تشهد كل نسخة من مسابقة الألعاب الأوليمبية، عملية تحضير طويلة، يشارك فيها العديد من أصحاب المصلحة والشركاء بما فى ذلك شركات التأمين خلف الكواليس وبعيدًا عن الأضواء والميداليات.
وقال الاتحاد المصرى للتأمين، فى نشرة حديثة له تحت عنوان «دور التأمين فى دورات الألعاب الأوليمبية» إن الألعاب الأوليمبية تحشد موارد مالية وبشرية كبيرة باعتبارها حدثًا رياضيًا واسع النطاق، ويفرض الحجم الهائل للألعاب تحديات من حيث الميزانية والتنظيم وإدارة المخاطر، فغالبًا ما تتجاوز التكلفة النهائية للتنظيم الميزانية الأولية، وهذه الفجوة، التى تحدث بشكل منهجى فى جميع الألعاب الأوليمبية، تترجم إلى زيادة فى الإنفاق بنسبة ١٦٧٪ فى المتوسط، وكانت هذه هى الحال منذ الألعاب الأوليمبية عام ١٩٦٨ فى المكسيك.
ومسابقة الألعاب الأوليمبية، مسابقة دولية متعددة الرياضات، تقام كل ٤ سنوات فى بلد مختلف، مقامة هذا العام فى العاصمة الفرنسية باريس حتى ١١ أغسطس ٢٠٢٤، ويعود تاريخها إلى البيلوبونيز فى اليونان منذ حوالى ٣٠٠٠ عام.
وأضاف اتحاد التأمين، تعتبر الألعاب الأوليمبية التى أقيمت فى بكين عام ٢٠٠٨ الحدث الأكثر تكلفة فى تاريخ الألعاب الأوليمبية حيث بلغت تكلفتها الإجمالية ٤٠ مليار دولار أمريكى، حيث شرعت الصين فى إنشاء مشاريع تطوير وتجديد البنية التحتية العملاقة للترويج للحدث، وشملت المشاريع بناء المرافق الرياضية ومشاريع التنمية الحضرية والشوارع والطرق السريعة وأكبر محطة مطار فى العالم (بكين) وخطوط مترو أنفاق جديدة.
بينما ارتفعت الميزانية التقديرية لدورة الألعاب الأوليمبية فى باريس من ٧.٥ مليار يورو أى ٧.٩ مليار دولار أمريكى، فى عام ٢٠١٧ إلى ٨.٨ مليار يورو ما يعادل ٩.٤ مليار دولار أمريكى، فى عام ٢٠٢٢، بينما تشير التقديرات الأحدث إلى أن الرقم قد يصل إلى ١٢ مليار يورو أى ١٢.٩ مليار دولار أمريكى.
وارتفعت أسعار التغطيات التأمينية من نسخة إلى أخرى بسبب زيادة المخاطر والأحداث غير المتوقعة مثل: الكوارث الطبيعية، الاضطرابات المدنية، الهجمات الإرهابية، الأوبئة، الهجمات الإلكترونية، وقد أصبحت مثل هذه المخاطر الكارثية أسبابًا خطيرة لإلغاء أو تأجيل أو تعليق الألعاب، وعلاوة على ذلك، تختلف الوثائق المكتتبة والقيم المؤمّنة بشكل كبير وفقًا للسياق الجيوسياسى والمخاطر من وجهة نظر كل دولة مضيفة.
وأشار الاتحاد المصرى للتأمين، أن ألعاب طوكيو تسببت فى عام ٢٠٢١ فى خسارة قياسية بلغت ٢ مليار دولار أمريكى لشركات التأمين، ووفقًا للمحللين، يعد هذا المبلغ هو الأعلى فى تاريخ الألعاب الأوليمبية، بسبب التأثير الاقتصادى الكبير لجائحة كوفيد-١٩، حيث تم تأجيل الحدث الذى كان مقررًا فى الأصل فى صيف عام ٢٠٢٠ لمدة عام، ووصل العجز فى الإيرادات من مبيعات التذاكر والرعاية إلى مستويات قياسية.
وظهرت الحاجة إلى تأمين الألعاب الأوليمبية منذ فترة قريبة نسبيًا، فقد بدأت منذ عام ٢٠٠٤، عندما أقيمت الألعاب الأوليمبية ٢٨ فى أثينا، وقامت اللجنة الأوليمبية الدولية (IOC) بتغطية التأمين ضد الإلغاء لضمان الحد من تعرضها لأى خسارة مالية فى حالة وقوع حدث كبير يؤدى إلى إلغاء أو توقف الألعاب.
