فى أول اللقاءات والزيارات الميدانية التى تتبناها لجنة الضرائب والجمارك باتحاد الصناعات، بالتعاون مع مصلحة الضرائب بمحافظة بورسعيد، حرصت رئيس وقيادات المصلحة على الحضور والمشاركة رغم جدولها المزدحم، والذى كان من المقرر أن يشهد فى هذا اليوم بدء مناقشة التعديلات التشريعية لقوانين حزمة التسهيلات الضريبية الجديدة فى مجلس النواب، إلا أن ترحيب وزير المالية، أحمد كجوك، بالزيارة لهذه المحافظة والاستماع لشكاوى وملاحظات المستثمرين حول الملفات المختلفة ساهم فى تأجيل جلسة لجنة البرلمان يومًا، حسبما قالت رشا عبدالعال، رئيس المصلحة، خلال كلمتها.
عرض المستثمرون شكاواهم وتساؤلاتهم حول الإجراءات الضريبية وتعديلات القوانين وحزمة التسهيلات الأخيرة وتأثيراتها على مجتمع الأعمال، وتحديات الفحص بالعينة، ومنظومة الفاتورة الإلكترونية، والتقديرات الجزافية، وإهدار دفاتر الممولين، فيما وعدت رئيس المصلحة بحل جميع المشكلات الفردية المعروضة.
وتركزت المعاناة المختلفة من تعامل المستثمرين مع قوانين وإجراءات الضرائب الحاكمة والمختلفة عبر سنوات، وكذا مع الإدارة الضريبية المختلفة حول تعاملات قديمة للبعض، وشكاوى من الغرامات المفروضة على الممولين، وارتفاع حد التسجيل الذى دفع البعض خلال فترات ماضية إلى الخروج من المنظومة الرسمية والتحول إلى الاقتصاد الموازى، فضلًا عن ممارسات كثيرة تحتاج إلى مراجعة فى تطبيقات قانون الضريبة على القيمة المضافة.
لكن اللافت للنظر أن جميع المناقشات والملاحظات المعروضة خلت من مشكلات عدم رد الضريبة، ما يشير إلى إنجاز المصلحة الملفات العالقة فى هذا الصدد بالتنسيق مع اتحاد الصناعات خلال الفترة الأخيرة، وسط تأكيدات بتغير سياسة الإدارة الضريبية، وحل ملفات قديمة.
أظهرت المناقشات أيضًا حاجة بعض المستثمرين والمديرين الماليين فى الشركات إلى توضيح للنصوص القانونية فى التشريعات والتعديلات، وحالة التغول على قانون الضرائب الذى أقر فى فلسفته الثقة فى الممولين واعتماد إقراراتهم المقدمة.
أكدت «عبدالعال»، خلال كلمتها، الجهود المستمرة لتطوير المنظومة الضريبية ودعم مجتمع الأعمال والاستثمار بمختلف المحافظات، موضحة أن اللقاء يأتى فى إطار التعاون البنَّاء بين لجنة الضرائب والجمارك باتحاد الصناعات ومصلحة الضرائب، بهدف تعزيز دمج الاقتصاد غير الرسمى فى الاقتصاد الرسمى لتحقيق العدالة الضريبية وتطوير بيئة الأعمال، بحضور أعضاء اللجنة بالاتحاد، والعديد من الشركات والمستثمرين بمحافظة بورسعيد.
أشارت رئيس المصلحة إلى أن التعاون مع اتحاد الصناعات يتماشى مع توجيهات وزير المالية حول أهمية دمج الاقتصاد غيرالرسمى، والذى يعد أحد العوامل الرئيسية لتحقيق الاستقرار المالى والاقتصادى، موضحة أن بورسعيد تمثل إحدى المحافظات المحورية على مستوى الاستثمار والتجارة، ما يجعلها نقطة انطلاق مثالية لهذه السلسلة من اللقاءات والزيارات الميدانية.
وأعربت رئيس مصلحة الضرائب عن تقديرها لاتحاد الصناعات لدوره الفاعل فى دعم الإصلاحات الاقتصادية ومبادرات تحسين بيئة الأعمال، مؤكدةً أن وزارة المالية ومصلحة الضرائب تُوليان اهتمامًا خاصًا بمبادرات الاتحاد التى تُسهم فى دعم المستثمرين وتعزيز الاقتصاد الوطنى.
وتطرقت إلى الحزمة الأولى من التسهيلات الضريبية التى تم الإعلان عنها مؤخرًا، مشيرة إلى أن مشروعات القوانين الخاصة بها قد تمت إحالتها إلى لجنة الخطة والموازنة بمجلس النواب لمناقشتها وإقرارها، موضحة أن هذه التسهيلات تهدف إلى ضم الاقتصاد غير الرسمى إلى المنظومة الرسمية، وهو مطلب رئيسى لمجتمع الأعمال، نظرًا لتأثير الاقتصاد غير الرسمى السلبى على الاقتصاد الكلى وتحقيق العدالة الضريبية.
وأوضحت رشا عبدالعال أن الحزمة الأولى من التسهيلات الضريبية تضمنت وضع نظام ضريبى متكامل للمشروعات التى لا يتجاوز رقم أعمالها السنوى ١٥ مليون جنيه، وذلك لتشجيع أصحاب هذه المشروعات على الاندماج فى الاقتصاد الرسمى والاستفادة من المزايا التى توفرها الدولة لهم.
