«النقد الدولى» يطالب بإصلاحات هيكلية لمواجهة ارتفاع خدمة الدين

«النقد الدولى» يطالب بإصلاحات هيكلية لمواجهة ارتفاع خدمة الدين
اخبار بواسطة: المصري اليوم المشاركة في: قد 19, 2025 مشاهدة: 63

شدد عدد من خبراء صندوق النقد الدولى، على أن السياسات التقشفية وحدها لم تعد كافية، داعين إلى تبنى استراتيجيات شاملة تعزز الإنتاجية وتدعم الاستثمار وتعيد الثقة إلى الأسواق، وطالبوا بإصلاحات هيكلية لمواجهة ارتفاع خدمة الدين.

ودعا الخبراء خلال مشاركتهم فى المؤتمر البحثى الأول للصندوق لمنطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، الذى عقد بالقاهرة، إلى تعزيز المنافسة والانفتاح الاقتصادى لإعادة الثقة إلى الأسواق، وأكدوا أن الإصلاحات الهيكلية أصبحت ضرورة لا خيارًا أمام الدول ذات المديونية المرتفعة، خاصة فى ظل ارتفاع خدمة الدين وتباطؤ النمو واتساع الفجوات الاجتماعية.

وقال الدكتور «آلان أورباخ»، أستاذ الاقتصاد والقانون بجامعة كاليفورنيا، إن هناك مجموعة من القضايا الاقتصادية الملحة التى يجب أن تكون موضع نقاش، وفى مقدمتها المفاضلة بين تحقيق الإيرادات وإعادة توزيع الدخل، والاختلاف فى التكاليف الاقتصادية الناجمة عن مصادر الإيرادات المختلفة. وأضاف أن هناك تساؤلات متزايدة عالميًا حول مدى إمكانية إلزام الشركات متعددة الجنسيات بدفع حصة أكبر من الضرائب، مشيرًا إلى أن جهود التعاون الدولى فى هذا المجال يمكن أن تمتد أيضًا إلى الأفراد الأثرياء، رغم ما يواجه ذلك من تحديات. وأوضح أن استخدام الضرائب لتحقيق أهداف متعددة – كتمويل الإنفاق العام، وتخفيض الديون، وتحقيق العدالة الاجتماعية – غالبًا ما يؤدى إلى تضارب فى الأهداف، مما يتطلب اختيارات دقيقة، خصوصًا مع تراجع القدرة على زيادة الضرائب دون الإضرار بالنمو الاقتصادى.

وأكد أهمية البحث عن مصادر إيرادات فعالة من حيث التكلفة، مشيرًا إلى أن ضرائب الاستهلاك تُعد من أكثر الأدوات كفاءة، إذ يسهل إدارتها، ولا تثبط الادخار، وتُعتبر مصدرًا مستقرًا للإيرادات خصوصًا فى المجتمعات التى تعانى من الشيخوخة السكانية، وأشار إلى أن ضريبة القيمة المضافة هى النموذج الأوسع انتشارًا عالميًا فى هذا المجال، إلا أن فعالية هذه الضريبة غالبًا ما تتقلص بسبب الإعفاءات الممنوحة لبعض السلع الأساسية، ما يؤدى إلى انخفاض الإيرادات وعدم تحقيق الأهداف الاجتماعية المستهدفة بدقة.

وفى سياق السياسات الاجتماعية، دعا أورباخ إلى التفكير الجاد فى استخدام أساليب أكثر استهدافًا، مثل التحويلات النقدية المباشرة أو حوافز ضريبية، بدلاً من الإعفاءات الضريبية العامة التى تفيد الفئات غير المستهدفة.

وقال الدكتور «بارى آيشنجرين»، أستاذ الاقتصاد والعلوم السياسية فى جامعة كاليفورنيا، إن الدين السيادى لطالما كان أداة رئيسية فى تمويل الطوارئ عبر التاريخ، سواء كانت حروبًا، أو أزمات صحية، أو أزمات مالية.

وأضاف أن الدول المسؤولة تقترض فى أوقات الأزمات، ثم تعمل على استقرار نسبة الدين إلى الناتج المحلى الإجمالى بعد انتهاء الأزمة، من أجل الحفاظ على القدرة على الاستجابة لأزمات مستقبلية، لأن «الأزمة القادمة قادمة لا محالة».