وأوضح الاتحاد أنه بالنسبة لشركات التأمين، تندرج المخاطر المرتبطة بالأحداث الرياضية واسعة النطاق ضمن فئة «المخاطر الخاصة»، وتؤثر تلك المخاطر على العديد من فروع التأمين مثل تأمين الحدث أو الإلغاء، وتأمين المسؤولية تجاه الغير، والتأمين ضد وقوع أضرار مادية، وتأمين مسؤولية المديرين والمسؤولين وغير ذلك.
وفى كل نسخة من الألعاب الأوليمبية، يتم إعداد قائمة بمئات المخاطر المتوقعة من قبل جميع الشركاء فى هذا الحدث مثل المنظمين والوسطاء وشركات التأمين، ويتم تغطية ما يقرب من ربع المخاطر التى تم تحديدها بواسطة التأمين. ولفت إلى أن منظمى الحدث الرياضى العالمى يحرصون على توفير ٣ أنواع من التغطيات التأمينية، وهى وثيقة تأمين المسؤولية تجاه الغير، حيث يستنزف تأمين الألعاب الأوليمبية جزءًا كبيرًا من ميزانية هذا الحدث، وتغطى الوثيقة الإصابات الجسدية وكذلك الأضرار المادية والمعنوية التى تلحق بالغير، وتتعرض الألعاب الأوليمبية، بحشودها الضخمة وبنيتها التحتية المعقدة، والمنظمين والمشاركين والوفود والجمهور لمخاطر متعددة منها الإصابة والهجوم والكوارث الطبيعية والإهمال والاضطرابات الاجتماعية والتدافع وما إلى ذلك.
وأوضح الاتحاد أن النوع الثانى، تأمين الحدث أو الإلغاء (التذاكر)، حيث يغطى التأمين الإلغاء الكلى أو الجزئى لحدث ما، وغالبًا ما يحدث الإلغاء بسبب وقوع حدث غير متوقع مثل كارثة طبيعية كبرى، اضطرابات مدنية، أعمال إرهابية، جائحة عالمية، هجوم إلكترونى واسع النطاق، وما إلى ذلك، وغالبًا ما يأتى هذا النوع من العقود مع عدة بنود استثنائية، ومنذ عام ٢٠١٠، يغطى تأمين التذاكر أيضًا تكلفة حقوق التلفزيون، كما يمكن أن يغطى هذا النوع من التأمين أيضًا تعويض الأضرار التى لحقت بالشركات الراعية.
ويغطى النوع الثالث تأمين الرياضيين، حيث يغطى بشكل أساسى تكاليف إعادة الرياضيين إلى أوطانهم وتوفير الرعاية الطبية لهم فى حالة الإصابة، وكقاعدة عامة، لا يوجد تأمين إلزامى للرياضيين الهواة أو المحترفين، بينما من حيث المبدأ، يتعين على المنظمين أن يتعهدوا بتغطية المسؤولية تجاه الغير أى الالتزام القانونى بالتعويض عن الأضرار التى تلحق بالغير لجميع المشاركين فى حدث رياضى.
ويستفيد الرياضيون من توفير أعلى مستوى من تغطية العجز أو فقدان الدخل، ويتحمل اتحاد الرياضيين أو النادى مسؤولية توفير التغطية ضد الحوادث والأمراض المرتبطة بالعمل.
واستطرد الاتحاد، أنه إلى جانب المخاطر الرئيسية الثلاثة المذكورة أعلاه، هناك مخاطر أخرى يجب إضافتها مثل المقاطعة والهجمات الإلكترونية، وهى تهديدات مخيفة تمامًا مثل مخاطر الهجمات الإرهابية والتدافع. وتابع: أصبح التهديد الإلكترونى حقيقة واقعة لمنظمى الأحداث الرياضية نظرًا للارتفاع المفاجئ فى الهجمات الخبيثة، ومن المرجح أن يصاحب أوليمبياد باريس ٤ مليارات هجمة إلكترونية نظرًا لأهميتها وانتشارها الإعلامى الدولى، بينما تعرضت آخر أوليمبياد فى طوكيو لنحو ٤٥٠ مليون هجمة، كما تعطلت ألعاب لندن فى عام ٢٠١٢ وألعاب كوريا الجنوبية فى عام ٢٠١٨ بسبب نشر البرامج الضارة، والهدف من مثل هذه الأعمال هو تحقيق مكاسب مالية أو تعطيل تقدم المسابقات أو تشويه صورة الدولة المضيفة.
ولفت الاتحاد إلى أن خطر المقاطعة ظهر لأول مرة فى عام ١٩٨٠ فى دورة الألعاب الأوليمبية فى موسكو، حيث أسفرت هذه النسخة، التى قاطعتها الولايات المتحدة و٦٥ دولة أخرى، عن خسائر كبيرة للقنوات التلفزيونية.