وأضافت أن هذا النظام المتكامل يتضمن إعفاء ضريبيًا للمشروعات التى تتقدم بطلب العمل وفق أحكام هذا النظام من ضريبة الدمغة ومن رسوم التوثيق والشهر لعقود تأسيس الشركات والمنشآت وعقود التسهيلات الائتمانية والرهن المرتبطة بأعمالها، وغيرها من الضمانات التى تقدمها المشروعات للحصول على التمويل، وذلك لمدة خمس سنوات، كما تعفى عقود تسجيل الأراضى اللازمة لإقامة تلك المشروعات من الضريبة والرسوم المشار إليها.
وأشارت إلى أن هذا النظام يشمل أيضًا إعفاء الأرباح الرأسمالية الناتجة عن التصرف فى الأصول أو الآلات أو معدات الإنتاج للمشروعات الخاضعة لأحكام هذا النظام من الضريبة المُستحقة، بالإضافة إلى إعفاء لتوزيعات الأرباح الناتجة عن نشاط المشروعات الخاضعة لأحكام هذا النظام المتكامل.
وأكدت رئيس مصلحة الضرائب عدم خضوع المشروعات الخاضعة لأحكام هذا النظام المتكامل لنظام الخصم تحت حساب الضريبة أو الدفعات المقدمة، مشيرة إلى خضوعها لنظام مبسط للضريبة على الدخل فى صورة ضريبة قطعية أو نسبية بحسب رقم الأعمال السنوى.
وأشارت إلى إعداد نموذج مبسط للإقرار الضريبى السنوى عن النشاط التجارى أو الصناعى أو المهنى الذى تزاوله المشروعات المخاطبة بالنظام المتكامل، موضحة أن من تسهيلات هذا النظام المتكامل أيضًا اقتصار الالتزام بتقديم إقرارات الضريبة على القيمة المضافة ليصبح إقرارًا ربع سنوى، مؤكدة فحص هذه المشروعات بعد مرور خمس سنوات على تاريخ انضمامها لهذا النظام المتكامل، شريطة الالتزام بالانضمام إلى منظومة الفاتورة الإلكترونية أو منظومة الإيصال الإلكترونى طبقًا لمراحل الإلزام التى يَصدُر بها قرار من رئيس المصلحة، وسوف تقدم لها المصلحة كل الدعم الفنى لتسهيل إجراءات الانضمام إلى هذه المنظومات الإلكترونية.
وفيما يخص ضريبة المرتبات وما فى حكمها، أشارت إلى أن الالتزام سيقتصر على تقديم إقرار التسوية الضريبية السنوية المنصوص عليها بقانون الإجراءات الضريبية الموحد، كما سيتم إمساك دفاتر وحسابات مبسطة وفقًا لهذا النظام.
وأكد محمد البهى، رئيس لجنة الضرائب والجمارك باتحاد الصناعات، أن هناك تعاونًا مستمرًا ومثمرًا بين الاتحاد ومصلحة الضرائب والمجتمع الضريبى ككل، بهدف تعزيز الشراكة بين القطاع الخاص والحكومة.
وقال «البهى»: «نحن فى مرحلة جديدة من التعاون، حيث شهدنا تطورات كبيرة فى العلاقة بين الحكومة والمجموعة الاقتصادية، ما خلق تناغمًا حقيقيًا فى العمل، وأن هذا التناغم يعكس توجه الدولة لدعم القطاع الخاص باعتباره شريكًا رئيسيًا فى تنمية الاقتصاد الوطنى».
وأشاد بدور المصلحة فى بذل الجهود لحل المشكلات التى تواجه المستثمرين، وذلك من خلال الاجتماعات الدورية للجنة المشتركة مع اتحاد الصناعات، منوهًا إلى عمل وزارة المالية بجدية لتنفيذ إصلاحات هيكلية فى النظام الضريبى، استجابة لمطالب المجتمع الضريبى، ما يعزز الثقة بين الأطراف ويحقق شراكة حقيقية.
وأوضح محمد البهى أن الإدارة الضريبية أعدت برنامجًا شاملًا للإصلاحات الضريبية، يتضمن تعديلات تشريعية لازمة لتطبيق هذه الإصلاحات، متوقعًا الانتهاء من هذه التعديلات قريبًا، ما يُسهم فى تسهيل الإجراءات وتعزيز الشفافية، ويدعم رؤية مصر نحو التحول إلى مركز اقتصادى عالمى.
وقال إن اختيار «بورسعيد» لتكون أولى المحافظات التى تبدأ فيها الجولات الميدانية يعكس أهميتها كمستقبل اقتصادى واعد لمصر، وتهدف هذه الجولات إلى حل المشكلات التى تواجه المستثمرين المحليين وتعزيز الصادرات، ما يدفع نحو تحقيق رؤية مصر كأحد النمور الاقتصادية العالمية.
وأضاف «البهى» أن من أولويات المرحلة الحالية دمج الاقتصاد غير الرسمى فى المنظومة الرسمية، لتحقيق منافسة عادلة بين الشركات وتعزيز الحصيلة الضريبية للدولة، ما يخدم أهداف التنمية المستدامة، مؤكدًا أن الفترة الحالية تمثل فرصة حقيقية لتعزيز الحوار بين الحكومة والمجتمع الضريبى.
وشدد على أهمية توصيل مطالب القطاع الخاص إلى القيادة السياسية، لضمان تحقيق الإصلاحات المطلوبة، ودفع عجلة النمو الاقتصادى لتحقيق مستقبل أفضل لمصر.