وأوضح أن التطور التاريخى فى قدرة الدول على الاقتراض بأسعار فائدة أقل وآجال استحقاق أطول ارتبط بنشوء المؤسسات التمثيلية والفصل بين السلطات، حيث أصبح الدين التزامًا على الدولة وليس على الحاكم الفرد. وأشاد «إيشاك ديوان»، مدير الأبحاث فى مختبر التمويل من أجل التنمية بكلية باريس للاقتصاد، بتجربة جامايكا الناجحة فى الإصلاح المالى، مؤكدًا أن التركيز على النمو هو المسار الأكثر واقعية واستدامة للخروج من أزمة الديون التى تعانى منها العديد من الدول ذات المديونية المرتفعة، ولا سيما فى منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا. وأوضح فى كلمته خلال المؤتمر أن الضغوط العالمية على المديونية غير مسبوقة، وأن خدمة الدين أصبحت تمثل ما يقرب من ٢٠٪ من الإيرادات العامة فى بعض الدول النامية، وهو مستوى مرتفع يشير إلى هشاشة الوضع المالى، مشيرًا إلى أن الدعم الدولى لا يزال محدودًا، وقد أصبحت صافى التحويلات من المؤسسات المالية الدولية إلى العديد من الدول النامية سلبية. وأكد «ديوان» أن الأزمة الحالية تتطلب إصلاحات هيكلية عميقة مدفوعة بقيادة سياسية قوية، فبالرغم من أن مستويات الدين العام لا تزال تحت السيطرة (نحو ٩٠٪ من الناتج المحلى الإجمالى فى المتوسط، و٣٠–٣٥٪ للدين الخارجى)، فإن خدمة الدين المرتفعة، وتراجع الثقة فى الأسواق، وتقلص مساحة التمويل كلها تشكل تهديدًا خطيرًا. وأضاف أن العجز المالى فى دول المنطقة لا يزال كبيرًا، بمتوسط يبلغ نحو ٦٪ من الناتج المحلى، نتيجة لزيادة الإنفاق بعد ٢٠١١ بهدف احتواء الاضطرابات الاجتماعية، مع ضعف فى جهود تعبئة الإيرادات. وأشار إلى أن برامج الإصلاح فى بعض الدول مثل مصر والأردن والمغرب بدأت بالفعل، فى حين لا تزال دول أخرى مثل لبنان وتونس فى مراحل مبكرة من الإصلاح.

وحذر من أن السيناريوهات الحالية تعتمد بشكل مفرط على انخفاض أسعار الفائدة كمصدر رئيسى لتقليص العجز، وهو افتراض غير مضمون فى ظل ضعف الثقة بأسواق السندات، حيث ترتفع الفوارق السعرية فى الأسواق الدولية.

وفى السياق الاجتماعى، أشار «ديوان» إلى أن مظاهر التفاوت وعدم المساواة تتزايد رغم انخفاض مؤشرات «التحصيل»، موضحًا أن هناك فجوة كبيرة فى فرص التعليم والعمل، وارتفاع معدلات البطالة بين الخريجين، مما يعزز مشاعر التهميش ويغذى الغضب الاجتماعى، رغم أن مؤشرات التفاوت الظاهرة لا تعكس بالضرورة الواقع الاجتماعى المتدهور. وأوضح أن انخفاض عائد التعليم، وغياب الحراك الاجتماعى، وتراجع الإنتاجية والاستثمار، كلها مؤشرات على فقدان الديناميكية فى القطاع الخاص، ما يعمّق من أزمة الثقة لدى الشباب والفئات الوسطى.

ودعا إلى إصلاح مناخ الأعمال، وتعزيز المنافسة، والانفتاح الاقتصادى، وتنفيذ إصلاحات مؤسسية تضع الاقتصاد على مسار نمو مرتفع. وأضاف أن فرصًا جديدة للنمو بدأت تبرز، مثل الرقمنة، والتكيف مع تغير المناخ، والتعاون الإقليمى، داعيًا إلى استثمارها بجرأة، وشدد على أن «التقشف المالى ضرورى، لكنه ليس كافيًا»، محذرًا من أن غياب النمو الحقيقى سيؤدى إلى تصاعد الضغوط الاجتماعية والمالية.

اقرأ هذا على المصري اليوم
  تواصل معنا
 تابعنا علي
خريطة الموقع
عرض خريطة الموقع
  من نحن

موقع موجز نيوز يعرض جميع الأخبار من المواقع العربية الموثوقة لكي تكون متابع لجميع الأخبار علي مدار الساعة