بحسب الاتحاد، حددت اللجنة الأوليمبية الدولية أهدافًا طموحة لتحقيق صافى انبعاثات صفرية من الكربون لدورة الألعاب الأوليمبية الصيفية ٢٠٢٤، التى تقام حاليًا فى باريس، حيث تهدف الألعاب إلى خفض بصمتها الكربونية إلى النصف مقارنة بمتوسط لندن ٢٠١٢ وريو ٢٠١٦، بمقدار ٣.٥ مليون طن من مكافئ ثانى أكسيد الكربون، ووفقًا للمنتدى الاقتصادى العالمى، فإن ٩٠٪ من اللافتات المستخدمة للألعاب إما يتم إعادة استخدامها أو إعادة تدويرها، وهناك انخفاض بنسبة ٥٠٪ فى استخدام البلاستيك مرة واحدة ويتم إعادة تدوير ١٠٠٪ من الطعام غير المأكول.
وطورت الألعاب الأوليمبية والبارالمبية، وفقًا لاتحاد التأمين، برنامج تمويل للمشاريع التى تهدف إلى تنقية وإزالة انبعاثات الكربون، للتعويض عن الانبعاثات التى لا يمكن تجنبها، ويشمل ذلك مشروعًا جديدًا لإعادة تشجير ١٣٤٠ هكتارًا فى سهل بييرلاى-بيسانكور فى منطقة إيل دو فرانس وثلاثة مشاريع لإعادة تخزين الغابات المتدهورة فى مونت مورنسى فى فوج وفى أيسن.
واختارت اللجنة الأوليمبية إحدى شركات التأمين الكبرى كشريك للألعاب الأوليمبية للفترة ٢٠٢١-٢٠٢٨، وباعتبارها شركة التأمين الرسمية للجنة الأوليمبية الدولية، تتحمل الشركة نسبة كبيرة من المخاطر المرتبطة بهذا الحدث، مثل الأضرار التى قد تلحق بالمرافق الرياضية المختلفة، والأمن االإلكترونى، وتعطيل بعض الأنشطة. وتقدم شركة التأمين تأمين إلغاء التذاكر، ويتيح هذا التأمين لحاملى التذاكر الحصول على استردادها فى حالة حدوث ظروف غير متوقعة تمنعهم من حضور المسابقات، مثل حادث أو مرض أو إعاقة مهنية، وفى مصر، قامت اللجنة التنفيذية المكونة من قطاعات وزارة الشباب والرياضة المختصة، وأعضاء الجهاز التنفيذى للجنة الأوليمبية المصرية، بالتأمين على حياة جميع أفراد البعثة المصرية الرسمية، لأوليمبياد باريس ٢٠٢٤، وقوع أعمال تخريبية تزامنًا مع بدء الألعاب الأوليمبية فى باريس.
وتعرضت شبكة السكك الحديد الفرنسية صباح الجمعة ٢٦ يوليو قبل ساعات من بدء حفل افتتاح الألعاب الأوليمبية فى باريس لهجوم ضخم واسع النطاق وأعمال تخريب، بما فى ذلك هجمات حرق متعمد، وأدى الهجوم إلى شل شبكة الشركة للقطارات السريعة وتسببت الهجمات إجمالًا فى اضطرابات لحركة تنقل ٨٠٠ ألف شخص، منهم ١٠٠ ألف شخص ترتب على الهجوم إلغاء رحلاتهم.
وأكدت شركة السكك الحديدية الفرنسية SNCF أن «العديد من الأفعال الإرهابية المتزامنة» التى وقعت بين عشية وضحاها أدت إلى تعطل القطارات المتجهة إلى باريس من بوردو وليل وستراسبورج طوال عطلة نهاية الأسبوع، مما يعنى أن أولئك الذين حجزوا لحضور حفل افتتاح الألعاب الأوليمبية فى باريس يوم الجمعة أو لحضور الاحتفالات التى اقيمت خلال عطلة نهاية الأسبوع أصبحوا غير قادرين على السفر.
ولم يصدر موقع باريس ٢٠٢٤ أى إرشادات بشأن الحدث ولكنه ذكر فى بيان لإحدى المحطات التليفزيونية أن التركيز الأول على العائلات والسياح الذين تأثروا بهذه الحوادث، وكذلك أولئك الذين يخططون للقدوم إلى باريس للمشاركة فى الاحتفالات وأضاف أن خطط النقل لحضور الاحتفالات فى باريس خلال عطلة نهاية الأسبوع «لم تتأثر».
