الحديثة، أظهرت دراسات حديثة تزايد المخاوف الصحية المرتبطة بتعرض البشر لضوء الأجهزة الإلكترونية ليلًا، وتنتقل هذه المخاطر إلى مستوى بيئي أكبر، إذ وجدت دراسة أجراها باحثون من جامعة كاليفورنيا الأمريكية، أن الضوء الصناعي يؤثر سلبًا على دورات النوم لدى النحل، مما يهدد دورهم الأساسي في التلقيح ودعم الأمن الغذائي العالمي.
أظهرت النتائج أن التعرض المستمر للضوء الصناعي يؤثر بشكل مباشر على إيقاع الساعة البيولوجية للنحل، ويقلل من فترات نومه، وتعتبر هذه النتائج بمثابة جرس إنذار بيئي، حيث أن تدهور صحة النحل قد يؤثر سلبًا على استقرار النظم البيئية التي تعتمد على التلقيح الطبيعي.
يلعب النحل دورًا رئيسيًا في تلقيح النباتات البرية والمحاصيل الزراعية المهمة، ما يعزز استقرار النظام البيئي ويؤمن غذاءً عالميًا. وقد يؤدي تدهور نشاط النحل إلى خسائر مالية ضخمة بسبب نقص التلقيح اللازم للزراعة، وعادةً ما يفضل النحل العيش في بيئات مظلمة، حيث يمكن أن يدخل قليل من الضوء عبر مدخل الخلية، إلا أن الإضاءة الصناعية في المدن الحديثة تعرض النحل لمزيد من الضوء ليلًا، خاصةً في ظل ارتفاع درجات الحرارة الناجم عن تغير المناخ.
أجريت تجارب تمتد لعدة سنوات، حيث قارن الباحثون بين مجموعات من النحل تعرضت لنوم طبيعي في الظلام وأخرى تعرضت لإضاءة صناعية مستمرة.
وأظهرت النتائج بوضوح أن النحل الذي تعرض للضوء الصناعي اضطراب في سلوكياته، بما في ذلك اضطراب في «رقصة التماوج»، وهي آلية تواصل تستخدمها النحلات للإشارة إلى مواقع الغذاء، وقد لوحظ أن النحل الذي تعرض للضوء ينام بشكل أقل وكان أكثر عرضة للانزعاج من أقرانه.
وأشارت «أشيلي كيم» مؤلفة الدراسة، في بيان صحفي حصلت «المصري اليوم» على نسخة منه، إلى أن التلوث الضوئي لا يزال مجالًا غير مكتشف بشكل كامل، ويؤثر على النظم البيولوجية بطرق عديدة.
وأوضحت الدراسة أن النحل المعرض للإضاءة المستمرة يميل إلى الانتقال نحو المناطق المظلمة في الأقفاص التجريبية.
فهم العوامل التي تؤثر على صحة النحل، مثل التلوث الضوئي، ضروري لتطوير استراتيجيات لحماية المُلقِّحات. وتشدد الدراسة على أهمية استمرار البحث في تأثير التلوث الضوئي على النحل ودوره الحيوي في التلقيح، مع تزايد المخاطر الناجمة عن تغيير البيئة الطبيعية، وتؤكد على ضرورة اتخاذ خطوات للتقليل من التلوث الضوئي كجزء من حماية النظام البيئي والبيئة المستدامة.