أظهرت الأبحاث الحديثة، التي تناولت تأثير الذكاء الاصطناعي على الاقتصاد، أن هذه التكنولوجيا تمثل عاملًا محوريًا يعيد تشكيل الأنشطة الاقتصادية بشكل غير مسبوق، إذ يُتوقع أن تسهم تطبيقات الذكاء الاصطناعي في تعزيز الإنتاجية، خلق فرص عمل جديدة، وتقليل التكاليف التشغيلية في العديد من القطاعات، ولكن مع تحديات محتملة تتعلق بفرص التوظيف وعدم المساواة الاقتصادية.

يعتمد الذكاء الاصطناعي على تحليل البيانات الضخمة وتوفير حلول ديناميكية لمشاكل معقدة، ما يجعله أداة أساسية في الصناعات المتطورة مثل الطب، النقل، والطاقة.

وفقًا لتقرير نشرته «The Economist» فإن الشركات التي تستثمر في الذكاء الاصطناعي، شهدت زيادة في الإنتاجية بنسبة تصل إلى 20%، مما يشير إلى قوة هذه التكنولوجيا في تحسين الأداء المالي للشركات. على سبيل المثال، تعتمد شركات الطاقة المتجددة الآن على الذكاء الاصطناعي لتحليل استهلاك الطاقة وتطوير استراتيجيات أكثر استدامة.

ومع تسارع وتيرة الاعتماد على الذكاء الاصطناعي، تواجه الاقتصادات مخاطر تتعلق بفقدان الوظائف التقليدية، خصوصًا في قطاعات مثل التصنيع والخدمات. يشير التقرير إلى أن حوالي 47% من الوظائف في الولايات المتحدة معرضة لخطر الأتمتة خلال العقد القادم، مما يتطلب إعادة تأهيل العمالة لتتناسب مع المهارات الجديدة المطلوبة.

علاوة على ذلك، يتسبب الذكاء الاصطناعي في زيادة الفجوة الاقتصادية بين الدول المتقدمة والدول النامية، حيث تستفيد الأولى من الاستثمارات الضخمة في البحث والتطوير، بينما تواجه الثانية صعوبات في تبني هذه التقنيات.

أبرزت الدراسة أن الأسواق العالمية تشهد تحولات كبيرة مع دخول الذكاء الاصطناعي. فمن المتوقع أن تصل قيمة السوق العالمية للذكاء الاصطناعي إلى 1.5 تريليون دولار بحلول عام 2030. كما يُتوقع أن يصبح الذكاء الاصطناعي شريكًا استراتيجيًا في اتخاذ القرارات الاقتصادية، مما يساعد على تقليل المخاطر وزيادة العائدات.

وأوصى الباحثون بضرورة تعاون الحكومات مع القطاع الخاص لتطوير سياسات تدعم استخدام الذكاء الاصطناعي بشكل مسؤول، مع ضمان حماية الوظائف التقليدية وتعزيز التعليم المهني لتأهيل الأفراد للعمل في الاقتصاد الجديد.

ويشكل الذكاء الاصطناعي فرصة عظيمة لتحسين الاقتصاد العالمي، ولكنه يتطلب نهجًا مدروسًا للتعامل مع تداعياته الاجتماعية والسياسية لضمان تحقيق فوائد مستدامة للجميع.