وأوضح الاتحاد، ينص الموقع الإلكترونى لدورة الألعاب على أنه: «وفقًا لشروط وأحكام بيع التذاكر، فإن تذاكر دورة الألعاب الأوليمبية باريس ٢٠٢٤ غير قابلة للاستبدال أو الاسترداد، وبالتالى فإن جميع الطلبات ثابتة ونهائية»، أما بالنسبة لحاملى التذاكر الذين تعاقدوا مع الشريك التأمينى للألعاب الأوليمبية على شراء تغطية تأمينية تغطى حالة إلغاء الحدث فإنهم يستردون قيمة التذاكر تلقائيا فى حالة إلغاء الحدث، وإذا تم تأجيله، تتم دعوة حاملى التذاكر للحضور فى التاريخ البديل، وإذا كان الاضطراب الذى حدث يشكل «قوة قاهرة»، والتى تحددها لجنة الألعاب الأوليمبية بأنها «حدث خارج عن سيطرة الطرف المتضرر ولم يكن من الممكن التنبؤ به بشكل معقول، فلا يمكن تحميل دورة باريس ٢٠٢٤ تكلفة الأضرار الناتجة عن هذا الاضطراب.
ويرى الاتحاد المصرى للتأمين، أن الرياضة لغة عالمية تجمع الناس من مختلف الثقافات والخلفيات، وهى وسيلة فعالة لتعزيز العلاقات الاجتماعية وبناء الصداقات، وتوفر المنافسة الرياضية فرصة للأفراد للتواصل والتفاعل مع بعضهم البعض، مما يعزّز التماسك الاجتماعى ويبنى جسورًا للتعاون والتفاهم المتبادل، إلا أنه قد يصاحب ممارسة الرياضة وقوع بعض الحوادث والأضرار، سواء وقعت هذه الأضرار بفعل رياضى أو بفعل أداة اللعبة، وبالتالى من الضرورى أن تكون هناك حماية للرياضيين والنوادى والأنشطة الرياضية من هذه المخاطر.
ولفت إلى أنه يوجد بند صريح بقانون الرياضة رقم ٧١ لسنة ٢٠١٧ ينص على: تكفل الأندية والهيئات الخاضعة لأحكام القانون وفقا لأوضاعها المالية إبرام وثيقة تأمين إجبارى ضد الأضرار والأخطار الناشئة عن الأنشطة الرياضية والهدف من الوثيقة الإجبارية هو تأمین الممتلكات الموجودة داخل نطاق النوادى والمنشآت الریاضیة ضد أخطار الحريق والسطو وشغب الملاعب أثناء ممارسة الأنشطة الریاضیة، كما تغطى جمیع العاملین بالنوادى والمنشآت الریاضیة واللاعبین فى مختلف الأنشطة الریاضیة «باستثناء إصابات الملاعب للاعبین المحترفین»، ضد الحوادث الشخصية التى ینتج عنها وفاة بحادث أو عجز كلى أو جزئى مستدیم أثناء وبسبب ممارسة الأنشطة الریاضیة داخل نطاق النوادى والمنشآت الریاضیة الخاضعة للتأمین، وتمتد هذه التغطیة لتشمل هؤلاء الأشخاص أثناء السفر للخارج بغرض ممارسة النشاط الریاضى الرسمى. بالإضافة إلى تغطية المسؤولیة المدنیة القانونیة للمؤمن له والتى قد یتعرض لها بسبب الأضرار المادیة والجسمانیة التى قد تلحق بالغیر بسبب شغب الملاعب الذى قد یحدث أثناء ممارسة الأنشطة الریاضیة داخل نطاق النوادى والمنشآت الریاضیة ولیس خارجها. وأشار إلى أن تأمين اللاعبين ضد أى مخاطر يمكن أن يتعرضون لها أثناء ممارستهم للعبة مازال على المحك، فلا توجد وثيقة تأمين تغطى إصابات اللاعبين أو تعرضهم للموت المفاجئ داخل الملعب باستثناء شركة قامت بإصدار وثيقة تأمين ضد الحوادث الشخصية سواء الوفاة أو العجز الكلى والجزئى وهى الوثيقة الأولى التى يتم إصدارها بالسوق الخاص بتأمين اللاعبين. وقال الاتحاد، إن اللجنة الفنية لتأمينات الحياة- جماعى بالاتحاد المصرى للتأمين انتهت من دراسة مشروع وثيقة تأمين جماعى على حياة اللاعبين وتم اعتمادها من الهيئة العامة للرقابة المالية والعمل بها فى السوق المصرية، كما تدرس اللجنة الفنية لتأمينات الحوادث حاليًا إصدار وثيقة تغطى إصابات الملاعب للاعبين المحترفين.